تعثر المفاوضات بين دمشق وبيروت حول تسليم السجناء السوريين في لبنان
تعثر المفاوضات بين دمشق وبيروت حول تسليم السجناء السوريين في لبنان
● أخبار سورية ١٢ ديسمبر ٢٠٢٥

تعثر المفاوضات بين دمشق وبيروت حول تسليم السجناء السوريين في لبنان

عاد الوفد القضائي اللبناني من دمشق من دون التوصل إلى اتفاق ينظّم آلية تسليم السجناء والموقوفين السوريين المحتجزين في السجون اللبنانية، بعدما كشفت جلسة المفاوضات عن خلافات واسعة بين الجانبين حول البنود الأساسية المطروحة، وفق ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر سورية ولبنانية مطلعة على الاجتماع.

وأكدت المصادر أن الزيارة لم تحقق أي اختراق، وأن مشروع الاتفاق الذي حمله الوفد اللبناني “لا يلبي الحد الأدنى المطلوب سورياً”، بينما وصف الجانب اللبناني أجواء الاجتماع بأنها “إيجابية”، رغم بقاء نقاط عالقة وصفها بالمهمة. 


ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من الوفد قوله إن الاتفاق المقترح يتعلق فقط بالمحكومين، أما ملف الموقوفين فيحتاج لتشريع يصدر عن مجلس النواب اللبناني، وهو أمر غير متاح حالياً.

بنود خلافية وُصفت بأنها «ملغومة»
وبحسب مصادر سورية حضرت الاجتماع، فإن البند الأكثر إثارة للخلاف هو السماح للبنان برفض تسليم أي محكوم أو موقوف من دون تقديم تبرير قانوني، وهو ما اعتُبر “ثغرة كبيرة تسمح بوقف التسليم متى شاءت بيروت، بلا موجب واضح”.

أما البند الأكثر حساسية، فهو المادة التي تمنع سوريا من منح العفو لأي سجين يُسلَّم إليها من لبنان، وهو ما اعتبرته دمشق “تدخلاً مباشراً في صلاحياتها السيادية”. وأشارت المصادر إلى أن لبنان حاول تضمين مادة مطابقة لاتفاقية سابقة مع باكستان، لكن تلك الاتفاقية لا تحرم إسلام آباد من حق العفو عن مواطنيها.

وكانت لجان مشتركة من دمشق وبيروت قد ناقشت منتصف أكتوبر الماضي آلية تسهيل التسليم وضمانات عدم دخول أي سوري سبق توقيفه في لبنان إلى أراضيه مجدداً. ورغم التفاهمات السابقة، فوجئت دمشق –بحسب المصادر– بأن المشروع الجديد “يتضمن ثغرات لا يمكن القبول بها”.

سجناء منذ 11 عاماً وقلق سوري من المماطلة
وتشير معلومات الشرق الأوسط إلى أن الجانب السوري أبدى “استياء شديداً” من الطرح اللبناني، خصوصاً أن بعض السجناء السوريين أمضوا أكثر من 11 عاماً خلف القضبان في لبنان، بينهم من بقي سنوات في التوقيف الاحتياطي قبل صدور أحكام بحقهم.

وأبلغت دمشق الوفد اللبناني أنها لا تطلب استرداد أي شخص ثبت تورطه في قتل جنود لبنانيين أو تنفيذ تفجيرات داخل لبنان، في محاولة لطمأنة الجانب اللبناني وإزالة مخاوفه. ورغم ذلك، انتهت الزيارة دون تحديد موعد لاجتماع جديد، ما أثار مخاوف من تجميد المسار برمته.

وتشدد الحكومة السورية على أن حل ملف السجناء والموقوفين السوريين في لبنان هو “مدخل إلزامي” لأي علاقة سياسية طبيعية بين البلدين، لاسيما أن جزءاً كبيراً ممن أوقفوا في لبنان خلال سنوات الحرب وُجهت إليهم اتهامات سياسية مرتبطة بالثورة السورية، وليس جرائم جنائية حقيقية.

1700 موقوف سوري وسط ظروف إنسانية قاسية
ويبلغ عدد السجناء والموقوفين السوريين في لبنان نحو 1700 شخص، منهم 389 صدرت بحقهم أحكام، بينما يُحاكم الباقون تباعاً. ويعاني هؤلاء ظروفاً قاسية داخل السجون، تشمل الاكتظاظ وسوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية، في بيئة وصفها الحقوقيون بأنها “لا تليق بالبشر”.

كما أن كثيراً منهم محتجزون منذ سنوات طويلة من دون محاكمة، أو حُوكموا بناءً على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، بينما وُجهت تهم الإرهاب لعشرات الأشخاص لمجرد انتسابهم إلى الجيش السوري الحر أو فصائل معارضة.

تصعيد من أهالي المعتقلين السوريين في لبنان
وفي السياق ذاته، أصدر معتقلو الرأي السوريون وذووهم بياناً شديد اللهجة اتهموا فيه الجانب اللبناني بـ“المماطلة المتعمدة”، بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة، معتبرين أن ما حدث “يؤكد أن بعض القوى السياسية اللبنانية لا تريد حل هذا الملف الإنساني”.

وأكد البيان أن مرحلة جديدة من التحركات ستبدأ قريباً، تشمل خطوات تصعيدية مثل الدعوة إلى إغلاق الحدود أمام القوافل التجارية، ورفع دعاوى قضائية دولية بشأن الانتهاكات التي تعرض لها السوريون داخل السجون اللبنانية، بما فيها القتل والإخفاء والتعذيب والاحتجاز غير القانوني.

وذكّر الأهالي بأن صمت الدولة اللبنانية طوال سنوات الحرب عن عبور مقاتلي حزب الله إلى سوريا “جعلها شريكاً في معاناة السوريين وفي إطالة أمد الحرب”، على حد وصفهم.

ملف شائك يهدد العلاقات بين البلدين
وتحذر مصادر سياسية من أن فشل المفاوضات وغياب أي التزام واضح من بيروت قد يعمّق الأزمة بين البلدين ويجمد المسار القضائي بالكامل، في وقت تعتبر فيه دمشق هذا الملف “اختباراً حقيقياً لجدية لبنان في بناء علاقة سليمة” بعد مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق في سوريا.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ