تراثيات أبو محمد ... ذكريات من الزمن العتيق
في قرية صغيرة بريف إدلب الجنوبي تدعى الفطيرة يقطن العم أبو محمد, ذلك الرجل الستيني الذي إبيّض شعره وظهرت تجاعيد الزمن وقساوة الحياة على وجهه, وكعادة كبار السن الذين لهم عاداتهم وطقوسهم الخاصة أولع العم أبو محمد بجمع التراثيات والأنتيكا التي تعود للزمن العتيق.
35 عاماً أمضاها العم أبو محمد متنقلاً بين المحافظات السورية بحثاً عن قطع تراثية وأنتيكا تلبي رغبته وهوايته التي أحبها, ليجمع مئات القطع المتنوعة التي تعود لزمن العثمانيين والرومان والبيزنطيين والفينيقيين وألبسة تراثية لأجدادنا القدامى.
يخبرنا العم أبو محمد في شبكة "شام" أنه استطاع الحفاظ على القطع الأثرية من تعفيش وسرقة الجيش لدى اقتحام قريته من خلال تخبئها بين التبن المخصص لطعام ماشيته, حيث ما لبث أن أخرجها وأعادها إلى مكانها بعد خروج الجيش من القرية بشكل كامل.
يرى أبو محمد في التراثيات مصدر عز وكرامة تذكرنا بالزمن الجميل فقد كانت دلة القهوة عنوان الكرامة لدى الكثيرين أما اليوم فقد تغير الحال ولم يعد الكثيرين يهتمون بهذه الأمور, بل أصبح همهم تأمين قوتهم وقوت أبنائهم.
مع شروق الشمس يجلس العم أبو محمد مع بعض كبار السن في دكانه الصغير ليصنع لهم القهوة العربية, وحين يباغته النعاس ينام بين القطع الأثرية التي جمعها ودفع لأجلها كل ما يملك بيد أن الحزن لا يفارقه لما آلت اليه أحوال الناس بسبب الحرب.
يؤكد العم أبو محمد لـ "شام" بأن أغلب الناس لا يعرفون قيمة القطع الأثرية والأنتيكا فهي ليست محط اهتمامهم حالياً بعد أن ضاقت بهم الحال أما العم أبو محمد فيصف حبه لقطعه الأثرية "عشقتها كعشق الظمآن للماء".
وعلى الرغم من واقع الحرب والقصف يستمر العم أبو محمد بهوايته لكنه لا يخفي أن حبه لها قد تراجع قليلاً بسبب ضيق الحال ورؤية الناس يفقدون أرواحهم بسبب القصف الذي لا يميز بين صغير وكبير وبين جديد وقديم.
الكاتب: مهند محمد