بين نظرة المجتمع ولقمة العيش: نساء يكافحن لأجل أسرهن ويعملن كمستخدمات
بين نظرة المجتمع ولقمة العيش: نساء يكافحن لأجل أسرهن ويعملن كمستخدمات
● أخبار سورية ١ سبتمبر ٢٠٢٥

بين نظرة المجتمع ولقمة العيش: نساء يكافحن لأجل أسرهن ويعملن كمستخدمات

اضطرت العديد من النساء في سوريا للعمل كمستخدمات خلال سنوات النزوح الماضية، رغم صعوبة المهنة وما تصاحبها من مشقة جسدية ونفسية نتيجة ضغط العمل وتراكم المسؤوليات. وقد كان ذلك في سبيل تأمين لقمة العيش الكريمة للأسرة والأبناء، بعيداً عن الاعتماد على مساعدة الآخرين.

يتركز عمل المستخدمات في عدد من المؤسسات الحيوية، مثل المدارس، والمستشفيات، ورياض الأطفال، إضافة إلى مكاتب المنظمات المحلية والإنسانية، وغيرها من المرافق التي تعتمد على هذا الدور لضمان النظافة والنظام.

تتعدد الأسباب التي تدفع النساء للعمل في هذه المهنة الشاقة، وتختلف من امرأة لأخرى، إلا أنها جميعاً تندرج ضمن إطار الفقر وإعالة الأسرة. كما تشمل أسباباً أخرى مثل فقدان المعيل، ومواجهة الظروف الاقتصادية القاسية، التي تفاقمت خلال سنوات الثورة.

أم عادل، نازحة من منطقة حلب وتقيم في مخيم للأرامل بقرية كفر لوسين، تروي لشبكة شام قصتها. فقد عملت كمستخدمة في إحدى مدارس القرية، حيث كانت تستيقظ صباحاً من الساعة السابعة ونصف وتظل تعمل حتى الثانية عشرة ظهراً. وكانت مهامها تشمل تنظيف الصفوف وباحة المدرسة والحمامات.

 وتضيف أن المدرسة كانت تتطلب جهداً مضاعفاً، فكانت تحرص دائماً على متابعة أدق التفاصيل، من إزالة الأوساخ هنا أو هناك، لضمان بقاء المدرسة نظيفة وجاهزة لاستقبال الطالبات. أما الظروف التي دفعتها للعمل فكانت صعبة للغاية، إذ فقدت زوجها قبل عدة سنوات خلال القصف، ونزحت من حلب مع أطفالها، وحملت مسؤولية إعالة الأسرة بمفردها.

كما تحدثنا مع أم محمد، وهي سيدة تقيم في مدينة الدانا، اختارت العمل كمستخدمة في إحدى المنظمات الإنسانية لمساندة زوجها في تأمين نفقات الأسرة. كانت تتولى تنظيف المكاتب وتحضير الشاي والقهوة للموظفين، وتمضي ساعات عملها منذ الصباح وحتى ما قبل العصر.

اشتكت العديد من السيدات العاملات كمستخدمات، من التعب والإرهاق الذي يرافقهن خلال ساعات العمل. وأشرن إلى أن الأجور التي يتقاضينها لا تتناسب مع حجم الجهد المبذول، ولا تكفي لتغطية الاحتياجات اليومية ومتطلبات المعيشة، خاصة في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية التي فرضتها سنوات الثورة والنزوح.

في الوقت نفسه، كانت العديد من النساء ترى أن هذا الدخل، رغم قلّته، يبقى أفضل من انعدامه. كما أن العمل منحهن شعوراً بالاستقلال المادي، وحرّرهن من الحاجة إلى مدّ اليد وطلب المساعدة من الآخرين، سواء من الإخوة أو الأقارب أو غيرهم.

وعانت بعض المستخدمات من النظرة الدونية التي يُواجهن بها بسبب عملهن في مجال الخدمات العامة، حيث تعرضت بعضهن لانتقادات وانتقاص من قيمتهن بسبب طبيعة العمل. ومع ذلك، أشارت أخريات إلى وجود أشخاص قدّروا جهودهن وحُظين باحترام الآخرين، خاصة أنهن يعملن على إعالة الأسرة على حساب راحتهن وصحتهن.

اضطرت العديد من النساء للعمل كمستخدمات خلال النزوح، بفعل ما فُرض عليهن وعلى أسرهن من ظروف اقتصادية قاسية. فتحملن أعباء جسدية وضغوطًا نفسية، وتعرضن أحياناً لانتقادات المجتمع، لكنهن واصلن العمل بإصرار من أجل تأمين لقمة عيش كريمة. بهذه الجهود الصامتة، قدّمن نموذجاً حيّاً لصمود المرأة السورية في وجه المصاعب والتحديات.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ