"بيت خالتك خارج الخدمة": الشعب السوري ينتصر على الرعب
وزّعت إدارة مطار دمشق الدولي بطاقات تذكارية بمناسبة حلول الذكرى الأولى لسقوط النظام البائد، في اليوم الثامن من كانون الأول، حملت عبارة لافتة تقول:"اطمئن… نقلوا بيت خالتك لخارج الخدمة"، في إشارة رمزية إلى نهاية القبضة الأمنية التي ارتبطت طويلاً بهذا التعبير في الذاكرة الشعبية السورية.
وكان تعبير "أخدوه إلى بيت خالته" يشير إلى تعرّض الشخص للاعتقال على يد قوات النظام البائد، وكان مرتبطاً بفكرة الغياب القسري والاختفاء المفاجئ لشخص من محيطه دون معرفة أهله أو أصدقائه.
كما عكس هذا التعبير منظومة الخوف التي عاشها السوريون تحت حكم آل الأسد، حيث كانت الأجهزة الأمنية حاضرة بقوة في الحياة اليومية، وفي الوقت نفسه استخدمه المواطنون كسخرية سوداء لتخفيف وطأة الخوف عبر لغة ساخرة تعكس مرارة الواقع.
لم تكن أجهزة المخابرات والأمن في عهد آل الأسد موجودة لحماية المواطنين كما يُفترض، بل تحوّلت إلى أداة لتكميم الأفواه ونشر الرعب بين الناس. فقد استُخدمت هذه الأجهزة لمنع الاعتراض، ومراقبة الآراء، وضمان صمت السوريين، فكان المواطنون يتبعون حكمة شعبية اختصرت طريقة العيش تحت القبضة الأمنية:"امشِ الحيط الحيط وادعِ ربك بالستر"، وهو تماماً ما أراده النظام لضمان بقائه في الحكم دون مساءلة أو مواجهة.
وبعد مرور عقود من الظلم والطغيان، خرج الشعب السوري عن صمته وانتفض بكل شجاعة ضد الاستبداد.واندلعت الثورة السورية في شهر آذار/مارس 2011، مطالبا بالحرية والعدالة والكرامة، وبتحطيم قيود العبودية والقمع، وبإسقاط الأسد وأجهزته.
فلم يتردد النظام البائد في استخدام أقسى وأبشع وسائل القمع: القصف، والقتل، والتدمير، والتشريد، والاعتقال. وامتلأت "بيوت الخالة" بٱلاف المعارضين والأحرار، دون تفريق بين طفل أو امرأة، عجوز أو شاب، مريض أو معاق. وتعرّض المعتقلون للتعذيب الوحشي والتجويع وغيرها من ظروف الاحتجاز السيئة.
مع ذلك، أصر الشعب السوري على موقفه، وصمد وواجه كل التحديات، وناضل لأكثر من 14 عاماً، حتى نال حريته، وحطم قيود الظلم، وأسقط رموز الطغيان وتماثيلها. واليوم، لم يعد هناك ما يمنع السوري من قول رأيه والمطالبة بحقه، ولم يعد هناك وجود لما كان يُعرف بـ "بيت خالتك"، فقد نقل إلى خارج الخدمة.