
بعنوان "عم يستهدفوا الحياة بإدلب" تقرير لـ "رايتس ووتش" عن استهداف روسيا والنظام البُنى التحتية المدنية
أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الخميس، تقريرا حول الضربات السورية والروسية على البُنى التحتية المدنية في سوريا، مركزة على الحملة العسكرية الأخيرة على مناطق شمال غرب سوريا، معتبرة أنها شكلت جرائم حرب ضد الإنسانية.
وأوضح التقرير أن طيران التحالف "السوري الروسي" شن عشرات الهجمات الجوية والبرية على الأعيان والبنى التحتية المدنية في انتهاك لقوانين الحرب، وضرب أماكن العمل، والعبادة، والدراسة بما فيها المنازل، والمدارس، ومرافق الرعاية الصحية والأسواق.
وتحدثت "رايتس ووتش" عن استخدام روسيا والنظام الذخائر العنقودية، والأسلحة الحارقة، والبراميل المتفجرة المرتجلة في مناطق مأهولة، فكان لذلك أثر قاتل، مسجلة مقتل 1,600 مدني على الأقل، ودمرت وألحقت أضرارا بالبنية التحتية المدنية، وأجبرت نحو 1.4 مليون شخص على النزوح.
وبني هذا التقرير على تقرير صادر عن "منظمة العفو الدولية" في مايو/أيار 2020 وثق 18 هجوما جويا وبريا غير قانوني على مدارس ومستشفيات خلال هذه الفترة في شمال غرب سوريا، ويغطي خمس من الهجمات نفسها في تقرير المنظمة، بالإضافة إلى 41 هجوما آخر.
وسمي التقرير عشرة من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين السوريين والروس الذين قد يكونون متورطين في هذه الانتهاكات على أساس مسؤولية القيادة: كانوا يعرفون أو كان ينبغي أن يعرفوا بهذه الانتهاكات ولم يتخذوا أي خطوات فعالة لوقفها أو معاقبة المسؤولين عنها مباشرة.
وذكر التقرير أن معظم الهجمات الجوية والبرية التي وثقتها هيومن رايتس ووتش كانت في أربعة مراكز سكانية رئيسية وحولها: أريحا، ومدينة إدلب، وجسر الشغور، ومعرة النعمان، ودمرت الضربات الموثّقة 12 منشأة رعاية صحية وعشر مدارس، ما أجبر هذه المؤسسات على الإغلاق، بشكل دائم في بعض الحالات. كما تضررت في الهجمات ما لا يقل عن خمسة أسواق، وأربعة مخيمات للنازحين، وأربعة أحياء سكنية، ومنطقتان تجاريتان، وسجن، وكنيسة، وملعب، ومقر منظمة غير حكومية.
وقدر "مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان" أن 1,600 مدني على الأقل قتلوا في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة في شمال غرب سوريا خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير. في 2019، أفاد "ائتلاف صون الصحة في النزاعات"، المكون من منظمات غير حكومية دولية، عن 147 حادثة عنف منفصلة أو عرقلة للرعاية الصحية في سوريا، أكثر من نصفها في محافظة إدلب.
ووفق المنظمة فقد تسببت هجمات التحالف العسكري السوري - الروسي على الأعيان والبنية التحتية المدنية في نزوح جماعي وخسائر في الأرواح، وأضرت بقدرة السكان على الحصول على الغذاء، والسكن، والرعاية الصحية، والتعليم.
وأدى ذلك إلى وضع إنساني مزرٍ في شمال غرب سوريا، مع التدمير شبه الكامل للبنية التحتية للرعاية الصحية في المنطقة، والاكتظاظ الشديد في المناطق التي تأوي المدنيين النازحين، وزيادة المخاوف من تقييد وصول المساعدات الإنسانية. حتى مايو/أيار 2020، كان هناك نحو 2.8 مليون شخص في الشمال الغربي بحاجة إلى المساعدة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وحمل التقرير المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين المسؤولية الجنائية على أساس مسؤولية القيادة إذا كانوا يعلمون أو ينبغي أن يعلموا بالانتهاكات التي ارتكبتها القوات الخاضعة لسيطرتهم ولم يمنعوها ولم يعاقبوا المسؤولين عنها مباشرة.
وراجعت هيومن رايتس ووتش تصريحات علنية من مسؤولين حكوميين وعسكريين روس، وتقارير من مكتب الرئيس الروسي ووزارة الخارجية والدفاع الروسية، وحسابات وسائل الإعلام الروسية، لتحديد المسؤولين السوريين والروس الذين قد يتحملون المسؤولية الجنائية عن الهجمات الموثقة في هذا التقرير، كما قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا سبعة خبراء في شؤون القوات المسلحة الروسية والسورية.
ودعت "هيومن رايتس ووتش" جميع أطراف النزاع في سوريا إلى الالتزام الكامل بقوانين الحرب، في وقت سلطت النتائج التي توصلت إليها المنظمة الضوء على ضرورة إنهاء سوريا وروسيا جميع الهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة على المدنيين والأعيان المدنية، مثل المرافق الطبية، والمدارس، والأسواق. عليهما إجراء تحقيقات شفافة، وموثوقة، ونزيهة في المزاعم ذات المصداقية بشأن انتهاكات قوانين الحرب، بما فيها الحوادث المفصلة في هذا التقرير.
وشددة على ضرورة أن تعهد جميع الدول الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف لعام 1949 في المادة 1 المشتركة "باحترام وضمان احترام" اتفاقيات جنيف في "جميع الظروف". عليها الضغط على جميع الأطراف للالتزام بتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان.
وأوصت "الاتحاد الأوروبي"، وسويسرا، والمملكة المتحدة، وكندا، والولايات المتحدة والدول الأخرى بفرض عقوبات محددة الهدف، منها تجميد الأصول على الأفراد الذين يتبين أنهم مسؤولون عن جرائم الحرب بشكل كبير من منظور مسؤولية القيادة، وأكدت على الدول أن تنظر في رفع قضايا بحق كبار القادة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بموجب الولاية القضائية العالمية والقوانين الوطنية.
وطالبت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2016، بأن تستمر في بناء ملفات القضايا وتحديد المسؤولية عن الجرائم الخطيرة، بما فيها تلك الموثقة في هذا التقرير، بهدف تسهيل الإجراءات الجنائية حيث أمكن.
وأشارت راتس ووتش إلى أن الجهود الدولية المتضافرة نحو المساءلة ضرورية لإثبات وجود عواقب للهجمات غير القانونية، وردع الفظائع المستقبلية، ولإظهار أنه لا يمكن لأحد أن يفلت من المساءلة عن الجرائم الجسيمة بسبب رتبته أو منصبه.