"الشبكة السورية" تُقدم تسع توصيات لإدارة المناطق المحررة حديثاً واحترام حقوق الإنسان
قدمت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها اليوم السبت 7 كانون الأول 2024، جملة من التوصيات لقوى وفصائل المعارضة السورية التي حققت تقدماً كبيراً على حساب قوات النظام في محافظات عدة، وسيطرت على مدن استراتيجية مؤكدة على أهمية احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العرفي، مع التركيز على التمييز بين المدنيين والمقاتلين وضمان حماية المدنيين.
وقالت الشبكة إن التطورات التي شهدتها العمليات التي أعلن عنها ابتداءً بمعركة "ردع العدوان وفجر الحرية" ولاحقاً عمليات الجنوب السوري، وضعت مسؤولية إدارة مناطق تضم أعداداً كبيرة من السكان، بمن فيهم موالون للنظام السوري، على عاتق هذه الجهات المسيطرة.
وأكدت الشبكة الحقوقية في توصياتها على:
= ضرورة حماية الممتلكات المدنية من النهب والسرقة: تتضمن (إجراءات للحدِّ من النهب، إصدار أوامر واضحة وصريحة تحظر النهب والسرقة في المناطق الواقعة تحت السيطرة، فرض عقوبات تأديبية فورية على المخالفين)
= ضمان حماية الممتلكات: من خلال إنشاء محيطات آمنة حول المناطق المدنية، الأسواق، والمنازل لمنع الوصول غير المصرح به، وإعداد سجلات دقيقة توثق الممتلكات المهجورة أثناء النزاع لضمان حمايتها.
= المساءلة عن حوادث النهب: وذلك من خلال تنفيذ تحقيقات شاملة في قضايا النهب والسرقة، مع محاسبة المسؤولين قضائياً، سواء عبر القضاء العسكري أو المدني، والتعاون مع منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية لتوثيق الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة.
= التوعية العامة: وتتم من خلال تنظيم برامج توعوية تستهدف المقاتلين والمدنيين، لرفع مستوى الوعي بأهمية القوانين التي تحظر النهب والعواقب المترتبة على انتهاكها.
= حماية البنية التحتية الحيوية: من خلال تأمين أنظمة المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات لضمان استمراريتها ومنع استغلالها أو تخريبها.
وأكدت الشبكة على ضرورة تحقيق التوازن بين العدالة وحقوق المعتقلين: وضرورة ضبط الإفراج من مراكز الاحتجاز، مؤكدة أن الإفراج العشوائي عن معتقلين دون مراجعة دقيقة لملفاتهم قد ينجم عنه إطلاق سراح أفراد متورطين في ارتكاب جرائم، مما يُلحق ضرراً إضافياً بالضحايا وأسرهم. كما قد تُفسر مثل هذه القرارات على أنَّها دليل على غياب الجدية في تحقيق العدالة، ما يؤدي إلى زعزعة ثقة المجتمع بالقضاء وتعزيز شعور عام بعدم الأمان.
حقوق المعتقلين السياسيين:
على صعيد آخر، من الضروري ضمان الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين احتجزهم النظام السوري بشكل تعسفي وتعرضوا للتعذيب الوحشي. الإفراج غير المنظم قد يُستغل من قبل بعض الأطراف لتبرير إطلاق سراح مرتكبي الجرائم، مما يضر بملف المعتقلين السياسيين ويضعف مصداقية المطالبات الحقوقية.
ولضمان العدالة وتجنب هذه المشكلات، ينبغي اتباع آليات واضحة ومدروسة في عمليات الإفراج، منها:
- مراجعة الملفات: دراسة ملفات المعتقلين بدقة، لضمان التمييز بين المعتقلين السياسيين والمجرمين المتورطين في أعمال تهدد الأمن المجتمعي.
- إشراف حقوقي مستقل: تكليف منظمات حقوقية مستقلة بالإشراف على عمليات الإفراج لضمان تحقيق العدالة.
- التواصل مع الضحايا: إشراك الضحايا أو ممثليهم في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإفراج عن مرتكبي الجرائم الكبرى، لضمان احترام حقوقهم.
وحول "معاملة المعتقلين"، أوصت الشبكة الحقوقية بـ:
- "المعاملة الإنسانية: من خلال ضمان معاملة المعتقلين بكرامة، مع الحظر الصارم للتعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية الكافية، مع السماح لهم بالتواصل مع عائلاتهم.
- فصل المعتقلين حسب الفئات: من خلال فصل المدنيين عن العسكريين، وكذلك فصل المشتبه بارتكابهم جرائم عن أسرى الحرب، لضمان معاملة تتناسب مع الوضع القانوني لكل فئة.
- الحقوق القانونية: وتتمثل في إبلاغ المعتقلين بأسباب احتجازهم ومنحهم الفرصة للطعن في قرارات الاحتجاز أمام محاكم نزيهة، وتمكين السجناء من الحصول على تمثيل قانوني، والسماح بزيارات المنظمات الإنسانية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
حول "إدارة السجون" أكدت الشبكة على ضرورة الاحتفاظ بسجلات دقيقة تشمل بيانات جميع المعتقلين وأسباب احتجازهم، وإنشاء آليات رقابة مستقلة لضمان متابعة مرافق الاحتجاز ومنع الانتهاكات.
وفي سياق التدريب والمساءلة، من تدريب العاملين في السجون على معايير المعاملة الإنسانية وحقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات وفقاً للقوانين المحلية والدولية.
= إنشاء الأمن والشرطة:
أوضحت الشبكة الالتزامات القانونية: والتي تقع على عاتق الجهات المسيطرة مسؤولية استعادة النظام العام وحماية السلامة العامة، ويتوجب على قوات الأمن احترام حقوق الإنسان، وفقاً للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتمثلت توصيات الشبكة في: تشكيل قوات شرطة محلية من خلال إنشاء وحدات شرطة مدنية مؤقتة، مكونة من أفراد محليين مدربين ومراعين للثقافة المحلية والديناميكيات الاجتماعية، وتجنب الاعتماد على ميليشيات حزبية أو فئوية، للحيلولة دون تأجيج التوترات داخل المجتمعات.
وأكدت على ضرورة التدريب والمساءلة: من خلال تقديم برامج تدريبية مكثفة لأفراد الشرطة حول مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وإنشاء آليات لمراقبة أداء الشرطة ومساءلة المخالفين عن أي انتهاكات.
كذلك التنسيق مع الهيئات المحلية: وإشراك القادة المحليين وممثلي المجتمعات في اختيار أفراد الشرطة وتعيينهم والإشراف على عملهم، وضمان تنوع القوات الأمنية ديموغرافياً لبناء الثقة وتعزيز التعاون مع السكان المحليين.
وحول البنية التحتية لإنفاذ القانون: من خلال تطوير مراكز شرطة مجهزة بمرافق حديثة، وتحسين أنظمة الاتصال والدعم اللوجستي لضمان كفاءة العمل الأمني.
وفي سياق الحقوق والحريات في المناطق الخاضعة للسيطرة، أكدت الشبكة على المبادئ الأساسية من خلال الالتزام باحترام الحقوق والحريات دون أي شكل من أشكال التمييز، وضمان حرية التنقل والتجمع والتعبير بما يتماشى مع أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتجنب الاعتقالات التعسفية أو أي ممارسات تضييق، مثل المضايقات والترهيب بحقِّ المدنيين.
وفي سياق، الوصول الإنساني والنزوح، أوصت الشبكة بتسهيل عودة النازحين من خلال ضمان العودة الطوعية والآمنة للنازحين وفقاً للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي، وإزالة الألغام ومخلفات الحرب لتوفير بيئة آمنة وخالية من المخاطر للنازحين العائدين، والتوعية بالمخاطر، من خلال تنفيذ برامج توعية مجتمعية تركز على مخاطر الذخائر غير المنفجرة، مع استهداف الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل الأطفال.
وتطرقت إلى مسألة المساءلة عن السلوك، وأوصت بمحاسبة المخالفين وفرض حظر صارم على الأعمال الانتقامية ضد المدنيين، والتحقيق في جميع الانتهاكات بجدية وإجراء محاكمات عادلة لضمان العدالة.
كذلك تسهيل المراقبة، من خلال السماح للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بمراقبة الأوضاع وتوثيق الانتهاكات، والحفاظ على سجلات شفافة ودقيقة تتعلق بالأعمال العسكرية والاعتقالات.
وطالبت بتوفير الخدمات الأساسية، من خلال إصلاح البنية التحتية، بإعطاء الأولوية لإعادة تأهيل أنظمة المياه والكهرباء وشبكات النقل لضمان استمرارية الخدمات، وتقديم الخدمات الصحية بإعادة تشغيل المستشفيات والعيادات وضمان توفير الرعاية الصحية الأساسية لجميع السكان.
وأكدت على ضرورة ضمان التعليم بإعادة فتح المدارس مع توفير بيئة آمنة للأطفال لضمان استمرار العملية التعليمية، وطالبت بـ "حماية التراث الثقافي" من خلال الالتزام بحماية المواقع الأثرية والتاريخية من التخريب أو السرقة أو التدمير المتعمَّد، وضمان الحفاظ على الأصول الثقافية وصيانتها كجزء من التراث الإنساني.
وقالت الشبكة إنه يتعين على الجهات المسيطرة تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية لضمان إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها بما يحقق الأمن والاستقرار، ويحترم حقوق الإنسان، وأشارت إلى أن التوصيات تسلِّط الضوء على أولويات أساسية تشمل حماية المدنيين وممتلكاتهم، ضمان العدالة في التعامل مع المعتقلين، توفير الخدمات الأساسية، وحماية التراث الثقافي.
وأكدت الشبكة السورية أنَّ تحقيق هذه الأولويات يتطلب التزاماً جاداً من جميع الأطراف بتطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني وتعزيز التعاون مع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. فقط من خلال هذه الإجراءات، يمكن بناء الثقة بين السكان وتعزيز أسس العدالة والسلام في المناطق التي تأثرت بالصراع.
وختمت بأن البيان، يمثل دعوة صريحة إلى جميع فصائل المعارضة المسلحة والجيش الوطني لاتخاذ خطوات عملية وسريعة تُظهر التزاماً حقيقياً بحماية حقوق المدنيين وضمان كرامتهم، بما يضع أساساً لمستقبل ديمقراطي أكثر استقراراً وعدلاً لجميع السوريين.