الأسوأ منذ 26 عاماً.. موجة جفاف تخفض إنتاج القمح والحبوب في الجزيرة السورية
الأسوأ منذ 26 عاماً.. موجة جفاف تخفض إنتاج القمح والحبوب في الجزيرة السورية
● أخبار سورية ٢٣ يونيو ٢٠٢٥

الأسوأ منذ 26 عاماً.. موجة جفاف تخفض إنتاج القمح والحبوب في الجزيرة السورية

تشهد مناطق الجزيرة السورية هذا العام واحدة من أشد موجات الجفاف منذ عام 1989، ما أدى إلى انخفاض كبير جداً في إنتاج القمح والحبوب، وفاقم أزمة الأمن الغذائي، حيث تعتبر الجزيرة السلة الغذائية الأهم في سوريا.

ووفقًا لتقديرات صادرة عن ما يسمى "الإدارة الذاتية"، في شمال شرق سوريا فإنّ الإنتاج لن يتجاوز 350 ألف طن، مقارنة بـ766 ألف طن العام الماضي، ومليون طن قبل عام 2011.

إنتاج القمح يتهاوى... وتسويق محدود للمحصول

أعلن "غسان تمو"، رئيس إدارة التسويق في لجنة الصوامع والمطاحن بـ"الإدارة الذاتية"، أن الكميات المتوقعة لمحصول القمح هذا الموسم لا تتجاوز 350 ألف طن، وقد جرى استلام 105 آلاف طن حتى الآن، مع توقعات بتسلم 100 ألف طن من مناطق الحسكة، و150 ألفاً من مناطق الرقة والطبقة ودير الزور.

وأشار "تمو" في حديث صحفي يوم الأحد 23 حزيران/ يونيو، إلى أن "20 مركزاً جرى تجهيزها لاستلام المحصول، بعد تدريب الكوادر الفنية وتعقيم الصوامع وتأمين المستلزمات اللوجستية".

وتحدث رئيس "هيئة الاقتصاد والزراعة"، الدكتور "محمد شوقي محمد"، عن اتخاذ إجراءات استثنائية لتقليل خسائر المزارعين، من بينها توزيع بذار القمح للموسم المقبل بنصف القيمة، وتوفير السماد الطبيعي بنفس النسبة، إلى جانب تطوير مركز البحوث الزراعية واستنباط أصناف بذار مقاومة للجفاف.

أراضٍ زراعية خارج الخدمة... وانخفاض قياسي بالإنتاج

ضرب الجفاف هذا العام مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، حيث خرجت نحو مليونَي هكتار من الأراضي البعلية عن الخدمة، فيما لم يتجاوز إنتاج الأراضي المروية من الآبار الجوفية 30 كغ للدونم الواحد، وهو أدنى مستوى إنتاجي منذ سنوات.

ويعزو الخبراء في قطاع الزراعة هذا التراجع الكبير إلى التغير المناخي وشح الأمطار، حيث لم يتجاوز معدل الهطولات الشتوية في بعض المناطق 200 ملم، مقارنة بـ600 ملم في الأعوام الطبيعية.

خسائر بملايين الليرات... والمزارعون يتركون الأرض

قال المزارع "شفان سعدو" (46 عاماً) من القامشلي، إنه زرع 50 هكتاراً معظمها بعلية، لكنها لم تُثمر نتيجة الجفاف، مضيفاً: "خسرت نحو 30 مليون ليرة، ولا آبار لدي لسقي الأرض، والدعم الموعود لا يعوض الخسارة".

من جهته، أوضح المزارع "جمعة الخلف" (58 عاماً) من الشدادي بريف الحسكة، أنه اضطر لترك أرضه التي تبلغ 100 هكتار بسبب الخسائر المتكررة وارتفاع التكاليف بنسبة 300%، مقارنة بتدني أسعار الحبوب.

وكانت حددت "هيئة الاقتصاد والزراعة" في يعرف بـ"الإدارة الذاتية" سعر شراء القمح لهذا الموسم بـ420 دولاراً للطن، متضمناً دعماً مباشراً قيمته 70 دولاراً وفق بيان صادر عن الهيئة المذكورة.

تحذير أممي: 5 ملايين سوري مهددون بالجوع

حذّرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في تقرير صدر يوم 19 حزيران، من أن موجة الجفاف غير المسبوقة هذا العام تسببت بـ"فشل شبه كامل في إنتاج القمح"، مع عجز يُقدّر بـ2.73 مليون طن متري، ما يعادل الحاجة السنوية لأكثر من 16.25 مليون شخص.

وأشار التقرير إلى أن أكثر من 14.5 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه 5.4 ملايين شخص خطر الجوع الحاد، في ظل غياب التمويل الدولي الكافي نتيجة الحروب المستمرة منذ أكثر من عقد.

وكشفت وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية يوم الأحد 22 حزيران/ يونيو، عن بلوغ إجمالي كميات القمح المستلمة من الفلاحين في مختلف المحافظات السورية 199,746 طنًا حتى تاريخ 21 حزيران 2025، وذلك في مؤشر أولي على حجم الموسم الزراعي لهذا العام.

وتؤكد الحكومة السورية أنها مستمرة في تسهيل الإجراءات المالية والإدارية لتشجيع الفلاحين على تسليم كامل إنتاجهم لمراكز الدولة، وسط مؤشرات أن الأرقام قابلة للارتفاع خلال الأسابيع المقبلة، مع استمرار عمليات الحصاد وفتح مراكز جديدة.

ويشير مراقبون إلى أن الرقم الإجمالي لا يزال دون الطموح في ظل حاجة البلاد المتزايدة للقمح، خاصة لتأمين مادة الخبز المدعوم، ما يستدعي تعزيز الجهود لاستعادة دورة القمح الوطنية، ولا سيما في مناطق الجزيرة السورية، التي طالما تشكل السلة الغذائية الأهم.

ويرى آخرون أن تعزيز الثقة بين الحكومة والفلاحين، ورفع أسعار الشراء، وتوفير مستلزمات الإنتاج بشكل مدعوم، تمثل خطوات أساسية لتحقيق الأمن الغذائي في سوريا الجديدة.

وتواصل مراكز المؤسسة السورية للحبوب عمليات استلام محصول القمح من المزارعين في مختلف المحافظات السورية، وسط مؤشرات مشجعة من حيث الكميات المسلّمة وتأكيدات حكومية على سلاسة الإجراءات وتحفيز المنتجين.

وكانت حددت وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية، سعر شراء طن القمح القاسي درجة أولى (الدكما) من المزارعين بـ320 دولاراً لموسم عام 2025، كما أصدر الرئيس أحمد الشرع، مرسوماً يقضي بمنح مكافأة تشجيعية قدرها 130 دولاراً عن كل طن يسلمه المزارع إلى المؤسسة السورية العامة للحبوب، ليصبح السعر الإجمالي للطن 450 دولاراً.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ