
تقرير شام الاقتصادي | 23 حزيران 2025
شهدت الليرة السورية تراجعاً ملحوظاً صباح اليوم الإثنين 23 حزيران/ يونيو، ووفقاً لتداولات السوق الموازية، في حين بقي سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية مستقرا دون تعديل.
وفي التفاصيل بلغ سعر صرف الدولار في العاصمة دمشق نحو 10,075 ليرة للشراء و10,150 ليرة للمبيع وتطابق سعر الدولار في محافظتي إدلب وحلب مع الأسعار المسجلة في دمشق.
بينما سجلت محافظة الحسكة سعراً مختلفاً، حيث بلغ الدولار 10,200 ليرة للشراء مقابل 10,300 ليرة للمبيع، بحسب منصة "الليرة اليوم" المتخصصة برصد السوق الموازية.
من جانبه، حافظ مصرف سوريا المركزي على سعره الرسمي للدولار عند 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، وفقاً لنشرته الرسمية.
جاء هذا التراجع نتيجة عدة عوامل متداخلة، أبرزها القرار الرئاسي برفع رواتب العاملين في الدولة والمتقاعدين بنسبة 200%، ما أدى إلى زيادة الكتلة النقدية في السوق.
واعتبر الدكتور "شفيق عربش"، أستاذ كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، أن قرار رفع الأجور بنسبة 200% يُعد خطوة ضرورية وحاسمة في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها السوريون.
وأوضح أن هذه الزيادة جاءت في وقت حرج، مع تراجع القدرة الشرائية وجمود الحركة في الأسواق، ما يجعلها مطلباً شعبياً ملحًّا وذكر أن أزمة الرواتب لا تتعلق بالتضخم فقط
وبيّن أن التحديات لا تكمن فقط في مسألة التضخم، بل في صعوبة صرف الرواتب الحالية من أجهزة الصراف الآلي، ما يستدعي من الجهات المعنية اتخاذ تدابير عاجلة لتسهيل وصول المواطنين إلى رواتبهم الجديدة.
ويرى الخبير الاقتصادي أن هذه الزيادة من شأنها إنعاش الاقتصاد عبر تعزيز الطلب المحلي، لا سيما في ظل الركود الحاد في الأسواق، وأوضح أن الطلب المتزايد على السلع والخدمات سيقود إلى زيادة الإنتاج، داعياً إلى تقليص الاعتماد على الاستيراد والتركيز على تحفيز الصناعة المحلية.
ولفت إلى ضرورة فرض رقابة مشددة على أسعار السلع وجودتها لضمان عدم استغلال المواطنين، مؤكداً أن بعض التجار طرحوا في الأسواق منتجات رديئة الجودة وقريبة من انتهاء الصلاحية، ما يهدد أهداف القرار الإيجابية.
وفيما يتعلق بسوق الصرف، استبعد عربش أن تؤدي الزيادة إلى ضغوط مباشرة على سعر الليرة السورية، مشيراً إلى أن جزءاً كبيراً من التمويل جاء بمساعدة خارجية.
وأكّد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور محمد نضال الشعار، أن مرسومي زيادة الرواتب اللذين أصدرهما رئيس الجمهورية، أحمد الشرع، يمثلان تحركاً جوهرياً يعكس بعداً اقتصادياً واجتماعياً وإنسانساً في مرحلة شديدة الحساسية، وسط تحديات معقدة.
وأوضح أن هذه الزيادة ستسهم مباشرة في تنشيط السوق الداخلية وزيادة الطلب، كما تُعد وسيلة مهمة لتخفيف الضغط المعيشي عن شريحة واسعة من المواطنين، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، في ظل التزام الدولة المستمر بتحسين ظروف الحياة اليومية للمواطنين.
ودعا الوزير الشعار القطاع الخاص، بكل أطيافه، إلى مواكبة هذه المبادرة من خلال تحسين الأجور والمزايا للعاملين، بما يدعم الجهود الوطنية لتحقيق العدالة الاقتصادية، ويعزز الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص.
ووفق تفاصيل المرسومين 102 و103 لعام 2025 ونص الأول على رفع الرواتب والأجور المقطوعة بنسبة 200% للعاملين المدنيين والعسكريين في مختلف مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجهات العامة والشركات التابعة لها والقطاعات المشتركة التي تزيد فيها مساهمة الدولة عن 50%، كما تضمن المرسوم الآخر على زيادة بنسبة 200% على المعاشات التقاعدية للمستفيدين من أنظمة التأمينات الاجتماعية، وذلك اعتبارًا من تاريخ صدور المرسوم.
وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.
يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.