
أمريكا تحذف "الحركة الإسلامية التركستانية" من قوائم الإرهاب.. ماذا عن مقاتليها في إدلب ..؟
حذفت الولايات المتحدة الأمريكية "الحركة الإسلامية التركستانية" أو "حركة تركستان الشرقية الإسلامية" والمعروف اختصارا بإسم "ETIM"، من قوائم الإرهاب الأمريكية، وذلك في خطوة رأها مراقبون تهدف لإستفزاز الصين.
وتشكلت الحركة الإسلامية التركستانية عام 1993 تحت قيادة "أبودو سواء"، وخلال خمس سنوات تطور نشاطها وبنيتها التنظيمية، ونقلت مركز عملياتها من إقليم شينجيانغ في الصين إلى العاصمة الأفغانية كابول، بعد أن أنشأ زعيمها الثاني “حسن محسوم” علاقات تنسيق مع أسامة بن لادن، وجرى على أساسها إنشاء معسكرات تدريبية خاصة بالحركة في أفغانستان، إلا أن "محسوم" نفى هذه العلاقات التنظيمية مع القاعدة وقال أن الصين تبالغ.
وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية حركة تركستان الشرقية الإسلامية، منظمة إرهابية في عام 2002 خلال فترة التعاون الأمريكي- الصيني في مكافحة الإرهاب، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، وتُصنف الحركة على أنها منظمة إرهابية بموجب قرار أمريكي يحمل رقم 13224، وهو قرار يمنع التحويلات المالية للمنظمات المرتبطة بالإرهاب.
انتقل مقاتلو الحركة إلى سوريا عقب اندلاع الثورة السورية، وازدادت أعدادهم بشكل كبير بين عامي 2012 و2014، حيث أتى غالبيتهم من أفغانستان وتايلاند وماليزيا وأندونيسيا، وحطوا الرحال في تركيا، وساعدهم عامل اللغة في سهولة الانتقال إلى سوريا كونهم يتحدثون اللغة التركية، وكان غالبيتهم من عناصر تنظيم القاعدة المتشددين.
ولا توجد إحصاءات دقيقة بعدد المقاتلين التركستان في سوريا، وبحسب إحصاءات استقصائية جزئية يمكن إسقاطها على عددهم الكلي، فإن عدد مقاتليه يقدر بـ”ثلاثة آلاف” مقاتل، بينما تقول تقديرات أخرى أنه أضعاف ذلك، بسبب أنهم جلبوا عائلاتهم معهم.
وشكل القرار الأمريكي الأخير والذي رفع اسمها من قوائم الإرهاب تساؤلاً عن مدى شمول القرار المقاتلين في ادلب والذين ينضون تحت اسم "الحزب الإسلامي التركستاني"، ومدى كون تلك العقوبات تستهدف مجموعة معينة من الحركة فقط؟، حيث لاتزال الصورة غير واضحة بعد، والأمر يحتاج لتوضيح أكبر من الخارجية الأمريكية بهذا الموضوع.
ولم يستهدف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أيا من قيادات الحزب التركستاني سوى مرة واحدة في عام 2017، عندما شنت طائرة بدون طيار غارة جوية استهدفت أبو عمر التركستاني أحد القادة البارزين في الحزب حيث كان برفقة قيادات عربية وأفغانية وسورية وعدد من المقاتلين، وذلك على عكس القيادات الأخرى في تنظيمات داعش وحراس الدين وهيئة تحرير الشام التي تقوم أمريكا باستهدافهم بشكل دائم.
ويتواجد الحزب التركستاني ضمن تحالف "وحرّض المؤمنين"، والذي يعتبر أكبر تحالف للجماعات المسلحة الأكثر تشددا في ادلب، ، ولكن كسياسة عام للحزب فإنه يقول أنه ليس لديه أي مشكلة مع أيا من الدولة الإسلامية مهما كان نظام حكمها، ما يعني أنه لا يكفر هذه الأنظمة ولا يدعوا عناصره لمحاربتهم على عكس فكر القاعدة وداعش.
ورغم إعلان الحزب لمرات عدة حياديته في المعارك الداخلية للفصائل المعارضة، إلا أنه كان داعماً لهيئة تحرير الشام بقيادة "أبو محمد الجولاني" في التغلب على فصائل الجيش الحر لاسيما معارك الهيئة ضد جبهة ثوار سوريا، ولاحقاً ضد "جند الأقصى" وحركة أحرار الشام الإسلامية، رغم مطالبة "الشيخ أبو ذر عزام التركستاني" المهاجرين في فصيلي "التركستان و الأوزبك" بعدم الدخول في أي اقتتال داخلي ضمن أرض الشام.
وكان أبدى الحزب في بيان رسمي رفضه التام ما أسماه الاعتداء على هيئة تحرير الشام أكبر الجماعات المقاتلة في سوريا، متهماً الفصائل بخذلانهم في معارك شرقي سكة الحديد، وبين أن قدومه لأرض الشام جاءت نصرة لأهلها ضد النظام جنباً إلى جنب مع كل الفصائل، لافتاً إلى أنه لم يدخل في أي صراع داخلي مع أي فصيل كان، وأن أرض الشام ليست حكرا على جنس أو عرق أو لون بل هي شأن وقضية كل مسلم.
تنقسم الحركة التركستانية إلى عدة مجموعات منها ما هو عسكري ومنها ما هو سياسي، حيث يتواجد غالبية الأول في سوريا وأفغانستان، وينحصر تواجدهم في سوريا ضمن ما يعرف بإسم "الحزب الإسلامي التركستاني"، بينما انضم عدد من المقاتلين الأيغور إلى تنظيمي داعش والقاعدة.
في حين يتواجد الجانب السياسي منه في تركيا وأمريكا وأيضا ألمانيا بشكل أساسي وينتشر الايغوريين في معظم الدول الأوروبية، ولهم تحركات سياسية ومظاهرات في العديد من العواصم العالمية، تدعوا فيها لتحرير مناطقهم من النظام الصيني الذي يضطهدهم، ويقدر عدد الإيغور بنحو 8.5 مليون نسمة يعيش أغلبهم في إقليم “شينغيانغ”، فيما يتوزع الباقي على دول آسيا الوسطى.
وفي السياق فقد أعربت الصين اليوم الجمعة عن استيائها الشديد ومعارضتها الشديدة لإعلان الولايات المتحدة أنها ستلغي تصنيف حركة تركستان الشرقية الإسلامية (ETIM)، على أنها منظمة إرهابية.
وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني "وانغ وين بين" في المؤتمر الصحفي الدوري يوم الجمعة على أن "الإرهاب هو إرهاب. يجب على الولايات المتحدة أن تصحح خطأها على الفور وأن تمتنع عن" تبييض "المنظمات الإرهابية أو التراجع عن التعاون الدولي بشأن مكافحة الإرهاب".
ومهما يكن المقصود من القرار الأمريكي الجديد، فإن القرار يأتي في حرب مستعرة بين ترامب وبايدن على الرئاسة الأمريكية، ونشر هذا القرار يوم أمس في خضم هذه الحرب، يأتي ضمن إستفزاز واشنطن لبكين بعد أن اعتبر مجلس الشيوخ الأمريكي ما يحدث للأقلية الأيغورية إبادة جماعية، ولكن هل تم فعلا رفع إسم الحزب كاملا من قوائم الإرهاب حتى أولئك المقاتلون في سوريا، أم لا؟؟.. هذا ما ستوضحه الأيام القادمة.