تقرير يرصد أسباب توجه "فلسطيني سوريا" لبيع ممتلكاتهم وعقاراتهم في سوريا
سلط تقرير حقوقي لـ "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" الضوء على واقع المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سورية، مؤكداً أنها تشهد اقبالاً كبيراً بين اللاجئين الفلسطينيين على بيع عقاراتهم وممتلكاتهم وأثاث منازلهم وأغراضهم الشخصية للحصول على تكاليف الخروج من سوريا نحو دول الاتحاد الأوروبي.
كما يدفعهم ذلك وفق المجموعة، سعياً لتلبية احتياجاتهم الأساسية وتأمين كسرة خبز لهم ولأطفالهم، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والارتفاع الجنوني للأسعار، الذي أصبح يشكل كابوساً يؤرق حياتهم وينغص عليهم معيشتهم.
وقامت المجموعة الحقوقية، بإجراء سبر ضمن المخيمات الفلسطينية عبر مراسليها، واستطلعت آراء الأهالي حول ظاهرة بيع منازلهم وممتلكاتهم، والدافع الرئيسي وراء تنامي تلك الظاهرة، وخلصت إلى جملة من الأسباب والدوفاع حسب كل مخيم.
ففي "مخيم اليرموك" قالت إنه خلال السنوات الثلاثة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في ظاهرة بيع الأهالي لمنازلهم وممتلكاتهم، والمحال التجارية، وذلك بعد وصول البعض منهم إلى طريق مسدود وفقدان الأمل بعودة الحياة إلى المخيم جراء التعنت بمنح الموافقات الأمنية اللازمة لعودة للأهالي، والمماطلة في إعادة تأهيل البنى التحتية وإزال الركام والدمار، بالإضافة لمصادرة ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين.
إضافة إلى ذلك إعلان محافظة دمشق في التاسع والعشرين من شهر يونيو/حزيران 2020، عن المخطط التنظيمي ما أثار قلق أهالي مخيم اليرموك من خسارتهم لممتلكاتهم ومنازلهم مما دفعهم لبيعها بأبخس الأثمان.
وتعتبر قلة الموارد المالية أحد الأسباب الرئيسية لبيع بعض الأهالي ممتلكاتهم، وذلك لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف ترميم منازلهم التي دُمرت بسبب العمليات العسكرية التي شنتها القوات السورية مدعومة بالطيران الروسي للسيطرة على المخيم ومحيطه عام 2018.
ومن الأسباب المهمة لبيع الممتلكات والتفكير بالهجرة الأوضاع الأمنية والمداهمات والاعتقالات، ناهيك عن الشعور الدائم بالخوف من الاعتقال، وعدم الأمان في بيئة انتشر فيها اللصوص وعصابات السلب والنهب والتعفيش.
في حين أن لسوء أوضاعهم الإنسانية وبؤسها الأثر الأكبر في بيع عدد من أبناء مخيم اليرموك لممتلكاتهم، للهروب من جحيم واقعهم المنهار والمتردي، حيث لجأ البعض منهم إلى بيع أو مقايضة أثاث منازلهم للحصول على المواد الغذائية الأساسية لسد رمق أطفالهم في ظل توقف غالبيتهم عن العمل بعد الشلل الذي أصاب معظم مرافق الحياة في دمشق وريفها.
وفي "مخيم الحسينية"، انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع المنازل والمحال التجارية في مخيم الحسينية بريف دمشق، بسبب موجة الهجرة من سورية هروباً من الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات دون أفق للحل أو أمل في الانفراج ولو كان بعيداً بعض الشيء، أو للهروب من إرسال الأبناء إلى الخدمة الالزامية.
وباعتبار أن 95% من أهالي المخيم يعيشون تحت خط الفقر، لم يجد الكثيرون منهم وسيلة لتأمين تكاليف السفر سوى بيع ما يملكون من عقارات أو سيارات كنوع من المغامرة التي قد تخيب أو تصيب.
وسجلت عشرات حالات بيع المنازل في منطقة شارع السرو لعائلات موالية تنتمي للطائفة الشيعية الأمر الذي أثار القلق في نفوس الأهالي وخاصة مع انتشار هذه الظاهرة في بلدة الذيابية المجاورة، كما تزداد حالات بيع منازل المشروع القديم وخاصة في المناطق الشرقية.
أما في "مخيم النيرب" في مدينة حلب، تحدثت المجموعة عن أسباب لا حصر لها وراء ظاهرة تنامي بيع أبناء مخيم النيرب لمنازلهم وممتلكاتهم، وبحسب أحد أبناء المخيم الذي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية، أن الفلتان الأمني والممارسات القمعية تجاه أبناء المخيم والخوف من الاعتقال في أي لحظة، هي السبب الرئيسي للتفكير بالبيع والهجرة.
ويحتل الوضع المعيشي والتدهور الاقتصادي المركز الثاني، فحياة الناس باتت مليئة بالهموم والمشاكل والديون، في ظل عدم قدرتهم على تأمين احتياجات الأسرة اليومية الأساسية.
وفي "مخيم حندرات"، فإن الإجابة حاضرة عند الجدران المهدمة والأسقف الهابطة وبقايا من أثاث مسروق، فمعالم المخيم بعد القصف محيت منها الذكريات الجميلة، ذكريات الطفولة زواريب المخيم، الأحبة الخلان، ولم يعد سوى الأطلال والركام والبكاء على من رحل وأرتحل.
كذلك "مخيم خان دنون" أظهرت الإحصائيات التي رصدتها مجموعة العمل إن 40% من سكان مخيم خان دنون باعوا ممتلكاتهم ليحصلوا على لقمة العيش والسفر للخارج، وأن العشرات من السكان باعوا ممتلكاتهم من أثاث وبيوت لتأمين تكاليف السفر.
وأكدت أنه أكثر من 90% من الأهالي يعيشون تحت خط الفقر ما يجعل الأهالي يقفون على حافة هاوية جديدة بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار وانتشار حالات البطالة، وأضاف أن المخيم يشهد ركوداً عقارياً بسبب ارتفاع أسعار المنازل وقلة الطلب عليها، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تهدد بإفراغ المخيم من سكانه.
وفي "مخيم درعا" أقدم عدد من اللاجئين الفلسطينيين بمخيم درعا، منذ بداية الحرب السورية على بيع منازلهم وبعض ممتلكاتهم من أجل السفر والهجرة لتأمين حياة كريمة ولائقة لهم ولعائلاتهم، فبعد التضييق الأمني والمطالبات وانتشار القتل والخطف في المنطقة دفع ذلك العديد من أبناء المخيم للهجرة خارج سوريا مما يترتب عليهم تكلفة مالية كبيرة جداً.
وذكرت "مجموعة العمل" أن العديد من العائلات في درعا ومخيم درعا ترفض رفضاً قاطعاً ذهاب أولادها لخدمة العلم، فالعديد منهم باع منزله أو بعض ممتلكاته، ومنهم من قام بالدين وكتابة سندات أمانة لحين وصول أبنائهم وتمكنهم من السداد، مشيراً إلى أن أغلب الديون تكون بالدولار الأمريكي، وعلى الرغم من المبالغ المالية الكبيرة لازال البعض يفكر بالهجرة.