"رُعَاع ومشاغبين".. "أبواق الهيئة" تتفوق على نفسها بمهمة شيطنة الحراك المناهض لـ"الجـ ولاني"
أثارت منشورات صادرة عن شخصيات إعلامية مقربة من "هيئة تحرير الشام" حفيظة نشطاء الحراك الثوري، وجاءت ضمن تصعيد إعلامي ملحوظ ضد المظاهرات المناهضة للهيئة بإدلب شمال غربي سوريا، حيث تم خلالها اتهام المتظاهرين بصفات مثيرة للجدل، وألمح بعضهم إلى تهديدات مبطنة بالتحذير من خروج الوضع عن السيطرة.
وكتب الإعلامي الموالي لـ"هيئة تحرير الشام"، أحمد موفق زيدان، اليوم الجمعة 10 أيار/ مايو، منشوراً عبر قناته في تطبيق تلجرام، تطاول فيه على القائمين على الحراك الشعبي المتواصل ضد "الجولاني"، ووصفهم بـ"الرعاع والمشاغبين"، وانتقد ما قال إنها "لغات السباب السوقية" التي اتهم المتظاهرين باستخدامها.
واعتبر "زيدان" أنّ من يتصدر الحراك هم "الرعاع" وليسوا حريصين على "الثورة الشامية"، ويرفضون ما وصفه بـ"الإصلاح والتطوير في إدارة حوكمة الشمال المحرر"، وحذر من خطورة خروج الوضع عن السيطرة، واعتبر حينها سيكون "الفضلاء في الحراك" أول الضحايا، على حد قوله.
وفي رواية لم يدعمها أي من السكان في إدلب ادعى بأن هناك بعض أهالي البيوت المجاورة لتجمعات ومظاهرات الحراك يغادرون بيوتهم أثناء المظاهرات لتجنب سماع الشتائم، وأثار منشور "زيدان" الكثير من الردود والتعليقات عبر بعض الغرف الإعلامية، وأثار هذا التطاول سخط وحَنَق عدد كبير من النشطاء.
وليست المرة الأولى التي يتمادى فيها الكاتب المذكور خلال دفاعه عن مشروع الجولاني، حيث سبق أن هاجم المتظاهرين بإدلب، واتهمهم بـ"إسقاط رموز أهل السنة والجماعة"، وأضاف: "إن نجح لا سمح الله هذا الحراك في الإطاحة بكيان أهل السنة بإدلب، فلن يكون المتصدرون له من ورثته، فهم أعجز عن سدّ الفراغ"، وفق زعمه.
وكان ورفع متظاهرون لافتة هاجمت زيدان ودعته إلى الاستقرار في المحرر ردا على ظهور ابنه متسكعا في مقاطع مصورة في وقت يواصل فيه والده المحاضرة عن الشمال السوري، و"زيدان" من المغرمين بسلطة طالبان وطالما ينشر إسقاطات من الشأن الأفغاني على الأوضاع في سوريا، وله عدة مؤلفات أبرزها "الأفغان الحمر، وصيف أفغانستان الطويل".
ولم يقتصر تجدد شيطنة الحراك على "زيدان" بل يعتمد الكثير من العاملين في جهات إعلامية مقربة من تحرير الشام، وضمن ما يعرف الإعلام الرديف على شيطنة الحراك الشعبي ضد الجولاني، المطالب بإسقاط الأخير وحل جهاز الأمن العام، فيما يطلق الرديف على الحراك ألفاظا وكلمات وصفات مثل "الأقلام المأجورة، الحاقدين، المتربصين، المخربين، المدفوعين"، وغيرها.
وقال الإعلامي معتز القنواتي، المقرب من الهيئة، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، "هنيئاً لبعض الناس في خصومهم فحين يكون الخصم فاجر الطباع بذيء اللسان لا يملك إلا السب والشتم والقذف في الأعراض بما يوجب الحد أو البينة ويتلقف ما يوافق هواه دون بينة ولا تثبت ويخرج من يخالفه من الملة بعبارات التكفير والتضليل بل والردة".
ومع تجدد المظاهرات اليوم الجمعة كتب "الإعلامي مهند" أحد كوادر الإعلام العسكري في الهيئة منشورا عبر قناته في تطبيق تلجرام، اتهم المتظاهرين بترك قتال نظام الأسد خلال شنه الحملات السابقة في شمال حماة وجنوب إدلب، معتبرا أن "زحف المتظاهرين نحو إدلب لن تكون أرتال حرية"، في وقت يحاول الإعلام الموالي لـ"هيئة تحرير الشام" اختزال الحراك الشعبي بحزب التحرير.
وتجددت المظاهرات ضد الجولاني اليوم الجمعة ورفعت أعلام الثورة السورية، وكتب في إحدى اليافطات "أين الإعلام الحر؟ يسقط الإعلام المأجور"، و"نريد فتح الجبهات وليس بناء المعتقلات"، و"يسقط الجولاني"، و"لا الجولاني ولا الأسد نريد إعمار البلد"، و"الثوار في المعتقلات والعملاء في المولات"، وغيرها من الشعارات المماثلة.
وبات المشهد أكثر تعقيداً أمام قيادة "هيئة تحرير الشام"، بعد مغامرة غير محسوبة النتائج وقعت بها فيما عرف بـ "قضية العملاء"، والتي خلقت شرخاً واسعاً في بنية الهيئة عسكرياً وأمنياً، وشجعت الحاضنة الشعبية المكبوتة على الخروج علانية في الشوارع تطالب بسقوط "الجولاني"، الأمر الذي استدعى حراكاً واسعاً من قبل شخصيات في الهيئة لتدارك الموقف ومنع الدخول في دوامة لارجعة فيها.
وتعول قيادة الهيئة على امتصاص حالة الغصب في الشارع الثوري، وتقديم الوعود بالإصلاحات، لكسب وقت إضافي وعدم توسع المشهد الاحتجاجي في عموم المناطق المحررة، في وقت تلمح مصادر "شام" إلى أن "الجولاني" لن يقف مكتوف الأيدي في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وأنه مستعد لإدخال المنطقة بحالة فوضى عارمة من عمليات تفجير واغتيال وتسلط اللصوص وقطاع الطرق، يجبر الحراك على خيارات ضيقة في الاستمرار أو الفوضى.
وتجدر الإشارة إلى أن "هيئة تحرير الشام"، تواجه احتجاجات شعبية واسعة وسط تنديد بسياستها ومطالب متصاعدة بإسقاط زعيمها "الجولاني"، وإطلاق سراح المعتقلين، وكانت أعلنت إدارة الشؤون السياسية التابعة لحكومة "الإنقاذ" في إدلب شمال غربي سوريا، عزمها إحداث مؤسسات جديدة "تضمن الرقابة العليا وتستقبل المظالم وتنظر في الشكاوى، استجابة لمطالب الأهالي"، وسط تصاعد زخم الاحتجاجات السلمية.