مركز دراسات: انتخابات حزب البعث لعام 2024 شكلية والتفاف على مفاوضات الحل السياسي
قلل "مركز جسور للدراسات"، من أهمية انتخابات حزب البعث عام 2024 التي وصفها بشار الأسد بالمفصلية والمهمة، وقال إنه لا يبدو أنها ستأتي بمفاجآت وبتغيير حقيقي؛ فلن تكون هناك قيادة جديدة للبعث بدون الأسد بل مجرد تغيير لبعض الوجوه القديمة وتصوير ذلك بالعرس الانتخابي والديمقراطي.
وأوضح المركز في تقرير له، أنّ هذه الانتخابات لاتبدوا أنها جاءت استجابةً أو تنفيذاً لمطالب دولية مفروضة إنما خُطوة استباقية من نظام يشعر بعودة ميزان القُوَى لصالحه لمواجهة استحقاقات قد تكون قادمة ليست راهنة ضِمن عملية إعادة التطبيع معه.
ويقوم النظام بسلسلة من عمليات إعادة الهيكلة والتنظيم لأجهزته الإدارية والأمنية والعسكرية والسياسية؛ بهدف خلق أمر واقع جديد يُقدّم فيه صورة جديدة قد تكون مُرضية للمطالبين بتغيير سلوكه، وفق المركز.
واعبر المركز أن النظام يلتفّ من خلالها على مسار مفاوضات الحل السياسي التي ترعاها الأمم المتحدة بتصوير الأمر على أنه انخراط وتنفيذ لمضمون سلال التفاوض من قِبل النظام بينما هي بحقيقتها إصلاحات شكلية وهشّة وإجراءات لإعادة تنظيم أركان منظومة حكمه وترتيبها.
وأكد أن سلسلة التغييرات التي يقوم بها النظام بما فيها انتخابات حزب البعث ستبقى شكلية وليست حقيقية وجوهرية؛ من أجل استخدامها في عمليته الدعائية القائلة بأنه نفّذ الإصلاحات اللازمة وغيّر سلوكه، بمعنى أنّ النظام يهتم بصورة الانتخابات باعتبارها هدفاً بحدّ ذاته لا العملية الانتخابية بغضّ النظر عن حقيقة التجربة الانتخابية وأهميتها ونتائج التمثيل ومصداقيته وشفافية الإجراءات وشرعيتها.
وأطلق حزب البعث الحاكم في سورية في آذار/ مارس 2024 عملية انتخابية جديدة لاختيار قيادات لشُعَبه وفروعه وممثلين للاجتماع الموسَّع للجنة المركزية لاختيار قيادة مركزية جديدة، جاء ذلك بعد إعلان النظام السوري في 25 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 باجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم نيته إجراء انتخابات حزبية جديدة لاختيار قيادة مركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
وهي المرة الأولى التي يتم بها اختيار القيادة عَبْر الانتخاب، وكانت بالسابق تتم من خلال نظام يُسمَّى الاستئناس الحزبي، وهو عبارة عن نظام تزكية من القيادة إلى القواعد لأشخاص معينين يتم بعدها انتخابهم من القواعد، ثم تقوم القيادة بالتصديق عليهم وتسميتهم بمناصب قيادية بالحزب.
ووصف بشار الأسد الانتخابات الجديدة لحزب البعث بالمفصلية والاستثنائية والحيوية، وأطلق الحزب شعاراً انتخابياً "صوِّتْ لبعث أفضل". لم يُقدّم الحزب أي تعداد لأعضائه من عاملين وأنصار لكن تُشير مؤشرات عملياته الانتخابية إلى وجود قُرابة نصف مليون عضو منتسب حالياً، هم بالأساس موظفو دولة وجيش وأعضاء النقابات المهنية والعمالية والطلابية.
وتأسّس حزب البعث عام 1947 من اندماج حزبَي البعث العربي والحزب الاشتراكي، وتسلم السلطة في سورية عام 1963 بانقلاب عسكري قادته لجنته العسكرية، وترسخت سلطته كحزب حاكم من خلال وضع مادة في دستور عام 1973 حملت الرقم 8 ضمنت له قيادة الدولة والمجتمع السوري، والتي من خلالها حكم البلاد بمضامين وآليات الحزب الواحد تحت مسمى الحزب القائد بمشاركة مجموعة أحزاب صغيرة غير فعّالة وتُشكِّل واجهة بروتوكولية دعائية تسمى الجبهة الوطنية التقدُّمية.
وسيطر الحزب على كل شيء في الدولة والمجتمع، وقاد الحياة السياسية والحكومية والإدارية العسكرية والأمنية والنقابية والشبابية؛ فمنظماته فقط هي الموجودة، ولا يعرف السوريون غيرها، وتُقدّم تقاريرها للقيادة التي تتبع الأسد الأب ومن بعده الابن، والحزب بمنهجه حزب قومي عربي له امتداداته من موريتانيا وتونس إلى السودان واليمن والأردن وفلسطين ولبنان والعراق، والأسد هو قائده القومي ويتلاعب به في علاقاته الإقليمية.