جدل واسع حول إعفاء نقيب من قبل "البعث".. أحزاب مرخصة: "اعتداء على الدستور"
قررت ما يسمى بـ"القيادة المركزية" في "حزب البعث" لدى نظام الأسد تغيير نقيب المهندسين الزراعيين، ورغم اعتياد مثل هذه القرارات من قبل الحزب المتغوّل الذي اختطف الحياة السياسية بالكامل، أثار القرار الأخير تعليقات عدة انتقدت التدخل بشؤون النقابات.
وينص قرار الحزب على إعفاء النقيب البعثي "عبد الكافي الخلف" من مهمته كنقيب للمهندسين الزراعيين. وتسمية بعثي آخر وهو "علي سعادات"، بدلاً عنه، حسب قرار حمل رقم 37 وصدر بتاريخ 17 تموز/ يوليو الجاري، وسط معلومات عن إخضاع النقيب السابق للتحقيق.
واعتاد "حزب البعث" تسمية النقيب وأعضاء مجلس النقابة في كافة النقابات والاتحادات فضلاً عن مصادقة قيادة الحزب على الأسماء المنتخبة بعد انتخابها، أي أن المنتخَبين بحاجة موافقة قيادة الحزب رغم وصولهم بأصوات الناخبين من أعضاء نقاباتهم.
ويعرف أن من شروط تعيين النقيب الانتساب إلى حزب البعث، وسبق للحزب أن قام بتعيين رئيس لاتحاد الفلاحين في طرطوس وفتح تحقيقاً بالفساد في نقابة أطباء الأسنان فضلاً عن إقالة فرع نقابة المعلمين في جامعة حلب، وغيرها كثير من القرارات المماثلة.
وتخالف هذه القرارات الحديث الذي ظهر زعم فصل سلطة الحزب عن الدولة، علماً أن الدستور الحالي ألغى المادة الثامنة التي كانت تنص على أن البعث هو قائد الدولة والمجتمع، لكن الممارسة العملية واصلت العمل وكأن المادة لم تلغَ.
وأصدر "حزب التغيير والنهضة"، المرخص لدى نظام الأسد، بيانا بشأن القرار الذي قال إنه "اعتداء على الدستور السوري الصادر عام 2012 في المادة الثامنة منه وهو تجاوز للصلاحيات القانونية وهو اعتداء على استقلالية النقابات التي كفلها الدستور".
وأضاف، "وبذلك يشكل مخالفة لتوجهات رئاسة الجمهورية العلنية التي تؤكد على إبعاد سلطة حزب البعث عن مؤسسات الدولة لذلك فإننا نعتبر هذا القرار مخالفاً للقانون وغير مشروع من حيث أنه صادر من جهة غير ذات اختصاص".
وقال "أنس جودة"، رئيس ما يسمى بـ"حركة البناء الوطني" المرخصة لدى نظام الأسد، "لا أعلم فعلا إذا كان هذا القرار صحيحاً أم لا ولكن في حال صحته فهو تجاوز هائل لكل منظومة العمل النقابي والانتخابات وكل اعضاء النقابة واعتبار النقيب مجرد موظف معين والنقابة كلها مكتبا تابعا للحزب".
وأضاف، هذا قرار معدوم لا وجود له فشرعية النقيب تأتي من الانتخابات وليس من قرار تعيين، وحتى لو فرضا كان أعضاء النقابة كلهم بعثيين فيجب العودة لقانون النقابة والنظر في امكانية العزل وإعادة الانتخابات ولكن لايوجد منطق قانوني يقول بصحة قرار حزب معين بإعفاء نقيب منتخب.
وتابع "يبدو أن الرفاق فهموا عملية الإصلاح الحزبي بطريقة معاكسة تحقق دمج ماتبقى من الدولة ضمن بنية الحزب وليس فصل الحزب عن الدولة"، وكتبت "بروين إبراهيم"، مسؤولة "حزب الشباب للبناء والتغير" منشورا انتقدت فيه القرار وقالت إن النقابات ليست ملك للبعث حتى يعفى النقيب بقرار منهم ويعين بقرار منهم وطلبت العودة إلى المادة الثامنة.
وقال المحامي "عارف الشعال"، إن القرار يمثل الانتقال من "دولة سيادة القانون، وسموّ القواعد الدستورية، إلى دولة سيادة قرارات الحزب الحاكم على المنظومة الحقوقية للدولة برمتها، وسموّ قيادته على مبادئ الدستور"، وتمنى أن يكون القرار غير صحيح.
وحصد "حزب البعث" أكثر من ثلثي مقاعد برلمان الأسد، وسبق ذلك معاقبة عدد من النواب البعثيين في بتخفيض مستوى عضويتهم وقرر شطب أسماءهم من جداول الاستئناس الحزبي لـ"عدم التزامهم بتوجيهات القيادة الحزبية" وكذلك لـ "عدم القدرة على رفع مستوى وعيهم العقائدي والتنظيمي والسياسي" وفق تعبيره.
وكانت ربطت صحيفة "العربي الجديد"، بين انتخاب قيادة جديدة لحزب البعث وخطة روسية لإصلاح أجهزة الأمن لدى نظام الأسد ورأى مصدر مقرب من مركز القرار في حزب "البعث" أن رأس النظام تقصد ذكر كلمة "الحاكم" أكثر من مرة في خطابه مؤخراً، بهدف التأكيد على بقاء الحزب في قيادة الدولة والمجتمع في المرحلة المقبلة، "ولكن ضمن منظومة عمل جديدة، بالشكل التنظيمي والممارسة والأهداف".
هذا وتأسيس "حزب البعث"، في أبريل/نيسان 1947، متخذا شعار "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة"، ويعرف عن "الحزب" الهيمنة على كل المشهد السياسي والاستفراد بالسلطة، وقام حافظ الأسد في 1970 بحركة انقلابية داخل الحزب سميت بحركة تصحيحية تسلم على إثرها قيادة الحزب، ولا يزال الإرهابي "بشار الأسد" يشغل منصب قيادة "الأمين العام" في "حزب البعث"، الذي طالما أثارت قياداته جدلا وسخرية واسعة خلال السنوات الماضية.