مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
١ أغسطس ٢٠١٦
واشنطن وموسكو يدٌ واحدة

خرج مدير الاستخبارات الأميركية، جون برينان، ليبشّر العالم بأن سورية متجهة إلى التقسيم. كان واضحاً، إذ قال إنّ سورية على الأرجح لن تعود موحدةً، كما كانت مرة أخرى، وإنه غير متفائل بشأن مستقبلها. ليست هذه المرة الأولى التي يشير فيها مسؤول، أو سياسي، أميركي إلى تقسيم سورية، سواء بالتوقع أو بالتفضيل، غير أن الحديث، هذه المرّة، يأتي بلسان مدير الاستخبارات شخصياً. وفي توقيتٍ شديد الحساسية بالنسبة لمستقبل الأزمة في سورية، خصوصاً لجهة طبيعة الحلول المقترحة لحل الأزمة، أو لجهة الوضع الميداني، ومآلاته المستقبلية. فالمفترض أن ثمة مساراً سياسياً لا يزال يتلمس طريقه بين مواقف متناقضة لأطراف الأزمة. ومن شأن الإشارة الأميركية لتقسيم سورية ليس فقط تثبيط الهمم وتعطيل ذلك المسار، لكن أيضاً ربما تغيّر حسابات الأطراف المنخرطة في المعارك على الأرض. وعندما يستبق مدير الاستخبارات الأميركية المسارين، السياسي والميداني، بخطابٍ كهذا، فهو بالتأكيد يدرك مدلوله وتداعياته. إن لم يكن يمهد به لمواقف أميركية أكثر انكشافاً واقتراباً من التقسيم الذي بشّر به.

ومن بين عناصر عديدة تحكم التطورات المتوقعة في الأزمة، خصوصاً على المستوى السياسي، أشار برينان، في حديثه عن مستقبل سورية، إلى أن وجود بشار سبب رئيس في تعثر حل الأزمة. ووجه رسالةً إلى موسكو، مفادها بأن تحقيق تقدّم مرهونٌ برحيل الأسد. وللمرة الثانية، ليست هذه المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن صراحةً اختلافها مع موسكو بشأن سورية. وفي كل مرة، يتضح أن الاختلاف ليس عميقاً، ولا يصل إلى حد الصراع أو المواجهة، لا العسكرية ولا حتى السياسية. لذا، لا ينبغي أخذ كلمات برينان، فيما يتعلق برحيل الأسد، على محمل الجد. فقد تكرّر المعنى نفسه، مرات كثيرة بألسنة كبار المسؤولين الأميركيين طوال خمس سنوات، ولم يحدث، في أي مرة، أن تغير موقف موسكو أو صدر من واشنطن ما يصدق تلك التصريحات أو ترجمتها في تفاعلها العملي مع الأزمة. فدائماً كان السلوك الفعلي يجسّد تراجعاً يناقض التصريحات والمواقف المعلنة. بل إن برينان هذه المرة ذهب إلى حد التناقض في التصريح نفسه، فقد رهن التقدم نحو حل الأزمة برحيل الأسد، وأنه فقد الشرعية والحق في قيادة الشعب السوري. وفي الوقت نفسه، استدرك بالقول إن الولايات المتحدة لا تطالب برحيل الأسد فوراً، وإنما بطريقةٍ تسمح بالإبقاء على مؤسسات الدولة السورية، لكي يمكن إعادة بناء البلاد.

وبينما تبادر موسكو إلى "ممارسة" و"فعل" ما تريده في سورية، تكتفي واشنطن بأن "تعلن" و"تؤكد" و"تطالب". وهو ما يمثل، في واقع الحال، إقراراً ضمنياً وتنسيقاً مع روسيا أكثر منه تنافساً أو تعارضاً. والدليل أن الأفكار والمبادرات الموجهة لحل الأزمة سياسياً، منذ أكثر من عامين، روسيا مصدرها ومحرّكها الأساس. وتتم إدارتها بتناغم مع إيقاع تطور العمليات العسكرية، سواء التي تقوم بها موسكو مباشرةً، أو التي تضطلع بها قوات بشار المدعومة إيرانياً.

كان واضحاً أن تدخل موسكو عسكرياً نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، إيذان ببداية التقسيم. وهو ما تأكد لاحقا من التركيز على مناطق معينة وإحكام السيطرة عليها. والتساهل في التعامل العسكري مع مناطق أخرى بعضها أكثر أهميةً وحيويةً من منظور السيطرة على الأراضي السورية، وإبقائها "موحدة". وعندما كانت موسكو تقصف قوات المعارضة السورية، بزعم ضرب نقاط تمركز "داعش"، فإن واشنطن ساندت وبرّرت ولم تعترض. بل رفضت تسليح المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، لتدافع عن نفسها ضد القصف الروسي. ما يؤكد أن واشنطن من البداية تخدع السوريين، وتتلاعب بالمعارضة. وهي لا ترفع يدها في مواجهة موسكو، اعتراضاً أو تحذيراً، وإنما رضىً وترحيباً.

اقرأ المزيد
٣١ يوليو ٢٠١٦
بوش الابن أنهى العراق وأوباما ينهي سوريا

يبدو واضحا استعجال موسكو وطهران لحسم معركة حلب التي يستخدم فيه سلاح الجو الروسي والميليشيات المذهبية التابعة لإيران. الهدف وضع الإدارة الأميركية الجديدة أمام أمر واقع، خصوصا أن أيّا من هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب لا يمكن أن يكون باراك أوباما آخر، أقلّه بالنسبة إلى سوريا.

هل تنجح إيران وروسيا في تهجير أهل حلب من السوريين من حلب؟ يبقى ذلك السؤال المحوري في ظل الرغبة الروسية ـ الإيرانية في الاستفادة إلى أبعد حدود من حال الإرباك التي تعيش تركيا في ظلّها من جهة، وعدم رغبة الرئيس الأميركي في إزعاج إيران، بأيّ شكل كان، حفاظا على ما يعتبره من جهة أخرى الإنجاز الأكبر الذي حقّقه منذ دخوله البيت الأبيض قبل أقل بقليل من ثماني سنوات.

يتمثّل هذا الإنجاز الأوبامي بالملف النووي الإيراني الذي وقع قبل سنة وبضعة أيّام بين إيران والبلدان الخمسة زائد واحدا، وهو في الواقع اتفاق بين طهران والإدارة الأميركية التي تختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط بهذا الملفّ.

معروف أن هيلاري كلينتون ميّزت نفسها عن باراك أوباما في ما يخص سوريا، إذ وعدت بإقامة “مناطق آمنة” يستطيع أن يلجأ إليها السوريون الهاربون من البراميل المتفجرة. كرّرت هذا الالتزام، إضافة إلى إعطاء وعود أخرى إلى من التقتهم من القياديين في المعارضة السورية. بين هذه الوعود الأخرى تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات. يكفي عدد قليل من هذه الصواريخ لقلب المعادلة في حلب ومحيط حلب وفي مناطق سورية أخرى.

تبقى وعود كلينتون وعودا، لكنّها تعكس موقفا مختلفا من ذلك الذي اتخذه باراك أوباما الذي أصرّ على أن يكون مجرّد تابع للإيراني والروسي في سوريا، متجاهلا أن ما يمر به السوريون هو المأساة الأكبر في العالم منذ إطلالة القرن الحادي والعشرين.

من المفيد الإشارة، في هذا السياق، إلى أنّ هيلاري كلينتون لا تؤمن بأنّ من الضروري مسايرة إيران لا في سوريا ولا في أماكن أخرى من أجل حماية الاتفاق في شأن الملف النووي. فمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة تعتقد أنّ لإيران مصلحة في المحافظة على الاتفاق وهي لن تضحّي به أو تنسحب منه في حال تغيّرت السياسة السورية للولايات المتحدة.

أما دونالد ترامب، الذي لا يمكن تجاهل أن لديه بعض الأمل في الوصول إلى الرئاسة، فلديه على الرغم من غموض موقفه في شأن سوريا، رأي مختلف في الاتفاق المتعلّق بالملف النووي الإيراني، إذ يعتقد أنّه “أسوأ” اتفاق من نوعه وقعته إدارة أميركية. وهذا يعني أن سياسته السورية، في حال وجدت مثل هذه السياسة، لن تكون مرتبطة بمصالح إيران وملفّها النووي.

إلى أين نحن ماضون

هناك بكل بساطة انتهازية روسية وإيرانية ليس بعدها انتهازية. حسنا، ماذا إذا استطاع النظام العودة إلى حلب بواسطة القصف الروسي الذي يمارس من الجوّ والميليشيات المذهبية التي تستخدمها إيران في الحرب على الشعب السوري؟ ماذا سيفعل النظام بمدينة منكوبة يكرهه أهلها؟ ماذا سيفعل بمنطقة واسعة كانت في كلّ وقت رافضة للنظام الأقلّوي الذي قاومته بكل الوسائل المتاحة منذ سبعينات القرن الماضي؟

بغض النظر عن السياسة الجديدة لتركيا، وهي سياسة تقوم على التقارب مع موسكو نكاية بالإدارة الأميركية وأوروبا، لن تكون سيطرة النظام على حلب سوى خطوة أخرى تصبّ في عملية الانتهاء من سوريا. فإذا كان باراك أوباما يؤمن بأن الاتفاق مع إيران كان إنجازا بالفعل، ستظهر الأيّام أنّ ما تحقق بالفعل هو الانتهاء من سوريا التي عرفناها. سيعني سقوط حلب مزيدا من التشظي للبلد، بما يؤكد أنّ الهدف الحقيقي للسياسة الأميركية يتمثّل في طيّ صفحة الكيان السوري الذي نشأ في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، بعد طيّ صفحة الكيان العراقي عن طريق إلحاق القسم الأكبر من هذا البلد بإيران. قضى جورج بوش الابن بفضل ضيق أفقه وجهله للمنطقة العربية والتوازنات فيها على العراق، فيما عمل باراك أوباما كلّ شيء من أجل التخلّص من سوريا.

كلّما مرّ يوم، يتكشف حجم التواطؤ على سوريا وهو تواطؤ أميركي ـ روسي ـ إيراني ـ إسرائيلي. الخاسر الأكبر من هذا التواطؤ هو أوروبا التي لم تستطع في أيّ وقت ملء الفراغ الناجم عن الابتعاد الأميركي عن الشرق الأوسط ومنطقة الخليج واكتفاء باراك أوباما بدور المتفرّج على الأحداث والمصفّق لفلاديمير بوتين وسلاح الجو الروسي وللارتكابات الإيرانية التي وفّرت حاضنة لـ”داعش” وغير “داعش” في سوريا والعراق. الأخطر من ذلك كلّه، أن أوروبا ألغت نفسها بنفسها وتحوّلت ضحية الهجرة العشوائية إليها في ضوء ما نشهده في سوريا والعراق وليبيا.

انتصرت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، أم انتصر دونالد ترامب، سيكون مصير سوريا بائسا. حتّى لو امتلكت الإدارة الأميركية كلّ النيات الحسنة، فإن الأضرار التي لحقت بالبلد هي من النوع غير القابل للإصلاح. لا لشيء سوى لأن عدد الذين تهجّروا من بيوتهم كبير جدا، أكان ذلك داخل سوريا نفسها أو إلى دول الجوار، في مقدّمتها الأردن ولبنان وتركيا. من يعيد السوري إلى بيته، خصوصا أنّ اللغة الوحيدة التي يتقنها النظام هي لغة البراميل المتفجّرة، فيما المنطق الوحيد الذي يؤمن به هو منطق إلغاء الآخر. من يعيد بناء البنية التحتية؟

من الصعب تصوّر سياسة أميركية ناجعة في سوريا أو خارجها من دون تنسيق مع أوروبا ومع الدول العربية الأخرى المعنية مباشرة بما يدور في هذا البلد. أن تتبلور مثل هذه السياسة يبقى احتمالا ضئيلا جدا. لا شكّ أن الأضرار التي ستلحق بسوريا جراء معركة حلب ستجعل مهمّة هيلاري كلينتون من النوع المستحيل، فيما ليس ما يضمن أن تكون لدونالد ترامب أيّ هموم سورية من أي نوع كان..

كيف ستوظف سوريا وإيران معركة حلب. يستطيع الطرفان تدمير المدينة، التي هي من أقدم مدن العالم، وتهجير أهلها. وهذا ما يفسّر إعلان موسكو عن فتح أربعة معابر “إنسانية” لأهل حلب. ما لا يستطيعانه هو الإقدام على أيّ خطوة بناءة في أيّ اتجاه كان. مثل هذه الخطوة البناءة مرتبطة أوّلا وأخيرا بالاقتناع بأن “المرحلة الانتقالية” في سوريا تعني قبل أيّ شيء آخر قيام نظام جديد لا علاقة له بالنظام الذي أسسه حافظ الأسد والذي ركيزته الطائفة العلوية. ولكن من قال إن لدى روسيا وإيران غير الخراب تنشره في المنطقة العربية. ماذا فعلت إيران منذ انتصار الثورة فيها غير الدفع في اتجاه إيقاظ الغرائز المذهبية؟

ماذا فعلت روسيا، وقبلها الاتحاد السوفياتي، غير جرّ العرب من هزيمة إلى أخرى وذلك منذ ما قبل الهزيمة المدوية للعام ألف وتسعمئة وسبعة وستين، وهي هزيمة لا تزال المنطقة تعاني إلى اليوم من نتائجها وآثارها والتي لم يكن حافظ الأسد أحد مؤسسي النظام الأقلّوي في سوريا بعيدا عنها؟

اقرأ المزيد
٣١ يوليو ٢٠١٦
التانغو الروسي – الأميركي

في رقصة التانغو الكلاسيكية الرومانسية العتيقة، يُمسك الراقص الرجل بكفّ المرأة المشاركة، ويلف يده حولها باليد الأخرى، وتستمر الخطوات جيئةً وذهاباً، تقدماً وتراجعاً، يجذبها إليه تارة، وتنفر منه أخرى، حتى لا تبقى إلا أناملها بين أصابعه، يدفعها إلى الدوران حوله أو حول نفسها وقد يثنيها أمامه سانداً خصرها بيده. وتستمر الموسيقى ضابطةً إيقاع الخطوات، لكن الزوج الراقص يجد نفسه، أخيراً، في المربع أو الدائرة التي انطلق منها، وتنتهي الرقصة مع توقف الموسيقى وتصفيق الحاضرين، وبنعومةٍ حالمة، يخرج المشاركون بالرقص، مستمتعين سعداء، وتُغلق القاعة أبوابها، مستعدةً لحفلٍ راقص آخر.

كان كلام وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في مؤتمره الصحافي، قبل أيام، وهو يجيب على أسئلة بشأن سورية، وما اتفق عليه مع مرافقه الوزير الروسي، سيرغي لافروف، في هذا الشأن، كان يوحي برقصة جديدة على أنغام البراميل والقصف وصراخ الأطفال والعائلات التي تبتلعها أنقاض الدمار. تشابك ممتع آخر بين الطرفين، والحديث دائماً عن الحالات الإنسانية التي يصفق لها الحاضرون، من دون أن يروا من نتائجها إلا اللوحة الشديدة السواد.

بعد شهور، أو سنة، أو ربما أكثر من اندلاع الثورة السورية، استطاع السيد الروسي إقناع نظيره الأميركي، بأنه المرافق الذي لن يستطيع الاستغناء عنه في الرقص، على وقع موسيقا القصف والخراب السوري. وهكذا بدأ تبادل الأدوار، فحيناً ينقض الروسي قراراً أممياً، وحيناً آخر، يمتنع الأميركي عن الدعم الأمني للشعب المقهور. يقول كيري إن اتفاقاً حصل بينهما، لكن وزير دفاعه ينقضه، ويعلق كيري بأن المرحلة الانتقالية تُنهي الأسد ونظامه، لكن لافروف الذي يقود الخطوات الراقصة يداور الكلام ويعلكه، وتتعجل يده فتلف كيري دورة جديدة. ويستمر الرقص، وتستمر اللقاءات والمشاورات، ويقفان بثبات في مؤتمراتهما الصحافية، تارة هاشّين باشين يرويان النكات، وأخرى جادّين مختلفين واعدين بجولة أخرى، ثم ينفض الحفل، والقصف يستمر والكوارث تتتالى....والمربع الأول يعود فيتلقفهما من جديد.

من الصعب إحصاء عدد زيارات السيد الأميركي للكرملين، وعدد المؤتمرات التي حضرها الاثنان، وتناوبا على اللف والدوران، وإشاعة أجواء الأمل مرة واليأس أخرى. ومن الصعب عدّ المرات التي تناقضت فيها التصريحات الأميركية بين الحذر من الروس وعدم الثقة بهم وبين اعتبارهم الشركاء الموثوقين في حل الأمور، ومن الصعب عد المرات التي نصح الأميركي الثوار السوريين بالحوار مع الصديق الروسي، وقبول مندوبيه محاورين، وبين الوقوف الحازم برفض أيً منهم الدخول في هيئة المفاوضات، كما تُصر الهيئة عليه. كان فهم العلاقة الروسية – الأميركية الجديدة صعباً على السوريين، بل ربما على دول أوربية مهمة في هذا الشأن، فهم يرون العداء الأميركي في أوكرانيا والصواريخ البالستية المنتشرة حول الحدود الروسية ورفض أي وجود روسي في العراق، ويرون، في الوقت نفسه، الابتسامات المتبادلة في سورية، وتجاهل نهر الدماء البشري الذي ينبع من كل مكان فيها، تصم آذانهم أحاديث الحالة الإنسانية، وترى عيونهم كيف تتحول، في كل ثانيةٍ، إلى حالة متوحشة تفترس الأخضر واليابس بينهم.

يُطيل السوريون الغارقون بدمائهم التفكير بما يحدث، فلا المقتول عارفٌ لماذا يُقتل، ولا القاتل يعرف لماذا يَقتل إلا تنفيذاً للأوامر، فاللغة معدومة بينهما، وآلة القتل وحدها التي تتكلم، وجنيف واحد واثنين وثلاثة وربما أربعة لا يُجيب عن أيٍّ من تساؤلاتهم: متى يتفق الطرفان، وتنتهي القسمة، وتنعم أشلاء الأطفال بالدفن؟ هل هناك وعود بكيان كردي شبه مستقل، أو مستقل، يجري رسمه بالدماء السورية، ولم ينته الرسم بعد؟ هل هناك مطالب مجهولة للنظام العالمي المقترح الذي يعاني من ولادةٍ عسيرة تحتاج عملية قيصرية؟ وهل على الشعب السوري وحده دفع الأثمان الباهظة لإخراجه؟

يصرح السيد الأميركي أن اتفاقاً ما تم بينه وبين السيد الروسي، من أجل التنسيق العسكري والحالات الإنسانية، لكنه لن يُنشر للإعلام أو يعرف أولو الأمر به، إلا بعد تنفيذه، خشية من "بارازيت" الإعلام عليه، وشكاً بمصداقية الروس بتنفيذه. ثم يعلن المبعوث الأممي، دي ميستورا، أن اجتماعاً ما سيعقد الشهر المقبل في جنيف، لتدارس "الأزمة السورية"، لكن السوريين يُدهشون من الوقاحة الروسية، في اتهامهم واتهام حلفائهم، بأنهم أشرار ومنافقون وأوغاد، لأنهم طالبوا بتغيير سلطة الأسد الطاغية الفاسدة، ويُدهشون أكثر لليد الأميركية التي لا تزال تتشبث باليد الروسية في استمرارها لصيقة بيد الوقح الحاقد، لافروف، بعد أن لونته أوصاف السيد الروسي بتلك الصفات! ويستمرون في محاولة فك ألغاز التباعد الروسي في كل مكان من الكرة الأرضية، والتقارب في سوريتهم فقط. أدار السوريون ظهورهم منذ زمن لرقصة التانغو تلك، ولم يعودوا شهوداً لها أو عليها ولم تعد تعنيهم موسيقاها القديمة الهادئة، أو الجديدة الصاخبة. أنزلت كوارثهم، منذ زمن، الستار، وباتوا يرقصون ألماً في مأساتهم ...وستارهم دماؤهم فقط، فهل سيشعر الكومبارس والمصفقون والعازفون بأن عليهم أن ينتهوا من كل ما هم فيه، ملَّت الشعوب من رقصهم، ولا تنتظر منهم إلا ما هو أسوأ. وقد بدأت آذانها تستجيب لطبول الأدغال، كي ترقص على وقعها، فلربما ستجد في وحوش الغابة من يملك إنسانيةً أكثر من راقصي "التانغو" المنافقين.

اقرأ المزيد
٣٠ يوليو ٢٠١٦
من الغرق في كابول إلى العَوم في دمشق

لم تمضِ إلا بعض ساعات على إعلان السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتينبرغ، أن «الحلف لا يعتبر روسيا حليفاً استراتيجياً، إلا أنه ليس في حالة حرب باردة معها»، حتى أسرع الرئيس الأسبق، ميخائيل غورباتشوف في التصريح بأن «الحلف الأطلسي يعد العدّة لحرب ساخنة جديدة تخلف الحرب الباردة». تناقض التصريحين السابقين قد لا يشي بنوايا طيبة في كلا المعسكرين، إلا أنه لا ينمّ على كل حال عن احتمال مواجهة حقيقية قد تصل إلى حرب ساخنة، كما أراد غورباتشوف تصويرها، ولو كان الأمر يصل إلى حد الاصطدام الــعسكــري لحدث في مناسبات استفزازية عدة تعمّدت فيها روسيا ليّ ذراع عُصْبة الأطلسي أو إثارة حفيظته في أبسط الأحوال، ابتداءً باحتلالها وضمّها لشبه جزيرة القرم، مروراً بهجوم الانفصاليين الموالين لموسكو على شرق أوكرانيا في ربيع 2014، وصولاً إلى تحليق متكرّر واستفزازي لطائرات روسية فوق سفن حربية للجيش الأميركي في بحر البلطيق.

من نافلة القول إن الموقف الرخو للحلف الأطلسي، على رغم الزخم الإعلامي الذي يروّج عن خطوات صعبة اتخذها الحلف ضد موسكو التي سبق أن ابتلعت جزيرة القرم بين ليلة وضحاها، ثم تمادت في أطماعها التوسعية إلى سورية لتبني قاعدتها العسكرية في منطقة البحر الأبيض المتوسط على الساحل السوري إثر قاعدة البحر الأسود في الجزيرة المحتلة، ذاك الموقف الرخو اخترقته المستشارة الألمانية في تصريحات استباقية قبيل انعقاد قمة الأطلسي، أمام البرلمان الألماني، قالت: «إن سلوك روسيا خلال الأزمة الأوكرانية زعزع حلفاءنا في الشرق إلى حد كبير، فعندما يتم التشكيك بحرمة الحدود وسيادة القانون، فإن الثقة تتراجع».

غياب الثقة بين الأطلسي وروسيا ليس سبباً كافياً ليتمّ الإعلان عن نشر أربع كتائب متعددة الجنسيات في دول البلطيق وبولندا بمحازاة الحدود الروسية مباشرة؛ إلا أن دول الحلف أصبحت تستشعر الخطر الذي يحمله الحلم القيصري التوسعي لفلاديمير بوتين في جولته الجديدة التي قضم فيها جزيرة جارة، وعرّج بجنوده المجنّدة على سورية ليتابع مطامحه في العودة إلى سدّة زعامة العالم من بوابة الحروب المحدودة، لكن الاستثنائية في زمانها ومكانها وأهدافها غير المعلنة. فالمادة الخامسة من معاهدة الناتو، والتي تتعلق بالدفاع المشترك وواجب دول الحلف صد العدوان عن الدول الأعضاء، يتم تفعيلها اليوم من أجل طمأنة الحلفاء في أوروبا الشرقية بأنهم يتمتعون بحماية المظلة الأطلسية من خطر النوايا المبيّتة لموسكو إثر تضخيم عديدها ومقاتليها في غرب الأراضي الروسية.

هذا هو الحال على الحدود الروسية مع دول أوروبا المشرقية، أما إلى الجنوب، وتحديداً في الوجع الحقيقي للروس (السوفيات) المندحرين من أفغانستان، فقد قرر مؤتمر الحلف تمديد مهمة بعثته هناك للعام 2017 والإبقاء على تواجده في أفغانستان بمعدل 12 ألف عنصر. وليست أفغانستان إلا الصورة القديمة الجديدة للصدام بين المعسكرين الشرقي والغربي الذي أدى إلى الغزو العسكري السوفياتي فيها عام 1979، بحجة معاهدة الصداقة والتعاون بين كابول وموسكو، من أجل دحر المعارضة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة والسعودية وباكستان وبريطانيا في ذلك الوقت.

وأكثر ما يخشاه الأطلسيون الجدد هو أن تتكرر لعبة الأطماع السوفياتية الشيوعية البائدة لليونيد بريجنيف لتجد لها موضعاً في العهد الروسي القيصري الجديد لفلاديمير بوتين، على اختلاف المرحلتين في عقيدتهما السياسية لكن باشتراكهما في الأهداف التوسعية، وأن يكون السيناريو الذي أعدّته موسكو لسورية مشابهاً للذي كان لأفغانستان. فالظروف السياسية متقاربة في الحالتين السورية والأفغانية من حيث التدخل الروسي بالسلاح الكامل والثقيل في البلدين وتحت العنوان نفسه و «بطلب من الحكومة الشرعية». وهناك أوجه تشابه أخرى بين الحالتين منها دعم الولايات المتحدة والسعودية للمعارضة السورية في كفاحها الشرعي والعادل الذي يوازي دعمها في السابق للمعارضة الأفغانية ضد الهيمنة السوفياتية، ثم الاحتلال المباشر للبلاد.

فصل المقال يكمن في الموقف الأطلسي الذي ما زال يفتقر إلى المزيد من التمكين، والتفعيل، والتوصيف الواقعي لحجم الأزمة المشتعلة على شواطئ المتوسط، استعداداً لمواجهة الغطرسة الروسية وانتشارها في غير دولة من العالم، الانتشار الذي تحوّل إلى احتلالات حقيقية تمارس فيها قواها العسكرية كل أشكال العنف والتنكيل ضد المدنيين العزل كما هو الحال في سورية. وليس الحوار المرتقب لـ «مجلس الأطلسي - روسيا» بُعيد قمة وارسو سوى قفزة أخرى إلى الوراء لن تخدم قضايا السلام والاستقرار الدوليين، كما يراد بها، بالقدر الذي ستقوي من عضد روسيا وتزيد من كتلة غطرستها في الوقت الذي يزداد الزندُ الأطلسي ارتخاءً. وبينما كان النصيب السوفياتي الغرق ثم الهزيمة في كابول، ربما سيكون القيصر الجديد أكثر حظاً في السباحة والعوم في بحر الدم السوري بغيابٍ مقلق للإرادة السياسية والقوة الرادعة من طرف المعسكر الأطلسي.

اقرأ المزيد
٣٠ يوليو ٢٠١٦
بوتين ومصير الأسد!

الوقائع الميدانية على الأرض في سوريا وتحديدًا في حلب تناقض تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري المتفائلة، التي أطلقها يوم الثلاثاء الماضي، بعد محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، ثم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في فينتيان عاصمة لاوس، عندما تحدث عن أمله في إحراز تقدم للتوصل إلى حل دبلوماسي في سوريا في بداية أغسطس (آب).

في بداية أغسطس.. الآن؟

بينما تواصل نيران القصف السوري وبراميله المتفجرة تدمير ما تبقى من حلب حيث سُويت ستة مستشفيات بالأرض، مع وصول تصريحات المستر كيري!

كان من المثير أن يبدو المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أكثر تحفظًا، عندما أبدى حرصه على عدم تحديد موعد لاستئناف المفاوضات، قبل العودة إلى القرار الأممي رقم 2268 والالتزام الفعلي بما نص عليه من وقف الأعمال العدائية وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين، وهو ما لم يلتزم به النظام وحلفاؤه الإيرانيون والروس، ولهذا قال إنه يأمل بإمكان العودة إلى المفاوضات في جنيف في آخر شهر أغسطس.

لكن للنظام السوري روزنامة أخرى انطلاقًا من حلب تحديدًا؛ ففي حين نقلت الوكالات تصريحات كيري ودي ميستورا عن العودة إلى جنيف، كان الجيش السوري بعد سيطرته على حي الليرمون في شمال غربي حلب، وتشديده الحصار على الأحياء التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، يوجّه الرسائل إلى سكان شرق المدينة، واعدًا بتأمين ممر آمن للراغبين في مغادرة المنطقة، بما يعني ضمنًا أن الرهان على وقف الأعمال العدائية مجرد افتراضات واهمة عند الأميركيين.

والدليل أنه عندما أعلن النظام السوري يوم الأحد الماضي أنه مستعد لاستئناف المفاوضات دون شروط مسبقة ودون تدخل خارجي، وأنه عازم على التوصل إلى حل سياسي للصراع، بدا من جهة أنه يتعمّد تقديم ورقة ضغط لسيرغي لافروف في مفاوضاته مع كيري، ومن جهة ثانية يحاول إظهار رغبته في حل سياسي لكنه يمضي في الحل العسكري مدعومًا من حلفائه.

تكرار رفضه أي شروط مسبقة وأي تدخل خارجي في المفاوضات، يؤكد أنه يتمسك بالصيغة الروسية التي نسفت روح مؤتمر «جنيف 1» لجهة تعمية أي ترجمة تتصل بعملية الانتقال السياسي، التي يفترض أن تضع موعدًا لخروج الأسد من السلطة، وهي العقدة التي تدمر سوريا منذ بداية الحرب قبل خمسة أعوام، على وقع البدايات التي رفعت شعار «الأسد أو نحرق البلد»!

المعارضة السورية ردت سريعًا على عرض النظام التفاوض دون شروط مسبقة بالقول إنها لا تثق به، ليس لأنه أفشل كل الموفدين الدوليين وكل مساعي الحلول وكل جولات التفاوض في جنيف فحسب، بل لأن من الواضح أنه مع حلفائه الروس والإيرانيين، يسعى إلى إحداث تغيير شامل لموازين القوى على الأرض من خلال القصف المكثّف على حلب قبل التوصل إلى حل سياسي يريده وفق رؤيته وشروطه، أي إنه يريد أن تتم عملية التحوّل السياسي تحت مظلته، وتحديدًا عبر إعطاء المعارضة التي يديرها، حصة شكلية في حكومة يطلق عليها اسم حكومة وحدة وطنية، بينما لن تقبل المعارضة بأقل من رحيله في بداية المرحلة الانتقالية! العقدة «الأبدية» التي تتصل بمصير الأسد وموعد خروجه من السلطة أو بقائه فيها ولو مرحليًا، لا تزال غامضة تمامًا، وهو ما أطلق شكوكًا مبكّرة حول إمكان إحراز أي تقدم في المفاوضات المقبلة التي تحدث عنها كيري ودي ميستورا، رغم أن بعض التقارير الصحافية التي وردت بعد محادثات كيري مع بوتين ولافروف في موسكو، ذكرت أن هناك مؤشرات على قرب توصل واشنطن وموسكو إلى تفاهم يحدد مصير الأسد، وأن وضعيته باتت على درجة من الحساسية، وأن هناك تفاهمًا ضمنيًا لن يعلن قبل بدء التفاوض، على ضرورة نزع صلاحياته بعد فترة قصيرة من بدء المرحلة الانتقالية.

في سياق الحديث المتواتر عن هذا التفاهم يندرج مثلاً الإعلان يوم الأربعاء الماضي عن أن وزارتي الدفاع الأميركية والروسية ناقشتا في دائرة تلفزيونية مغلقة أمن الطيران في الأجواء السورية، وأن المحادثات الثلاثية في جنيف بين دي ميستورا ومايكل راتني السفير الأميركي المعيّن في دمشق، ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، ركزت على تفعيل تحرك فريق العمل الخاص بوقف القتال بهدف إحراز تقدم على جبهة مدينة حلب الأكثر اشتعالاً، حيث دمّر الطيران السوري ستة مستشفيات!

في أي حال بدت شحنة التفاؤل عند كيري مبالغًا فيها عندما أبلغ الصحافيين على هامش مؤتمر دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، بأنه يأمل أن يتمكن في مطلع أغسطس «أن نقف أمامكم ونقول لكم ما يمكننا القيام به، مع الأمل في أن يحدِث ذلك فرقًا للشعب السوري وفي مجرى الحرب»، ولكن عندما يضيف قوله «إن الجميع يعرفون أننا نسعى إلى تثبيت وقف الأعمال القتالية، وإيجاد إطار يسمح لنا بالجلوس إلى الطاولة وإجراء مفاوضات حقيقية لإحراز تقدم»، فإنه سيحتاج إلى صدقية روسية هذه المرة في مجال «التعاون المتزايد والتدابير الملموسة» اللذين أشار إليهما، لناحية ممارسة موسكو ضغطًا حقيقيًا على الأسد وحلفائه للالتزام بالقرار 2268، الذي يسمح فعلاً بالعودة إلى طاولة جنيف.

المثير أن كيري كان يتحدث على موجة العودة إلى التفاوض في جنيف بعد وقف للعمليات الحربية، آملاً في إعلان تفاصيل «خطة أميركية للتعاون العسكري الوثيق مع روسيا في شأن سوريا وعن تبادل المعلومات بين الطرفين»، بينما كان الروس يتحدثون على موجة أخرى، وهي الإيحاء برضوخ واشنطن أخيرًا لمطلبهم، الذي حضّ واشنطن دائمًا على قبول هذا التعاون العسكري لكنها كانت ترفض!

على أساس كل هذا وفي ضوء التناقض بين الوضع الميداني الملتهب والتصريحات الأميركية المتفائلة، ليس كثيرًا أن تتسع حلقة التشاؤم عند المعارضة السورية التي تتراجع ميدانيًا في حلب وتعرف جيدًا أن ما لم تحصل عليه في جنيف عندما كانت قواتها على تخوم اللاذقية لن تحصل عليه الآن.

لهذا فإن مهمة دي ميستورا ستستمر في المراوحة عند مقولة «يا حصرمًا رأيته في حلب»، باعتبار أنه بدأ عمله كمندوب أممي في يوليو (تموز) من عام 2014 حاملاً خريطة حلب وداعيًا إلى وقف متدرّج للنار يبدأ منها، لكن الطيران الروسي والسوري جعلا من حلب ستالينغراد الجديدة، والآن عندما يكون باراك أوباما الذي سلم الملف السوري لبوتين، منصرفًا إلى حزم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض، فلماذا يقدم الروس رأس الأسد ثمنًا لحل باتوا يتفرّدون بفرضه وفق روزنامتهم المتشعبة من سوريا إلى أوكرانيا؟

اقرأ المزيد
٣٠ يوليو ٢٠١٦
في رثاء أبطال "داريا" .. لا تعلم الأمة خطورة من تفقد

في داريا هذه الأيام تتجلى فوق داريا غمامة لا يمكن لأحد أن يصفها هي غمامة عبقت بمسك الشهداء وعنبرهم وفاح طيب أرواحهم على الدنيا.

يستشهد الشاب في مدينتي لا تعلم الأمة جمعاء خطورة من تفقد وخطورة من يرحل عنها

يرحل عنها من كان حاملا لوائها مدافعا عن رفعتها وعزتها

يرحل من يركض وراء حرية أمة أنهكها التعب ورضيت الذل والهوان ولم تنقذ من يموت لأجلها

ولكن هذا الشهيد لم يلتفت للخذلان وقرر أن يبقى على مبدأه وأن يعمل ما يرضي ربه

يستشهد من في داريا وقد ترك دراسته ومشروع تخرجه وجامعته ليلتحق بساحات الوغى ومثال واضح لذلك الشهيدين المهندسين محمد أبو أحمد وعمر أبو أنس وكالشهيد عدي أبي يزن الذي ترك دراسته ليكون قائدا شجاعا تشهد له الجبهات بصبره ومقارعته للظلم

ويترك شهيد آخر عمله ليلبي نداء مدينته ويدافع عنها كالشهيد عامر أبو عارف الذي تشهد له كل داريا وكل ذرة تراب فيها ببطولاته ولا تنسى الثورة روحها فيه وأنه أيقونة داريا ورمزها.

لأي مكن لأحد أن يصف شهيدا من داريا ولا يمكن لوصف أن ينصفه

علم طريقه ومشى فيها ونعمت الطريق ونعمت النهاية

يبقى وراء الشهيد ثلة من رفقائه الذين قضوا معه حياتهم ببؤسها وشقاوتها وفرحها يصدمهم خبر استشهاده ولكن يعصبون رؤوسهم بالعزم والإقدام على اللحاق به

لا يريدون اللحاق به مللا من الحياة أو هروبا من واقع مؤلم ولكن لما يعلمون من سعادة هذه الخاتمة

يعتبرون ان الأجر الجزيل من الله عز وجل على جهادهم هو السعادة يتنعمون فيها بجنان الخلد قريبا من أصحابهم وأحبابهم في الدنيا.

ولسان حال مجاهد يجلس الآن عند قبر صديقه الشهيد قائلا يا صديقي (إلى لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان )

رحماك ربي بداريا وأهلها ورحماك ربي فيما بقي وفيمن بقي .

اقرأ المزيد
٢٩ يوليو ٢٠١٦
لماذا لا تفك الفصائل علاقتها بالولايات المتحدة؟

ثمة أسئلة جديرة بأن تطرح، فيما يتعلق بالضجة المثارة حول خطوة العلاقات العامة التي قامت بها جبهة النصرة بإعلانها فك ارتباطها بـ»القاعدة».

تعالوا نبدأ بالتساؤل حول طبيعة ارتباط النصرة التنظيمي بـ»القاعدة»، فمن ضمن ما جاء في بيان النصرة أنه لم يعد لديها ارتباط بـ»جهة خارجية».

وبعيدا عن مناقشة توصيف الجهة الخارجية، هل يصح إطلاقها على علاقات تنظيم ديني عابر للحدود بمرجعيته، دعونا نتساءل من الناحية الحركية والتنظيمية، هل حقا كان لقيادة «القاعدة» في أفغانستان أي دور فاعل ومؤثر في قيادة النصرة داخل ســــوريا؟ الإجابة قطــــعا لا، فالنصرة تقاد كليا من إدارة محلية تتبع للجولاني، وكل محافظة لها قيادتها الخاصة، وكل القرارات العسكرية والحركية تتخذ إما من قيادات القواطع بالإمارات والمحافظات، أو من رأس الهرم في إدلب في أقصى حد، عدا عن أن نعرف أن فروعا للنصرة كالقلمون حيث ابو مالك التل، ظلت تتمتع بهامش كبير من الصلاحيات، وتتأثر بانتماءات عناصرها في كل محافظة، كما يحدث مثلا عندما تهيمن مجموعات من قبيلة الشعيطات على التنظيم في ريف حلب الجنوبي مثلا.

هل كانت النصرة تتلقى أموالا ودعما من «القاعدة» في افغانستان؟ أيضا لا، ولنكن دقيقين، فإن الأموال التي يمكن أن تكون النصرة قد حصلت عليها من خلال علاقاتها بشخصيات ثرية مرتبطة بـ»القاعدة» لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من حجم الاموال التي تحصل عليها النصرة من مواردها المحلية المختلفة في سوريا.

فإذا كان جل القرار السياسي والعسكري يتخذ داخليا، اذن ما هو الارتباط الفعلي الذي كان قائما مع «القاعدة»؟

يبدو أن هذ الارتباط لم يكن سوى غطاء شرعي يبرر للنصرة انفصالها عن تنظيم الدولة لا أكثر، وعندما خف لهيب المعركة مع تنظيم الدولة وتباعدت الجبهات، أصبح بالامكان التخلص من عباءة الشرعية القاعدية تنظيميا على الأقل، بينما ظلت المنطلقات الفكرية لـ»جبهة فتح الشام»، وهو الاسم الجديد للنصرة، نفسها منطلقات القاعدة الفكرية، وهو ما أعلن بالميثاق الذي نشرته، والذي ينص على الاعتماد على فهم السلف وتحكيم الشرع، إلى آخره من ادبيات السلفية الجهادية.

التساؤل الثاني، هو عن مدى نجاعة هذه الخطوة التي لا تعدو «إعلان علاقات عامة»، فاذا كان المرتجى منها هو تجنيب النصرة عداءات في الساحة السورية، فإن الاطراف التي تقود العمل العسكري ضد المعارضة، ابتداء من النظام حتى ايران وروسيا، لا يعنيها أبدا التصنيفات الفكرية، بل تهاجم أي قوة مسلحة تقاوم سلطة النظام السوري، ومنذ بداية الثورة كانت معظم العمليات العسكرية المدمرة في مناطق لا توجد فيها النصرة، بل مجموعات توصف بالمعتدلة، أما إذا كان الهدف مخاطبة القوى الغربية والدول الحليفة لها الداعمة للمعارضة السورية كقطر والسعودية وتركيا، فماذا تملك الدول الغربية من أوراق قوة في الداخل السوري أصلا؟ إذا كانت على مدى الخمس السنوات الماضية فشلت في نصرة حلفائها من الجيش الحر وغيره من الفصائل التي تكاد تكون اندثرت امام تصاعد قوة الجماعات الجهادية غير المرتبطة بها، كالدولة والنصرة وجند الأقصى وبقايا أحرار الشام.

ومتى كان الغرب أو الولايات المتحدة يهمها الانتماء الايديولوجي، فصدام حسين هوجم واحتلت بلاده وهو ليس اسلاميا، وحماس مصنفة كمنظمة ارهابية بالنسبة لامريكا وهي ليست قاعدة ولا متطرفة، بل منتخبة ديمقراطيا، وعبد الناصر عاداه الغرب وهاجمه وهو ليس إسلاميا، والاتحاد السوفييتي الشيوعي كان العدو الأبرز للولايات المتحدة، واذا كان من يظن أن الطرح السلفي هو سبب العداء فهو مخطئ ايضا، فالسعودية تطبق كل مظاهر حكم الشرع من قطع رؤوس وجلد في الساحات العامة وتضييق حريات النساء، ومع ذلك فهي حليفة للولايات المتحدة، ببساطة القضية تتعلق بكونك مواليا للمنظومة الغربية أو لا، بغض النظر عن توجهك الايديولوجي، وكلما كانت المجموعة المسلحة أو الكيان السياسي متمردا على سياسيات الغرب والولايات المتحدة في المنطقة، سيعتبر خطرا ليس على تلك الدول، بل على حلفائهم في المنطقة، من أنظمة ومصالح، وفي جميع الأحوال، فإنه لا يمكن لثوار سوريا والعراق السنة أن يكونوا حلفاء للولايات المتحدة وينجحوا في الوقت نفسه في مجابهة إيران التي قام مشروعها أصلا على بناء قوة تحد لمشروع الولايات المتحدة ونجح بالنهاية في فرض نفسه.

وعندما تنظر للمنطقة تجد أن أكثر الدول والفصائل المسلحة السنية التي كانت مقربة من الولايات المتحدة والدول الحليفة لها، هي الخاسر الاكبر سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، فلماذا الإصرار على ارضاء الولايات المتحدة؟ ببساطة أنها عقول محتلة، لا تستطيع التفكير بمرجعية مستقلة، من دون البحث عن مرشد كبير يقودها، ويقود تفكيرها في تحديد ما هي المصلحة وما هو الإرهاب وما هي المعايير التي يجب تحقيقها لمواجهة تحديات المرحلة.

لعل الطريف هنا، أن الجماعات المرتبطة بامريكا والانظمة العربية هي من يفترض بها فك ارتباطها بتلك الدول، بعدما تبين أن هذا الحلف خاسر في سوريا، بينما الحلف المقابل يحقق تقدما سياسيا وعسكريا، رغم أنه الحلف المعادي للغرب على مدى السنوات الماضية، ولم يفكر اعضاؤه يوما بفك الارتباط بمنظومة الولي الفقيه الايراني.

اقرأ المزيد
٢٩ يوليو ٢٠١٦
"فتح الشام" : القاعدة الجديدة الموجهة ضد الروس .. فهل نحن أمام بن لادن على شكل "الجولاني" !؟

"أعتقد أن بوتين يدرك أنه في ضوء كون أفغانستان لا تزال حاضرة في ذهنه فإن الخوض في مستنقع صراع أهلي غير حاسم ليس النتيجة التي يتطلع إليها"، يبدو أن في هذه الكلمات التي قالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نهاية العام الماضي و بعد أشهر على بدأ العمليات العسكرية في سوريا ، ليس عبارة عن كلمات في الهواء ، إذ في التصريح ذاته كان هناك ثقة لدى أوباما بانضمام روسيا للتحالف الدولي ضد داعش ، و لكنه أتبعها بتحذيرات تذكر بالكابوس "الأفغاني".

المشهد مختلف تماماً بين أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي و سوريا في الوقت الراهن ، هذا الاختلاف الوقتي و العملي لم يغير كثيراً في بنية الصراع بين روسيا و أمريكا ، اذ لم يشهد صداماً مباشراً، بل كان هناك ساحات شهدت صدامات غير مباشرة عبر أدوات يتم تجهيزها لهذه الغاية .

منعاً للإطالة و دخول في صلب الموضوع ، فنحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع الأمريكي الروسي، هذه المرحلة التي يتحضر لها الطرفان بإيجابياتها و سلبياتها، و يضعون بدلاً عن الخطة الواحدة خططاً عديدة، فالخطة السياسية التي تبدأ بداية الشهر المقبل يبدو أن حظوظ نجاحها ضعيفة لانعدام الثقة بين الطرفين ، و ماهي إلا مناورة لاستكمال كل طرف تحضيراتها للانتقال للمرحلة القادمة، و التي ستكون حرب من نوع آخر، و تشبه تلك التي حدثت في الثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان.

و طبعا الاختلاف الزماني بين المعركتين (أفغانستان – سوريا) ، يتطلب تغير بالمسميات وإنشاء كيانات أكثر قدرة على الحركة و التأقلم مع المحيط المتغير (جيوسياسي – عسكري- تقني) ، و توليد قيادات جديدة من النوع الجذاب (عمرياً- شكلاً – فكراً) ، فاليوم نحن أمام مرحلة نسخ القاعدة بالشكل الذي وصلت إليه مع أيمن الظواهري، و ما رافقها من ترهل و ضعف ، وانطلاق "قاعدة" جديدة تماماً بوجوه شابة تذكرنا بشهر آب من عام ١٩٨٨ عندما خرج أسامة بن لادن ليقول للعالم أن هناك راية شاملة للجهاد الإسلامي قد ولدت و ستبدأ عملها في أفغانستان لتحريرها من الماركسيين الملحدين ، وذات الأمر فعل بالأمس "الجولاني" و حدد الأهداف بالشام كهدف مرحلي و أبقى الأهداف الأخرى لمرحلة متقدمة.

إذاً التطورات المتسارعة و شراهة الروس في قضم المناطق لصالح الأسد، ولاسيما حلب، لن يكون بلا رد فعل ، فالخطة تقضي بإيجاد تشكيل عام و شامل يحظى بقبول نسبي لدى الدول ،والأهم يمكِّن الدول الأخرى من تقديم الدعم له دون حاجة للرهبة من الإرهاب ، يتزامن ذلك مع تأسيس كيانات سياسية ظاهرية كـ"طالبان" على سبيل المثال، و كل ذلك سيسير وفق عملية الانتقام من روسيا ، و كسر شوكتها ، وعدم تمكينها من الخروج منتصرة، فهذا يعني انتهاء سلطات أمريكا الغير محدودة ، وتتحول لشريك في إدارة العالم الأمر الغير مناسب لنهج و أفكار أمريكا.

اقرأ المزيد
٢٨ يوليو ٢٠١٦
دور السوريين في الحل

الوضع السوري المأساوي، وازدياد عدد القتلى اليومي، وارتفاع وتيرة التدمير، وتنوع أساليب القتل الوحشي، أحوال تشير إلى أن الطرفين الرئيسيين القادرين على فرض الحل، ووضع نهايةٍ للحرب السورية، لم يتوصلا إلى اتفاقٍ لتقاسم المصالح بعد.

لا يخفى على أحدٍ أن تحوُّل الثورة السورية التي اندلعت سلميةً ضد طغيان عائلة الأسد وفسادها واستبدادها، وكذا المافيا الأمنية الاقتصادية التي تقودها إلى حربٍ طاحنةٍ، تكاد تودي بسورية وشعبها، كان نتاج مصالح إقليمية ودولية متناقضة، وليس نتاج رغبة الشعب السوري في الدمار والموت، على الرغم مما تتحمله المعارضة السورية من مسؤوليةٍ عمّا حصل نتيجة سذاجتها السياسية، وافتقادها الخبرة الكافية لمواجهة قضيةٍ بهذا العمق والتعقيد.

الطرفان الرئيسيان في الصراع على سورية اليوم هما، من دون منازع، روسيا والولايات المتحدة الأميركية، حيث تخوض روسيا وحليفها الإيراني الحرب السورية بشكل مباشر، ضمن تحالف عسكري يضم إيران وحرسها الثوري والمليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والأفغانية التابعة لها، قواتٍ تقاتل على الأرض (نتيجة افتقاد مافيا الأسد قواتٍ بريةً ودعماً شعبياً كافياً)، وروسيا التي تقدّم التغطية الجوية، بينما تحاول الولايات المتحدة التحكّم في موازين القوى بين الحلف الإيراني الروسي وقوات المعارضة المسلحة الكثيرة والمتعدّدة الولاءات، من خلال التحكّم في تسليح هذه القوات وتمويلها، عبر حلفائها في المنطقة.

أصبح واضحاً للجميع مدى تضاؤل دور السوريين في الطرفين في هذه الحرب، وانتقال القرار، في استمرارها أو وقفها، إلى الجانبين، الروسي والأميركي، حيث أصبحت المحادثات والمشاورات حول سورية تجري بينهما، بالتشاور مع حلفاء دوليين وإقليميين لكل منهما، من دون أي وجودٍ للسوريين، سواء من نظام مافيا الأسد أو من المعارضة، تلك المحادثات التي يبدو أنها مفاوضاتٌ حول ملفاتٍ متعدّدة، عالقة بين الطرفين، تشكل سورية أحدها، وليست الملف الوحيد. ومع ذلك، سيتطلب أي حل سياسي في سورية، بالضرورة، توافقاً دولياً، طرفاه الرئيسيان هما الولايات المتحدة وروسيا، الأمر الذي لا يبدو قريباً، على الرغم من الاجتماعات المتكرّرة بينهما، فالإدارة الأميركية التي تحزم حقائبها استعداداً للرحيل ليست في عجلة من أمرها، بل تفضّل نقل الملف، كما هو، إلى الإدارة القادمة، بينما يعتقد الروس أن الأمور عسكرياً تسير لمصلحتهم ومصلحة حلفائهم، على الرغم من تفضيلهم التوصل إلى حلٍّ مع هذه الإدارة، وليس مع خليفتها، خوفاً من التورّط تدريجياً بحرب برية أيضاً بشكل يذكّر بالتورط السوفييتي في أفغانستان.

صاحب المصلحة الوحيد في حلٍّ سريع ينقذ مصيره ومصير وطنه هو الشعب السوري، لكنه، مع الأسف، لا يملك أوراقاً كافية، تجعله قادراً على تسريع عملية التوصل إلى حلٍّ كهذا. لكن، ما الذي على السوريين فعله، لكي يسهموا في حل ينهي مأساتهم؟

على جميع الوطنيين السوريين البدء، وبسرعة، بدراسة واقعية لحال وطنهم وقضيتهم، واختيار أفضل الحلول الممكنة (أو أقلها سوءاً)، والعمل على محاولة إقناع أنفسهم، أولاً، بها، ثم محاولة جمع أكبر عدد من السوريين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية والقومية حولها، ومن ثم البدء بطرحها والتفاوض حولها مع القوى الدولية الرئيسية (روسيا والولايات المتحدة) وحشد ما أمكن من دعم شعبي و إقليمي لإقناعهما بجدواها.

هناك أمران أساسيان على الوطنيين السوريين أخذهما بالاعتبار عند التفكير في أي حل، هما: أولاً، ليس ممكناً إنجاز حل سياسي قابل للتنفيذ في سورية، من دون وضع جدول زمني مضمون التنفيذ، لرحيل بشار الأسد والمافيا الأمنية الاقتصادية التي يقودها، فبعد كل ما ارتكبت هذه المافيا من جرائم، فإن مجرد بقائها في الحياة السياسية (المقصود المافيا الحاكمة والمحدودة العدد، وليس "البعث" حزباً) سيجعل سوريين كثيرين جداً غير مطمئنين، وسيجعل بعض اليائسين والخائفين منهم عرضةً لاستغلال التنظيمات التكفيرية والفكر الطائفي، وبعض الدول التي لا مصلحة لها في استقرار سورية، ولا في دمقرطة نظامها السياسي.

ثانياً، المعارضة السياسية فاقدة الحول والقوة، كما أنه من غير الممكن أن تكون المعارضة المسلحة ذات الصبغة الإسلامية، المتشرذمة والمصطدمة فيما بينها أحياناً، بديلاً مقبولاً لا سورياً ولا إقليمياً ولا دولياً، والإصرار على طرحها بديلاً لمافيا الأسد لن يؤدي إلى تسهيل رحيل مافيا الأسد عن رقاب السوريين، بسبب انعدام ثقة شريحة واسعة جداً من السوريين بها.

لذلك كله، لابد من مرحلٍة انتقاليةٍ تقودها مجموعة حيادية (مجلس عسكري مؤقت، حكومة تكنوقراط......إلخ) قادرة على طمأنة جميع السوريين على مصيرهم ومستقبلهم، وتحظى بدعم شعبي ومساندة دولية، تمكّنها من توحيد الغالبية العظمى من السوريين ضد القوى الرافضة للديمقراطية، سواء كانت هذه هي قوى الاستبداد لمافيا الأسد وداعميها، أو تنظيمات محلية متطرفة أو قوى إقليمية راغبة بالهيمنة على سورية، من خلال السعي إلى فرض نظام سياسي يناسبها.

إن مرحلة انتقالية بضماناتٍ دوليةٍ تقنع السوريين بأنها مؤقتة فعلا، وأنها ستنتهي بالمدى المتوسط (حد أقصى ثلاث سنوات) بانتخابات حرّة تمكّنهم من اختيار شكل دولتهم ونظامهم السياسي الذي يضمن مساواتهم بالحقوق والواجبات، من دون أي تمييز على أساس الدين أو الطائفة أو الانتماء العرقي، ستكون إنقاذاً لسورية دولة موحدةً ومستقرةً ومتصالحةً مع جيرانها ضمن حدودها الدولية المعترف بها، وستحظى برضى أغلبية السوريين وتوحدهم ضد التنظيمات التكفيرية، وتجعلهم جزءاً فاعلاً من الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب.

أي حلول مطروحة لا تؤدي إلى هذه النتيجة لن تكون أكثر من إطالةٍ لمأساة السوريين، وتعميق للتهديد الموجّه إلى وحدة سورية واستقرار المنطقة.

اقرأ المزيد
٢٨ يوليو ٢٠١٦
موسكو التي لا تقبل المقايضة بالأسد

انتهت جميع المُهل والمماطلات الممكنة لتأخير تنفيذ قرار إنهاء الأزمة السورية، المُتخذ باجتماع فيينا منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واقترب يوم المباشرة بالتنفيذ كثيراً. ولم يعد لدى الأطراف الدولية الشريكة بالأزمة السورية أي وقت لتغيير الموازين، فالحصاد تم، ووقت الرجاد حان، وسيقوم الجميع برجد حصاده إلى البيدر استعداداً لتحديد الحصص وفق الغلال. ولن تكون مهمةً بعد اليوم الحسابات التي اعتُمدت خلال سنوات الصراع، فحسابات الحقل، كما هو معروف، لا تُعتمد في البيدر. فالحساب الوحيد الذي سيتم اعتماده بين وزيري خارجية روسيا وأميركا هو حساب البيدر الحالي فقط.

لم يعد لدى الإدارة الأميركية، صاحبة مشروع إنهاء الأزمة السورية المندرج كأحد بنود مشروع القضاء على داعش، الذي اعتمدته فور هجمات باريس يوم ١٣ تشرين الثاني الماضي، سوى ثلاثة أشهر للانتخابات الرئاسية. ويتوجب عليها في هذه الفترة القصيرة تقديم إنجاز خارجي يدعم هيلاري كلينتون، المرشحة الديموقراطية لهذه الانتخابات. هذا فضلاً عن حاجة الرئيس أوباما إلى أن يحقق تقدّماً في حربه التي بدأها على داعش منذ قرابة السنتين ليغطي على ما أظهره التنظيم من قدرة على الوصول إلى غير بلد أوروبي، فضلاً عن تركيا وأغلب دول المنطقة. ولا يكفي الرئيس الأميركي تحقيق ذلك على الأراضي العراقية، على قلة الانتصارات هناك، بل يحتاج إلى تحقيق تقدم في سورية أيضاً. لكنه لا يستطيع ذلك بالقوات الكردية فقط المحصورة في مناطقها، فهو يحتاج إلى قوات عربية يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي فهو يحتاج إلى إنجاز تسوية في سورية تتيح إمكان تعاون بين قوات النظام ومجموعات المعارضة «المعتدلة» لمباشرة معركة القضاء على داعش.

إضافة إلى الزمن الأميركي الضيق فإن اعتذار الرئيس التركي من موسكو عن إسقاط القاذفة الروسية في تشرين ثاني الماضي يساهم كثيراً بإنهاء المناكفات الروسية - التركية، بل من المحتمل أن نشهد إنهاء إشكاليات منطقة حلب وإدلب بعيد اجتماع الرئيسين الروسي والتركي المقبل. بل من المتوقع أن ينجم عن هذا اللقاء تعاون مشترك أوسع بين الدولتين بما يتعلق بالأزمة السورية ناجم عن حاجة الدولتين إلى بعضهما. فتركيا تجد في روسيا الدولة الكبرى الوحيدة الصامتة عن إجراءات اجتثاث معارضي حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد فشل الانقلاب العسكري في تركيا قبل أيام. وذلك في مواجهة عدم الرضا الأوروبي والأميركي عن هذه الإجراءات، الذي يأتي ليزيد في فتور العلاقات الأميركية - التركية القائم منذ بعض الوقت، والذي ظهر بوضوح خلال مجريات معركة عين العرب (كوباني) قبل نحو السنتين. كذلك يزيد في فتور العلاقة بين تركيا وأوروبا التي ظهرت خلال المحادثات في موضوع اللاجئين.

روسيا بالمقابل تحتاج إلى تركيا لتُضعف أثر الاعتراض الأوروبي على دورها التنسيقي مع الولايات المتحدة. فقد حاولت بعض الدول الأوروبية، في مقدمتها بريطانيا وفرنسا، متعاونة ومستقوية ببعض الدول الإقليمية، كالسعودية وتركيا، الاعتراض على تهميش دورها من قبل الولايات المتحدة التي تقوم بتنسيق عال مع روسيا. فعقدت خلال الشهرين الماضيين اجتماعين أولهما في باريس وآخرهما في لندن قبل أيام، حيث أبدت رغبة متواضعة بألا يترشح بشار الأسد للانتخابات المقرّة في نهاية المرحلة الانتقالية، وفق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤. متجاهلة بالمطلق مواقفها من موضوع الأسد خلال السنوات الخمس الماضية، بخاصة فرنسا التي كانت منذ ٢٠١١ تقول لنا بملء الفم: «رحيل الأسد شرط لبدء العملية السياسية»، ضاربة بعرض الحائط ما كنا نقوله: «يجب أن يكون رحيله نتيجة للعملية السياسية»، ظناً منا أن ذلك يمكن له أن ينجي البلاد من الخراب والدمار.

لا بد أن المصالحة الروسية التركية لعبت دوراً كبيراً في موضوع مشكلة جبهة النصرة، المشكلة التي كانت تعيق مفاوضات جنيف وفق اعتقادنا، خلال المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في زيارته إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي واجتماعه «النوعي» مع وزير الخارجية الروسي. هذا على رغم أنه لم يتم الإعلان عن نتائج هذا اللقاء وتم الاكتفاء بالتسريب المقصود لوثيقة اتفاق تقني روسي - أميركي، لأنه لا يجوز الإعلان عن محادثات بخصوص النصرة غير آليات القضاء عليها كونها مصنفة جهة إرهابية بالقرارات الأممية ذات الصلة. لكن أغلب الظن أن الاتفاق كان على من له الحق بالاستيلاء على مواقع النصرة بعد تصفيتها (وفق تسريبات) أو القضاء عليها.

من المفترض ألا تعنينا كسوريين العلاقة الروسية - التركية، ولا الإيرانية - السعودية، ولا غيرها من العلاقات أو الصراعات بين الدول، إلا ما يؤثر منها في أزمتنا في شكل مباشر. فليس لدينا أي نقص في المشكلات يجعلنا ندخل في لعبة الاصطفافات الدولية الرجراجة. فعندما نقول، أو نقرّ، بأن محصّلات الصراع في سورية تجعل من روسيا الرابح الأكبر في التصفيات الحالية، فلا يعني هذا ترحيباً بها، ولا يعني أيضاً اتهاماً لها. بل هو مجرد توصيف لواقع الحال في البلاد، واستدعاء لوضع آليات للتعامل مع الظرف الجديد.

فبالنظر إلى طبيعة العلاقة القائمة الآن بين موسكو ودمشق يبدو أنها باتت بحكم وصاية مُحكَمة من موسكو على دمشق تقارب وضعية انتداب غير مسمّى. وهذا يستدعي منا كسوريين، أن نعرف كيف علينا التعامل مع هذا الواقع بمسؤولية تترفع عن لوم روسيا واتهامها بالمحتل، وتُقلع عن العتب على النظام أو محاولة إثبات عدم أهليته لإدارة تحالفات دولية تحافظ على السيادة الوطنية. إذ من المعلوم أن جميع تجاربه مع الدول الأخرى أثبتت أنه لا يستطيع أن يقيم علاقات طبيعية أو ندية، مع أي دولة، لهذا نراه إما يعاديها ويسبّها أو يخضع لها تابعاً صاغراً، كحاله الآن مع إيران وكما كان حاله سابقاً مع قطر أو تركيا.

لهذا فإن تمسك موسكو بالرئيس الأسد ليس خدمةً له بل تثبيتاً لمكانتها الجديدة في سورية. هذه المكانة التي ترى أنها تخدمها جيداً في مساعيها لتأكيد تموضعها الدولي كدولة عظمى، وليس كدولة غنية من خلال مقايضة الرئيس الأسد بـ «حصة في الشرق الأوسط» تجعل منها «قوة أكبر بكثير بالمقارنة مع الاتحاد السوفياتي»، وفق عرض وزير الخارجية السعودي.

فإن صح اعتقادي بأننا ذاهبون خلال الأسابيع القليلة المقبلة إلى تسوية سياسية باتّة تنهي مرحلة الصراع العنفي المنفلش في سورية، لتنقلنا إلى مستوى آخر من الصراع لم تتبدّ مظاهره في شكل واضح بعد، فإن علينا أن نعرف كيف نستفيد من تجربتنا المريرة في السنوات الخمس الماضية. فإن كنا نحن من بدأ هذه الحرب بمحض غبائنا وجهلنا، وعجِزنا لاحقاً عن إنهائها، فلنقبل الآن، بمرارة، أننا لسنا نحن من يرتب مرحلتنا الانتقالية المقبلة، لكن علينا أن نعمل منذ الآن لنكون سادة خواتيمها

اقرأ المزيد
٢٧ يوليو ٢٠١٦
سوريا: جمع «الأرصدة» والمفاوضات التقنية

واشنطن وموسكو، تكثّفان جهودهما، للتوصل الى «تفاهمات» حول سوريا، تشكّل «رصيداً» مضموناً، للمرحلة القادمة التي تبدأ مع انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية. في قلب هذا المسار، الاجتماعات الدائمة بين وزيري الخارجية جون كيري، وسيرغي لافروف، تركّز هذه المباحثات، على إنجاز اتفاق حول القضايا المتفق عليها، أو القابلة للاتفاق، وترك القضايا الخلافية الى مرحلة لاحقة.

«القيصر» فلاديمير بوتين، مطمئن الى أنه سيدير الملف السوري ضمن «سلة» ملفاته الكبرى، لأن لا منافس له الآن وغداً. لذلك يمكنه المناورة وتنفيذ خططه، وهو مطمئن بأنه قادر على ضبط حركاتها وكأنه يلعب «الشطرنج» حيث كل حركة مدروسة في خدمة «الملك». المهم بالنسبة له إضعاف خصومه وتقوية وجوده!

المشكلة عند الرئيس باراك أوباما. لم يبقَ أمامه أكثر من مائة يوم من السلطة الفعلية. بعدها تبدأ عملية التسلم والتسليم حتى تكتمل في مطلع كانون الثاني من العام المقبل. من حق الرئيس أن يعمل وكأن خليفته هيلاري كلينتون مرشحة «الحزب الديمقراطي«. كلينتون تعرف الملف السوري جيداً، لكن التعامل معه من موقع «الرئيس» مالك القرار، مختلف جداً عن موقع وزيرة الخارجية التي لها رأيها لكنه في النهاية خاضع للقرار الرئاسي، وقد أثبتت اليوميات والتطورات تراجع كلينتون - الوزير أمام أوباما - الرئيس. من واجب أوباما «الديموقراطي» حزبياً دعم مرشحة حزبه عبر تسهيل مهماتها المستقبلية. من جهة أخرى على الرئيس أوباما، ترك «رصيد» للرئيس المنتخب حتى ولو كان الجمهوري ترامب، حتى لا يتهم بزرع الفراغ، وعرقلة رئاسة الولايات المتحدة الأميركية!

يجتمع الخبراء الأميركيون والروس غداً، لبحث «التفاصيل التقنية لاتفاق كيري-لافروف. معنى ذلك أن الطرفين أصبحا يملكان «خطة مشتركة تتضمن نقاط الاتفاق والاختلاف».

يشكل هذا تقدماً مهماً بعد الانكماش الأميركي عن التدخل، وتمدد روسيا بعد نزولها على الأرض السورية بكل قوتها بحيث أصبحت «اللاعب» الأول ميدانياً، مما أهّلها لأن تمسك بالقرار وتدير «اللعبة» مع الايراني والإسرائيلي بما يخدم استراتيجيتها. قاعدة موسكو الأولى التي توحي بها وكأنها لم تغير موقفها من مصير بشار الأسد انها «لا تدعو الى رحيله ولا تتمسك ببقائه». ترجمة هذا الموقف سياسياً انها تريد «ثمناً« مرتفعاً له. النقطة الثانية في المفاوضات التقنية هي، ببذل جهود مشتركة:

[ وقف إطلاق النار.

[ استئناف المفاوضات، وهنا يقال أنه قد تتم العودة الى المفاوضات في مطلع أيلول المقبل.

الغريب والعجيب في كل ذلك، أن مصير الأسد مطروح. الخلاف حول صيغته، أما هو نفسه، فإنه يستعجل بعد تحقيق عدة مجازر وتقدم ميداني غير ثابت، لأن يكون «شريكاً في التفاهمات الروسية الأميركية». علماً أنه في كل مفاوضات لا يمكن للأطراف المتفاوضة سوى تقديم «تنازلات مؤلمة»، طالما أن الحسم العسكري ممنوع إن لم يكن مستحيلاً. لأن أي نصر حاسم إلغاء لوجود الطرف المهزوم وهذا غير ممكن لأن الحرب في سوريا هي «حروب مصالح» بالوكالة وليست «حرب وجود» سواء لموسكو أو واشنطن أو لكل الأطراف الاقليمية المشاركة.

هذه المرحلة، تشكل مرحلة انتقالية. جميع الأطراف والقوى، تعمل على أخذ موقع متقدم لها على طاولة المفاوضات لاحقاً. لذلك يلاحظ التكثيف الميداني للأطراف. ليس بالضرورة أن يكون ذلك محصوراً في «الملعب» السوري، طالما أن كل «الملاعب» و»الميادين» مفتوحة على بعضها البعض، بحيث يصبح التسجيل في ميدان بعيد مثل ليبيا (انخراط فرنسا البري في الحرب) جزءاً من جمع النقاط والأرصدة للمفاوضات المقبلة. حتى الأسد يحاول كسب نقاط سياسية، في تقديم نفسه «محارباً» ضد «داعش» والارهاب.

السؤال الكبير، الى متى سيسمح «داعش» ومعه هذا الارهاب الأسود، للعالم بأن يتابع تصفية حساباته في الشرق الأوسط؟ «داعش» دخل كل المنازل في العالم. الرئيس أوباما، لم يقتنع أن دوائر النار المتروكة عن قصد لتحرق الأخضر واليابس في منطقة الشرق الأوسط، ستطلق من تحت الرماد إرهاباً يكون فيه ارهاب «القاعدة» نكتة سوداء أمامه. إرهاب «القاعدة« كان يمكن ضبطه وتوقع الكثير من عملياته، لأن غرفة عمليات تديره وتوزع مهماته. إرهاب «داعش» حرّ، متى استلب عقلاً، نهايته جريمة سوداء.

«الذئاب» المتوحشة والحاقدة تعمل بلا توجيه، إنجاز زرع الخوف والرعب ونشر الموت يتم بلا تكليف مباشر ولا معنون. «الذئب» يختار الهدف وينفّذه. هذا الإرهاب مرعب لأنه لا يمكن القضاء عليه، مهما جرى من عمليات مبرمجة ضد «رؤوسه».

من الضروري وضع خطط واضحة ومبرمجة لتنفيذها على مساحة الشرق الأوسط، لإطفاء نار الإرهاب الفردية الصاعدة من اليأس والألم والإيمان بأنه لا مستقبل لأهله خصوصاً الشباب منه على هذه الأرض.

مثل هذه العملية يجب أن تجمع شيئاً من «الأوبامية» الرافضة للحرب الشاملة، مع الكثير من النوايا والإرادات الحسنة وبرامج التنمية والتعليم التي تؤمن بأن هذا الشرق ليس مجرد ثروات تُحمَل ولا «مستودعاً» للشرور يجب اقفاله جيداً على المتقاتلين حتى الموت، لأن الموت يستجلب الموت!

اقرأ المزيد
٢٧ يوليو ٢٠١٦
إنقاذ حلب والمدن السورية

حصار مدينة حلب وقصف النظام الدموي والمجرم مستشفياتها ومستوصفاتها يطرحان مسألة إفادة مجلس الأمن والأمم المتحدة. منذ ١٧ تموز (يوليو)، حاصر النظام السوري المدينة كلياً وكثف القصف عليها مستهدفاً أربعة مستشفيات. فالأطباء الشجعان والمسؤولون عن القطاع الطبي والممرضون هم في الخط الأول في الحرب الوحشية التي يشنها النظام على مدنه الباسلة لتدميرها وللقول للعالم أنه يحارب من أجل البقاء على كرسي الرئاسة، في بلد خربه وقتل وهجر الملايين منه.

فقد أغلق النظام جميع طرق حلب منذ أيام لخنق سكانها وقصف مستشفيات البيان والحكيم والزهرة والدكاك ومركز بنك الدم. والعالم يسكت عن جرائم نظام كان يجب وقفها منذ بدأ القصف بالطائرات والبراميل في مطلع حرب بدأت بتظاهرات سلمية من أجل الحرية ومكافحة الفساد وانتهت بتدخل روسي إيراني لحماية نظام مجرم شتت شعبه وأنهك مدنه. فلاديمير بوتين ونظام المرشد الإيراني و «حزب الله» يتحملون مسؤولية كبرى عن استمرار هذه الحرب المدمرة ومحاصرة المدن السورية وقصف المستشفيات والأطباء والأطفال والمدنيين. و «حزب الله» الذي يدّعي مقاومة إسرائيل ينتهج نموذج من يسميه عدوه الإسرائيلي في المشاركة في محاصرة المدن وقتل المدنيين والأبرياء. أما إدارة باراك اوباما التي لا تبالي بإجرام النظام السوري وشركائه، فهي تسكت عما يحدث في سورية لأنه بلد بعيد عن مصالحها، علماً أنه نظام شجع ظهور «داعش» الذي يهدد العالم العربي والغربي، ما يذكر بقول أحد قادة «حزب الله» في بداية الحرب السورية أن بشار الأسد لن يرحل إلا بعد أن يحرق سورية والمنطقة معه. واليوم هو أساس الإرهاب «الداعشي» المصدر الى الغرب. فالعنف الذي يستخدمه النظام إزاء شعبه بمساعدة الشريك الروسي والإيراني اللبناني، يؤدي الى تجنيد تطرف وإرهاب يساوي وحشية نظام الأسد.

إن سكوت العالم عن حصار حلب وتجويع المدينة ومنع إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين والأطباء فضيحة. فالعالم لا يسكت عن انتهاكات اردوغان لحقوق الإنسان بعد محاولة الانقلاب عليه والسكوت شبه عام عن حصار حلب من معظم أعضاء مجلس الأمن، باستثناء بعض الأصوات ومنها السفير الفرنسي في نيويورك.

نداء أطباء حلب لإنقاذها ينبغي أن يكون له صدى عالمي، لأنه نابع عن وضع مفجع لأطباء تم استهدافهم من نظام خانق. فقصف النظام المجرم أدى الى مقتل آخر طبيب أطفال في حلب هو الدكتور محمد وسيم معاز في ٢٨ نيسان (ابريل) خلال قصف مستشفى القدس، وفي ٢١ تموز أصيب طبيب القلب الدكتور عثمان هجاوي بجروح خطيرة نتيجة غارة جوية على المدينة وقال الدكتور عزيز وهو جراح في مدينة حلب أن القطاع الطبي في المدينة على وشك الانهيار وأن حلب ستحرم قريباً جداً من أي خدمات طبية. ومنذ ٢٠١١ عند بداية الحرب في سورية، قتل أكثر من ٧٠٠ طبيب سوري وذلك وفق رئيس لجنة تحقيق الأمم المتحدة البرازيلي باولو بينيرو. فكيف يسكت العالم عن هذه الجرائم ولا أحد من الدول الكبرى يعمل لإيقاف القصف القاتل؟ هل نحن أمام دفن إنسانية السياسيين في الدول الكبرى التي باستطاعتها أن توقف الجرائم ضد الإنسانية. أنقذوا حلب والشعب السوري قبل أن يفوت الأوان وتتحول دول العالم الى معاقل إجرام بدأ يظهر ويزداد يوماً بعد يوم.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢١ مايو ٢٠٢٥
بعد سقوط الطاغية: قوى تتربص لتفكيك سوريا بمطالب متضاربة ودموع الأمهات لم تجف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٠ مايو ٢٠٢٥
هكذا سيُحاسب المجرمون السابقون في سوريا و3 تغييرات فورية يجب أن تقوم بها الإدارة السورية
فضل عبد الغني" مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
١٦ مايو ٢٠٢٥
شعب لا يعبد الأشخاص.. بل يراقب الأفعال
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٥ مايو ٢٠٢٥
لا عودة إلى الوطن.. كيف أعاقت مصادرة نظام الأسد للممتلكات في درعا عودة اللاجئين
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٤ مايو ٢٠٢٥
لاعزاء لأيتام الأسد ... العقوبات تسقط عقب سقوط "الأسد" وسوريا أمام حقبة تاريخية جديدة
أحمد نور (الرسلان)
● مقالات رأي
١٣ مايو ٢٠٢٥
"الترقيع السياسي": من خياطة الثياب إلى تطريز المواقف
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٥ مايو ٢٠٢٥
حكم الأغلبية للسويداء ورفض حكم الأغلبية على عموم سوريا.. ازدواجية الهجري الطائفية
أحمد ابازيد