مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٦ فبراير ٢٠١٨
مطلوب وقف الجرائم في سورية

من يتابع كوارث نتائج الحرب السورية على البلد وشعبه وجرائم رئيس اتفق العالم أنه باق في هذه المرحلة ولا يجب التطرق إلى رحيله من أجل الحل، يتساءل عن جدية قرارات مجلس الأمن وإلزامها بشأن استخدام السلاح الكيماوي. سمعنا في ٢٠١٣ أن الرئيس الأميركي باراك أوباما امتنع عن ضرب القواعد الجوية السورية وأنه في المقابل اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن بشار الأسد وحكومته سيدمران السلاح الكيماوي. وتم تبني قرار في مجلس الأمن وضع جدول زمني لتسليم وتدمير السلاح الكيماوي تبعاً لقرار منظمة منع التسلح الكيماوي. وكما هو متوقع، لا بشار الأسد ولا فلاديمير بوتين يباليان بأي التزام دولي.

فمنع استخدام السلاح الكيمياوي في سورية كما قرارات اجتماعات آستانة حول ما سمي بالعمل من أجل تخفيف التصعيد في أماكن الحرب السورية القاتلة أصبحت أوهاماً. مراسل مجلة «بلد» الألمانية جليان روبكي الذي يغطي الحرب السورية غرد أن ٢٢ مدنياً معظمهم أولاد قد اختنقوا في شرق الغوطة جراء استخدام نظام الأسد غاز الكلورين الذي تم قصفه بصواريخ كاتيوشا روسية. وقد لعب النظام الإيراني دوراً مهماً في تزويد النظام السوري بغازات السارين والخردل. وقالت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون نزع التسلح أمام مجلس الأمن أول من أمس أن منظمة منع استخدام السلاح الكيمياوي تدقق في استخدام النظام السوري السلاح الكيمياوي.

لكن في هذه الأثناء يقع الشعب السوري تحت قصف طائرات وصواريخ النظام الكيمياوية وغيرها. ويقول الدكتور زياد أليسا رئيس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية لسورية، إن المدن السورية تتعرض لهجوم بمعدل كل ٢٤ ساعة وهي جرائم حرب تستهدف الأطباء الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى والمرضى. وتعرضت منطقة سراقب في إدلب إلى هجوم بالكلور.

وحدها فرنسا تحركت من أجل جمع دول تتخذ قرارات صارمة ضد استخدام السلاح الكيمياوي. وكان الرئيس ترامب قد أعلن لدى تسلمه منصبه أراد أن يظهر أنه مختلف عن سلفه أوباما وقصفت قواته مركزاً عسكرياً في سورية انطلق منه هجوم كيمياوي. بعد ذلك توقفت الولايات المتحدة عن الضغط ومنع الهجمات الكيماوية مكتفية بانتقاد الجانب الروسي لأنه لم يف بالتزامه.

إن ترك بشار الأسد يتصرف بمثل هذه الوحشية من دون أي رادع ما دامت روسيا وإيران راضيتين يمثل شكلاً من الإجرام العالمي بحق الشعب السوري. وينبغي أن يدرك التحالف الدولي ضد «داعش» أن هذا التنظيم من صناعة نظام سوري وحشي اعتمد القتل والتعذيب نهجاً له وأن «داعش» تعلم على أيديه الملطخة بالدماء، فالحرب ضد «داعش» لا يمكن أن تنتهي ما دام العالم يقبل بقاء الأسد وممارساته واستخباراته التي عرفها لبنان لعقود مريرة. وأمس، عندما كانت بريفي إيرينياك تتحدث أمام الرئيس ماكرون عن جريمة قتل زوجها كلود إيرينياك في كورسيكا، واستشهاد ماكرون بقول صديق زوجها إن نسيان الجريمة هو جريمة بحد ذاته كانت أذهان المراقب العربي تعود إلى جرائم النظام السوري القائمة في بلده حالياً والتي سبقتها جرائم شهداء لبنان الذين قاوموا عائلة الأسد منذ جريمة كمال جنبلاط أيام الأسد الأب ثم جريمة قتل الرئيس رفيق الحريري في عهد الأسد الابن. ولسوء حظ سورية ولبنان فإن محاسبة المجرمين لم تتم ولن تتم لأن العالم يفضل التناسي لكن، وكما قال صديق كلود إيرينياك نسيان الجريمة هو جريمة. فليعِ المجتمع الدولي أن مسؤوليته إيقاف هذه الجرائم بقوة وحزم وليس عبر مؤتمرات عقيمة مثل سوتشي وآستانة وغيرهما من مسرحيات روسية عنوانها بحث عن حل سلمي وهي بالفعل تكريس موقع روسيا في سورية. أخطأ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بالمشاركة في مسرحية سوتشي وكان التصعيد على الأرض في ذروته. فالمرجو من الإدارة الأميركية أن تعود إلى حزمها السابق عندما قصفت مراكز استخدام الكيمياوي لأن العقوبات لم تعد تكفي.

اقرأ المزيد
٦ فبراير ٢٠١٨
سورية الديموقراطية غير الطائفية!

منذ انطلاق الثورة السورية، وعلى امتداد منعطفاتها الصعبة ومحطاتها الحرجة، طرحت عشرات الأفكار والمبادرات ونوقش العديد من «السيناريوات» المحتملة، وكان «التقسيم» حاضراً في كل ذلك، يتقدم ويتأخر بحسب الوقائع على الأرض وزاوية النظرة وما تعتمده من مدافعات ومرافعات، وكان «سيناريو» التقسيم يستند في تحليله على فشل المعارضة والنظام في تحقيق انتصار يرغم المهزوم على الإذعان لشروط المنتصر، وزاد من قوة حجة القائلين به انتقال القضية من مسألة شعب ثار ضد جلاديه إلى «ملف دولي» دخل في تعقيد «المقايضات» الإقليمية والدولية، ولم يعد الهدف الأساس معالجة التناقض بين تلبية حق الشعب السوري في رفض الظلم وتمسك النظام بالبقاء.

ومن الواضح غياب العرب عما يجري الآن في سورية، كما تغيب المعارضة المستقلة عن المشاركة في تمثيلية «سورية الديموقراطية غير الطائفية القائمة على المواطن المتساوية» كما أعلن عنها «محركو العرائس» في سوتشي الروسية. وبات الحديث عن حلول تضمن وحدة الأراضي تحت ظل نظام ديموقراطي كلام لا يستحق الالتفات إليه، بل يثير الشفقة والاشمئزاز من رافعي لافتاته، فالواقع السوري يقول إن مشروع التقسيم يجري تنفيذه، عملياً، على أرض الواقع، فالمنطقة الشمالية، غرب نهر الفرات بين إقليم اسكندرون وجرابلس، تعمل فيها تركيا بهمة ونشاط للسيطرة عليها حماية لحدودها ومنع قيام أي وجود يتعارض مع هذه السيطرة، ومنطقة الساحل أصبحت تحت الوصاية الروسية بعد أن بنت فيها قواعدها البحرية والجوية، والولايات المتحدة تعمل، من خلال أدواتها الكردية، لإحكام سيطرتها على منطقة شرق الفرات لتبقى قريبة من العراق الذي لا تريد الخروج منه على رغم تغلغل إيران في مفاصله، وبقي نظام بشار، وغطاؤه الإيراني، مسيطراً على غالبية المدن الكبرى، على رغم ما يواجهه من جيوب مقاومة لم تمكنه روسيا من القضاء عليها قبل «ترتيب» الصورة الختامية وتوزيع المكاسب على العاملين النشطاء في الميدان، وهناك، على هذه الخريطة الممزقة، ندوب المنظمات الإرهابية والمتطرفة المتعاونة مع النظام، تعاطفاً أو خوفاً أو حاجة، موزعة على أكثر من بقعة، والجزء الوحيد الذي يبقى متأرجحاً حيران هو الجزء الجنوبي الذي لم يتقرر مصيره بعد، وهو أكثر أجزاء سورية تأثراً بما يجري على الساحة الفلسطينية.

هذه الخريطة الجغرافية والديموغرافية، هي ترجمة للمواقف السياسية للدول الموجودة على الأرض، فمنذ التحرك الروسي وخطواته العملية وتراجع الدور الأميركي وتبدل الموقف التركي، بعد سوء العلاقة مع واشنطن وآثارها على دول المنطقة ومواقعها من القضية وما يتصل بها من مسائل إقليمية، تحركت القوى الثلاث (روسيا - تركيا – إيران) لترتيب ملفات القضية، وتولت روسيا زمام المبادرة وجلست في مقعد القيادة للالتفاف على قرارات المجتمع الدولي ولحماية حلفائها الجدد والأقدمين من قرارات مجلس الأمن، ووعدهم بالحصول على ما يطمحون إليه، وكان من الواضح أن المرحلة اقتضت من كل طرف إعادة حساباته وتعديل مشاريعه وفق المعطيات الجديد، فطهران ستكتفي «بجائزتها» التي استماتت في سبيلها وجوعت الشعب الإيراني من أجلها وهي المحافظة على نظام الأقلية في دمشق، الذي يصل أسبابها بالضاحية الجنوبية في بيروت ويضمن استمرارها مع تثبيت الجسور الممتدة من بغداد، وهي في هذه المرحلة بدت وكأنها مقتنعة بما حصلت عليه من «القيادة الروسية» بعد أن كانت تريد «التهام» كل شيء وإظهار انتصارها على مفهوم «الأمن العربي» الذي فقد حقيقته وتأثيره على الواقع بسبب حال الضعف التي مزقت أوصاله وأوهنت عزائم أهله وفرقت كلمتهم.

وتركيا، التي أعلنت مراراً أنها لا تريد التوسع، سمح لها بالتحرك على الأرض السورية لتأمين ما تقول إنه ضرورة لأمن حدودها الجنوبية، وهي الحركة التي تضيف إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة، عقداًَ جديدة تشجعها المواقف الروسية والإيحاء الإيراني الذي يستفيد من توتير العلاقة بين أنقرة وواشنطن في ظل التصعيد الذي يلوح به ترامب، وبدت أنقرة، في هذه المرحلة، بعد اختفاء العرب من المشهد، أنها مناصرة لجيش سورية الحر الممثل للمعارض المستقلة، وهي، في الحقيقة، لا تطمع في أكثر من تأمين حدودها الجنوبية والاحتفاظ بتفهم روسيا لهذا الهدف والالتقاء مع إيران في الموقف المعارض لقيام أي كيان كردي على حدودهما. وتبدو واشنطن، هي الأخرى، تريد نصيبها من «سورية المقسمة» في الواقع، المحتفظة بعنوان: «وحدة الأراضي»، على رغم أنها عملياً ماضية في سياسة أوباما الذي سلم كل الملف إلى بوتين في صفقة تتصل بأوروبا الشرقية.

ولا يحتاج المراقب إلى كبير جهد ليفهم لماذا اقتصرت المرحلة الأخيرة من ترتيب أوضاع سورية على روسيا وتركيا وإيران؟ ولماذا اختفى الصوت العربي من المشهد؟ الأمر في غاية الوضوح: القضية دخلت مرحلة «التصفية» وتقسيم الغنائم ومن ليس له قدرة على أخذ سهم فليس له مكان، حتى إن مسار المفاوضات الجديد «المفروض» على السوريين الذي بدأ بآستانة وذهب إلى «سوتشي» لم تراع فيه موسكو أصدقاءها العرب القدماء والمتطلعين إلى بناء علاقات جديدة معها، وتدعوهم إلى هذا المسار الذي ألغى، واقعياً، «مسلسل جنيف» الذي رعته الأمم المتحدة، وإذا بها تذهب لتعطي مؤتمر «سوتشي «مشروعية» أممية ما كان يتمتع بها، وتمهد ليكون بديلاً ينسف المبادئ المقررة منذ «جنيف1»!

أمام هذه الصورة يصبح الحديث عن سورية الديموقراطية الموحدة غير الطائفية المعتمدة على المواطنة المتساوية ضرباً من الأحلام والأماني أو العبث المراد به «الاستهلاك» والتغطية على عجز الأمم المتحدة وإطلاق يد روسيا، ومن قبل أن يسير في ركابها بحكم المصالح أو الظروف، لتمرير أجندة باتت ملامحها واضحة.

سورية «الديموقراطية القائمة على المواطنة المتساوية» تتطلب أكثر مما يجري حالياً على أرضها، تحتاج عودة الملايين المهجرين إلى بيوتهم ومناطقهم وإعادة بسط الأمن وتوفير الاستقرار إلى ربوعهم قبل الحديث عن أي ترتيبات تفضي إلى انتخابات، وإذا توافرت الأسباب الموضوعية لانتخابات حرة نزيهة فإن نتائجها، قطعاً، ستخالف التقسيم الواقع على الأرض، وهذا معناه، عملياً، أن «جوائز» المنتصرين ستذهب من أيديهم وهو مخالف لطبيعة الأشياء، فلن تفرط روسيا في مكاسبها، ولن تتنازل طهران عن «جائزتها»، وستتمسك تركيا بنصيبها، وتتشبث واشنطن بحق حلفائها الأكراد في ما تحت أيديهم. وهكذا يبدو التقسيم هو الواقع حتى وإن تغطى بعناوين الوحدة والمساواة.

اقرأ المزيد
٦ فبراير ٢٠١٨
كيف تُصاب دباباتنا بصواريخ صنعها "حلفاؤنا"؟

في الحقيقة نتلقى الضربات من الخلف..

لا أتحدث هنا عن الضربات في ميدان القتال، وإنما الضربات التي نتلقاها في الحقيقة من "حلفائنا".

على سبيل المثال، الصاروخ المضاد للدبابات "ميلان"، وهو إنتاج ألماني فرنسي مشترك..

قدمت الحكومة الألمانية ثلاثين قطعة من هذا السلاح إلى قوات البيشمركة في شمال العراق. وكتبت مجلة دير شبيغل في 2015 إن هذه الأسلحة انتقلت إلى يد حزب العمال الكردستاني.

وبحسب خبير الشؤون الدفاعية التركي محمد آغار فإن الحزب الإرهابي يمتلك 150 قطعة من هذا السلاح. فهل من الممكن تفسير الفارق الكبير في العدد بأن الحزب اشترى هذه الصواريخ من تجار السلاح؟

بحسب خبراء متابعين، فإن هذا النوع من الأسلحة لا يمكن أن يصل إلى أي تاجر سلاح كان، وحتى ما يصل منها لا يمكن بيعه إلى أي جهة دون إعلام ألمانيا.

فماذا يمكن أن يكون رد برلين، التي رفضت تحديث دبابات تركية بسبب عملية غصن الزيتون، على هذا التعليق؟ أم أن برلين لا تشعر بالإنزعاج حيال إصابة دبابات باعتها لحليف لها، على يد مجموعات إرهابية تستخدم سلاحًا من صنع ألمانيا؟

ليلة السبت الماضي نشر موقع "Anha" وهو من مؤسسات الدعاية التابعة لحزب العمال الكردستاني، مشهدًا ظهرت فيه مؤخرة أحد الأسلحة المضادة للدبابات، التي استخدمت في استهداف إحدى الدبابات التركية. ومن خلال هذا المشهد أُتيحت الفرصة لتحديد ما هية السلاح. الشيء الملفت للانتباه أن الموقع الرئيسي للدعاية للحزب الانفصالي نشر المشهد نفسه لكن دون أن يظهر السلاح المذكور فيه.

فما السبب يا ترى؟

يبدو أنه بات من الضروري إضافة صواريخ تاو أمريكية الصنع، وكونكروس روسية الصنع، والصواريخ الصينية إلى صواريخ ميلان.

من المعروف أيضًا أن الولايات المتحدة اشترت الأسلحة الروسية من بلدان حلف وارسو السابق، ومنحتها إلى حزب العمال الكردستاني.

يقف في مواجهتنا تنظيم إرهابي مقر قناته التلفزيونية في سلوفينيا، وموقع الدعاية الخاص به في هولندا، وتنتشر الجمعيات التي تؤمن له الدعم المالي والبشري في فرنسا وألمانيا.

الأمر الأكثر هزلية أو خزيًا هو أن جميع هذه الدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي.

ستواصل تركيا كفاحها لوحدها، حتى وإن استمر حلفاؤها بطعنها من الخلف..

اقرأ المزيد
٦ فبراير ٢٠١٨
الرؤية التركية للحل في سوريا

مع ازدحام الأجندات الدولية المتعلقة بحل الأزمة السوريةمن جنيف إلى أستانا إلى سوتشي، وفي ظل تعقّد الوضع الميداني وتعثّر المسار السياسي؛ تبرز أهمية الأدوار التي تلعبها كافة الأطراف الفاعلة والمؤثرة في القضية السورية.

تطور وأولويات


على مدى السنوات السبع الفائتة، بنت تركيا سياساتها إزاء القضية السورية اعتماداً على ثلاثة عوامل رئيسة؛ هي: تطورات المشهد الميداني، وتجليات المقاربة الدولية للأزمة، وانعكاسات الوضع الداخلي في تركيا.

بدأت الأحداث بسوريا في مارس/آذار 2011 على شكل احتجاجات شعبية، ما لبثت أن تطورت سريعاً إلى ثورة شعبية، ثم إلى ثورة مسلحة تأثُّراً بالتعامل الأمني من النظام والدعم الإقليمي الذي وصل إلى السوريين.

ومع تفاقم الخيار الأمني للنظام وارتفاع سقف التدخلات الخارجية؛ تحولت سوريا -بمرور السنوات- إلى حرب بالوكالة، ثم إلى ساحة صراع دولي بأيدٍ محلية وإقليمية، وتفلتت إمكانات الحل من أيدي السوريين وتعلقت بالمنابر الدولية.

وبناء على ذلك، وبالتفاعل مع عوامل أخرى مهمة؛ انتقل الموقف التركي وتدرّج من حث بشار الأسد على الإصلاح في البدايات الأولى مرفقاً مع دعم المطالب الشعبية، إلى تبني المعارضة السورية وتقديم الدعم لها ابتداءً من 2012، إلى المطالبة برحيل الأسد حتى 2015 حين تحولت إلى قبول الحل السياسي المتمثل في مسار جنيف ثم أستانا، بما شمله من رضا ضمني عن بقاء الأسد فترة انتقالية ولكن ليس في سوريا المستقبلية.

ليست تركيا قوة عظمى، لكنها أيضاً ليست دولة عادية وقليلة التأثير في القضية السورية. تملك أنقرة عدة أوراق قوة تجعل من الصعوبة بمكان استبعادها من آلية الحل في سوريا أو تجاهل مصالحها بالكامل.

فهي دولة إقليمية مؤثرة ومجاورة لسوريا، وحدودها المشتركة معها تعطيها الكثير من الميزات، إضافة لاستضافتها ثلاثة ملايين مواطن سوري على أراضيها. وتبقى أهم أوراق تركيا هي علاقاتها الجيدة ونفوذها لدى طيف واسع من المعارضة السورية السياسية والعسكرية، ووجودها العسكري بسوريا عبر "درع الفرات" والآن "غصن الزيتون".

تصوغ أنقرة موقفها من القضية السورية وسبل حلها وفق أولويات ثلاث: أولاها تأمين وقف إطلاق نار يشمل عموم الأراضي السورية، بما يشكّل الأرضية لحل سياسي، ويوقف استنزاف مختلف الأطراف، ويتيح الفرصة لعودة قسم مهم من اللاجئينالسوريين وبدء أعمال الإعمار.

الأولوية الثانية هي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومنع تفعيل سيناريوهات التقسيم والتجزئة، بما يخدم سوريا ودول الجوار وفي مقدمتها تركيا. بينما تتمثل الأولوية الثالثة في منع تشكيل دويلة أو ممر باسم القومية الكردية يديره حزب الاتحاد الديمقراطي أي الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني المُدرَج على قوائم الإرهاب التركية والأميركية والأوروبية.

تعتبر أنقرة مشروع الدويلة الكردية خطراً مباشرا على أمنها القومي، باعتبارها حاجزاً سياسياً وجغرافياً بينها وبين سوريا والعالم العربي، وبما قد تمثله من منصة لإطلاق عمليات للعمال الكردستاني نحو أراضيها، كما حصل في شمال العراق منذحرب الخليج الثانية، إضافة لانعكاساتها السلبية على الملف الكردي داخل تركيا.

وهكذا، أصبح منع إنشاء الدويلة الكردية بوصلة للسياسة التركية بشأن سوريا، والناظم لمختلف القرارات والسياسات المتعلقة بها، خصوصاً عند المفاضلة بين المسارات والقرارات.

تدرك أنقرة أهمية التنسيق مع موسكولاستمرار وجودها على الأراضي السورية بشكل سلس ومقبول ودون تحديات حقيقية، خصوصاً في ظل إطلاقها عملية "غصن الزيتون" الدائرة حالياً، لكنها أيضاً تعرف أن علاقاتها الجيدة مع المعارضة السورية السياسية والعسكرية هي أهم أوراق قوتها على المدى البعيد.

ولذلك فهي تعمد إلى نوع من التوازن أو المواءمات بين تفاهماتها مع روسيا بما لا ينهي المعارضة تماماً، ودعمها للأخيرة بما لا يضر التفاهمات مع موسكو.

كذلك، تعي أنقرة أهمية وقف إطلاق النار واستتباب الأمن فيمناطق خفض التصعيد، لكن ليس على قاعدة غض النظر عن تقدم المشروع الكردي على حدودها الجنوبية، وهو المشروع الذي أثبتت تركيا أنها عازمة على عرقلته بغض النظر عن الظروف ومواقف مختلف الأطراف.

ومن منطلق أولوية مواجهة مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي؛ أتت عمليتا درع الفرات في أغسطس/آب 2016، وغصن الزيتون في يناير/كانون الثاني 2018، لمنع التواصل الجغرافي بين الكانتونات الكردية في الشمال السوري وتضييق مساحات سيطرتها الميدانية، وتأمين الحدود التركية، وتقويض مقومات إنشاء الدويلة، وقفل الباب أمام إمكانية وصولها لمياه البحر المتوسط كشرط رئيسي لاستقلالها التام.

رؤية مستقبلية


تبدو خيارات تركيا بالغة التعقيد على رقعة الشطرنج السورية؛ فهي متوجسة من شريكتها الإستراتيجية أميركا، ومضطرة للتفاهم مع خصمها التقليدي روسيا، ومنفتحة بشأن التعاون مع النظام السوري لمواجهة المشروع الانفصالي الكردي، ومرغمة على الموازنة بين حليفها الميداني (المعارضة السورية) وشريكها السياسي (موسكو)، الذي هو أيضاً وللمفارقة الداعم الرئيسي لخصم حليفها الميداني.

تبدو الأمور متناقضة ظاهرياً في سوريا، إذ يؤكد الجميع ضرورة ووحدانية الحل السياسي، بينما يسعون جميعاً لزيادة المكاسب الميدانية والانتصارات العسكرية، باعتبار أن مساحة السيطرة الميدانية تنعكس بشكل طردي على أوراق التفاوض في جنيف وأستانا ثم أخيراً في سوتشي.

ويبدو مؤتمر سوتشي مثالاً نموذجياً للحسابات الدقيقة التي تجريها أنقرة لمواقفها وكأنها تسير في حقل ألغام؛ فلا هي تريد إفشال المؤتمر ابتداءً بما يغضب الشريك الروسي، ولا يناسبها نجاحه تماماً بما يجمع كل الأوراق في يد موسكو.

والحل كان -فيما يبدو- مشاركة متدنية المستوى، وتنسيق مع المعارضة السورية للمشاركة المشروطة التي استحالت انسحاباً، وهو ما عنى انعقاد المؤتمر لإرضاء روسيا، لكن مع عدم إنجاحه ضماناً لموقف متوازن.

تتفق أنقرة مع موسكو على ضرورة الحل السياسي واستحالة الحسم العسكري، لكنها تريد ذلك وفق مسار جنيف وتحت مظلة الأمم المتحدة، وليس وفق مسار سوتشي وبرعاية روسية متفردة. وهو اختلاف جوهري ورئيسي ألقى بظلاله على مؤتمر سوتشي شكلاً ومضموناً وبجهود تركية واضحة البصمات، وهو أيضا مرشح للاستمرار والتكرر مستقبلاً.

والسبب الرئيسي في ذلك أن التفاهمات والتنسيق مع كل من روسيا وإيرانليسا مبنيّيْن على أسس تحالف إستراتيجي، بل على مصالح ومخاطر وهواجس مشتركة في مقدمتها معارضة السياسة الأميركية في سوريا.

ويعني ذلك أن الإطار الثلاثي بين أنقرة وموسكو وطهرانتكتيكي وليس إستراتيجياً، وسيبقى دوماً معرضاً لاحتمالات الاضطراب والتذبذب، خصوصاً أن التفاهمات مبنية على أسس الاختلاف والتمايز ودعم أطراف متناقضة في المشهد السوري.

ولكن، وفي ظل تمسك واشنطن بإستراتيجيتها القاضية بالبقاء مدة طويلة على الأرض السورية وبالتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية؛ فإن الإطار الثلاثي مرشح لمزيد من تعميق التعاون، وهو ما يمكن أن يحمل على المدى البعيد أفقاً لتحالف إستراتيجي لمواجهة أميركا ومحورها في سوريا وربما المنطقة.

وبالعودة إلى أولوية أنقرة في سوريا، أي مواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي؛ فإن غايتها حالياً هي تأمين عملية "غصن الزيتون" وإدامة شبكة الأمان السياسية لها، بالتفاهم والتنسيق مع روسيا وبدرجة أقل مع إيران.

إذ لا تستطيع أنقرة التخلي تماماً عن الحذر والركون للعلاقات الجيدة مع موسكو وطهران، باعتبار أن المواقف مرشحة دائماً للتبدل (كما حصل سابقاً) في ظل صراع المصالح والتحالفات المتشابكة. ويبقى سيناريو "التوريط" في عفرين أو غيرها قائماً كاحتمال بالنسبة لصانع القرار التركي، ولذلك تبدو خطواته في "غصن الزيتون" بطيئة بهدف التحوّط والحذر، وتجنباً لخسائر كبيرة في المدنيين كما تقول أنقرة.

ختاماً، تريد أنقرة حلاً سياسياً وفق مسار جنيف وتحت مظلة دولية، يأتي إثر هدوء ميداني شامل في سوريا، لكن دون مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي المصنَّف لديها منظمة إرهابية. وتدرك تركيا أن عناصر القوة الميدانية، وليس العلاقات الدبلوماسية ولا التفاهمات السياسية، هي طريق الاشتراك في رسم المسار المستقبلي لسوريا.

سوريا المستقبلية بالنسبة لتركيا هي دولة تعددية موَّحدة دون تقسيم أو فدْرلة، بحكومة قوية قادرة على حماية حدودها وتأمين جيرانها، ومعترفة باستحقاقات الأمن القومي للجارة التركية، ومحتضنة لكل لاجئيها ونازحيها.

وإلى أن يتحقق ذلك، تسعى أنقرة لتحصين نفسها بنفسها، وحل مشاكلها بيدها، ومنع استهدافها بقواها الذاتية، والمناورة في مساحات الخلاف والاختلاف بين موسكو وواشنطن، أي بتطبيق القول المأثور الذي ردّده الرئيس التركي مراراً: "تركيا تقطع حبلها السُّرِّيَّ بنفسها".

اقرأ المزيد
٦ فبراير ٢٠١٨
عن سياسة أميركية جديدة في سورية

غابت السياسة الأميركية تماماً في سورية، في ظل هجمة عسكرية ودبلوماسية روسية، عبر سيطرتها التامة على مسار أستانة، وبناء تحالف سياسي – عسكري مع تركيا، لضمان تأثيرها على المعارضة السورية المسلحة في الشمال السوري. ولذلك، حاول وزير الخارجية الأميركية، ريكس تيلرسون، في جامعة ستانفورد يوم 17 يناير/ كانون الثاني 2018 تقديم ما أسماها سياسة الولايات المتحدة الجديدة تجاه سورية. في خطابٍ، مثل عودة محدودة للسياسة الأميركية في الملف السوري، لكنها تبدو محدودة وجزئية، إذ لم يتطرق الوزير لمسار أستانة، ولو أنه تحدث عن ضرورة الحفاظ على تخفيض العنف في مناطق خفض التصعيد، كما أقرتها مفاوضات أستانة. ولم يشر من قريب أو بعيد إلى مؤتمر سوتشي، في موقف يعكس تحفظاً أميركياً من خطوات روسيا الأحادية في فرض أجندتها السياسية على المسار السوري. حيث عملت روسيا، بشكل منهجي، على إفشال المفاوضات التي تعقدها الأمم المتحدة في جنيف، عبر دفع وفد النظام السوري إلى إثارة قضايا هامشية، وعدم الدخول بجدية في أية مفاوضات سياسية حقيقية بشأن المرحلة الانتقالية، أو الدستور أو الانتخابات، كما أقرها مجلس الأمن في القرار 2254.

 

في المقابل، وكما أن الخطاب حدد أهدافاً سياسية واضحة، مثل العمل على بناء سورية موحدة ومستقلة وديمقراطية، وضمان عودة اللاجئين، وتنفيذ القرار 2254، لم يشر تيلرسون إلى الخطوات التي يمكن أن تتبعها وزارته، لضمان تحقيق هذه الأهداف، في ظل سيطرة الجانب الروسي على المسار السياسي في أستانة، ولا جدوى المحادثات أو عقمها تماماً في جنيف، أظهر تيلرسون دعمه المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، لكنه لم يتحدث، لا بالسلب أو الإيجاب، عن مسار جنيف الذي لم يصبح له أي تأثير أو معنى، وهو حقيقة بحكم الميت، من دون رغبة الأطراف في إعلان ذلك. وفي الوقت نفسه، لم يشر الوزير الأميركي إلى أية خطوات دبلوماسية جديدة، يمكن أن تلجأ إليها الولايات المتحدة في المستقبل، لضمان تحقيق هذه الأهداف، وهو ما يدفع كثيرين إلى القول إن هذه الأهداف ربما تتحول تماماً إلى سياسة الولايات المتحدة التي أعلنها الرئيس السابق، باراك أوباما، في أغسطس/ آب 2011، وهي أن الرئيس السوري، بشار الأسد، فقد شرعيته. وما زال المسؤولون الأميركيون يرددون الكلمات نفسها، من دون أن يكون لها معنى على صراع فقد فيه أكثر من نصف مليون سوري حياتهم، كما شرد أكثر من سبعة ملايين لاجئ، فضلاً عن أن نحو ثمانية ملايين نازح شردوا من بيوتهم وقراهم داخل سورية، ويمنع عليهم الخروج أو اللجوء، بسبب إغلاق دول الجوار حدودها مع سورية، ومنع عبور أي لاجئ إلى أراضيها منذ سنتين أو أكثر، بسبب استضافة هذه البلدان ملايين من اللاجئين، ولا تستطيع أن تتحمل أكثر من هذا العدد.

 

ولا شيء يظهر حجم المأساة السورية اليوم أكثر من تعداد الأرقام المخيفة التي تكشف واقع الاقتصاد السوري اليوم، فحسب الموازنة التي قدمتها الحكومة السورية أخيراً، تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار عام 2010 إلى نحو 30 مليارا عام 2017. ولترتفع خسائر الحرب عن 275 مليار دولار بحسب إحصاءات سورية رسمية، وكلفة إعادة الإعمار عن 300 مليار دولار، بحسب منظمات دولية. ويقول تقرير للأمم المتحدة، صادر في سبتمبر/ أيلول 2017، إن نحو 85 % من السكان في سورية فقراء، منهم 6.7 ملايين سوري، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون مساعدة إنسانية طارئة، بعد أن ارتفعت الأسعار بمعدل 1100% وتثبيت الأجور عند 30 ألف ليرة (نحو 75 دولارا). وذكرت دراسة البنك الدولي أن 6 من بين كل 10 سوريين في فقر مدقع. وفي السنوات الأربع الأولى، فقد نحو 538 ألف وظيفة سنوياً، ما نتج عنه وصول عدد السوريين الذين لا يعملون، أو غير المنخرطين في أي شكل من الدراسة أو التدريب، إلى 6.1 ملايين شخص. وبلغ معدل البطالة بين الشباب 78%، لتترتب، وعلى المدى الطويل، على هذا الخمول في النشاط خسارة جماعية لرأس المال البشري، ما يؤدي إلى نقص في المهارات.

 

وتوضح الأرقام أن سورية ربما تحتاج إلى أكثر من 30 عاماً للتعافي، والعودة إلى وضعها الاقتصادي ما قبل عام 2011. هذا إذا توقفت الحرب تماماً هذا العام، وبدأت عمليات إعادة الإعمار على قدم وساق، بعد ضمان الاستقرار الأمني بشكل تام، وفي كل الأراضي السورية. وكل متابع للحرب السورية يعرف أن كل هذه التمنيات هي من ضرب الخيال تماماً. ولذلك يبدو الشرط الذي كرّره تيلرسون أن الولايات المتحدة لن تساهم في جهود إعادة الإعمار في سورية إذا لم تبدأ المرحلة الانتقالية في سورية ما بعد الأسد مؤثراً للغاية، في ظل مؤشرات الاقتصاد السوري، سيما أن الموقف الأوروبي يساند هذا الموقف الأميركي ويدعمه، وهو ما ردّده وزير الخارجية الفرنسي. لكن يبقى السؤال إن نظام الأسد الذي اتخذ قراراً واضحاً في استخدام سلاح الجو السوري، بكل قدراته وإمكاناته لقصف القرى والمدن السورية، هل سيكترث لقدرته أو عدم قدرته على إعادة الإعمار، لا تبدو هذه الورقة ضاغطة بشكل كاف على نظام الأسد، ليقبل بالعروض السخية من الولايات المتحدة وأوروبا، من أجل تمويل عمليات إعادة الإعمار في المدن السورية المدمرة والمهجرة.

اقرأ المزيد
٥ فبراير ٢٠١٨
مساهمات الجيش السوري الحر خلال عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون

صرّح "ميهميت آكف بيركير" نائب الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري في ولاية "كلس" التركية ببيان لصحيفة "نيويورك تايمز" معلّقاً خلاله على عملية غصن الزيتون التي تنفذها القوات المسلحة التركية في بلدة عفرين السورية، وأفصح فيه عن معارضتهم للحرب إلى جانب صعوبة التعبير عن ذلك، لأن التعبير عن أي شعور ضد عملية عفرين في الزمن الذي ارتفع فيه الفخر الوطني سيؤدي إلى ردود فعل كبيرة.

وعند تحليل البيانات الصادرة عن نوّاب حزب الشعب الجمهوري ضد الجيش السوري الحر نتوصّل إلى النتيجة التالية:

يفرغ نوّاب حزب الشعب الجمهوري غضبهم على الجيش السوري الحر لأنهم لا يستطيعون فعل ذلك تجاه القوات المسلحة التركية، ولا تقتصر المسألة على ذلك، بل يشير وصف نوّاب حزب الشعب الجمهوري لعناصر الجيش السوري الحر بـ "قطيع الكلاب" إلى وجود عداء عميق تجاه العرب أيضاً، إذ لا يوجد تفسير آخر لما وصفه النوّاب بحق الجيش السوري الحر الذي يضحي بدمائه إلى جانب تركيا، في حين لم يسبق أن استخدموا هذا التعبير في وصف بي كي كي الذي سفك دماء الشعب التركي لسنوات عديدة.

بحثت طويلاً عن سبب واقعي يفسر شعور الكراهية الذي ينمّيه حزب الشعب الجمهوري تجاه الجيش السوري الحر، في حين أن الأخير قد حارب إلى جانب القوات التركية في عملية درع الفرات ضد تنظيم داعش الإرهابي وقدم عشرات الشهداء خلالها، كما يستمر في الوقوف إلى جانب القوات المسلحة التركية خلال عملية غصن الزيتون ضد بي كي كي مقدماً العديد من الشهداء أيضاً، كما أنه لم يظهر أي تصرّف يتسبب بإزعاج الحكومة التركية، ويتخذ خطواته في ظل الإدارة التركية وتوقعاتها والاتجاهات التي حددتها مسبقاً، كما أظهرت التحليلات الأخيرة حول التطورات الجارية أن الجيش السوري الحر قد ساهم كثيراً في الحفاظ على أمان الأراضي التركية، ونظراً إلى هذا الواقع لم أتمكن من إيجاد سببا مقنع لهذا الحقد والغضب الذي عمّ في أرجاء حزب الشعب الجمهوري تجاه الجيش السوري الحر والعرب.

نحن نتحدث عن أشخاص يزعمون منذ عشرات السنين إلى الآن أن العرب قد خانوا القوات التركية خلال الحرب العالمية الأولى، ويظهرون عداءهم ل لعرب في كل فرصة، ونتيجة لذلك لا يبدون أي اهتمام للجيش السوري الحر الذي سار في المقدّمة وجعل من نفسه دروعاً بشريةً من أجل حماية القوات التركية خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون.

يزعم حزب الشعب الجمهوري أن ذكر القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر في الإطار ذاته لا يليق بالجيش التركي، لكنهم لا يدركون أن تنفيذ عملية غصن الزيتون التي تهدف إلى تغيير النظام في بلدة عفرين يحتاج إلى التعاون مع السوريين أيضاً، لأن ذلك يمثل ضرورةً  سياسية واجتماعية ونفسية ودبلوماسية.

ونقلاً عن زعيم لحزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو":

"يريدون تقديم النجاح الذي حققته القوات المسلحة التركية في الآونة الأخيرة لعناصر الجيش السوري الحر، لكن لماذا يختبئ الجيش التركي خلف الجيش السوري الحر؟ هذا أمر مزعج بالنسبة لنا، ونشعر بالأسى تجاه ذكر الجيش التركي إلى جانب الجيش السوري الحر، وإن أرادت الدولة التركية تنفيذ عملية عسكرية فيتوجّب عليها الاعتماد على قواتها المسلحة فقط دون التعاون مع أي جهة أخرى".

خلال عملية درع الفرات قدمت القوات المسلحة التركية ما يقارب الـ 70 شهيداً، في حين قدم الجيش السوري الحر ما يقارب الـ 60، أما خلال عملية غصن الزيتون فقد كان ثلاثة أرباع الشهداء ينتمون للجيش السوري الحر، نحن لا نفرّق بين الشهداء ونعتبرهم جميعاً في سبيل الله والإسلام، لكن حزب الشعب الجمهوري يفرّق بينهم.

لذلك يجدر بنا توجيه هذا السؤال لكليجدار أوغلو: ماذا كنتم ستفعلون لو أن الجيش السوري الحر لم يشارك في هذه العمليات وبالتالي كان جميع الشهداء من القوات التركية؟.. بالطبع كنتم ستلومون الحكومة التركية على دعمها للجيش السوري الحر منذ بداية الحرب في سوريا، كما ستثيرون الفوضى بحجة أن الجيش التركي ينفذ عملية عسكرية في الأراضي السورية بينما يكتفي الجيش السوري الحر بالمشاهدة.

اقرأ المزيد
٥ فبراير ٢٠١٨
أميركياً ... أسبوع ناجح لبوتين

لو كانت هناك حرب باردة بين روسيا والولايات المتحدة، لكان هذا الأسبوع سجل منعطف فوز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظراً إلى حال التخبط الأميركي داخلياً بين أخطاء دونالد ترامب والانقسامات والسجال الدائر بين الاستخبارات ووزارة العدل من جهة والبيت الأبيض واليمين في الكونغرس من جهة أخرى.

أميركا بقوتها العسكرية والاقتصادية ليست في سباق مع روسيا كما كانت مع الاتحاد السوفياتي منذ أربعة عقود، إنما سياسياً فأن القوة العظمى شهدت تراجعاً ملحوظاً في موقعها سياسياً واستخباراتياً أمام موسكو في الأيام الأخيرة، انعكس في قرارات اتخذها البيت الأبيض ومشهد مليء بالفوضى داخلياً.

الإثنين الماضي كان موعد فرض عقوبات جديدة تطاول صناعات عسكرية روسية وشركات دولية تشتري منها، وذلك بحسب قانون «كاتسا» الذي صادق عليه الكونغرس في آب (أغسطس) الفائت لمعاقبة روسيا لتدخلها في الانتخابات الأميركية. كما دعا القانون إلى فضح أسماء ومسؤولين مقربين من بوتين وإصدار لائحة من وزارة الخزانة لتعريفهم. إنما خلافاً لما طلبه الكونغرس، تراجعت إدارة دونالد ترامب ولم تفرض عقوبات جديدة، واكتفت بإصدار لائحة بأسماء ١٣٦ شخصاً مقرباً من بوتين.

تفسير وزارة الخارجية الأميركية لعدم فرض العقوبات هو أن التهديد بفرضها يكفي اليوم ويشكل رادعاً قوياً بكبح روسيا وحشرها سياسياً واقتصادياً. في اليوم ذاته، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» مايكل بومبيو للإذاعة البريطانية، أن محاولات روسيا للتدخل والتجسس في الولايات المتحدة «لم تشهد تباطؤاً منذ ٢٠١٦» وتوقع أن تستمر هذه المحاولات في الانتخابات النصفية للكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وهنا التناقض في منطق الإدارة، كيف تقول الخارجية إن لا حاجة لعقوبات جديدة لأن الحالية تردع روسيا، في حين تؤكد الاستخبارات أن روسيا ليست مقوضة اليوم ومحاولات تدخلها في الشأن الأميركي (السبب الأول للعقوبات) مستمرة؟

التفسير الأكثر إقناعاً لعدم فرض العقوبات هو تحاشي واشنطن التصعيد مع روسيا، وخض الواقع الأمني والحسابات الحالية سواء في أوكرانيا أو في سورية، وهو تزامن مع زيارة مدير الاستخبارات الروسية سيرجي ناريشكين إلى واشنطن ولقائه بومبيو.

مكسب روسيا الثاني هذا الأسبوع كان أقل وضوحاً ويأتي ضمنياً من السجال الداخلي الدائر أميركيا بين الاستخبارات الأميركية والجمهوريين في الكونغرس ومعهم البيت الأبيض حول ملف تدخل موسكو والتحقيق الفدرالي في ذلك. ترامب اختار كما سلفه ريتشارد نيكسون مواجهة مكتب التحقيق الفدرالي (أف بي آي) ورفع السرية عن مذكرة يوم الجمعة تفيد بأن المكتب اعتمد على مذكرة عميل بريطاني سابق موله الديموقراطيون لحوز معلومات حول روسيا وحملة ترامب.

مواجهة البيت الأبيض مع الاستخبارات بهذا الشكل العلني ما كان ليحلم بها بوتين منذ عامين، فهو لم ينجح فقط في التدخل في الانتخابات الأميركية بتغذية الانقسامات الداخلية، بل باتت هذه الانقسامات والمعارك الحزبية أشرس بعد الانتخابات، وأسلوب ترامب يقوض مباشرة عمل «أف بي آي» ووزارة العدل ويهدد صلابة المؤسسات الأميركية.

هذه المؤسسات الاستخباراتية والقضائية صمدت أمام ريتشارد نيكسون وأمام بيل كلينتون في معاركها وكان لها الكلمة الأخيرة، إنما المخاوف الأكبر اليوم هي من تمادي ترامب وسعيه إلى طرد أياً يقف بوجهه سواء كان المدير السابق لـ «أف بي آي» جايمس كومي أو مسؤولين في وزارة العدل أو المحقق روبرت مولر. ترامب يشن هجومه على «أف بي آي» بتغذية الانقسام الداخلي وفي ذلك نهج مثالي لروسيا.

الحصانة الوحيدة لدى الولايات المتحدة اليوم هي في دستورها ومؤسساتها القانونية، والتي لم ترضخ لأي رئيس مهما كان الانتماء الحزبي، وأخرجت نيكسون من البيت الأبيض وفضحت كلينتون حين كذب على الرأي العام. هذه المؤسسات هي الرادع الأقوى بوجه روسيا أو أي قوة أخرى تحاول الاستفادة من هشاشة وفوضى الصورة الداخلية الأميركية.

اقرأ المزيد
٥ فبراير ٢٠١٨
مؤتمر "طبعاً موافقون" في سوتشي

خلال الدقائق الأولى من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر سوتشي 29 يناير، دعا رئيس الجلسة، التاجر الدمشقي ورئيس غرفة تجارة دمشق، غسان القلاع، أمام 1300 مدعو من وصفهم باللجنة الرئاسية للصعود إلى المنصة، بدأ الرجل يتلو الأسماء واحداً تلو الآخر، كان واضحاً أن القلاع ذاته لم يطلع على هذه الأسماء العشرة سابقاً، شعر القلاع أمام ألفين وست مئة عين محدقة إليه ومتعجبة من القرار السريع الذي اتخذ على حين غرة بأن ما قام به ولو شكلياً ليس مستساغاً، فطلب منهم أمام عدسات وسائل الإعلام "وعلى ما يبدو بمبادرة شخصية" أن يقولوا نعم إن كانوا موافقين، أجاب العشرات منهم باللكنة السورية "طبعاً موافقين"، هز الرجل رأسه وتمم البيعة بلحظات، ولم ينسَ أن يشيح بيده مقللاً من أهمية موافقة كل مكونات المجتمع السوري" كما وصفتهم روسيا".

عبارة "طبعاً موافقين" دون اعتراض واحد يبدو أنها اختصرت مهام المدعوين الوطنية والتاريخية في سوتشي، فهم - أي المدعوون - لن يعودوا إلى سوتشي لاحقاً، لن تنشر روسيا طائراتها مجدداً لاستقدامهم والاحتفاء بهم بلافتات ترحيبية في المطار وحقائب قماشية تحمل شعار المؤتمر وزعت عليهم ليشعروا بأهمية دورهم الحساس المتمثل بالموافقة، بالنسبة لروسيا ستلعب اللجنة الرئاسية لسوتشي، بدعم منها، دوراً مستقبلياً كبيراً في الحل السياسي، وفقاً لرؤيتها لذلك الحل، وهو ما سيكون على أقل تقدير أكثر استقلالية لها من قدرتها على التأثير على وفدي النظام والمعارضة رغم ما تملكه من نفوذ عليهما، ما جرى هو ولادة مرجعية سورية بيدها مئة بالمئة، عمدتها بـ 1300 موافق، وهو عدد لم يحظَ به أي مؤتمر سوري آخر منذ 7 سنوات، ستستخدم هذه المرجعية لسنوات قادمة بما لا يقف عند البيان الختامي الصوري الذي صدر ويتعدى رعايتها لنظام الأسد.

بدا واضحاً بالنسبة لنا كصحافيين أتينا لتغطية الحدث السوري الروسي بعد اختتام المؤتمر أن المشهد المهيب له كان أكثر أهمية - على عكس ما كنا نعتقد سابقاً - من مشاركة أطراف سياسية بعينها، لا سيما أن جهود روسيا في إشراك المعارضة كان مشكوكاً بها، فروسيا لم تقدم طيلة اجتماعاتها المطولة مع وفد الهيئة التفاوضية السورية في فيينا يومي 25 و26 يناير أي شيء ملموس لتثني المعارضة عن موقفها، واكتفت بإطلاق سيل من التهديد والوعيد في حال لم تشارك، كما لم تخفِ موسكو عدم اكتراثها بالبيان الختامي، وعليه صدر بقالب غزل غير مسبوق لدي ميستورا، جددت فيه روسيا التزامها - سياسياً - بدور الأمم المتحدة بقضية الدستور السوري لإرضاء المبعوث الأممي، وهو ما لم يكن منسجماً مع موقف نظام الأسد، لدرجة أن ممثليه في سوتشي "الكثر" لم يخفوا امتعاضهم، معتبرين ذلك اعترافاً بانتداب أممي لسوريا، لكن امتعاضهم هذا لم يدم طويلاً في وجه القرار الروسي، وعادوا مجدداً للعب الدور المناط بهم بالموافقة.

انتهى المؤتمر ببيان مقتضب من دي ميستورا، أعلن فيه مباركته للطفل الروسي - السوري، ثم توجه المدعوون الـ 1300 بعد ذلك لمأدبة عشاء ضخمة عقدت على شرفهم تقديراً لدورهم الريادي قبل ساعات من مغادرتهم سوتشي.. للأبد.

اقرأ المزيد
٥ فبراير ٢٠١٨
الاستقطاب حول سوريا

ما تظاهر بالرضا من نتائج مؤتمر سوتشي غير روسيا وتركيا. وظلت إيران صامتة، وتكأكأ النظام السوري دونما استحسانٍ أو استهجان، ثم سارع لاتخاذ موقفٍ عنيفٍ ضد الهجمة التركية على عفرين، بعد أن كان قد اتهم الأكراد بالخيانة! أما الأكراد الذين اعتبروا أنّ الروس «خانوهم» وأنّ الأميركان تخلّوا عنهم، فقد طالبوا النظام بالتدخل للدفاع عن السيادة!

أردوغان الذي يهدد من زمان بالتدخل حتى لا تظهر دولةٌ كرديةٌ على حدوده، حصل على الموافقة الروسية، بعد أن اعتبر هو والروس أن الإعلان الأميركي عن تدريب قوة كردية من ثلاثين ألفاً، يعني دعماً من جانبهم للمطامح الكردية في شمال وشرق سوريا، أي على طول الحدود التركية السورية.

وما اتفق معه المراقبون الأميركيون والأوروبيون في البداية، إذ تصوروا أن هذه القوة تعني أنّ الأميركيين سينسحبون بعد سقوط «داعش» وتهديداته. وبخاصةٍ أنّ العسكريين الأميركيين صرَّحوا بأنّ المقصود بالقوة الجديدة حفظ أمن المناطق حتى لا يظهر «داعش» مرةً أُخرى! لكنّ وزير الخارجية الأميركي تيلرسون ما عاد للحديث عن الانسحاب الأميركي، بل ربطه بالتقدم على مسار جنيف، والاتفاق على مصير الأسد. وهكذا يصبح الأمر سياسةً جديدةً في التجاذُب مع الدب الروسي. أو بعبارةٍ أُخرى تظهير الاعتراض على مؤتمر سوتشي. وهو ما تحدث فقط عن العمل على إيصال «داعش» لحدود الانقراض، وعن مصير الأسد، وعن التقدم على مسار جنيف، بل أضاف لذلك كله: محاصرة الوجود الإيراني في سوريا، والحديث عن الاستخدام المستجدّ للكيماوي. وتناغم مع الفرنسيين الذين أدانوا القصف على إدلب والغوطة الشرقية، كما تحدثوا عن الحصار والتجويع.

يعود الأميركيون إذن ومعهم الفرنسيون إلى حدٍ ما، لمعارضة الخطط الروسية لمستقبل سوريا، وتجاهُل الروس للتوافقات. وهذا الأمر أدى بالروس (الذين استحضروا دي مستورا إلى سوتشي لكنْ بشروطه) إلى القول إنّ جنيف تبقى هي الأساس.

عاد التجاذُب الأميركي الروسي إذن إلى الظهور والتفاقُم، مع تجنبٍ شديدٍ من الطرفين للاصطدام. ولدى الطرفين الكبيرين إرغامات. فالتركي والإيراني، كلاهما، مزعج للروس وللأميركيين. الأميركيون بدوا مرتبكين جداً في قصة عفرين، وسيزدادُ ارتباكهم إذا اقترب الأتراك من منبج. وأردوغان عاد ففصل بين العمليتين بعد أن كان قد ربطهما. لكنّ العلاقات بين الأتراك والأميركيين سائرة إلى مزيدٍ من السوء والسلبية. إنما من المؤكَّد أنّ الروس الذين انسحبوا من تل رفعت ليتيحوا مجال الحركة لجيش أردوغان، سيكونون مهتمين بإزعاج الأميركيين من خلال دفع أردوغان باتجاه منبج بعد أن ضربوا صدقية الأميركان بتخليهم عن حلفائهم الأكراد فيها.

أما الإيرانيون فهم مزعجون للروس، رغم التعاوُن معهم في المجال السوري. فهم والنظام يطمحون للسيطرة على إدلب وعلى الغوطة الشرقية. ثم إنهم يُخرجون الروس بالتقدم باتجاه الجولان، وتطوير صناعة الصواريخ في سوريا ولبنان، وهو أمر شكا منه نتنياهو للروس في زيارته موسكو قبل أيام. والإيرانيون (والنظام السوري) ليسوا مسرورين من استمرار ربط موسكو بين سوتشي وجنيف، مما يجدد حديث الانتقال السياسي، والأهم أنه يجدد حديث خروج الميليشيات الأجنبية من سوريا.

على أنّ هذا الإزعاج والانزعاج لا يُخفي حقيقتين، الأولى أنّ الأوراق الرابحة ما تزال بأيدي الطرفين الروسي والأميركي، والثانية أنّ القيد الأميركي على الروس ما عاد قاصراً على التشهير به في المجال الدولي، بل هو يملك قوات على الأرض، لا تقتصر على الأكراد، بل هناك جنودٌ أميركيون يبلغ عددهم الألفين وربما أكثر. ثم إنهم مع حلفائهم يسيطرون على مناطق النفط والمياه في شمال سوريا وشرقها، وعندهم قواعد في تلك المناطق، وعلى الحدود العراقية السورية.

وهكذا ما تزال الأزمة السورية شديدة التعقيد. فقد حقّق الروسي (ومن ورائه الإيراني والتركي) مكاسب على الأرض، وفي أستانا وسوتشي. بيد أنّ الأميركيين ما يزالون على الأرض أيضاً، وازداد تأثيرهم على المعارضة السورية السياسية والعسكرية. ويميل الأردنيون والسعوديون إلى وجهة نظرهم بشأن جنيف، وبشأن وقف النار الشامل والاهتمام بقضايا اللاجئين والمعتقلين، ومسائل الحصار والتجويع.

اقرأ المزيد
٤ فبراير ٢٠١٨
المشترك بين الحل السوري والحل الفلسطيني

بما أننا ما زلنا قريبين من سوتشي، وقبله بقليل جنيف، أبدأ بالسوري.

فشلت جنيف في إحراز تقدم، ولو طفيف، باتجاه تفاهم، ولا أقول حلاً. حزم المشاركون حقائبهم، وكلهم عاد إلى بلده أو منصته؛ والمنصة هنا هي الوطن المؤقت لكل فصيل سياسي.

أما سوتشي، فلقد لفت نظري اهتمام المراقبين بمن قاطعوا أكثر من اهتمامهم بمن حضروا، وهذا أمر بديهي، بل هو الفرق بين مؤتمر يعقد تحت عنوان إيجاد حل، ومؤتمر يعقد للتحشيد وتعظيم النفوذ على أرض الصراع.

في سوتشي، ظهر خلل يجعل الحل هناك مستحيلاً، وهو أن رعاة الحل هم ليسوا مجرد أطراف في الصراع، بل ومقاتلون وأصحاب أجندات قد تتفق على أمر لأيام معدودات، إلا أنها في الجوهر مختلفة على أمور ليس متاحاً إنهاؤها للتوصل إلى تسويات حاسمة. وحين يكون راعي الحل متورطاً بهذا القدر، خصوصاً على ساحة الصراع المسلح، فأي تسويات يمكن بلوغها في ظل هذا الوضع؟!

هنا، يظهر المشترك بين الحل السوري والحل الفلسطيني.. أحدده بكلمة واحدة: «الاستحالة».

على الجانب الفلسطيني، تتكرر ظاهرة الرعاية، كما هي على الجانب السوري؛ الراعي الأساس هو طرف منحاز، تحكمه في حركته وقراراته ومبادراته قوانين انحيازه قبل أي قانون آخر، فمن يتوقع من أميركا صيغة حل لا يتم التفاهم عليها مع الحليف الإسرائيلي؟ وحين يكون سقف الحل الأميركي هو الرضا الإسرائيلي، فيمكن دون عناء، وحتى دون معلومات، أن نتعرف على محتوى الحل وخلاصاته. ولا أصدق أن السيد غرينبلات، المسؤول الرئيسي الميداني عن تهيئة التربة لتمرير أو فرض الحل الأميركي، يقضي كل هذا الوقت في إسرائيل، ويواظب على زيارات ميدانية لغلاف غزة، يرعى من خلف الستار، وأحياناً من أمامه، كثيراً من الإجراءات الإسرائيلية التي ترطب العلاقات مع الفلسطينيين، وتشجعهم على الانخراط التدريجي في الحل الاقتصادي، الذي لا بد أن يفضي منطقياً إلى الحل السياسي، ولكن وفق التصميم الإسرائيلي الأميركي المشترك.

أين الاستحالة هنا؟ وأنا أتحدث بلغة الواقع وما عليه من حقائق، قد يفرض الأميركيون والإسرائيليون سيناريو معيناً على الفلسطينيين، كأن تطبق أجزاء منه من طرف واحد، وقد يحشر الفلسطينيون في زاوية حادة ضيقة بمساحة قدرتهم على تغيير الاستراتيجيات الأميركية والإسرائيلية، غير أن ذلك بالمقاييس الموضوعية هو الوصفة الأكيدة والمضمونة لاستمرار الصراع وانفجاره، ولو على فترات متباعدة. وعلى المسار الفلسطيني، أي انفجار - مهما كان محدوداً - يعيد الأمور إلى الصفر؛ هكذا قالت التجارب.

فماذا يفعل الحل المفروض بـ350 ألف فلسطيني يعيشون في قلب العاصمة المدعاة لإسرائيل؟

وهؤلاء الموجودون في القلب والأطراف فشلت كل محاولات عزلهم عن امتداداتهم الطبيعية، فهم إلى الغرب يمدون جسوراً مع مليوني فلسطيني في إسرائيل، يتعاطفون معهم ويلتزمون بقضيتهم، وهم شمالاً وجنوباً وشرقاً لا ينفصلون عن بحر بشري إن اتحد على أمر، فعلى القدس أولاً وقبل كل شيء.

ماذا تفعل إسرائيل بغزة، حيث مليونا فلسطيني يقضّون مضجع العالم بمأساتهم المتفردة، ومهما برعت الدبلوماسية الإسرائيلية، والدعاية الإسرائيلية، والتحالفات الإسرائيلية، فإنها لم تفلح في نفي مسؤوليتها المباشرة عن هذه الجريمة الإنسانية التي لا مثيل لها في كل العصور والأزمان.
وماذا تفعل بالضفة صاحبة الأكثر من ستين ممراً مفتوحاً بينها وبين إسرائيل، ويدرك العقلاء هناك أن الهدوء الذي يحدث أحياناً يثير من المخاوف أكثر مما يثير من الاطمئنان. مثلما الطرف المنحاز راعٍ لحل سوري، ونسخة طبق الأصل عنه على الحل الفلسطيني، فالمشترك هو الاستحالة حتى إشعار آخر، أو حتى ظهور شيء ما يغير المنهج والأدوات، وهذا قد يكون مستحيلاً آخر.

اقرأ المزيد
٤ فبراير ٢٠١٨
سوتشي فشل الحل الروسي

لم يخرج مؤتمر سوتشي بما كانت تطمح إليه روسيا. وانتهى إلى فشل ذريع، على الرغم مما سخرته موسكو له من إمكانات، كي يكون تتويجا سياسيا لتدخلها العسكري المباشر في سورية منذ سبتمبر/ أيلول 2015، وكان الهدف الأساسي منه إنقاذ بشار الأسد من السقوط، وقال ذلك، عدة مرات، وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف الذي يعتز بأنه صاحب الإنجاز السوري بشقيه، الدبلوماسي والعسكري، هو من أوقع رئيسه فلاديمير بوتين في ورطة سوتشي على أساس حساباتٍ لا تبتعد عن رهانات النظام السوري وحليفه الإيراني، فحواها أن الشعب السوري يبحث عن حل بأي ثمن، ولم يعد معنيا بالشعارات التي رفعتها الثورة السورية، ومنها في الصميم إسقاط النظام.

حين بدأت التحضيرات لمؤتمر سوتشي منذ عدة أشهر، أرسل السوريون إلى روسيا أكثر من رسالة، تؤكد على أن هذا المسار لن ينطلي على السوريين الذين يفاوضون من أجل حل سياسي على أساس القرارات الدولية التي نصت على رحيل النظام. ولم يكن لدى السوريين أي مشكلة للجلوس على الطاولة الروسية، كما حصل في أستانة، وعبر عدة جولات، لكن موسكو أرادت ان تدعو الثورة السورية إلى لعبة روليت روسية تطلق، في نهايتها، الثورة رصاصةً على رأسها وتنتهي.

شحنت روسيا إلى سوتشي بضاعة النظام السوري الكاسدة، وأرادت، من مؤتمر مفبرك، أن تعيد تدويرها لتستخرج منها حلا، لكن المسرحية تحولت إلى فضيحةٍ، بسبب الإخراج الروسي الرديء الذي لم يتمكّن من تسويق نظام مستهلك.

وتبين في رفض السوريين "سوتشي" أن العزيمة لا تزال مشدودة، على الرغم من كل ما حصل على مدى سبع سنوات. ولذلك جاء قرار رفض المشاركة في المؤتمر بمثابة عملية تصويت واستفتاء على مقاطعة كل ما يمت للروس وإيران ونظام بشار الأسد، لكن الروس لم يتعاملوا مع هذه الرسالة، على الرغم من أنها تصل إليهم كل يوم، وعلى أثر كل غارة يقوم بها طيرانهم الحربي على المدنيين.

تبين من خلال "سوتشي" أنه ليس مصادفة انخراط الروس في حماية نظام الأسد، فهم كنظامين يقفان على أرضيةٍ واحدة. وبالنسبة لبوتين، يعتبر الأسد ابنا نجيبا لعقيدة التدمير والقتل البوتينية التي تم استنباتها في الشيشان، وصارت مبدأ للنظام الروسي، يطبقه في كل مكان وزمان. وعلى هذا الأساس، لا يكترث بوتين بالقوانين الدولية في التعامل مع المدنيين. وحين دعا المعارضة السورية إلى سوتشي، فإنه في حسابه إنما جلب مهزومين إلى الطاولة، ليوقعوا صك الاستسلام، ومن هنا فهو يستغرب أن يقول السوريون لا.

أراد الروس أن يمرّروا "سوتشي" بشتى الوسائل. وحين تعذّر ذلك، استمروا في سلوك القتل والتدمير، وعلينا أن ننتظر مزيدا من القتل والتوحش في الفترة المقبلة، ما دام بوتين لم يحقق مراده، وسيخوض الانتخابات الرئاسية في مارس/ آذار المقبل، من دون تحقيق السلام للشعب السوري.
نجاح المعارضة في إفشال سوتشي سوف يعرّضها لدفع ثمن كبير. ولذا عليها أن تعد العدة لذلك، وتجعل من الوحشية الروسية مادة للتحرّك، دوليا ضد روسيا من أجل تسجيل المسؤولية المباشرة عن كل ما أصاب السوريين من مآس منذ سبتمبر/ أيلول 2015.

واحدة من القضايا التي يجب أن يتمسك بها السوريون هي مقاضاة الروس والإيرانيين على ما ارتكبوه من جرائم في هذا البلد، ومثلما أن استخدام الأسلحة الكيميائية بات جريمةً موثقة دوليا، فإن المسؤولية عنها يتحملها ليس النظام وحده فقط، وإنما إيران وروسيا.

مرة أخرى، يفشل الروس في دفع عربة الحل السوري إلى الأمام، والسبب أنهم تحولوا إلى عدو للشعب السوري، ولم يعد هناك من السوريين من لديه وهمٌ بأن بوتين سوف يتخلى عن الأسد، من أجل سورية ديمقراطية.

اقرأ المزيد
٤ فبراير ٢٠١٨
إفراغ مؤتمر سوتشي من محتواه ووظيفته قبل انعقاده

كان مؤتمر سوتشي قد تحوّل معركة صامتة ومموّهة بين الولايات المتحدة وروسيا، قبل أن تصبح علنية، لكنها بقيت ديبلوماسية، إذ لم يكن الأميركيون على مستويات متفاوتة يخفون أنهم يريدون «إفشال سوتشي»، ولماذا؟ لأنه يراد منه تكريس الاحتكار الروسي لحل الأزمة وفقاً للأفكار والأهداف التي حدّدتها موسكو وراعت فيها مصالح إيران. كانت ترغب في أن يعامل تركيا بالمثل، واستخدمت معركة عفرين في هذا السياق، إلا أن خلافات الدولتين على أسس الحل لم تتغيّر. لذلك بقيت أنقرة في هذا الملف أقرب الى التحالف مع واشنطن في العمل على «انتقال سياسي» في سورية، فيما بقيت أقرب الى موسكو في معالجتها لما تعتبره تهديدات لأمنها القومي.

اتخذت «معركة سوتشي» وجوهاً عدّة، أهمها إفصاح الولايات المتحدة عن ملامح استراتيجيتها الجديدة بالنسبة الى سورية. وفيها شقّان رئيسيّان: الأول، الحفاظ على وجود مديد في مناطق الشمال الشرقي التي تشمل معظم محافظة الرقة وبعض نواحي دير الزور وريف حلب الشمالي، والإعلان عن إنشاء جيش من ثلاثين ألف جندي لـ «حراسة حدودها». والثاني، العمل من خلال مسار جنيف التفاوضي على انتقال سياسي حقيقي، ورفض أي مساهمة مع الحلفاء في عملية إعادة الإعمار ما لم يكن هناك حل سياسي قيد التطبيق... وما لبثت هذه الاستراتيجية أن لاقت عناصر ترفدها في السعي الفرنسي الى إيجاد «مجموعة اتصال» في شأن سورية، وجاء مؤتمر باريس لإطلاق «المبادرة الدولية لملاحقة المسؤولين عن الهجمات بالسلاح الكيماوي» برسالة تذكّر روسيا بأنها شريكة في اتفاق 2013 لتدمير الترسانة الكيماوية السورية، ما يجعلها مسؤولة عن استمرار النظام في استخدام مخزونه منها، بالتالي فإنه سيكون ملاحقاً على جرائمه أيّاً تكن سيناريوات إنهاء الأزمة.

على هامش هذا المؤتمر، تبلورت مجموعة الدول الخمس (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن) كصيغة مصغّرة ومستحدثة لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري». وعلى رغم أن «اللاورقة» التي تبنّتها وسلّمتها الى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، كأفكار لتسهيل مفاوضات جنيف وتحسين أدائها، شكّلت إطاراً لتجاوز عقبة «مصير الأسد»، إلا أنها لا تسلّم ببقائه بل تعتبره مشروطاً وموقّتاً. بل تطرح تقليص صلاحيات الرئيس في الدستور المقبل وتوسيعها بالنسبة الى رئيس الوزراء والبرلمان. وهو ما بدا أشبه بدعوة الى موسكو لتلاقي الدول الـ5 في منتصف الطريق، فلا مطالبة بـ «رحيل الأسد» مقابل توافق على حلّ سياسي يؤمّن خروجه ورموز نظامه من السلطة.

أما الرسالة الأوضح التي وُجّهت الى موسكو فمفادها أن مفاوضات جنيف وفقاً للقرار الدولي 2254 تبقى المسار الوحيد للبحث في الحل السياسي، أي أنه لن يُعتدّ بما يخرج عن مؤتمر سوتشي. فالدول الـ5 لم تشأ في النهاية أن تعرقل هذا المؤتمر على نحوٍ مباشر، إلا أن ضغوطها عليه أدّت الى خفض التوقّعات الروسية منه، حتى غدا الهمّ الرئيسي لموسكو أن تمرّر انعقاده وتحاول فرض وقائع تمكّنها من التأثير لاحقاً في مسار جنيف. ولا شكّ في أن موقف الدول الـ5 رفع أي ضغط تركي عن المعارضة السورية بل شجّعها على القرار الذي رجّحته مداولاتها منذ فترة طويلة فحسمت موقفها بمقاطعة سوتشي. وبطبيعة الحال، فإن عدم حضور المعارضة أغاظ الروس، الذين سهّلوا العملية التركية في عفرين واضطرّوا أيضاً للقبول بتغييب الأكراد إرضاءً لتركيا، التي اقتصرت مساهمتها في «إنجاح» سوتشي على تأمين حضور المجلس التركماني.

ظهر الغضب الروسي في التناقض بين القول إن عدم مشاركة المعارضة «لا يغيّر شيئاً» وبين تهديد من القاعدة العسكرية في حميميم بأن المقاطعة ستكون لها تداعيات على الأرض، وبالعودة الى الخيار العسكري. واقعياً تحوّلت التحضيرات لمؤتمر سوتشي الى كابوس كريه لموسكو، وصارت مقتنعة بأن هدفها الحقيقي من انعقاده قد اهتزّ. قبل ذلك، كانت هناك خلافات مع طهران والنظام اللذين أرادا أن يكون «الحل» بآلية مباشرة ومتفق عليها «بين الحلفاء»، لا في سوتشي ولا في جنيف. وعندما نوقش تشكيل لجنة لإعداد الدستور تُعلَن في نهاية مؤتمر سوتشي طلب النظام أن تكون حصّته 15 من 24 عضواً في اللجنة، كما طالب بأن يصدر تشكيل اللجنة بمرسوم رئاسي من الأسد. وأثار عدم الاستجابة امتعاضاً لدى النظام، الذي وسّط الإيرانيين، لكن الروس يريدون لجنة دستورية يديرونها هم وليس النظام. في غضون ذلك، كان هناك ما ينكّد على الروس، إذ إن القناة المركزية لقاعدة حميميم أجرت استفتاءً حول السؤال: ماذا تعني لك روسيا؟ صديقاً أم عدواً؟ ولم تتردد في نشر النتيجة التي أظهرت أن 78 في المئة يعتبرونها عدواً، إلا أنها علّقت مؤكّدة أن هذا لا يؤثّر في «الواقع الحقيقي» للعلاقات بل يعبّر عن «انخراط جزء كبير من الأوساط الشعبية في فكر التنظيمات المتطرفة». وكان واضحاً أن المشاركين في الاستفتاء لم يكونوا جميعاً من المعارضة بل كانت غالبيتهم من الوسط الموالي للنظام.

كان إصرار فلاديمير بوتين شخصياً على مؤتمر لـ «شعوب سورية» هو ما حفّز إدارة دونالد ترامب على حسم استراتيجيتها بتوجّهات أكثر وضوحاً من تلك التي اتّبعتها إدارة باراك اوباما. ويكمن الوضوح في خمسة أهداف حدّدها ريكس تيلرسون في خطابه في جامعة ستانفورد: 1) هزيمة تنظيمي «داعش» و «القاعدة» فلا يشكّلان لاحقاً أي تهديد. 2) حلّ الصراع بين الشعب السوري ونظام الأسد من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة وفقاً للقرار 2254 و «أن تعمل سورية كدولة مستقرّة ومستقلّة وموحدة تحت قيادة ما بعد الأسد». 3) تقليص النفوذ الإيراني في سورية وحرمانها من حلم إقامة قوس (هلال) شمالي وجعل جيران سورية بمأمن من كل التهديدات (الإيرانية). 4) إيجاد الظروف التي تمكّن اللاجئين والمشرّدين داخلياً من العودة في شكل آمن وطوعي الى بلادهم. 5) خلو سورية من أسلحة الدمار الشامل (في إشارة الى أن واشنطن لم تتخلَّ عن وجوب «المساءلة والعدالة» إنصافاً لضحايا الهجمات الكيماوية).

وبالنسبة الى إدارة ترامب، فإن تقليص النفوذ الإيراني متلازم مع ضرورة «إنهاء سلطة الأسد وعائلته ونظامه» وفقاً لموجبات «ما بعد داعش»، ذاك أن الأسد ظنّ خطأً، وفق تيلرسون، بأنه «سيحافظ على السلطة (بعد سقوط حلب) من دون أن يعالج المظالم التي ارتكبها في حق الشعب السوري». ولعل ما تعتبره واشنطن أكثر خطراً لمرحلة «ما بعد داعش» أن لدى نظام الأسد «استراتيجية أبعد من البقاء في السلطة» وهي «اجتذاب العناصر الراديكالية في المنطقة واستخدامها لزعزعة استقرار جيرانه». وتستخدم واشنطن هذا الخطر لتبرير وجودها العسكري المديد في سورية، إذ إن أي فراغ سيكرر السيناريوات التي شهدها العراق بعد انسحاب اوباما غير المنظّم و «السابق لأوانه».

كرة جنيف ستبقى في الملعب الروسي بمعزل عما يسفر عنه مؤتمر سوتشي وعما تنوي موسكو استغلاله من مخرجاته للتأثير في مسار جنيف، الذي لا ترى الدول الـ5 منصة أخرى سواه للبحث عن حل سياسي. ما لا تقوله هذه الدول، لكنّ روسيا وحليفيها إيران والنظام يعرفونه، أن أي حل يعكس القرار 2254 «سيهيّئ لرحيل الأسد» واستطراداً سيشكّل خطراً على المصالح التي رتّبتها روسيا مع الأسد، وبتأكيد مصالح إيران، فالاستراتيجية الأميركية تعتقد أن «تقليص النفوذ الإيراني وطرده من سورية يعتمدان على أن تكون سورية ديموقراطية». والأمر الآخر الذي ستأخذه روسيا في الاعتبار هو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لن يقدما أي مساعدات لإعادة إعمار أي منطقة خاضعة لسيطرة نظام الأسد، ولن يشجّعا العلاقات الاقتصادية بينه وبين أي دولة لكن «بمجرّد أن يتنحّى الأسد عن السلطة ستشجّع أميركا بكل سرور تطبيع العلاقات بين سورية والدول الأخرى».

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٧ يونيو ٢٠٢٥
فادي صقر وإفلات المجرمين من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٣ يونيو ٢٠٢٥
موقع سوريا في مواجهة إقليمية محتملة بين إسرائيل وإيران: حسابات دمشق الجديدة
فريق العمل