مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٩ نوفمبر ٢٠١٤
ما مدى التنسيق في وحدة تنسيق الدعم؟

أعلن الائتلاف السوري المعارض تشكيل وحدة تنسيق الدعم في كانون الأول عام 2012 بمدينة غازي عنتاب التركية – التي تعرف اختصاراً بـ A. C. U. – من أجل تنسيق دعم جميع المتأثرين بالأزمة الإنسانية في سورية.

العمل 

تقوم وحدة التنسيق – حسب بيان نشر على موقعها الإلكتروني – بتوزيع الإعانة (غذاء ودواء( بشكل حيادي إلى جميع السوريين, بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو آرائهم السياسية، وبما يتوافق مع المعايير الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

تعمل الوحدة بالتنسيق مع المجالس المحلية ومنظمات الإغاثة الداخلية والجهات المانحة وهيئات الإغاثة الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، لتحديد الاحتياجات وربط الجهات المانحة مع الجهات الفاعلة في الميدان. وقد ورد أن وحدة التنسيق هذه استطاعت إيصال مساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين مواطن سوري!

الكادر 

تضم وحدة التنسيق كادراً يزيد على250 موظفاً يعملون في كافة المناطق التي تحوي فروعاً لها. وتعتمد الوحدة – كما يظهر في طلباتها للتوظيف – على الخبرات الجامعية والقدرات العلمية والعملية التي تعدّ عالية جداً مقارنة مع بقية المنظمات والوحدات التي تعمل في المجال ذاته. ويتوزع الموظفون على الشكل الآتي، وبشكل تقريبي: 60مركز غازي عنتاب, 10 مركز لبنان, 10 مركز الأردن, 100 في الداخل.

متوسط المصاريف الإدارية من حيث الرواتب 

تبدأ رواتب الموظفين من 1000 دولار وتصل إلى 5000 دولار لبعض الإداريين العاملين خارج سورية، أما في الداخل السوري فمعدل الرواتب يتراوح بين 300 - 500 دولار شهرياً. وبذلك فإن متوسط الإنفاق الشهري للرواتب لا يقل عن 250 ألف دولار للطاقة البشرية المنظمة العاملة في الوحدة فقط.. هذا يعني أنها قد أنفقت منذ قيامها وحتى الآن حوالي ستة مليون دولار أو يزيد.

الصلاحيات والأعمال 

بالإضافة إلى الجانب الإغاثي الغذائي والصحي تقوم الوحدة بدعم مشاريع المنظمات العاملة بالداخل )ما يخص صلاحيات الوحدة) بصفة يطلق عليها – دعم عاجل – وهي طريقة متداولة في المنظمات المانحة لدعم المنظمات التي يعتمد بقاؤها على دعمٍ سريع أو عاجلٍ لاستمرارِ عملها.

من إنجازات الوحدة 

مشروع التلقيح ضدّ شلل الأطفال في الداخل السوري، حيث تم توزيع أكثر من خمسة ملايين جرعةِ دواء بحسب ما أعلنته الوحدة.

تساؤلات 

تتحرك القوة الفاعلة في وحدة التنسيق من قسم العلاقات الخاصة بالمنظمات المانحة، وكانت تترأسه سهير الأتاسي المسؤولة المباشرة عنه – قبل إقالتها مع وزير الصحة عدنان حزوري بتاريخ 30 أيلول 2014 على خلفية وفاة أطفال بريف إدلب إثر تلقيهم لقاحات– ويمكن الاستدلال على ذلك ببساطة من خلال ظهور المدير التنفيذي السابق د. أسامة قاضي في الاجتماع الدولي الذي رعته الحكومات المانحة للشعب السوري، مع غياب الأتاسي المتكرر عن مثل هذه الاجتماعات. والسؤال هنا: هل تستمد الوحدة قوتها من أنها المعني الوحيد بتنسيق الدعم إلى الداخل السوري أم أن علينا تجاوز هذا السؤال؟

المهنية والخبرة والكادر 

تفخر الوحدة بأن لديها كادراً من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية يفوق غيرها من المؤسسات المختصة بالشأن السوري، بل يندر أن تجتمع مثل هذه الخبرات في الحكومة المؤقتة والائتلاف معاً. ولكن ثمة أمران مربكان يكثر القول فيهما ولعلهما بعض أسباب عدم تماسك هذا الكادر:

الأول: هو المحسوبية في التوظيف، فقد ذكر بعض الموظفين السابقين, وبعض من زالوا قائمين على رأس عملهم أنه في كثير من الأحيان يجدون رجلاً غير مناسب في صلاحياتٍ غير مناسبة. وهنا نطرح سؤالاً: هل هذه الوحدة قوقعة ذات مظهر خارجي تبتعد في مضمونها عن الغاية المطلوبة؟ 

الثاني: في ظل الظروف التي يعاني منها أي وافد إلى الخارج السوري, وبعد متابعة عدة حالات من أشخاص قدموا طلبات للتوظيف ولم يحظوا بشرف العمل فيها رغم امتلاكهم المؤهلات المطلوبة, كان جوابهم مخيباً للآمال: "ليس لدي من يقوم بتزكيتي من المسؤولين داخل الوحدة."! وهذا يدفعنا إلى التساؤلين التالين: هل من شروط التوظيف المعلنة تزكية من أحد العاملين في الوحدة؟ وهل هذا الشرط أهم من الخبرات التي يمتلكها طالب الوظيفة؟ 

وفي سؤالٍ على الهامش، توجهنا به إلى بعض العاملين في الوحدة: إذا رغب الموظف لديكم بالحصول على إجازة صحية أو عطلة لظرف طارئ، فماذا عليه أن يفعل؟ فكان الجواب غائماَ متردداَ!

إن هذا الأمر لا يعيب الموظف، لكنه يدفع للاعتقاد بوجود خللٍ ما في النظام الإداريّ الخاص أو سياسة العمل، خصوصاَ أنه متصل بالتفاصيل الإدارية المتعلقة بسياسة الحوافز والعقوبات، تلك السياسة التي تعد عصباَ مهماَ لتنظيم عمل أي مؤسسة. فهل ثمة قوانين ناظمة لآلية عمل الموظفين في الوحدة أو أن الناظم لها هو نوع العلاقات الشخصية في داخل السلسلة الهرمية للإدارة؟!

الإنجازات مقارنة بالإمكانات 

نفهم من موقع الوحدة أن أهم إنجاز لها تفخر به هو مشروع مكافحة شلل الأطفال في الداخل السوري المحرر. ومن خلال بحثنا الشخصي علمنا أن المشروع قد تم بالتنسيق مع أكثر من ثمانية آلاف متطوع في الداخل السوري, علينا – بالطبع – شكرهم كل الشكر على عملهم التطوعي!

وهنا نسأل: هل كان المشروع سينجح بقدرات الوحدة بدون تبرع المتطوعين؟ ثم, أليس من البرّ أن يحصل هؤلاء المتطوعون على مكافآت رمزية مقارنة بالرواتب المجزية لموظفي الوحدة؟ 

ذكرنا لتعريف الوحدة أنها تقوم بدور الوسيط لتنسيق عمليات إيصال أنواع الدعم إلى الداخل السوري، وقد عرفنا – من خلال بحثنا الخاص – أن هذا الدعم يشمل الدعم الإنساني والإغاثي والتربوي والنفسي... 

مع شكرنا الأكيد لجهود الوحدة, لكننا سنظل نتساءل عن سبب بروز بعض المؤسسات الإغاثية المستقلة في الداخل المحرر بشكل يدفعنا للشك بإمكانية الوحدة في تغطيتها للحاجات التي تصدت لها في برنامجها النظري. وهذا يقودنا لسؤال آخر عن) التخريجات ( القانونية لدعم بعض النشاطات الخارجية مقارنة بالتقصير في الداخل، كما حصل في دعم نشاط فنان مسرحي معروف بمبلغ ثلاثين ألف دولار مقابل عمل ترويجي بسيط للوحدة من خلال نشاطاته؟!

تبين لنا بالبحث والسؤال أن أعداد الموظفين التابعين للوحدة في شمال سورية – المتمثل في تركيا – في مجمل نشاطاته تفوق الحاجة إليهم إذا قورنت بالتقصير الكبير في مخيمات اللاجئين بالأردن ولبنان!

وهنا نسأل عن السياسة التي تتبعها الوحدة في توزيع موظفيها أصحاب الأجور العالية؟... وهنا لا يوجد سؤال يمكنني التفكير به!!!

يعلم المراقبون والمهتمون بالشأن الإغاثي – في الداخل السوري – حجم الخدمات والمساعدات التي تؤديها مؤسسات إغاثية متفرقة هناك بموارد مادية محدودة. وهنا نسأل: هل يوازي ما قدّرناه بستة ملايين دولار من نفقات الوحدة حتى الآن بالمنجزات العملية التي استطاعت أن تحققها على أرض الواقع؟ 

بشفافية 

وهذا لا يغضّ من الجهود المشكورة التي قامت بها الوحدة في السنتين الماضيتين, فقد كان لها لمستها أيضاً في بعض المجالات, مثل: مساعدة مؤسسات الدفاع المدني في بعض المناطق السورية المحررة, وإرسال بعض المواد الطبية إلى مناطق متضررة بسبب القصف.

وأخيراً 

إن ما كتبته لا يعد سوى محاولة خجولة لنقد بناء, بالنظر إلى المشكلات التي تعاني منها الوحدة, إما بضعف القرار أو القدرة الإدارية، أو بعدم بذل جهد أكبر في التنظيم للحصول على بعض المنح التي يستحقها الشعب السوري, ويخسرها بسبب الضعف في التنسيق والسرعة في اتخاذ القرار, رغم أن الوحدة لا ينقصها أي سبب من أسباب النجاح فيه, من قدرات مادية تحلم بها أي مؤسسة تعمل في المجال ذاته, وكادر معظمه مؤهل!

إننا لا نحاول هنا رمي عبء المسؤولية على أي موظف كان, لكننا نريد أن نوجه سؤالاً واحداً كبيراً: أما آن لوحدة التنسيق والدعم أن تقوم بنفض غبار الفوضى وتعمل على نظام حقيقي يوزع المسؤولية بين كوادرها ولا يرمي بالمسؤولية في كل مرة على شخص ما فيها؟

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
لماذا لا محكمة دولية من أجل سوريا أيضا

دخلت المحكمة الخاصة بلبنان طور السياسة، وذلك بعد الشهادة التي أدلى بها أمامها النائب الحالي مروان حمادة. لم تكن الشهادة سوى تعرية أخرى بأسلوب شيّق للنظام السوري الذي تكفّل بالقضاء على سوريا وعمل طوال ما يزيد على أربعين عاما على القضاء على لبنان.

لم يخرج النائب اللبناني الحالي، والوزير السابق، بجديد مقارنة مع ما يعرفه عدد لا بأس به من اللبنانيين والعرب والمسؤولين الأجانب. لكنّ الشهادة كانت الأولى المتكاملة في ما يخصّ مرحلة الأشهر التي سبقت جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

اكتفى بسرد الوقائع كما هي من دون زيادة أو نقصان. ساعد في تحديد الإطار السياسي- الأمني الذي اغتيل فيه رفيق الحريري. كشف أن الحريري ذهب ضحية الوقوف مع لبنان ومحاولة منع النظام السوري من تدمير البلد، بما في ذلك نسيجه الاجتماعي.

امتلك مروان حمادة، الذي تعرّض في أوّل أكتوبر 2004، أي قبل أربعة أشهر ونصف الشهر من تفجير موكب رفيق الحريري لمحاولة اغتيال، ما يكفي من الجرأة لتسمية الأشياء بأسمائها. اكتفى برواية ما جرى أمام محكمة دولية قامت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. اعتبر القرار، الذي لم يواجه الفيتو الروسي أو الصيني، اغتيال الحريري عملا “إرهابيا”.

كشفت شهادة مروان حمادة أنّ ليست لدى النظام السوري طريقة أخرى يتعاطى بها مع لبنان سوى القتل. بالنسبة إليه، لا مجال للأخذ والرد. الوسيلة الوحيدة للبقاء في السلطة هي إلغاء الآخر من دون محاولة التفكير في النتائج التي يمكن أن تترتب على ذلك.

كشفت هذه الشهادة أيضا أنّ النظام السوري لم يتعلّم شيئا من التجارب التي مرّ بها. الدليل على ذلك أنّه يحاول في مواجهة الثورة الحقيقية التي اندلعت في سوريا، إلغاء الشعب السوري. يفعل ذلك معتمدا على الأدوات نفسها التي استخدمها في التخلص من رفيق الحريري. هل صدفة أنّ المتهمين بتنفيذ جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، عناصر من “حزب الله” المتورط هذه الأيّام إلى ما فوق أذنيه في الحرب على الشعب السوري؟

أكّد مروان حمادة ما كان مؤكّدا بالنسبة إلى الوقائع التي سبقت الجريمة. يثبت كلامه أنّ النظام السوري لم يستطع يوما تطوير نفسه والتعاطي مع التغييرات التي تشهدها المنطقة والعالم.

ظنّ النظام منذ البداية أنّ ما يصلح للسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ما زال يصلح للقرن الواحد والعشرين، وأنّه سيكون في استطاعته مقاومة منطق التاريخ. هناك مقطع في غاية الأهمّية في شهادة مروان حمادة وهو متعلّق باتفاق الطائف. كشف النائب اللبناني مدى خشية النظام السوري من أن عليه بدء التفكير في الانسحاب عسكريا من لبنان بموجب اتفاق الطائف. قال في هذا المجال أن رفيق الحريري طلب منه عدم الإتيان على ذكر اتفاق الطائف في أحد البيانات الوزارية للحكومة، وهو البيان الذي تنال الحكومة الثقة على أساسه في مجلس النوّاب. كان الحريري يدرك مدى حساسية النظام السوري تجاه اتفاق الطائف. كان يدرك أنّه يسعى إلى إبقاء احتلاله للبنان إلى الأبد، على غرار احتلاله لسوريا التي سمّاها “سوريا الأسد”.

لم تعد هناك من أسرار في ما يتعلّق بالظروف الداخلية التي أدّت إلى اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. قال مروان حمادة كل شيء تقريبا، مع تركيز خاص على القرار رقم 1559 وما أحاط به من اتصالات سياسية قبل صدوره.

سيستكمل مروان حمادة شهادته لاحقا. لديه الكثير ليقوله، في ما يبدو. ما كشفه إلى الآن مهمّ، بل مهمّ جدّا. الأهمّ من كلّ ما قاله أنّه يشهد أمام المحكمة الدولية التي تشكّلت نتيجة اغتيال رفيق الحريري. كشفت هذه المحكمة أن الأيّام التي كان فيها النظام السوري يقتل ولا يجد من يحاسبه، تنتمي إلى ماض بعيد وعالم آخر.

لن تعاقب المحكمة النظام السوري ومنفّذي الجريمة فقط. المحكمة هي البوابة التي ستقود إلى فتح كلّ الملفات، أكان ذلك في لبنان أو في سوريا. من ملفّ كمال جنبلاط الذي اغتاله النظام السوري بشكل مباشر في العام 1977، إلى ملفّ جريمة اغتيال الدكتور محمّد شطح، وقبلها جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن.

ليس بعيدا أيضا اليوم الذي سيظهر فيه ارتباط جريمة اغتيال رفيق الحريري بسياق إقليمي معيّن، بدأ بالحرب الأميركية على العراق التي كانت إيران شريكا أساسيا فيها.

ما كشفه مروان حمادة بالوقائع والأسماء، خصوصا ما يتعلّق بالتهديدات المباشرة التي وجّهها بشّار الأسد إلى رئيس مجلس الوزراء في لبنان، ممثّلا بشخص رفيق الحريري، ليس سوى بداية… أمّا النهاية، فمن سيكتبها ليس المحكمة الدولية، بل الشعب السوري الذي بدأ ثورته في مارس 2011.

هذه الثورة بدأت ولا يمكن أن تنتهي، بغض النظر عما سيحلّ بسوريا، إلّا بفتح ملفات الداخل، خصوصا ملفات السجون والاغتيالات وسرقة البلد وابتزاز العرب عن طريق الإرهاب. هذه الملفات متعلقة بما ارتكبه النظام السوري بسوريا قبل لبنان. مشكلة هذا النظام، الهارب من أزماته الداخلية المستمرّة، كانت دائما مع السوريين الذين رفضوا، في كلّ وقت، الدوس على رقابهم.

مرّة أخرى، بغض النظر عمّا يمكن أن يحلّ بسوريا، نحن ما زلنا في بداية فتح ملفّات النظام. كلّ ما في الأمر الآن أنّ شخصا شجاعا اسمه مروان حمادة أدّى واجبه كاملا تجاه مواطنيه في لبنان، كذلك تجاه الإخوة في سوريا الذين عانوا ما لم يعانه شعب عربي آخر بعدما حلّت عليهم كلّ لعنات العالم، بدءا بالانقلابات العسكرية في 1949، وصولا إلى نظام البراميل المتفجّرة الذي لا يزال مقيما في دمشق. بين انقلاب حسني الزعيم في 1949 والنظام الحالي مرّت سوريا بمرحلة الوحدة مع مصر حين تحكّم الضابط عبدالحميد السراج برقاب مواطنيه، ونظام البعث الذي أشرف على تصفية كلّ ما له علاقة بالحضارة في البلد. أخذ البعث البلد، في نهاية المطاف، إلى نظام الطائفة، ثمّ نظام العائلة الذي لم يعد يجد حليفا له سوى المشروع الإيراني التوسّعي القائم على إثارة الغرائز المذهبية من جهة، والإدعاء أنّه يقاتل “داعش”، التي صنعها، من جهة أخرى.

صحيح أن الاسم الرسمي للمحكمة الدولية هو “المحكمة الدولية من أجل لبنان”، لكنّ الصحيح أيضا أنّها محكمة من أجل سوريا أيضا. كان الأجدر تسميتها “المحكمة الدولية من أجل سوريا ولبنان”. لم يفت الوقت بعد لتغيير الاسم!

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
أميركا.. آخر العلاج تقسيم سورية

تقسيم سورية، بذريعة نقلها من الدّمار الدموي إلى الإعمار المالي، وتجنيبها المستقبل الرهيب، بذرة لخيار جيواستراتيجي، يبدو أنه سيوضع في المختبر، لمعرفة مدى صلاحيته وقدرته على الحياة، أو ربما لتجهيز البيئة المناسبة لإنضاجه، واستكمال عناصر نموه. ومن الواضح، ومن ظروف طرح هذا الخيار، أنه سيكون من أقوى التوجهات للمرحلة المقبلة، وخصوصاً وأنه يتزامن مع طرح قريب للأمم المتحدة، عبر بعثتها إلى سورية، والتي يقودها ستيفان دي ميستورا، والمتوقع أن يشكل نواة لنجاح هذا الخيار.
لا يقلّل من جدّية هذا الطرح أنه جاء في برنامج تلفزيوني، وبواسطة باحث أميركي، جوشوا لانديس، إذ دائماً ما كان يتم التبشير بالاستراتيجيات الأميركية على شكل هذا النمط من البلاغات، التي قد تتخذ، مرة، شكل محاضرة أكاديمية يلقيها فوكوياما، ويعلن فيها بداية هيمنة القطبية الأميركية على العالم، أو يفجّرها صموئيل هنتغتون، في كتابٍ يتوقع فيه بداية حرب الحضارات بين المسيحية والإسلامية، ويلتقي لانديس معهم، بامتلاكه الأداة اللازمة، بعد أن وضع الإطار النظري ورسم حدود سورية الشمالية الشرقيّة للسنّة، وسورية الغربية الجنوبية مع نظام الأسد، أما المبرر فهو من أجل حياة أفضل للطرفين.
في الواقع، لا يبدو أن هذا الطرح بداية لسياسة أميركية جديدة، بقدر ما هو إعلان لنهاية سياسةٍ، صار الوقت مناسباً لتظهيرها وإيضاحها، سياسة تم توجيه دفّتها باتجاه هذا الخيار، منذ لحظات تأسّسها الأولى، فقد ظلّ توجه أوباما الداعي إلى إسقاط الأسد ضعيفاً، لم يصنع له روافع، ولم يجعل لإستراتيجيته تلك أنياب، مجرد كلام لا يساعد على إقالة مسؤول أمني صغير في طاقم بشار. في مقابل ذلك، اتبع سياسة السقوف المفتوحة التي تشرعن كل ما هو تحتها، لقد اشتغل أوباما على مروحة واسعة من الخيارات والفروض، كان يجعلها دائماً مرنة جداً، ليوسع إطار حراكه بداخلها، وصنع لهذه الحركة فلسفةً تقوم، مرّة، على شعار الحفاظ على الدولة ومؤسّساتها، ومرّة بعدم جدوى أي حل باستثناء الحل السياسي، غير أنه، في كل تلك المرحلة، كان يترك نظام الأسد يرسم خطوط الدولتين بأريحية. واليوم، حين يقبل الأميركيون التقسيم، فهم فقط سيضعون الرمل على الخطوط التي رسمها الأسد. منذ أكثر من عامين، كان سير معارك النظام بهذا الاتجاه، ربما لم يخرج عن الخريطة التي أرادها النظام سوى حلب، وقد صار الهدف واضحاً من حربه فيها، لوضعها في إطار البازار والمقايضة بها بمناطق أخرى، وتحويلها إلى رمادٍ، يستهلك من طاقات الدولة المقابلة عقوداً لإعادة إنعاشها.

" ظلّ توجه أوباما الداعي إلى إسقاط الأسد ضعيفاً، لم يصنع له روافع، ولم يجعل لإستراتيجيته تلك أنياب "

أمام هذا الوضع، لا تجد واشنطن نفسها مضطرة للتبرير والشرح، فهي، ببساطة، محكومة بالوقائع التاريخية والاجتماعية، وبنمط صراع ديني معقد، ليست مسؤولة عنه، وأنّه لم يكن في مقدورها التأثير على المسارات. الناس لا تريد الجلوس مع بعضها، ولا تستطيع قوة في العالم أن تجبرهم على ذلك، أو صناعة دول قومية بالفرض على شعوبها، ولا أن تصنع لهم هويات وطنية مشتركة.

لكن، ثمّة أسباب جيواستراتيجية بعيدة المدى، لمثل هذا التوجه. بحسابات أوباما، لن تعود سوريّة دولة مركزيّة، كما كانت قبل الثورة، ولكن تفتّتها إلى كيانات عديدة قد ينطوي على مخاطر كبيرة للمنطقة، يكفي تقسيمها لكيانين، يشكلان قطع إسناد للمراكز الجيوسياسية الأميركية، دولة من الساحل إلى الجنوب، تكون أولاً تجمعاً للأقليات، وتتميز بعدم سيطرة أكثرية معيّنة فيها، هذه الدّولة لن تكون أفضل حالاً من لبنان، كيان معطل على مستوى القرار والمشروع، ودولة في الشمال والشرق، عاصمتها حلب ذات غالبية سنّية، تصلح لدور الدّولة العازلة بين الأكراد والترك تمتص نزاعاتهما، وتشكل شرفة ومنفذاً لسنّة العراق باتجاه المتوسط، عبر منفذ كسب.
وثمة أسباب شخصية تتعلق بأوباما نفسه، فهو شخصية ضعيفة، لا يستطيع تبني خيارات قوية، والدفع بها، ويواجه الآن الجمهوريين الذين سيحاولون تغيير قواعد اللعبة في الموضوع السوري، ودفعه لمواجهاتٍ لا يرغب بها، كما يواجه أوباما ضغطاً قوياً من حلفائه الأتراك والخليجيين في موضوع مصير بشار الأسد، ولا بد أنه قدّم وعوداً في هذا المجال، والأرجح أن خيار التقسيم سيخلق وقائع جديدة، حتى لو لم ينفّذ هذا القرار، فإنه سيشغل خصومه ومنتقديه.
يحاجج بعضهم أنّ نظام الأسد لا يريد هذا الحل، ودليلهم أنّه ما زال يقدم خدمات للمناطق المحرّرة، كما أنه يبذل جهداً عسكرياً ملحوظاً لاستعادة المناطق التي تقع خارج سيطرته، غير أنّ ذلك يمكن تفسيره في إطار الاستثمار الضروري لهذه الحالة، ذلك أن الأسد لا يريد أن يقال عنه إنّه يدفع باتجاه التقسيم، لأن ذلك سيفشل خطته، ويظهره طرفاً منفّذاً أجندات خارجية، ويمنح الثورة ضده مبرّرات أخرى، ثم إن النظام لا يمكنه الادعاء بالشرعية، إن فعل ذلك، كما لا يمكنه تسخير مقدرات الدّولة كلّها لصالح حربه، إضافة إلى أنّه يريد دفع الطرف الآخر لهذا الطرح لإظهار الثّورة تمرّداً انفصالياً، ما يتيح له النجاة من جرائمه.
اليوم، تأخذ السياسة الأميركية نمطاً جديداً ضمن سياقها القديم، يقوم على تنويع الخيارات، ففي آخر تصريحاته، ركّز وزير الخارجية الأميركي على أنّه يجب أن يكون أمام السوريّين خيار ثالث غير خيار المتشدّدين والأسد، وقد سرح الخيال حينها، صوب اتجاهات عديدة، لكن، لم يخطر ببال أحد مثل هذا الخيار الفريد!

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
أوباما أمام امتحان الخروج من البقعة الرمادية

يصرّ الرئيس باراك أوباما على تأبّط الغموض، بنّاءً كان أو مدمِّراً، كركيزة لسياساته لأنه يرتاح إلى البقعة الرمادية. البعض يرى فيه رئيساً واعياً لرغبات الأميركيين المتقلِّبة والمتناقضة ويدعم أساليب اللاوضوح واللالتزام بالذات في السياسة الأميركية الخارجية. البعض الآخر يعارض أن يكون الرئيس الأميركي في صميمه متردداً، يختبئ وراء الغموض، يخشى الحسم. استقالة وزير الدفاع - تشاك هاغل – أو إقالته – وُضِعَت في إطار المعارضين لأنماط اللاحسم التي يتبناها الرئيس أوباما بإصراره في مسألة أساسية كالحرب على «داعش» أن يكون غامضاً في شقّها المتعلق بالرئيس السوري بشار الأسد. وزير الخارجية جون كيري الذي يتقن الإِبحار على حركة البوصلة المتحركة للرئيس أوباما، يمكن وصفه اليوم بأنه الديبلوماسي البارع في تشكيل أي مشهد سياسي وتلوينه كما يبتغيه الرئيس. لذلك، لوّن كيري تمديد المفاوضات النووية مع إيران بالإنجازات، وهو يعلم جيداً أن الفجوة ربما ضاقت لكنها ما زالت على عمقها. كذلك، فعل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ليس دعماً للرئيس الأميركي وإنما سنداً للرئيس حسن روحاني الذي تم تسويقه على الساحة العالمية بأنه منقذ إيران من التطرف والتشدد. فالاعتدال في الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُحاكم اليوم على أنغام المفاوضات النووية بينما يستفيد التشدد، عملياً، من تخفيف العقوبات بموجب المفاوضات. الأشهر السبعة المقبلة لن تكون سهلة على الرئيس باراك أوباما وهو يقفز بين المفاوضات النووية والكونغرس الجمهوري الذي يتربَّص لطهران... بين نيران الحرب على «داعش» وطلقات الرصاص من أقطاب «التحالف» الدولي على القيادة الأميركية لهذه الحرب. الأشهر السبعة المقبلة ستكون مسرحاً للعنجهيّات بمختلف أنواعها – تلك التي تميّز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو التركي رجب طيب أردوغان، أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو – وستكون أيضاً المساحة لإفرازات وتداعيات الغموض ونقيضه.

تظاهر المدن الأميركية احتجاجاً على تبرئة هيئة محلفين شرطياً أبيض قتل شاباً أسود امتدت من مدينة فيرغسون في ولاية ميسوري إلى أوكلاند في كاليفورنيا. وهذه التظاهرات التي عمّت أكثر من 170 مدينة تحت عنوان معارضة «العنصرية» ستسيطر على انتباه الإعلام الأميركي الذي ينصبّ تقليدياً على مسألة تلو الأخرى، وستزيد المراقبة على الرئيس أوباما، لكنها لن تستحوذ حصراً على كامل السياسة الأميركية، الداخلية أو الخارجية. توقيتها الذي تزامن مع استقالة وزير الدفاع ومع انتهاء المفاوضات النووية بين اللانجاح واللافشل، زاد الضغوط على باراك أوباما، لا سيما وهو يستعد لمعارك ضارية مع الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون الآن بعد الانتخابات النصفية. فهذا الكونغرس الجمهوري سيتربّص بالرئيس الديموقراطي في كل شاردة وواردة – وعلى رأسها في السياسة الخارجية، المفاوضات مع إيران، والحرب على «داعش» بشقيها العراقي والسوري، ومصير العملية التفاوضية بين فلسطين وإسرائيل.

إيرانياً، يعتزم الكونغرس الجمهوري قطع الطريق على تنازلات أميركية في المسألة النووية كما يعتزم إدخال قوانين إضافية تضاعف العقوبات على إيران وتوسّعها لتعاقبها على أدوارها الإقليمية خارج حدودها. إدارة أوباما ستسعى للحد من اللهجة العقابية وإجراءات العقوبات لأن أوباما ما زال يأمل بأن تقترن إنجازاته وتركته بالاتفاق مع إيران. لكن أوباما أيضاً بات يدرك اليوم صعوبة الاتفاق مع إيران على المسألة النووية كما على طموحاتها الإقليمية، وبات يعي أن المعركة بين قوى الاعتدال وقوى التشدد في طهران قد لا تنتهي كما تصوّر.

عدم انهيار المفاوضات النووية لاقى ترحيباً عالمياً، بما في ذلك من الدول الخليجية التي ارتاحت لقرار التمديد لأن البديل كان المواجهة وتصاعد التوتر مع إيران في ظروف تفرض التركيز على الحرب ضد «داعش» وهو على الأبواب الخليجية.

القمة الخليجية التي ستُعقَد في الدوحة في غضون أسبوعين ستعكس أجواء الترحيب بالتمديد والارتياح له بدلاً من نبرة الشماتة أو دعم التصعيد. صحيح أن الدول الخليجية مستفيدة من «حشر» الكونغرس الجمهوري للرئيس أوباما في الزاوية كي لا يتهاون مع إيران، لكنها لا تريد أن تكون عصاه وهو يهدد إيران في المسألة النووية. فالدول الخليجية منفتحة على التفاهمات إذا برزت في الأفق الإيراني قوى اعتدال قادرة على إبرام التفاهمات.

الانقسام داخل إيران واضح، برز بعضه في أعقاب التمديد للمفاوضات النووية وتمثّل في التصريحات على مستوى مرشد الجمهورية علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، حيث إن الأوّل شن حملة على الغرب، والثاني أبرز فوائد المفاوضات.

المتشددون هتفوا «الموت لأميركا». وفي مجلس الشورى قال النائب الأصولي حميد رسائي «مرّت سنة على محاولة روحاني أن يغيّر بمفتاحه السحري الطابع المتوحش لأميركا، لكن مفتاح الثقة انكسر في القفل...». نائب رئيس البرلمان، محمد حسن أبو ترابي فرد، اعتبر أن «الدرس المكتسب من المفاوضات النووية الأخيرة يتمثل في عدم إمكان الوثوق بأميركا. ولغة القوة هي الوحيدة التي تفهمها».

لكنّ الملفت هو ما جاء على لسان مستشار وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي سبحاني، متهماً نائب رئيس الجمهورية العراقي الحالي (رئيس الحكومة السابق) نوري المالكي باتباع سياسات مذهبية خلال فترة رئاسة حكومته، ما أدى إلى تشكيل حاضنة لتنظيم «داعش». هذا ما نقله عنه موقع إلكتروني إيراني «نامة نيوز»، إذ أضاف: «لولا سياسة حكومة المالكي الإقصائية ضد المجموعات السنّية في البلاد، لما وَجَد التنظيم حاضنة شعبية له بين أهل السنّة». ووفق الموقع نفسه، وجه سبحاني انتقادات إلى نظام الأسد قائلاً: «إن الشعب السوري عبّر في البداية عن مطالبه المشروعة بالطرق السلمية، إلا أن نظام الأسد حاول كبت التظاهرات بالقوة المفرطة، ما أدى إلى ظهور مجموعات مسلحة في ما بعد»، مضيفاً أنه «لو اتخذت الدولة السورية في بداية التظاهرات خطوات لتهدئتها، لما وصلت الأوضاع إلى ما هي عليه اليوم».

إذا كان النقاش داخل إيران على نسق هذه التصريحات، وتلك التي داخل مجلس الشورى، فما ستشهده الأشهر المقبلة على الأرجح هو مراجعة جديّة للمسيرة الإيرانية ستؤثر حتماً في السياسات الإيرانية الإقليمية، وليس فقط على الداخل الإيراني.

الأرجح أن تتأزم الساحة السورية وتزداد تعقيداً ودموية في الفترة الآتية لأنها ساحة للمد والجزر بين القوى الإقليمية والدولية ولأنها أيضاً بوتقة امتحان الغموض كما يمارسه الرئيسان أوباما وبوتين مقابل الوضوح الفاقع كما يعبر عنه الرئيس أردوغان.

الانقسامات الإيرانية ستنعكس بالتأكيد على مصير سورية، عاجلاً أم آجلاً، نظراً إلى عمق التورط الإيراني المباشر وغير المباشر في الساحة السورية. فالعقوبات الاقتصادية تقيّد أيدي القوى المتشددة التي استفادت من رفع بعض العقوبات انتقالياً، لكنها الآن ستعاني جدياً. هذه القوى المتشددة راهنت – وهي تظن أن حنكتها بارعة – على قوى الاعتدال في مفاوضاتها النووية لأن نجاحها يؤدي إلى رفع العقوبات. أصرت القوى المتشددة على معارضة التدريجية في رفع العقوبات لأنها المستفيد الأكبر من الرفع المباشر للعقوبات لأنه يضع الأموال فوراً في أيديها. وهذا يمكنها من تنفيذ سياساتها في سورية والعراق واليمن ولبنان فيما يمكنها أيضاً من الاستقواء على قوى الاعتدال.

لذلك، قد يبدو تيار الاعتدال الخاسر الأكبر من اللانجاح في المفاوضات النووية. واقع الأمر، هو أن تيار التشدد والتطرف هو الخاسر الجدي لأن عدم رفع العقوبات يساهم في إفشال مشاريعه الإقليمية ويقطع الطريق على تصاميمه للانقلاب على قوى الاعتدال بعدما تحصل على رفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية.

قد تؤدي هذه الحالة إلى سياسات تلطيفية لطهران كي لا تتوسّع في التورط إن كان في سورية أو اليمن أو العراق أو لبنان، لا سيما أن تنظيم «داعش» دخل الحلبة، وإلحاق الهزيمة به يتطلب قطعاً مشاركة القوى السنّية. أسعار النفط تلعب دورها في نهج تلطيف السياسات اضطراراً، لأن التوسّع مكلف مادياً ومالياً ولأن الداخل الإيراني يعاني اقتصادياً.

لعل لبنان يستفيد من فسحة التلطيف فيتم التفاهم على إخراجه من الفراغ الرئاسي في الأشهر القليلة المقبلة، ولربما أكثر عاجلاً مما هو آجلاً. العراق يشهد تجربة في التوافق والتلطيف، إذ إنه يحسّن علاقاته خليجياً. اليمن بقعة كبيرة جداً على أي من الفاعلين فيها، ولذلك لن تستطيع قوى التشدد الإيراني بسط السيطرة على اليمن حتى وإن بدا ذلك ممكناً انتقالياً. أما سورية، فإنها الساحة المفتوحة على الاحتمالات.

قد يضطر الرئيس باراك أوباما إلى الابتعاد قليلاً عن سياسة اللاوضوح لأنه لن يكون قادراً على ربح الحرب التي أعلنها على «داعش» وهو يتأبط الغموض. هذا ما أبلغه به وزيره المستقيل تشاك هاغل، وهذا ما سيصر عليه أي عاقل ليوافق على تولي مهام وزارة الدفاع الأميركية في هذه المرحلة من مسيرة الرئيس أوباما.

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
لماذا حلب؟

ولماذا ذهب ديمستورا إلى مقر حزب الله في لبنان مباشرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟ ولماذا يُرحب النظام بمشروع المناطق المجمدة؟ وما الهدف من كل المشروع؟ وأهم من ذلك ما المشروع المركزي وعلاقته بحرب حلب الكبرى أو استسلامها.

وقبل استعراض المسار السياسي الدقيق والتصريحات الدولية وساحة النفوذ المتغيّر في الشرق العربي، نُذكّر بقضية مهمة، وهي أن المشاريع الإنسانية العاجلة لكوارث سابقة التي تقرر القوى العالمية المؤثرة تدشينها لم تحتج في يوم من الأيام لإعلان مناطق مجمدة، هذا مصطلح أنتج لمشروع وحالة سياسية خاصة بالثورة السورية، وإلا فالمعتاد والقائم والمنتشر أن تفرض هدنة إنسانية ويخرج المدنيون سالمين وتغاث مناطق القتال بالإعاشة الإنسانية، فلماذا في سوريا اختلف الوضع؟

    "مصطلح المناطق المجمدة أنتج لمشروع وحالة سياسية خاصة بالثورة السورية، وإلا فالمعتاد أن تُفرض هدنة إنسانية ويخرج المدنيون سالمين وتغاث مناطق القتال بالإعاشة الإنسانية، فلماذا اختلف الوضع في سوريا؟"

يختلف الوضع في هذا المشروع الجديد لكون وضع سوريا مختلفا بالكامل في حجم التواطؤ وتنحية المعيار الإنساني، فتصدر الفظائع والمذابح التي ارتكبها النظام، وسوء الوضع الإنساني الذي أكل فيه الناس الشجر، ثم ماتوا جوعا بعد أن استهلكوا ورقه الأخضر، فضلا عن العجز الصحي وغيره، كل ذلك لم يتحرك لأجله المبعوث الأممي لفرض هدنة إنسانية تكررت في كل الحروب إلا في سوريا، ومع ذلك أي مساحة إنسانية يمكن أن تتحقق لهذا الشعب المغدور المحاصر فهي مشروعة للضحية في إطارها الإنساني وليس للمبتز الدولي والإقليمي.

هنا يقفز لنا سؤال المرحلة الخطير عن الهدف من خلق هذا المشروع لمناطق مجمدة هل هو سياسي أم إنساني، وما مهمة هذا المشروع في السياق السياسي والعسكري الشامل؟ وما الغرض من مبادرة ديمستورا في هذا الحراك الضخم نحو حلب؟

يجب التذكير أولا بأن حلب هي قلب الثورة السورية، وأن تصفية الثورة يمر عبرها قبل غيرها، ولذلك هي تحت هذا الحصار الشرس سياسيا وعسكريا، كما أن اختراق داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) ومن يؤيدها من مجموعات من النصرة لبنائها الميداني، حقق تفتتا لقوة ميدانها وتماسكها الاجتماعي العام كجسم للثورة السورية، وإن كانت الخلافات التي بين فصائلها قد فتحت الطريق لجحيم داعش الذي صُب على المدنيين وعلى الثوّار، ثم عاد المحور الدولي والإقليمي لاستثمار مساحة الفوضى الذي حققه داعش.

ومنذ استنزاف وتفرق البناء الميداني للثوّار بدأ النظام ومرجعيته الكبرى في إيران التقدم لحرب حلب الكبرى، فهذه الحرب -وفق تصور هؤلاء- هي مخطط ضخم تتجاوز نتائجه آثار معركة إلى حجم حرب مسقطة للثورة السورية كليا، غير أن هذا التصور لم يكن منفردا لدى الإيرانيين بل قناعة مشتركة في الوقت نفسه لواشنطن تبلورت في حرب داعش. ولكن ما مهمة التوافق الأميركي الإيراني بعد حرب داعش الدولية؟ وما بوصلته؟

هنا العنوان الرئيسي في القضية، قرار حصار حلب الجديد وإسقاطها، جاء في تصريحات متعددة من الجانبين ضمن قرار التنسيق لفرض واقع جديد على المشرق العربي يبدأ بمسمى حرب داعش ويعبر بواسطتها لتصفية الثورة السورية، وتقوية النظام الطائفي في العراق وإعادة صناعته من جديد من ذات الاحتلال المزدوج.

إن الربيع الأميركي الإيراني صعد بصورة واضحة في المنطقة وعزز تعاونه إستراتيجيا ومرحليا بعيدا عن حكايات الشيطان الأكبر وترمومتر الملف النووي وأضحى تحت المشاهدة العلنية وليس التخمين الظني، وتأكيدات واشنطن على أن الشريك لمثل هذه المهام هو طهران تمارس اليوم تنفيذيا، بل إن الصحافة الأميركية تطرح رؤية جديدة مهمة جدا لوضع كل هذا الحراك في سياق واحد.

ما يطرحه الإعلام وتدور حوله تصريحات مسؤولين أميركيين أن البيت الأبيض كان ينسق مع دول الخليج لاحتواء إيران، واليوم ينسق مع إيران لاحتواء دول الخليج العربي!

هذا التحوّل شبه العلني الذي تُنسب إليه مفاوضات مسقط السرية هو ما بات يحكم قواعد اللعبة في المشرق العربي، إيران هي الطرف الفاعل والشريك الإقليمي أمام الآخرين الذين لا ترى فيهم واشنطن قدرة لتحقيق شراكة قوية في السياسة الإقليمية وإن راعت مصالحها معهم.

ليس ذلك فحسب، بل تتحد هذه الشراكة في بعض الأهداف في سوريا، فالخشية من الثورة السورية لدى تل أبيب كمهدد للأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي كان حاضرا بقوة في كل تعاطي الغرب مع القضية السورية، كما أن الخشية من قوة دولة ديمقراطية في الشام أيضا يخيف الغرب الذي كان دائما يرفض الإرادة الشعبية للشرق ويخشى من قوة استقلاله.

    "أهم ما تحتاجه الثورة أمام الخذلان العربي المستمر هو حسن تنظيم صفوفها وإطلاق موجتها التجديدية، حينها ستقوى ميدانيا وسياسيا وتفرض حضورها على تقاطعات عربية ودولية تعبر بعدها لحماية هذا الشعب "

من هنا نعرف الخيوط التي تحاصر حلب وأن مبادرة ديمستورا سواء كانت قصدا فصنعت لذلك، وهذا مرجح أو أُخضعت لمصالح القطبين فهي تأتي اليوم في ظل هذه الحرب الكبرى على حلب. إن التدرج الذي اشترطه النظام هو عدم وقف التصعيد العسكري في المناطق التي يتقدم فيها، فيما يفرض التجميد في المناطق التي يسهل له التجميد حسمها أو يحتاج لإخضاعها بمفاوضات.

أي أن التجميد الذي يحمله المبعوث الأممي ديمستورا، في داخله عملية ابتزاز للثوار وتمهيد لما قيل إنه حل سياسي بالتجميد، فما الحل السياسي الشامل في سوريا الذي يقوم على التجميد وعلى أن الأسد جزء من الحل، كما تقول واشنطن؟

إنه برمجة عمليات استسلام متنقلة لتحقيق هيمنة قوات النظام الذي لن يألو جهدا في تصفية إنسان الثورة أول ما يستقر له الوضع، وتُزرع في كل مدينة سورية سربرنيتسا وتحت بصمة مبعوث أممي كما جرى في البوسنة، ولا يوجد في سجل هذا النظام مطلقا ما يمكن أن يعوّل عليه في سلامة بقية الشعب الذي لم تصله قذائفه وآلياته.

ولكن تبقى قضية الميدان -وكما أكدنا مرارا- هي كلمة الحسم، وصمود الثوار فيها يعني اختراق هذه الجولة الشرسة من الحصار، وبالتالي الإعداد لحقبة جديدة من عمر الثورة تعتمد بعد الله على دعم تركيا ذات الموقف الصلب والمتحد في مصالحه مع الثورة السورية، خاصة حين طرح الرئيس أردوغان محور حلب أمام محور عين العرب/كوباني متسائلا عن سر الصفقات لأجل تلك والصفقات لخنق الأخرى رغم أنها أرض سورية للجميع.

وعليه فإن موقف الثورة وتركيا متحد من حيث المصالح وخريطة التقدم التي يعد لها المحوران بعد كوباني وبعد تراجع داعش في عدة مواقع، ومخاطر تدوير الكرّة على الثورة السورية، وأهم ما تحتاجه الثورة الآن أمام الخذلان العربي المستمر هو حسن تنظيم صفوفها وإطلاق موجتها التجديدية للثورة والثوار، حينها ستقوى ميدانيا وسياسيا وتفرض حضورها على تقاطعات عربية ودولية تعبر بعدها لحماية هذا الشعب واستئناف مسيرة النصر.

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
"استقالة" هيغل... تغيير في الاستراتيجية؟


في الشكل، وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل قدم استقالته وقبِلَها الرئيس الأميركي باراك أوباما. في المضمون، أسئلة كثيرة تدور حول هذه الاستقالة بالنسبة إلى التوقيت والأسباب والأبعاد. السؤال المطُروح صحافيا، يتعلق بما إذا كانت الاستقالة "حرة" أو "تحت ضغوط". فالمتحدث باسم البنتاغون جون كيربي قال إنها جاءت بناء على اتفاق ثنائي بين هيغل وأوباما، في حين ذهبت الصحف الأميركية صوب الحديث عن "استقالة تحت الضغط".

أما في السياسة فكلام الصحف لا يتعدى تحويل الأنظار عن لبّ الحاصل. وللإشارة فإنّ أبعاد التصريحات والمؤتمرات الصحافية تبقى أداة من أدوات السياسة، يسعى من خلالها السياسي إلى إعلان ما يشاء وإخفاء ما يشاء، بما يخدم استراتيجيته ومصالحه. فالكلام المتداول بشأن خلافات بين هيغل ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس حول الملف السوري وتحديد الأولويات، وغيرها من المسائل التي كُشف عنها، لا تتعدى مفهوم الإثارة وإشباع فضول الرأي العام... كما قد تصل لأن تكون "بنجاً موضعيا" في آن... بهدف إلهاء الرأي العام بالتفاصيل والإشاعات على حساب حقيقة ما يجري.

يعني، حتى لا نطيل الكلام... نقاط قليلة في مفاصل هذا التطور قد تكون وحدها هي التي تصبّ في خانة حقيقة القرار الأميركي. تشاك هيغل، شخصية صامتة، تنفيذية، أتت بمهمة ألا وهي تنفيذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتخفيض ميزانية البنتاغون. وفي وقت كانت الأولوية "لمنصب وزير الدفاع" لهاتين المسألتين، طرأ تطور دولي لدى صعود داعش...

وشكلت الولايات المتحدة تحالفا ضده... هيغل بقي في الكواليس، وسطع نجم رئيس أركانه رئيس أركانه مارتن ديمبسي لاستلام وقيادة المهمة. في النتيجة لكلّ مهمته.

زجل تعيين "وزير دفاع" آخر لقيادة هذه المرحلة، لكنّ التوقيت حينها كان حساساً لإنهاء دور هيغل رسميا... بسبب انتخابات منتصف الولاية.

انتهت الانتخابات... وبعد أقل من ثلاثة أسابيع "استقال" هيغل. مرحلة جديدة في استراتيجية الولايات المتحدة اليوم لمواجهة داعش... وزير دفاع جديد وبالتالي ترقب لتغيير في أسلوب التعاطي مع ملف الإرهاب... سيهيئ لمرحلة سنتين من الأخذ والرد والعمليات المحدودة قبل أن يستلم جمهوري جديد الرئاسة ويدخل الولايات المتحدة بأفغانستان وعراق جديدين.

وغير ذلك حول اختلاف في الرؤيا بين هيغل والإدارة أو خلاف شخصي بين هيغل ورايس... إلخ... كلام فارغ. وقد أثبتت التجارب أن أي سياسة "دولة عظمى" لا تقوم على مصالح القادة الشخصية أو مشاكلهم الفردية، أقله في التاريخ الحديث.

"دولة عظمى" كالولايات المتحدة الأميركية التي تتقاسم سيادة العالم مع بعض نظيراتها من الاتحادات أو الدول العظمى منذ عقود... لما كانت لتحافظ على موقعها لو كانت ستتأثر بسياسة رئيس من هنا ووزير من هناك.

الاستراتيجية واضحة مستمرة، فيما الحكام والرؤساء والإدارات أدوات تنفيذية في الشؤون الخارجية والمصيرية. مصلحة الأمة الأميركية واقتصادها يعلوان فوق كل اعتبار... ما يذكّر بكتاب مايكل كلير "دم ونفط". وبما أنّ التاريخ يتذكر أسماء لا سياسات... يتم نسب المرحلة إلى فلان وفليتان. إنها سياسة دولة تقوم على "المداورة والدورية والدوران" فيما الحروب ورغم خسائرها البشرية فإنها أبقت الولايات المتحدة على عرش الكوكب... تقاسمته حينا وانفردت فيه أحيانا.

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
الرقة: «يوميات القتل العادي»

حسام عيتاني
الرقة: «يوميات القتل العادي»
يذكّر رد الفعل البليد الذي أحاط بمقتل أكثر من مئة مدني جرّاء غارات طيران النظام السوري على مدينة الرقة قبل أيام بعنوان كتاب وضّاح شرارة «أيام القتل العادي».

وفيما أثارت الجرائم التي تحدث الكتاب عنها ضجة كبيرة في حينها والواقعة في الحيز السياسي المباشر كاغتيال رياض الصلح، او على تقاطع الاجتماع والسياسة مثل مقتل موظفي صندوق تعاضد الاساتذة الثمانية في تسعينات القرن الماضي، أطبق التجاهل المرفق ببيانات الادانة الصادرة عن بيروقراطيين اصابهم الملل، على استهداف طائرات بشار الأسد تجمعات سكان الرقة مفاقماً من «يومية» القتل و»عاديته» الى الحد الذي يخرج الفعل من أي استثناء او عزم على منع تكراره.

تغير الطائرات على الرقة هكذا، لأنها هدف سهل ومفيد لإظهار الأسد كشريك في الحرب على الارهاب الذي يحتل المدينة، ولأن المغيرين يعرفون انهم سينجون من أي عقاب يزيد عن التنديد اللفظي من وسائل الاعلام ومن الحكومات والدول الكبرى.

أهداف سهلة ودماء رخيصة يقصفها ويدفعها بشار الأسد في قلب ساحة عمليات التحالف الدولي الذي يعجز هو نفسه عن رسم خطة بسيطة ومفهومة (حتى لا نستخدم كلمة «استراتيجية») لما يريد تحقيقه من حربه على «داعش». وفي الوقت الذي يبقى القول للعسكريين في شأن المعرفة المسبقة لأجهزة التحالف بوقوع ضربة الطيران السوري (نظراً الى خضوع الرقة كمنطقة عمليات للتحالف لرقابة مستمرة استخبارية وعسكرية من قبل قواته)، فإن تعامي الحكومات الغربية عما جرى في الرقة صباح الثلثاء الماضي يفصح عن أمور عدة.

أولها وأفدحها، غياب الرؤية السياسية لكيفية التعامل مع نظام الاسد ومع «داعش» في آن. فالأحاديث الأميركية عن الحرب الطويلة تفسر احوال قائلها اكثر مما تفسر الوضع القائم ومستقبله. فهؤلاء الحائرون بين رطانتهم عن حقوق الانسان واستهداف المدنيين و»وحشية قوات بشار الاسد» - على ما ورد في بيان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية - وبين اعاقتهم لأي ضغط جدي لفرض الحل السياسي على الأسد، لا يفعلون في واقع الامر غير ارسال رسائل فارغة من أي مضمون الى الأسد وحلفائه: ما من سياسة او خطة او قدرة على تحمل عبء وقف المذابح بحق السوريين. الفراغ الاميركي لا ترجمة له، بداهة، الا التشجيع على المزيد من القتل المجاني.

ثانيها، أن توفر الضحايا الجاهزين للموت والصامتين والذين لا باكين عليهم ولا مطالبين بالعدالة لهم في الحكومات ووسائل الاعلام، يعيد الى الاذهان قضية الاختلاف في المعايير وفي «قيمة» القتلى. مثال بسيط ان المقطع المصور الذي صور ذبح «داعش» رهينة غربياً ضم كذلك صور ذبح 18 جندياً سورياً. لم يبالِ أحد، خصوصاً نظام الأسد، بالقتلى السوريين الذين سقطوا ضحية وحشية لا تقل عن تلك التي تعرض لها الرهينة الغربي. كما لم يبالِ احد بضحايا الرقة. فالقتلى انواع وأصناف والانسانية لا تغطي عينيها (على ما نجد في التماثيل التي تشخص العدالة) ولا تتعامل مع البشر بذات المعايير. فكعب القتيل الغربي أعلى من كعب زملائه الجنود. ولا شك أن في أدنى اللائحة يقبع ضحايا الرقة الذين لم يحزن احد لأجلهم غير اقربائهم المباشرين.

ثالثها، ان سلوك التحالف في تمييزه بين الضحايا، يصب الماء في طاحونة «داعش» ومقولة المظلومية السنّية وتحمّل هذه الجماعة الخسائر البشرية والمادية الاكبر في صراعات المنطقة التي تزداد سمات «اليومية» والعادية» فيها.

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
مع اقتراب "تنظيم" الدولة الاسلامية منها ، درعا بين الرعب و الترقب


اجتاحت حالة من التخبط الإعلامي أوساط الثورة في درعا مع وصول أنباء عن أرتال كبيرة لـ”تنظيم” الدولة الاسلامية في منطقة بئر قصب في الجهة الشمالية للسويداء و درعا معاً ، فعاش الاعلام في درعا خلال اليومين الماضيين حالة من التشنج ما بين المترقب لمعرفة وجهة "تنظيم" الدولة الاسلامية جنوبا الى درعا او غربا باتجاه الغوطة الشرقية او ثباتا في المكان في الصحراء السورية و ما بين الداع لاستنفار مما يرونه خطر قادم باتجاه درعا التي تعتبر المحافظة الوحيدة التي لم تشهد أي تواجد لـ”تنظيم” الدولة الإسلامية منذ إعلان تشكيلها .
حتى ساعات قليلة اقتصر الأمر على التجاذب الإعلامي و ربما شهد مركز التنسيق العسكري الغربي (الموك) المسؤول عن العمل العسكري في الجنوب السوري حديثا في هذا الأمر كذلك ، إلى أن أعلنت مصادر في جبهة النصرة إرسالها تعزيزات عسكري وصفتها بالكبيرة إلى الحدود الشمالية الشرقية من منطقة اللجاة في درعا و المتاخمة لمنطقة بئر قصب التي تشهد تواجد لـ”تنظيم” الدولة الإسلامية حاليا ، و عللت النصرة الأمر بأنها ذاهبة لمواجهة قطاع الطرق و اللصوص الذين بايعوا الدولة هناك ، لينتقل الأمر فعلا من حدث اقتصر في درعا على الإعلام لما يبدو أنه تحرك سريع على الأرض قد يرسم ملامح مواجهة عسكرية وشيكة بل وشيكة جدا في الجنوب .

فما حقيقة هذا التحشيد ؟ و إلى أين يتجه ؟ و هل حقاً يريد "تنظيم" الدولة الإسلامية التمدد نحو درعا الآن ؟

بداية فمنطقة بئر قصب تشهد تواجدا لـ”تنظيم” الدولة الإسلامية منذ فترة طويلة و إن اقتصر الأمر فيها على عدد و عداد محدود ، كما أنها تشهد تواجد أوسع لجيش الإسلام ، شهدت المنطقة منذ عدة أيام اشتباكات بين الطرفين على خلفية مبايعة إحدى المجموعات الموجودة في المنقطة للدولة الإسلامية و التي تسمى بمجموعة "المكحل" قضى خلالها عدد من افراد جيش الإسلام و تم أسر أعداد اخرى منهم و من أحرار الشام كذلك بيد "تنظيم" الدولة الإسلامية و سيطرت الأخيرة على عدد من الأسلحة بينها دبابة لجيش الإسلام ، تلى ذلك تسارعا وصول أرتال لـ”تنظيم” الدولة الإسلامية قادمة من الشمال لتعزيز تواجدها في بئر قصب .

حتى هذه اللحظة لا يبدو أن درعا معنية بما يحصل على الرغم من أن هذه الأحداث تقع على تخومها الشمالية و على منفذها الوحيد باتجاه الشمال التي تسيطر على جزء منه "تنظيم" الدولة الإسلامية كذلك ، فـ"تنظيم" الدولة الإسلامية لم يبادر - أقلها حتى الآن - بالتقدم نحو مناطق درعا و لم تفتتح قتالاً مع فصائلها العسكرية .
فهل يجب على فصائل درعا أن تبادر هي لفتح جبهات القتال مع "تنظيم" الدولة الإسلامية تجنبا أن تبادرهم الهجوم ؟
الإجابة على هذا السؤال تحتم علينا معرفة وجهة "تنظيم" الدولة الإسلامية التالية بعد بئر قصب ، فإن كانت درعا وجهتهم فقد أصابت فصائل درعا بفتحها قتالا استباقيا لحماية نفسها من تمدد "تنظيم" الدولة الإسلامية و سنكون أمام معركة جديدة على الجبهة الجنوبية ، و إن لم تكن درعا وجهتهم فقد ارتكبت فصائل درعا الكارثة و " عاثت في عش الدبابير " الذي سيعطي للـ"تنظيم" فرصة و ذريعه فتح معركة الجنوب على أوسع أبوابها وسعيها لإنهاء ما بدأته في دير الزور !!

يبدو اليوم أن فصائل درعا تقف على حد السيف ، فهي تقاتل النظام في جبهة الشيخ مسكين و القنيطرة و بعض الجبهات الاخرى و أمام تحدي و خيار صعب بأن تذهب بنفسها لفتح جبهة جديدة مع "تنظيم" الدولة الإسلامية التي لم تعلن "رسمياً " نيتها التقدم نحو درعا حتى اللحظة مع وجود بعض الداعين لدخول درعا من قبل التنظيم .
خيار صعب قد يحدده معطيات عديدة على الأرض ، أهم هذه المعطيات و الذي علينا ألا نغفله أبدا هو جناح ابو ماريا القحطاني داخل جبهة النصرة في درعا فالأخير بعد انسحابه من دير الزور على وقع قتاله للدولة قد يجر جبهة النصرة في الجنوب نحو افتتاح مواجهة جديدة لا تملك فيها الأفضلية مطلقا وسط انحصار النصرة بين الآردن جنوبا و الدولة و النظام شمالا و يبدو فعلا أن هذا المعطى هو ما دفع النصرة إلى إعلانها الأخير .
أما النقطة الثانية فهو (الموك) نفسها ، فهل تريد ( الموك ) اليوم بدء فصائلها العسكرية في درعا بشكل أكبر لمواجهة "تنظيم" الدولة الإسلامية على غرار ما فعلته تركيا عبر تحريكها للعكيدي ؟ أم أنها ستقف مترقبة معركة بين النصرة و الدولة ينهي كلاهما الآخر على أبواب درعا و يمهد للفصائل التابعة (للموك) أن تبسط سيطرتها الكاملة وسط غياب الرايات السوداء بكافة اشكالها عن الجنوب وفي كلا الحالتين سيشكل الأمر تمهيدا للتحالف الدولي لبدء مهامه الجوية جنوبا .
و النقطة الثالثة تكمن في حالة من التخوف في صفوف فصائل درعا من حالات مبايعة جماعية لتنظيم الدولة الإسلامية قد تقوم بها مجموعات من الفصائل العسكرية فور وصول التنظيم للجنوب ولاسباب مختلفة


نحن أمام ساعات يقف فيها الجميع أمام برميل للبارود ، ففصائل درعا تمسك بفتيل و "تنظيم" الدولة الإسلامية بفتيل آخر و من يبدأ بإشعال فتيله سيفجر الجنوب كاملا ،

اقرأ المزيد
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤
"إقالة" هيغل.. تخبط أوباما في سورية

لم تَنْطَلِ "مسرحية" الإعلان عن "استقالة" وزير الدفاع الأميركي، تشاك هيغل، على أحد، حيث إن جميع المراقبين في الولايات المتحدة يدركون أن ما جرى كان عملية عزل للرجل من الرئيس، باراك أوباما، الذي جاء به إلى المنصب، قبل أقل من عامين.
إقصاء هيغل بهذه الطريقة الفجة، والتي شملت اتهامات له من مسؤولين رفيعين، مجهولي الهوية، بضعف الأداء، يأتي في سياق استمرار تخبط إدارة أوباما وانقساماتها في الملفّين، العراقي والسوري، والحرب التي أعلنتها على "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش). وليس سِرّاً أن أوباما، والدائرة الضيّقة حوله، من المستشارين المدنيين، يقاومون ضغوط القادة العسكريين لتوسيع مستوى انخراط الولايات المتحدة في الحرب على جبهتي العراق وسورية، تحديداً.
ففي حين أن أوباما متمسّك بوعوده الانتخابية بأن ينهي أكثر من عقد من الحروب التي أشعلها سلفه، جورج بوش، ويرى أن الأمر يتعلق بإرثه الرئاسي، فإن جنرالاته، في المقابل، يطالبونه، الآن، بضرورة إعطائهم كل ما يحتاجون إليه لتحقيق نصر عسكري حاسم، في حربٍ هو نفسه من أعلنها. أوباما، المقاتل المتردد يريد أن يحصر حربه بضربات جويةٍ، وبالقيادة من الخلف، عبر تحالف دولي فضفاض، ويكافح لكي لا يضع قوات أميركية مقاتلة على الأرض، غير أن استراتيجيته المعلنة، يبدو، إلى الآن، أنها لا تعمل بالشكل والسرعة المطلوبين، خصوصاً في غياب "شريك يمكن الاعتماد عليه" في سورية، وترهل القوات العراقية. وهكذا، وجد أوباما نفسه وجهاً لوجه أمام قياداته العسكرية، وتحديداً، رئيس هيئة الأركان، الجنرال مارتن ديمبسي، الذي أغضب البيت الأبيض، غير مرة، بتلميحاته المتكررة عن احتمال طلبه قوات أميركية مقاتلة على الأرض، غير التي تلعب دوراً استشارياً، أو تدريبياً. وبسبب هذا الخلاف الذي خرج إلى العلن، كانت التضحية بهيغل.
عندما رشح أوباما هيغل، ليكون وزير دفاعه، مع بدء فترة رئاسته الثانية، مطلع عام 2013، فإنه كان يرى فيه حليفاً لمسعاه في تقليل جرعات العسكرة في السياسة الخارجية الأميركية. وعزز من قناعة أوباما بهيغل أن الأخير خدم فترتين في مجلس الشيوخ الأميركي، عضواً عن الحزب الجمهوري، وكان أحد الجمهوريين القلائل الناقدين لسياسة إدارة بوش الابن في العراق. وبسبب مواقف هيغل من أسلوب إدارة الملف العراقي، وانتقاده مبالغة إدارة بوش بالاعتماد على القوة العسكرية، في سياستها الخارجية، فإنه طور علاقة قريبة مع عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، في ذلك الحين، باراك أوباما، بشكل أغضب جمهوريين كثيرين.
وفعلاً، لم يخيّب هيغل ظن أوباما، فهو أشرف على خفض ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، وساهم بشكل فعال في الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية في أفغانستان، وحرص على تنفيذ انعطافة إدارة أوباما نحو منطقة المحيط الهادئ في آسيا، غير أن بروز خطر "داعش" في يونيو/حزيران الماضي، وسيطرتها على مدينة الموصل ومناطق أخرى واسعة في العراق، ثمَّ توحيدها تلك المناطق مع المناطق التي تسيطر عليها في سورية، فرض تحدياً جديداً أمام إدارة أوباما.
في السياق العراقي، لم يجد أوباما مشكلة كبيرة في تحديد موقفه، خصوصاً بعد أن أطيح رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، شرطاً أميركياً للتدخل ضد "داعش" هناك. صحيح، أن أوباما يعتبر الانسحاب من العراق، أواخر عام 2011، أحد أهم إنجازاته الرئاسية، غير أن عدم وقف تقدم "داعش" كان يعني تلطيخاً لذلك الإرث. ولأن العراق يتوفر على حكومة تعترف بها الولايات المتحدة، فإن أوباما أعلن أن العون الأميركي سيقتصر على التدريب والتسليح والدعم، عبر سلاح الجو للقوات العراقية والكردية، غير أنه اضطر، في مرحلة لاحقة، إلى أن يضع "مستشارين" عسكريين أميركيين على الأرض، ليوجهوا الضربات الجوية، ويعينوا القوات العراقية والكردية في جهودهم للتصدي لتنظيم الدولة.

" تخبّط أوباما وتردّده في سورية جعل من نكبة السوريين ورقة على طاولة الصفقات الأميركية-الإيرانية المتوخاة "

معضلة أوباما الحقيقية هي في سورية، فهو، وإن كان قد طالب، منذ سنوات، بضرورة تنحّي الرئيس، بشار الأسد، وأعلن، غير مرة، أن المذكور فاقد للشرعية، إلا أنه بقي يصر على أن الحل ينبغي أن يكون سياسياً، وذلك على الرغم من فشل مؤتمرين في جنيف، جراء تعنت النظام السوري. وحتى عندما تجاوز الأسد خط أوباما الأحمر، واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، في أغسطس/آب 2013، فإن أوباما تراجع عن تنفيذ وعيده، بشن ضربة عسكرية على قوات النظام. أكثر من ذلك، فإن أوباما، دائماً ما عارض تسليح قوات المعارضة السورية "المعتدلة"، على الرغم من ضغوط وزيري خارجيته ودفاعه السابقين، هيلاري كلينتون، وليون بانيتا، ومعهم رئيس جهاز المخابرات المركزية السابق، الجنرال ديفيد بترويس.
ولم تُجْدِ نفعاً كل الضغوط على أوباما، من بعض حلفائه العرب والإقليميين، وفي مقدمتهم السعودية وتركيا، وبدعم من وزير خارجيته الحالي، جون كيري، وهيغل نفسه، بضرورة تسليح "المعارضة المعتدلة" بأسلحة نوعية، وتحديداً صواريخ أرض-جو المحمولة على الكتف للتصدي لطيران النظام الحربي.
تخبّط أوباما هذا، ما بين عدم اعترافه بشرعية الأسد، وفرضه "فيتو" على تسليح "المعارضة المعتدلة"، أحدثَ فراغاً في سورية ملأته "داعش". ومع إعدامها مواطنيْن أميركيين، وإعلان إدارة أوباما الحرب عليها في سورية والعراق، في سبتمبر/أيلول الماضي، جنى أوباما حصاد تخبطه سنوات. فهو قد "اكتشف" فجأة أنه لا يملك "شريكاً" يمكن الاعتماد عليه على الأرض السورية، وأنّ من يستفيد من قصف مواقع "داعش" هو النظام السوري. هذا ما قاله هيغل نفسه في مذكرةٍ بعثها إلى البيت الأبيض، أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مطالباً بوضع استراتيجية للتعامل مع نظام الأسد، الأمر الذي أغضب البيت الأبيض.
وهكذا، انتهى الأمر بهيغل الذي جيء به لينفذ "رؤية" أوباما الضبابية، أن يكون خصماً لها، ووجد نفسه في صف جنرالات وزارته الذين يَشْكونَ من تكليفهم بحرب، من دون أن يعطوا ما يحتاجون إليه للانتصار فيها.
اللافت في هذا السياق، أن ثمة من السوريين من لا زال يراهن على دور لإدارة أوباما في تخليصهم من نظام الأسد وطغيانه، في حين أن مسؤولي إدارته يصرّحون، ليل نهار، إنه لا يوجد بديل عملي للأسد اليوم. إنها الحقيقة المُرَّة التي لا يريد كثيرون أن يعترفوا بها. فتخبط أوباما وتردده في سورية جعل من نكبة السوريين ورقة على طاولة الصفقات الأميركية-الإيرانية المتوخاة. ومن دون تمرد تركيا، والمحور العربي المعارض للأسد، على الفيتو الأميركي، بتسليح الثوار بما يحتاجون إليه، أو سبر غور إمكانية اجتراح صفقة سورية-سورية، لا أميركية-إيرانية، ستبقى سورية في الفوضى المدمرة التي تعيشها، اليوم، سنوات مقبلة.

اقرأ المزيد
٢٧ نوفمبر ٢٠١٤
أنصاف الحلول أشد خطراً من بلا حلول ؟!

أقدّر كل جهد صادق من أجل رفع المعاناة عن أهلنا في الشام في البحث عن حل أزمته التي طالت، للجاهد منه بدايته متغافلا عن نهاياته ومآلاته، فعلى الساعي إلى مثل هذه الحلول الاعتبار من  مآلات حلول سابقة اُستوردت من هنا أو هناك لا تناسب بيئة ولا هواء، فضلاً عن أن قواعد اللعبة واللاعبين والمتلاعبين في هذه المنطقة أو تلك تتباين وربما تتناقض تماماً مع قواعد مماثلة لها في مناطق أخرى..

علّمنا التاريخ أن أنصاف الحلول  تكون كالأسبرين مع مريض السرطان أو نحوه، فقد  ينفع الأسبرين في  تسكين الألم، ولكنه ألم سريعاً ما يعود، لا سيما إن تعوّد عليه الجسم، فحينها لن تنفعه أسبرين ولا ما فوقه، وستنفجر الأزمة حال اختفاء المسكّن بشكل يكون أكثر إضراراً بالوطن والمواطن.

الإشكالية الأساسية في النظام السوري وغيره من الأنظمة الاستبدادية الشمولية الديكتاتورية ليس في رأس النظام ولا في هرمه، فالهرم إنما يشكل رأس قمة جليد تُخفي أسفلها جبلاً جليدياً مصمتاً من الاستبداد والديكتاتورية ورفض الآخر، لا سيما وأن هذه الأنظمة قد تغذّت على مدى تاريخها الاستبدادي على الدم والقتل والتشريد والاعتقال، فحياتها ومصلها ودمها هو بإهانة المواطن واحتقاره، والسعي إلى نقل هذا الجسم المصمت غير الانساني والبشري إلى حياة بعيداً عن جوه وطبيعته الدموية، تماماً كزرع أشجار المانغو في سيبيريا أو زرع أشجار تلائم بيئة الأخيرة في مناطق خط الاستواء..

قد يخرج عليك المشفقون أو ممن يتظاهرون بالإشفاق فيلقون عليك المحاضرات في أن الشعب قد تعب وسئم من الحرب، وأنك تعيش في برج عاجي بعيداً عن اهتمامات الشعب،  وكأنه هو يعيش في الغوطة أو في حلب أو في المدن السورية الصامدة الصابرة، وكأنه وكيل عن شعب انتفض ضد نظام مجرم استبدادي منتصراً لكبريائه وعزته، ويتعامى هؤلاء عن حقيقة ناصعة جلية أن الشعب السوري في الداخل أكثر صموداً ممن هم في الخارج، وأنه لم يعبر يوماً عن تأفف أو غضب لما آلت إليه أوضاعه، فضلاً عن غضبه من انبطاحية البعض في الخارج بحجة استحرار القتل في الشعب السوري، فاندفع إلى السراب الذي اندفع إليه غير مرة فلم يجد عنده شيئاً..

الشعب السوري لم ينتفض ضد الطاغية بشار كشخص وإنما انتفض ضد نظام متكامل، وهو الانتفاض الذي بدأت باكورته منذ مطلع السبعينيات بوصول الطاغية الأب حافظ أسد  إلى السلطة واستمر في انتفاضته حتى الثمانينيات،  ولكن خبا في وقت من الأوقات لظروف ليس المكان لتفصيلها، ثم عاد وانتفض الشعب من جديد في آذار 2010 مطالباً بالحرية،  وبالانشقاق عن دولة العبيد.. دولة المخابرات، ولذا ما لم تتفكك دولة المخابرات ذات الـ 17 جهازاً، وتعود سوريا دولة القانون فإن الوضع سيكون أخطر مما نعيشه اليوم، حينها سينتقم هؤلاء من كل من انتفض ضدهم، ولنا في تجربة الثمانينيات عبرة وعظة، وهنا اسأل كل من يريد التصالح مع دولة عميقة بعمق جهاز المخابرات السوري هل يجرؤ هو نفسه على النزول إلى سوريا في حال عملية المصالحة، حينها سيكون مصيره كمصير من دهسته سيارات المخابرات بعد إفراجها عن بعض المعتقلين في التسعينيات، والفارق بين تلك الفترة والآن هو أن حينها لم يكن هناك ثورة ولا انتفاضة أذاقتهم مر الكأس.

ما جرى في دول باجتراح حلول سهلة سريعة مستوردة لا تحقق طموحات المنتفضين والثوار رأينا نتائجها اليوم في مصر وليبيا واليمن وتونس، فما لم يُحاسب الطغاة المستبدون ويُحاكموا في محكمة الثورة ويلقوا جزاءهم في ساحات التحرير والثورة والاعتصام فإن دولة المخابرات العميقة في ربيعنا العربي ستظل الحاكم بأمرها، وستعود حليمة إلى عادتها القديمة ..

النظام العالمي كما النظام المحلي بُني منذ الدولة القومية القطرية البائسة والسيئة الصيت والسمعة على النظام المخابراتي، وكل التحركات السياسية والديبلوماسية الظاهرة والمستترة لا تعكس حقيقة الأنظمة المستبدة عربية كانت أو أميركية أو روسية، غربية أو شرقية، فما يعكسها حقيقة هو النظام الأمني المخابراتي، وبالتالي فغضبة الشعب السوري وغيره لم تكن إلا ضد هذا الدولة المخابراتية العميقة التي سامته سوء العذاب على مدى عقود، وربما هذا ما يفسر تضافر جهود عالمية مشتركة بأشكال متعددة  لسرقة الثورة السورية، والسعي إلى إطالة معانات الشعب، لكن لم يعد للشعب ما يُخشى عليه بعد كل هذا الدمار والخراب.

 قد تكون ثمة قوى تجارية متنفذة لا تزال تحافظ على مكتسباتها التي اكتسبتها من قوت الشعب لعقود، هذه القوى التي تحالفت مع نظام الإجرام لا بد أن تلقى عاقبتها أيضاً وأن تُعيد ما نهبته من الشعب على مدى عقود، فإن كان ثمة دولة مخابراتية عميقة في سوريا، فهناك دولة تجار عميقة فيها وفي غيرها، تحالفت مع النظام ووقفت في وجه طموحات السوريين في السبعينيات والثمانينيات، وها هي تحاول الآن من جديد  بذرفها دموع التماسيح على ما تبقى من الشعب السوري أن تُنقذ نفسها من حبل مشنقة الثورة السورية، هذه الدولة التجارية العميقة لا بد أن تتفكك، ويعلم معها الشعب السوري حقيقتها وجوهرها، وكيف تشكلت وما هي خيوطها، ومن هم واجهاتها، لتعود التجارة والصناعة متصالحة مع الثورة والثوار ومتصالحة مع مصالح الشعب، لا استغلال ولا استعباد..

إن من طرح فكرة الحوار السوري _السوري سابقاً أعفى يومها الأمم المتحدة من مسؤوليتها في حفظ الأمن والسلم في سوريا، ووجدتها فرصة ذهبية لتتحلل من كابوس أخلاقي يطاردها تجاه المأساة السورية ، هو نفسه  من يطرح اليوم حواراً جديداً مارثونياً مع نظام يريد الحوار من أجل الحوار لتبدأ عملية استنساخ المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، فنعمت اسرائيل بدفء العلاقات العربية والعالمية، وهو ما سيتكرر ويفوز الطاغية بعودة علاقاته الديبلوماسية مع العرب وغيرهم، بإعادة إنتاج نفسه، ويتحضر الوسيط العماني إلى مهمة جديدة؟!

أخيراً ما يأمله الشعب السوري هو تحرك ممنهج ومدروس، يرقب العواقب البعيدة كما يهتم بالمصائب القريبة، لا تحرك فزعة على ما تعودنا عليه و عُوّدنا عليه في حياتنا الاجتماعية كما السياسية، فأهل الاختصاص والمعنيون ينغبي أن يكونوا هم أول من يعلم لا  آخره، فعهد البصم وحاضر سيدي ألغته الثورة السورية، فهذا عهد الشفافية والعمل تحت الشمس؟!،

الصمود الأسطوري للشعب الشامي وانتصاراته المتلاحقة رغم كل التآمر العالمي عليه وعلى ثورته سيكون الصخرة التي تتحطم عليها كل أحلامهم ومخططاتهم الشريرة.

اقرأ المزيد
٢٧ نوفمبر ٢٠١٤
في الكشف عن مستور كرد النظام السوري

توضيحاً لمن يشك، ولو للحظة، (ومن دون أن أكون ناطقاً مخولاً)، أستطيع الجزم بأن المزاج العام في اللحظة الراهنة للوطنيين الكرد السوريين، في سائر أجزاء جسم الحركة الكردية، مجموعات وأفراداً، ليس بصدد افتعال المعارك، بأنواعها، مع الأحزاب عامة، وجماعات حزب العمال الكردستاني (ب ك ك )، خصوصاً، وبما أن الأخيرة هي البادئة بالإلغاء والتخوين، أقول: نحن الأصل، وهي الطارئة، نمتد من خويبون، مروراً بالمحاولات الأولى لتنظيم الفعاليات الثقافية والسياسية والحزب الديموقراطي الكردستاني في سورية المنبثق، في أواسط الخمسينيات، واليسار القومي الديموقراطي الذي دشنه كونفرانس الخامس من أغسطس/آب 1965، وانتهاء بالحراك الشبابي الثوري والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني، المهنية والثقافية والإعلامية، المشاركين في الثورة السورية، منذ اندلاعها، بنضالنا وتضحياتنا، خلال عقودٍ، حافظنا فيها على وجود شعبنا من الاندثار، وعلى قضيتنا من الضياع، وجسدنا شخصيتنا القومية ضمن إطار القضية الوطنية السورية، في مواجهة نظام الاستبداد، حسب معادلة متوازنة وتفاعل إيجابي. أما تلك الجماعات الخارجة من رحم المنظومات الأمنية الحاكمة في الدول المقسمة للكرد، ووطنهم التاريخي، فقد جاءت جزءاً من مشروع هذه المنظومات، العنصري – الطائفي، ومخلباً لمواجهة نهجنا الوطني المعبر عن إرادة الشعب ومصالحه، ونصيراً لنظام الأسد الأب في إبطال مشروعية كرد سورية شعباً وقضية.
وعلى الرغم من فشل – السيستيم – الحزبي، والسقوط المدوي لسياساتها، إلا أننا كنا سنقول كلمتنا بالإيجاب، لو حملت هذه الجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني بديلاً أفضل من الأحزاب الكردية السورية القائمة، والتي تفوق العشرين، لكنها جاءت بالأسوأ، حيث إضافة إلى كونها، كما ذكرنا، جزءاً من مشروع النظام، مثل غالبية الأحزاب الأخرى، نقلت إلى مجتمعنا حزمة من العادات السيئة والردات الفكرية والثقافية والسياسية، من جملتها: عدم قبول الآخر المختلف، بل تخوينه وتصفيته بقوة سلاح السلطة، وعبادة الفرد، والنزعة الفاشية، وإخفاء الحقيقة عن الشعب، ونشر الأضاليل الإعلامية، وتقديم كرد سورية وقضيتهم قرباناً في بازار المساومات بين (ب ك ك) من جهة وأنظمة سورية وإيران وتركيا من الجهة الأخرى.
نعلم تفاصيل علاقات هذه الجماعات بالنظام السوري، منذ حط زعيمها الرحال في ضيافة جميل الأسد، شقيق الدكتاتور الأب وعم المستبد الابن، بداية الثمانينيات. وفي مرحلة لاحقة منذ ثلاثة أعوام، وهي تنكر لفظياً من دون إقناع أحد. ومن دون الذهاب بعيداً، ومن دون تكرار ممارساتها منذ بداية الثورة السورية، نأتي، على سبيل المثال لا الحصر، بقرائن قريبة، ففي الندوة المقامة في برلمان الاتحاد الأوروبي، قبل أيام، أعلن مسرور بارزاني، في مداخلته، عن إدانته نظام الأسد، الذي ساهم في ظهور "داعش"، في حين سكت ممثل هذه الجماعات، ولم يشر إلى ذلك، لا من قريب أو من بعيد، علماً أنه، كسوري، معني بالقضية السورية، وكان الأولى بإدانة النظام والمطالبة بإسقاطه، إن لم يكن متورطاً، وأمام إعلان وليد المعلم، وزير خارجية الأسد، في صحيفة الأخبار اللبنانية، أن نظامه لم يتوقف عن إرسال السلاح والذخيرة إلى كوباني، مع شهادته عن حسن سلوك هذه الجماعات، وتهجمه على السيد رئيس إقليم كردستان. أليس مطلوباً، إن كانت الجماعة صادقة وواثقة من نفسها، ردّاً مطولاً من قيادتها السياسية حول هذه المسائل؟
تمارس هذه الجماعات أساليب مليشيات وشبيحة الأسد وإيران نفسها. وبعدما كان حسن نصرالله قد انتقد التدخل الأميركي والأوروبي في العراق وسورية ضد "داعش"، عاد، فاستدرك، بعدما تبين أن الضربات الأميركية في العراق منسقة، تماماً مع إيران التي تقود العمليات على الأرض، والتي أرسلت قاسم سليماني، ليتولى ذلك بنفسه، وليضمن عدم خضوع بغداد لضغوط واشنطن التي تطالبها بتسليح العشائر السنية في الأنبار، ثم قرر أن حزبه جزء من حرب التحالف الدولي على تنظيم البغدادي، وقال: "سنلحق بهم الهزيمة في كل المناطق والبلدان، وسيكون لنا شرف أننا كنا جزءاً من ذلك"، وحذت هذه الجماعات حذو نصرالله، فقد كانت ضد أي تدخل أجنبي في سورية، كما هي سياسة هيئة التنسيق، وهي عضو فيها، وتفتخر، الآن، بأنها جزء من التحالف الدولي ضد "داعش".
ركبت هذه الجماعات، وخصوصاً المسؤولين السياسيين عنها، موجة الدفاع عن كوباني، وتحاول استثمار معاناة أهلنا هناك الذين يواجهون، بغالبيتهم الساحقة، نظام الاستبداد، منذ اندلاع الثورة السورية، وظهر بينهم مناضلون أشداء، في وقت ظهرت فيه هذه الجماعات بالضد من إرادتهم والحؤول دون مواصلتهم كفاحهم الوطني، ثم التفرد بالسيطرة بقوة السلاح على مقدرات المدينة وريفها، كسلطة الأمر الواقع، وعدم إفساح المجال لأي طرف، أو فئة، أو مجموعة، من المشاركة في إداراتها، ثم عجزت عن مواجهة جحافل "داعش" التي احتلت أكثر من 300 قرية، وصولاً إلى قلب المدينة، ولولا ضربات التحالف الدولي من الجو، ومشاركة فصائل من الجيش السوري الحر وفزعة بيشمركة كردستان العراق (في إطار التوافقات الإقليمية)، لكانت المدينة في وضع آخر، وهذا لا ينتقص أبداً من البطولات الفردية المشهودة للمدافعين من قوات وحدات حماية الشعب (ي ب ك) الذين ننحني لهم تعظيماً وتقديراً، وكذلك لمقاتلي الفصيلين الآخرين.
"جماعة (ب ك ك) إشكالية، ومتهمة، ومشكوك في أمرها، وغير مقبولة كرديّاً وسوريّاً وإقليميّاً ودوليّاً
"

صمود أهلنا في كوباني الكردية السورية، وبطولات المدافعين عنها، استحوذا على اهتمام الرأي العام، وجلب التعاطف للكرد، شعباً محروماً من الحقوق، منذ تشكل الدولة السورية، وليس لحزب أو جماعة، خصوصاً إذا كان على شاكلة جماعات (ب ك ك) الإشكالية، والمتهمة، والمشكوك في أمرها، وغير المقبولة كرديّاً وسوريّاً وإقليميّاً ودوليّاً. لذلك من الضرورة بمكان تحويل هذا التعاطف والدعم إلى وجهتهما الحقيقية، وتعزيز الصمود أمام كل من إرهاب (داعش) والنظام المستبد وترتيب البيت الكردي، عبر مؤتمر وطني عام، يغلب عليه المستقلون وممثلو الحراك الشبابي الكردي، وإعادة بناء العلاقات المصيرية مع قوى الثورة والجيش الحر على أسس متينة واضحة.
السبيل الوحيد لاستعادة الثقة المفقودة، وفي هذه الظروف الشديدة الخطورة، قيام هذه الجماعات بمراجعة جدية وفي العمق، تبدأ بالاعتراف والإعلان التفصيلي عن علاقاتها السرية، القديمة والحالية، مع نظامي الأسد وطهران، وعدم استخدام السلاح والعنف في الخلافات السياسية، وممارسة النقد الذاتي والاعتذار للكرد، ولكل السوريين، والكشف عن كل عمليات التصفية والخطف في حق المناضلين الكرد وضباط الجيش الحر من كرد وغيرهم، والتعهد أمام الشعب بعدم الإقدام على أي عمل يسيء إلى القضية الكردية والثورة السورية. عندها، سيتمكن الكرد السوريون من توحيد صفوف حركتهم الوطنية، والمساهمة بفعالية، وبكتلة واحدة في القضايا الوطنية والثورة، وينتفي الاحتقان، وتعاد الثقة المفقودة إلى الساحة السياسية.

اقرأ المزيد
٢٧ نوفمبر ٢٠١٤
بوتين والأسد... رئيسان للأبد

لا أحد يشبه بشار الأسد أكثر من فلاديمير بوتين. كلاهما يتوسل العنف للبقاء في السلطة، الأول في الداخل بعدما أُجهض تمدده خارجياً، والثاني في الخارج تلافياً لمحاسبة داخلية. وكلاهما يحتالان على الواقع من خلال نظام ودستور وُضعا لخدمة هذا الهدف الوحيد، أياً تكن العواقب على بلديهما.

يتصرف حاكم دمشق الذي لم يعد يسيطر على اكثر من 35 في المئة من الاراضي السورية وكأنه لا يزال الحاكم المطلق لسورية، فلا يفوّت مناسبة للادلاء بتصريحات ومواقف امام زواره المقتصرين على مسؤولين ايرانيين وروس من الصف الثالث وبعض السياسيين اللبنانيين. فيخطب عن «الشعب السوري»، قاصداً القلة القليلة التي تعيش، لضيق السبل، مذعورة في مناطق تخضع لعسف اجهزة استخباراته وميليشياته، ويتحدث عن «مكافحة الارهاب» الذي كان بين أول مبتكريه ومشجعيه ولا يزال يدير الكثير من تنظيماته، ولا يخجل من تعداد شروطه لوقف الحرب على مواطنيه، ولا من ترداد تصنيفاته في «الوطنية» و «الحكم الرشيد»، ولا يتورع عن اعتبار نفسه مرشحاً دائماً الى أي انتخابات في اي وقت، وسط تصفيق بطانته المُداهنة.

وقلما تمر مناسبة من دون ان يشكر الاسد طهران وموسكو اللتين لم يكن ليبقى في موقعه من دون دعمهما المتعدد الاشكال، وخصوصاً العسكري.

اما بوتين الذي أمضى حتى الآن 14 عاماً في الكرملين، فصلت بينها ولاية شكلية لكبير موظفيه ديمتري ميدفيديف الذي لا لون له ولا طعم، فبشّر الروس بأنه لا يستبعد الترشح الى ولاية رابعة في 2018، تبقيه جاثماً فوق رؤوسهم حتى 2024 فقط، في حال لم يستجب لرغبة «نواب الشعب» ويعدل الدستور بما يمنحه الرئاسة مدى الحياة.

ولا يبالي «القيصر الصغير» المتحذلق بأن مغامرته الحمقاء في أوكرانيا توقع بلاده في عزلة سياسية متنامية مثلما حصل في قمة «مجموعة العشرين»، وعقوبات اقتصادية «كارثية» على حد تعبيره، قد تعيدها عقوداً الى الوراء. فالمهم بالنسبة اليه إثبات انه قادر على مقارعة «الاعداء» الذين يريدون «إخضاع الروسيا»، سعياً الى اسكات معارضيه في الداخل الذين يشبههم بـ «الفيروس»، بعدما جرب السجن والاغتيال وسلسلة قوانين أمعنت في «تطهير» المؤسسات.

ويتناسق طريقا الاسد وبوتين في اقتراح موسكو رعاية «حوار بين السوريين» يكون حاكم دمشق احد طرفيه، ويكون الثاني من يختاره هو للجلوس قبالته. اما هدف الحوار الذي لم تعلق طهران عليه، فليس ايجاد بديل من الاسد، او حتى حكومة انتقالية بصلاحيات تتولاها المعارضة في وجوده، بل «البحث في مواجهة خطر الارهاب الدولي»، في استخفاف واضح بمئات آلاف الضحايا السوريين الذين سقطوا، ولا يزالون يسقطون، بأسلحة الجيش النظامي، في مجازر يومية.

ويلجأ المسؤولون الروس الى اساليب بدائية لاقناع المعارضة السورية بأن موقفهم «تغير» من الاسد ونظامه، عبر تسريبات ووعود يقطعونها الى بعض الشخصيات التي تحظى برضا دمشق، بهدف تشجيعها على لعب دور في زيادة انقسام المعارضة وإرباكها، لكنهم سرعان ما ينفون هذه التسريبات مؤكدين تمسكهم بشاغل قصر المهاجرين.

وبانتظار موافقة لن تأتي على مشاركة المعارضة في هذا «الحوار»، تستقبل موسكو اليوم وفداً من النظام برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم الذي تبين في لقاءي جنيف انه لا يملك اي صلاحيات تفاوضية مع اي كان، وان قرار دمشق يبقى بيد طهران، بالوكالة عن ربيبها الاسد.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
١٧ يونيو ٢٠٢٥
فادي صقر وإفلات المجرمين من العقاب في سوريا
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
١٣ يونيو ٢٠٢٥
موقع سوريا في مواجهة إقليمية محتملة بين إسرائيل وإيران: حسابات دمشق الجديدة
فريق العمل
● مقالات رأي
١٢ يونيو ٢٠٢٥
النقد البنّاء لا يعني انهياراً.. بل نضجاً لم يدركه أيتام الأسد
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٦ يونيو ٢٠٢٥
النائب العام بين المساءلة السياسية والاستقلال المهني
فضل عبد الغني مدير ومؤسس الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٥ يونيو ٢٠٢٥
قراءة في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية
فضل عبد الغني مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان