مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٣٠ يناير ٢٠١٧
اندماج للثورة أم للمنهج


ولدت الثورة السورية يتيمة، واستمرت في يتمها لست سنوات مرت بمزيد من القتل والإجراء وشلالات الدماء، وسط تكالب كل قوى العالم وشيعة الأرض ضد مطالب الشعب السوري في الحرية والخلاص، والعيش بكرامة بعيداً عن تسلط أجهزة المخابرات، وغطرسة الأفرع الأمنية لنظام الأسد وطغمته الحاكمة.


وتولى حماية الثورة طيلة أعوامها الستة أبنائها من الثوار الأوائل، وكل من لحق على دربهم، ومن قدم من دول بعيدة لنصرتهم، فشاب الثورة من الشوائب الكثير، ومرت بمراحل عدة من الضعف والانكسار، وتكاثرت الفصائل وتنوعت الإيديولوجيات والأفكار، وطفى الصراع الفكري والعسكري على سطح الأحداث، فتغيرت المعادلة العسكرية، وسقطت العشرات من المناطق بيد القوى المعادية للثورة من نظام الأسد وروسيا وإيران وقوات قسد وتنظيم الدولة.


ومع تنوع الأفكار وتبيان القوى، باتت فصائل تحاول السيطرة وتغليب موقفها ومنهجها على حساب القوى الأخرى، فنشب الصراع، تكتلت لأجله قوى عدة تتوافق على رؤية واحد ضد فصيل، فكان أولى زواله خلق الحجة " فاسد، مارق، عميل، مفحوص، مبيع" وتهم متنوعة، اختلقت لإنهاء الفصيل، والسيطرة على مقدراته ومقراته وسلاحه، وإنهاء مسيرته بعد سنوات قدم فيها المئات من الشهداء كانوا كتف لكتف في خندق واحد في قتال الأسد، فحكم عليهم جميعاً بنفس الحكم، وكل لأجل نصرة الثورة، وباسم تغليب مصلحة الدين.


وما إن زال "المفسدون" وتقاسم الحلفاء الغنيمة، عاد التوتر لمرحلة جديدة من الصراع الداخلي بين قوى الثورة، فحكم على فصيل آخر ربما كان ممن شارك بقتل أخيه وشارك في إنهائه، ليحكم عليه بحكم جديد، وتساق الفتاوى لإنهائه، وتختلف الرؤى بين مؤيد ورافض للفعل، وتسير الأرتال وتبدأ مرحلة إقناع الشعب بأن هذا الفعل لصالح الثورة، ولنصرة الدين، وتتباين المواقف، فيما لا حول للشعب ولا قوة حتى لم يستشر في أي أمر، جل ما فيه أن أبناءه هم وقود الحرب المستعرة، والخاسر الأكبر من كل هذا الاقتتال هم لا سواهم، فالأسد والروسي يقصفهم بطائراته، والأخوة من أبنائهم يتصارعون على أرض لم يتمكنوا من تأمين أبسط متطلبات الحياة فيها بعد لتكون حلبة لصراعهم وسط ترقب الأعداء.


ومع تباين المواقف بين مؤيد ورافض لكل هذه الأعمال التي وصفت بأوصاف عدة منها " البغي، الصيال، العدوان، السلب، التعدي"، وعبارات " تصحيح المسار، تغليب مصلحة الثورة، ترتيب البيت الداخلي، التخلص من المفسدين في الأرض، قطع دابر العملاء"، تتباين المواقف في النظرة البعيدة من كل تكتل أو اندماج لعدة قوى في جسم ثوري جديد، تختلف فيه الرايات، والمسميات، وربما يشوب قليلاً من تغيير وجوه القيادة.


فمع إعلان تشكيل "هيئة تحرير الشام" تباينت النظرة بين مؤيد لهذا التشكيل من وجهة نظره، أن الشعب يترقب هذه الخطوة منذ سنوات، ويترقب بفارغ الصبر توحيد الصفوف لمواجهة ما تتعرض له الثورة السورية من عدوان، وأن لا مجال لنصر إلا بتحقيق الوحدة بين قوى الثورة، وتغليب المصلحة الثورية على مصلحة المنهج والفصيل والكيان، وأن هذا التكتل هو المخلص بنظرهم، داعين باقي مكونات الثورة للالتحاق به.


وفي الطرف المقابل ينظر آخرون إلى أن هذا التكتل ما هو إلا لتغليب مصلحة الفصيل والمنهج على مصلحة الثورة، مستشهداً بالحرب التي تشن ضد كل فصائل الثورة الأوائل من الجيش الحر وحتى الإسلامية منها وكل من خالف أفكار هذا المنهج باسم الدين وبفتاوى المشايخ من أرباب هذه التكتلات، وناظراً للاندماج لأنه تكتل قوى تتفق على رؤية واضحة من باقي تشكيلات الثورة، وأن الادعاء بتغليب مصلحة الثورة والشعب يكون بالتمسك بمبادئ هذه الثورة لا باعتقال أبنائها، والسيطرة على سلاح كل من يخالفهم، وكل من لا يقوى على ردهم، بتهم الفساد في حين زاد الفساد وقويت شوكته أكثر عما قب.


وبين مؤيد ورافض لما تشهده الساحة من تكتلات، يعيش آلاف المعتقلين والمعتقلات في سجون طغمة الأسد، وتهجر مناطق لمخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة وسط برد وحر وتقلب الظروف ونقص الموارد، في حين تشهد الساحة العسكرية أكبر انكسارات الثورة السورية، فبات الحكم اليوم لمن يغير المعادلة وينصر الثورة نصرة حقه، ويحقق مراد الشعب الثائر، لا مراده، ويغلب مصلحة الشعب الذي قام بالثورة ودفع كل الفواتير من دمائه ومازال يقدم.

اقرأ المزيد
٣٠ يناير ٢٠١٧
الانقلاب على الثورة ..

من الخطأ اعتبار الهيكيلة الجديدة التي ظهرت خلال اليومين الماضين و اتخذت من اسم “هيئة تحرير الشام” ، أنها شيء سلبي و غير ذي فائدة ، و لكن في الوقت ذاته الخطأ الأكبر هو عدم الاهتمام بكارثية ما حدث ، و ما سيتبعه ، سيما أن المطلوب حاليا ليس الغفران على ما اقترف ، و إنما السماح بارتكاب الأشنع.

لم تكن الثورة السورية ، ذات ايدلوجية معينة أو اتجاه معين ، بل كانت شعبوية خالصة تماماً ، و متسعة حد احتضان جميع من أراد المشارك بها ، و مساندتها ، كما يقل “الصدر للضيف و العتبة للأصحاب المنزل” ، هذه النظرية التي كانت ساذجة بعض الشيء في البداية و تحولت إلى قاتلة في مواجهة ما يحدث الآن .

لم يكن لتنقلات جبهة النصرة بين القاعدة و فتح الشام وصولاً إلى هيئة تحرير الشام ، أي أثر علي المنهج الاقصائي و السلطوي المدعم بالدين ، بل كان الانتقال من صنف لآخر ، عبارة عن صك لمنحها المزيد من الاعفاءات و الضمانات بعدم المحاكمة و الحساب .

و انقلبت النصرة سواء أكانت “فتح الشام” أم بلبوسها الجديد “هيئة تحرير الشام” ، على أهل الأرض و قررت أن تضع نفسها كوصي عليهم ، مدعمة بعشرات الفتاوي من نوع “العابر للقارات” ، يرأسها مشايخ من النوع “فرق تسد” و “اضرب تحت الحزام” ، فالمهم لديهم هو الانتصار للفكر و الجماعة ، لا الأمة أو المجتمع .

اليوم يظهر الانقلاب على الثورة من خلال اقصاء طيف كامل من ثوارها و ممثليها في السلاح ، اصباغهم بصبوغات لاتتفق و الواقع بشيء ، و إنما أوهام حُملت عبر عشرات السنين ، التي كانت حُبلى بالفشل ، ليعاد تكرارها اليوم على أرض سوريا ، التي تتجرع كافة أنواع الموت تحت كافة أنواع التسميات ، ابتداء من الديكاتورية بأقذر صورها إلى التشدد بأحمق أشكاله ، وفي كل الأحوال لامكان للعقل و لا الحكمة ، و إنما الصوت الوحيد المسموع هو صوت “الرصاصة” التي اما أن تكون في رأس من بجانبك أو تسير باتجاه جمجمتك.

عمليات الانهاء المنظم و المدروس لمكونات الجيش السوري الحر “بمختلف تدرجاته” ، ليست عبثية بأي حال من الأحوال ، و كذلك ليست اسعافية كما يدعون ، و إنما هي تمهيدية لادخال الثورة في الاحتضار .

لايمكن النظر بتشاؤم شديد اتجاه “هيئة تحرير الشام” ، و لكن لا تفاؤل يعلو الوجوه ، سيما أن الممهدات و السوابق و المقدمات تشي أن الانقلاب يسير بخطى متسارعة ، و لكن هذه الخطى ستجد تثاقل يجعلها تتباطئ حتى التوقف لتعود للخلف ، فالثورة التي يتم الانقلاب عليها طوت ست سنوات ، دون أي كلل و تجاوزت كل المواجهات و الانقلابات المتلونة ، ونجت و رحل المنقلبون.

اقرأ المزيد
٢٩ يناير ٢٠١٧
دخول أميركي مفاجئ

لا يبدو أن مسار التحالف الجديد في سورية، أي الثلاثي الروسي التركي الإيراني، سيهنأ كثيراً في رسم مستقبل البلاد، في ظل وجود بشار الأسد أو غيابه، بعدما ظهر دخول أميركي مفاجئ على الخط، قد يعيد خلط الأوراق التي عمدت موسكو إلى ترتيبها طوال السنوات الثلاث الماضية، في ظل الانكفاء الأميركي في عهد باراك أوباما عن القيام بأي دور على الساحة السورية، ما فتح المجال أمام الروس للتفرّد بالملف، وسحب أطراف إليها، كانوا في الأساس أقرب إلى المحور الأميركي.

لم يجد التفرد الروسي في وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة تهديداً، في ظل التقارب بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع تركيز الرئيس الأميركي الجديد على الملفات الداخلية، حتى بدا أن الولايات المتحدة مقدمةٌ على انكفاء إضافي على الساحات الدولية. وعليه، بدأت موسكو ترتيب "أوراق الحل" في سورية، بما يفيد حلفاءها وتوجهاتها، وأعدت لمؤتمر أستانة، ووزعت مسوّدة دستور سوري جديد، وحضّرت لمؤتمر سياسي جديد في جنيف، لترتيب إخراج دولي لـ "الحل السوري". إلا أن تطورات الأيام القليلة الماضية تؤشّر إلى أن هناك حاجة لإعادة النظر بكل هذه الترتيبات، بعدما أعلن دونالد ترامب نيته إقامة مناطق آمنة في سورية للاجئين الفارين من العنف. وهذا الكلام بمثابة "قلب للطاولة" التي اجتهد الروس كثيراً في إعدادها، متجاهلين أي دور أميركي محتمل، باستثناء دور المراقب المحايد، وهو ما مثله وجود السفير الأميركي في كازاخستان في مؤتمر أستانة.

ليست خطة ترامب عملياً جديدة، فهي كانت مدرجة ضمن توصيات المؤسسات الأميركية للرئيس السابق باراك أوباما، غير أن الأخير كان معارضاً بشدة لتنفيذها، وهو أمر يبدو مختلفاً مع الرئيس الجديد الذي يبدو ماضياً لإصدار قرارٍ في هذا المجال خلال تسعين يوماً، بحسب ما أعلن في مقابلته مع "إيه.بي.سي‭ ‬نيوز".

لا يأتي مخطط ترامب من منطلق حرص على السوريين، بقدر ما هو إبعاد اللاجئين عن الولايات المتحدة، وهو ما أقرّ به بعدما رأى أن أوروبا ارتكبت خطأ جسيما باستقبال ملايين اللاجئين من سورية، ومناطق اضطراب أخرى في الشرق الأوسط. وأضاف "لا أود أن يحدث ذلك هنا". لكن، بغض النظر عن خلفية القرار وتوجهاتها، إلا أنه يصب في خانة إعادة خلط الأوراق على الساحة السورية، وتشكيل تحالفاتٍ دولية جديدة في هذا السياق، ولا سيما بالنسبة لتركيا التي تلقفت الإعلان بترحيب كبير، وأتبعته بموقف مناقض لما كانت تعلن عنه في الأشهر الماضية، إذ شدّدت على ضرورة عدم وجود دور للأسد في مستقبل سورية.

الأمر نفسه بالنسبة إلى بريطانيا، والتي يبدو أن مواقفها السياسية الخارجية انتعشت مع التوجه الأميركي الجديد، وهو ما دفع وزير خارجيتها، بوريس جونسون، إلى إطلاق مجموعة من المواقف الخاصة بسورية واليمن وليبيا، ما يدفع إلى السؤال عن إمكان عودة الحلف الأميركي البريطاني الذي كان قائماً خلال عهدي جورج بوش الابن وتوني بلير.

خلط الأوراق هذا بالتأكيد لن يعجب موسكو، والتي يبدو أنها ستنتظر التوجهات الأميركية لإعادة تقييم سياستها، ولا سيما في سورية، بعدما لم تخف دهشتها من عودة فكرة "المناطق الآمنة" إلى التداول وفق الاستراتيجية الأميركية، وهو ما دفع الكرملين إلى التحذير من خطورة الصدام المحتمل، خصوصاً في حال تم الذهاب إلى فرض منطقة حظر جوي.

سيكون الانتظار سيد الموقف في الأيام والأشهر المقبلة، لتبيان المدى الذي سيمضي إليه ترامب في دخوله المفاجئ على الملفات الدولية عموماً، والملف السوري تحديداً، وقياس مدى جدية واشنطن الجديدة في تفعيل أدوارها الدولية، في إطار سياسة الحفاظ على المصالح المحلية التي ينتهجها ترامب.

اقرأ المزيد
٢٩ يناير ٢٠١٧
الأزمة السورية والحل الروسي

دعت روسيا وتركيا السوريين المسلحين وممثلي النظام إلى أستانا بجمهورية كازاخستان. وكانت مهمة الاجتماع تثبيت وقف إطلاق النار. وقد تحول الاجتماع إلى توسط الطرف الروسي بين إيران وتركيا على ذاك الوقف للنار وآلياته. إذ وقف النار في الأصل تمَّ بين الروس والأتراك وبضمانتهما. لكنّ أهل الفيتو أو القدرة عليه هم الإيرانيون وقوات النظام السوري. لذا كان لا بد لوقف القتال من الحصول على موافقة الإيرانيين وبشروطهم. ولذلك ازدادت التنازلات التركية في شمال سوريا إلى حدّ إمكان دخول قوات النظام إلى بلدة الباب، بدلاً من قوات «درع الفرات» المدعومة تركياً، أو إلى جانبها! والشائع الآن أنّ «داعش» ربما ينسحب من الباب لصالح قوات النظام، كما فعل في مواطن كثيرة، للإضرار بتركيا وقوات «الجيش الحر» المتحالفة معها. وهكذا لا يزال وقف النار رهينة لدى النظام السوري وإيران. وأتوقع استمرار القضم في وادي بردى والغوطة وجوبر وغيرها، إضافةً إلى الهجمات التي يعتزم النظام و«حزب الله» شنَّها في الجبهة الجنوبية (درعا) بعد التوافق فيما يبدو مع الحكومة الأردنية.

المهمّ أنه بعد أستانا مباشرةً دعا الروس المعارضة السياسية (دون المسلَّحة، بينما كانت السياسية غائبةً في أستانا!) إلى التشاور حول الحلّ السياسي. ويتناول ذلك أمرين: بنية المعارضة السياسية التي يريد الروس إدخال أنصارهم إليها (وكذلك الذين كانوا يلتقون بمصر، والأكراد) بحيث يصبح الحاضرون ثلثين (لصالحهم)، والثلث الباقي لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» أو ما بقي منها. أما الأمر الثاني فهو الدستور الذي يُراد التفاوُضُ عليه ليكون مدخلاً للمرحلة الانتقالية إذا كانت تستحق هذا الاسم كما في بيان «جنيف-1». وقد وزّع الروس على المسلحين وعلى السياسيين المسوَّدة الدستورية التي يقترحونها، وفيها حكم ذاتي موسع للأكراد، ولا مركزية واسعة لسائر المحافظات والنواحي، وإسقاط للعربية من اسم «الجمهورية العربية السورية»، بحجة أنّ الأكراد ليسوا عرباً، كما أنّ الإيرانيين يريدون ذلك لأنّ العروبة عدوُّهم اللدود، وقد توافقوا مع الأميركيين على ذلك في العراق، وكانت الحجة الظاهرة أيضاً وجود الأكراد.

المعارضة السياسية السورية ضعيفة لأنها منقسمة. ثم إنها لا تملك مواقع مدنية أو عسكرية حقيقية على الأرض، رغم التنسيق مع «الجيش الحر». أما المعارضة المسلَّحة (المعتدلة) فوجوهُ ضعفها متعددة. فهي أولاً ما استطاعت حتى الآن تكوين قيادة مشتركة حقيقية حتى في شمال سوريا، ولديها عائقان: الأول هو «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، والتي صُنّفت إرهابية، وهي أقوى الفصائل، وهي تقاتلها جميعاً الآن لأنّ الحلَّ لا يشملها. وفي كل الأماكن التي يتقدم فيها النظام والإيرانيون يتقدمون بحجة وجود «النصرة». والعائق الآخر «داعش» وحلفاؤه، والذين يفضّلون الآن مواجهة المعارضة المسلَّحة، وليس النظام السوري أو الميليشيات الإيرانية.

كيف ستمضي المعارضة أو المعارضات السياسية قُدُماً في التفاوض على الانتقال أو التواصُل أو المستقبل، ولديها كلُّ هذه المتاعب في داخلها وفي الداخل السوري وفي الإقليم والقوى الكبرى؟!

بكل المقاييس فإن الحل الذي يُبقي على بشار الأسد بحراسة إيران وروسيا لا يمكن أن يكون حلاً دائماً لأنه غير عادل وغير عربي وغير إنساني. فبعد مقتل نصف مليون إنسان، وجرح مليون ونصف، وتهجير اثني عشر مليوناً بالداخل والخارج، وتخريب نصف العمران السوري، لا يمكن لأي نظام شارك في ذلك كلِّه أن يكون جزءاً من الحل، فضلاً عن أن يكون نظاماً مستقبلياً للحكم الصالح.

وما دام الأمر كذلك، فما الذي يمكن أن يحصل، وليتخذ الحل سمة التسوية الدائمة؟ لا بد من تدخل عربي لتعديل الموازين العسكرية والأمنية والسياسية. فإذا كان المطروح الآن الملاذات الآمنة بشمال سوريا، فلتكن هناك قوة سلام عربية وإسلامية ودولية، ولتنتشر ليس للملاذ الآمن فقط، بل وللحلول محلّ المسلحين المعتدلين. وفي ظل وقفٍ ثابتٍ للنار ترعاه قوة سلام، يمكن أن تجري مفاوضات سياسية على المرحلة الانتقالية، ويكون نص «جنيف-1» هو الدليل المرشد. فأمام حكومة السلام التوافقي مهامّ تكاد تعجز عنها أقدر الحكومات، وأولها إعادة المهجرين من جهة، والإعمار من جهةٍ ثانية.

اقرأ المزيد
٢٩ يناير ٢٠١٧
تغيرات أستانة

هل تشكل نتائج اجتماع أستانة انقلاباً على المعارضة السورية وأهدافها؟ سؤال مرتبط بسؤال أعمق: هل روسيا قادرة على اجتراح حل للأزمة، بعيداً عن التفاهمات الدولية، وبمعزل عن المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة؟ الإجابة على هذا تحدد الإجابة على ذاك، أي إذا كانت موسكو قادرةً على عزل المجتمع الدولي في سورية، فإن المعارضة وقعت في فخها، وإذا كانت روسيا عاجزة عن ذلك، وأن ما جرى في أستانة ليس سوى تفاهمات ضمنية مع واشنطن، فللحديث بقية.

عملت موسكو في الاجتماع على تمييز نفسها عن النظام وإيران، وهو ما عبر عنه كبير مفاوضي المعارضة، محمد علوش، وآخرون. وليس هذا تغيراً مفاجئاً في مواقف موسكو، وليس انعطافة أيديولوجية، بقدر ما هو استكمال طبيعي لمسارٍ رسمته موسكو منذ زمن، وبتفاهم مضمر مع واشنطن، أو على الأقل محاولة روسية لتقديم رؤية وقواعد للحل، تقبلها إدارة ترامب.

وصلت موسكو إلى قمة ما يمكن أن تصل إليه في سورية، وبعد ذلك سيكون الانحدار سواء من الفيتو الغربي الإقليمي الذي يمنعها من التمدّد أكثر، أو من خلال النظام وإيران اللذيْن لن ينصاعا عندها إلى المطالب الروسية.

هنا، يمكن تفسير الاندفاعة الروسية في اجتماع أستانة، عبر محاولة تحويل الاجتماع من منصة مخصصة لمناقشة وقف إطلاق النار إلى منصة عسكرية ـ سياسية معا، وتقديم مسودة الدستور دليل على تسرع روسي في إرساء قواعد الحل، ورغبة منها في هندسة واقع سياسي، كما هندست الواقع العسكري.

ليس الاجتماع محاولةً للانقلاب على المعارضة، فهذا يتجاوز القدرة الروسية، وليس الاجتماع محاولةً لإضعاف النظام، أنه يعكس واقع الأزمة السورية وواقعية الحلول، بعدما كانت اجتماعات جنيف السابقة طروحات ميتاواقعية لطرفي الأزمة، لا تتماهى مع واقع المجال التداولي السياسي وحقيقته على المسرح الدولي المعني بالأزمة.

اعترف اجتماع أستانة بفصائل المعارضة المسلحة، وشرعن وجودها، بما فيها الإسلامية المعتدلة، وهذا تحول مهم جدا، وأكد أن حل الأزمة سياسي. والأهم أن الاجتماع عقد وانتهى في ظل وقف إطلاق النار، على عكس اجتماعات جنيف السابقة، وسيكون منطلقاً لتمييز الفصائل الوطنية عن الإرهابية التي أثقلت الثورة السورية، وكانت حجة عليها أمام المجتمعين، السوري والدولي. لكن تغييرات مهمة تبدّت في الاجتماع:

ـ إدخال إيران طرفاً راعياً وضامناً لوقف النار، وإذ اعترض وفد المعارضة على ذلك، من حيث إن هذه خطوة ستكرس طرفاً ساهم في قتل الشعب السوري، فإن لروسيا قراءة مختلفة، فإيران داخل الاتفاق وضامن له أفضل من أن تكون خارجه، حيث ستكون قادرةً، بطرق غير مباشرة، على عرقلة وقف إطلاق النار. ولذلك ترى موسكو، ببراغماتية، أن إدخال إيران سيجعلها مسؤولةً عن أي خرق له.

ـ عدم الإشارة إلى المرحلة الانتقالية، وهو تراجع عن مخرجات قرار مجلس الأمن 2254 والحراك الأممي الذي أعقب صدوره. ولهذا جانبان: الأول يخدم النظام، من حيث إنه لا توجد مهلة محددة لاكتمال التحول السياسي، كما نص القرار، وجانب يمكن وصفه بالواقعي، من حيث إن الواقع السوري المعقد كشف زيف المهل الزمنية. كما أن الروس يريدون إزالة معنى المرحلة الانتقالية من الأذهان، لما تحمله من دلالة على التغيير في زمن محدد.

ـ عدم الإشارة إلى بيان جنيف1، وهو انزياح عن القرار 2254، لكنه ليس انزياحاً كبيراً، فالقرار الذي يشكل المرجعية السياسية الوحيدة للحل في سورية أشار إلى البيان في مقدمته، وفي الفقرة الأولى، لكنه، في الفقرة الرابعة المخصصة لعملية الانتقال السياسي، لم يتطرق إلى صيغة البيان (هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة)، واستبدلها بعمليةٍ سياسيةٍ تقيم حكماً ذا مصداقية، يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية.

تحاول موسكو، في استبعادها ذكر بيان "جنيف1"، التفريق بين اعتباره أساساً للانتقال السياسي واعتباره أساساً لوضع آليات الانتقال السياسي، وبين الأمرين اختلافٌ كبير، فلا مانع لدى موسكو، وواشنطن أيضا، أن يكون هذا البيان أساساً للحل السياسي في مخرجاته العامة، لكنه لا يصلح، بعد هذه السنوات، أن يكون أساساً لمخرجات العملية السياسية وتفاصيلها.

باختصار، اجتماع أستانة منصة قديمة ـ جديدة، هدفها إطلاق جنيف جديد، مع تغييراتٍ لم تسمح معطيات العام الماضي بإدخالها، وستكون هذه المعطيات على حساب المعارضة والنظام معا. ومن هنا، ربما تكمن واقعية الاجتماع.

اقرأ المزيد
٢٩ يناير ٢٠١٧
ماذا لو وقع انقلاب في سورية؟

ثمّة سيناريو في سورية أعتقد أن التطورات ذاهبة إليه، أرجو أن لا يكون في ما سأقوله حوله كلمة واحدة صحيحة. وإذا كنت أحذر منه، فلاعتقادي أن واجبي الوطني يلزمني بلفت الأنظار إليه، على الرغم من أن علاماته ليست واضحة بعد، وقد تكون نتاج أوهام وأخيلةٍ يمليها عليّ الخوف من مصير تقرّره موازين قوى، لن يحقق الشعب السوري في ظلها بعض ما كان يصبو إليه. هذا السيناريو، يضمر تحولاً انقلابياً عن ما سميناها الثورة، يرجح أن يكون تنفيذه موضوع الفترة المقبلة، بالقوى العسكرية التي تملكها الفصائل وتلك التابعة للنظام، وإليكم الأدلة التي أظنها تؤكد ذلك:

1ـ كان الروس يستطيعون سحق فصائل حلب، لكنهم لم يفعلوا. وكان من المتوقع، والمخطط له إيرانياً وأسدياً، أن تلي هزيمة الفصائل معركة نهائية ضدها في إدلب، تقصم ظهرها وتطوي صفحة الثورة، ولا تبقي منها غير بؤر متفرقة تسهل تصفيتها، سيعجل انهيارها في انهيار غوطة دمشق، لكن هذه المعركة الفاصلة لم تقع، لأن الروس اتفقوا مع الأتراك على منعها.

2ـ إذا كان الروس قد وضعوا خطاً أحمر منع إيران والنظام من تجاوزه حيال عسكر المعارضة، فلأن موسكو بلغت، بما صنعته في حلب، الوضع الذي يجعلها قادرةً على تحقيق ما تريده في سورية، وتحجيم أي طرف يعارضها أو يتصدى لها وإضعافه، وخصوصاً النظام وإيران. بوضعها هذا، لم تعد لروسيا مصلحة في مساعدة الملالي والأسد على تحقيق انتصار نهائي على عسكر الفصائل، بدعم من طيرانها، بما أنها غدت صاحبة قرارٍ بالنسبة لأوساط عسكرية فاعلة ومؤثرة في النظام. وقد تعاونت تركيا مع الروس في ما يتصل بقرار الفصائل التي تحولت بذلك إلى جهة لديها شرعية سياسية، تؤهلها للتفاوض على مصير الثورة، بعد أن كانت للتفاوض مؤسّسة محدّدة هي "الهيئة العليا" بأطيافها المعارضة المتنوعة التي يغلب عليها الطابع السياسي. بهذا التطور، حمت روسيا، بشروط، من كانت تستطيع تعريضهم للهزيمة، وتولت تركيا تقرير مواقفهم بمشاركتهم، وإلا فبالنيابة عنهم، لتكتمل بذلك الشروط الضرورية لنجاح اجتماع أستانة، ولقلب أوضاع الجميع وسياساتهم وأدوارهم رأساً على عقب، بما في ذلك سياسات وأدوار الفاعلين والمتصارعين الرئيسيين في سورية وعليها، روسيا وتركيا وإيران والنظام.

3ـ إذا كان قد تم إعداد المسرح بضمانة روسيةٍ تحمي عسكر الفصائل من حل عسكري، وضمانة تركية تكفل قبولهم ما صارت له الأولوية في أي حل قادم، مصالح اللاعبين الدوليين والإقليميين، ما الذي ينقص لإنجاز "السلام" غير قبول عسكر النظام ما سيقبل به العسكر الفصائلي؟ وماذا سيحدث إن كان هناك مثل هذا القبول، الافتراضي تماماً على الطرف الآخر؟ أعتقد أنه سيكون هناك حل له ضحيتان، بشار الأسد الذي يتمسك به نظامه، وتطالب المعارضة برحيله، والنظام الديمقراطي الذي تطالب المعارضة به، ويرفضه نظامه.

4ـ والآن، إذا دخل عسكر الفصائل وعسكر الجيش إلى مشروع تحمله مؤسسة عسكرية/ أمنية متداخلة، ورحل بشار ترضية للشعب، وسقط الخيار الديمقراطي ترضية للنظام، ما الذي سيبقى من أخطار سورية، تخشاها وترفضها إسرائيل وبلدان عربية شقيقة؟ وعن أية ثورة سيمكن الحديث بعدئذ؟ ألا نكون قد دخلنا نحن أيضاً إلى حلقة النظم الانقلابية التي ترتبت على فشل، أو أفشلت الثورة في مصر واليمن وليبيا؟ ألا يكون الوضع الجديد خير وضعٍ يلبي مصالح روسيا، ويكفل حضورها الدائم في بلادنا، بقبول الطرفين المسلحين، الأسدي والفصائلي؟ وماذا يبقى من صعوباتٍ لإنجاز نمط من الحكم تديره روسيا، لإيران فيه حصة، وإن كانت أصغر بكثير من حصتها الحالية، ولتركيا أيضاً، مع أنها ستكون أكبر من حصتها الراهنة، ولأمراء الحرب من الجهتين السوريتين المتحاربتين حق القرار في معظم ما يتعلق بالشأن السوري، بينما سيتمكن الروس من لي ذراع وعنق كل من يرفض الوضع الجديد أو يقاومه، وسيحافظون على الحد المطلوب دولياً وإقليمياً وعربياً وداخلياً من الاستبداد الذي سمح العالم للأسدي منه بقتل وجرح وذبح حوالي ثلاثة ملايين سوري، لأنهم تمردوا عليه، وطالبوا بتغييره.

5ـ لم يسمح الروس بسقوط مهزومي حلب، لكي لا يسقط مشروعهم المتمذهب، المعادي لحرية الشعب السوري ووحدته، أي لمشروع الثورة الأصلي، والذي تبنى مواقف من الثورة تكمل سياسات الأسد ومواقفه، ولم يحمل السلاح ليبلغ الشعب حريته، بل حمله لكي لا ينالها، فما ومن الذي سيمنع قيام النظام الجديد على هذه الأرضية المشتركة، وسينجح في التقاط الثورة من الهوة التي سقطت فيها، واستئنافها بقوة تيار أو تجمع سوري ينطلق من رهاناتها الأولى، بينما كان سقوط مهزومي الفصائل سيعني فتح الباب لاستعادة الحراك في نسخته الأولى التي رفضها منذ بدء التمرد المجتمعي والسياسي من سيقبلون النظام الانقلابي الجديد؟

6ـ إذا كان عسكر مصر واليمن وليبيا هم الذين احتووا الثورة، أو كلفوا باحتوائها، ما الذي يمنع عسكر النظام والفصائل من القيام بهذه المهمة؟
7
ـ قلت إنني أرجو أن لا تكون هناك كلمة واحدة صحيحة في هذا الذي أقوله. ولكن، إذا كانت الأمور ستذهب حقاً في هذا المنحى، فإنه لن يبقى لنا غير المبادرة بكل جديةٍ لبناء أوضاع ذاتية تعطينا حصتنا المستحقة من وطننا، بعد كل ما قدمه شعبنا من تضحيات. بغير ذلك، لا يبقى لنا إلا أن نصرخ بصوت اليائسين: يا الله، ما لنا غيرك يا الله.

اقرأ المزيد
٢٨ يناير ٢٠١٧
قطار أستانة السوري خط واحد

يبدو أن العاصمة الكازاخية أستانة ستشكل محطة رئيسية على طريق الحل السوري الذي تولت روسيا ترتيب مجرياته، بمساعدة تركيا وإيران. وفي ختام المؤتمر القصير الذي استغرق أقل من 24 ساعة، أعلنت موسكو أن قطار التسوية بات على السكّة، وكشفت عن بعض معالم خريطة طريق، منها ما يتعلق بترتيباتٍ ميدانيةٍ سريعة في إطار التفاهم على مجريات تثبيت الهدنة التي جرى الاتفاق عليها في أنقرة في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والبعض الآخر يختص بالعملية السياسية اللاحقة التي سقطت منها، كما هو واضح، مرجعية جنيف1 لعام 2012، وحل محلها قرار مجلس الأمن 2254 الذي تولت روسيا صياغته في نهاية 2015، ومن الآن فصاعداً، سيصبح هذا القرار على جدول الأعمال السوري، بداية بمؤتمر جنيف المقرّر أن ينعقد برعاية الأمم المتحدة في الثامن من فبراير/ شباط المقبل.

في ختام مؤتمر أستانة، لم يكن هناك من بين أطراف النزاع من خرج مرتاحاً كلياً، وظهر، من خلال ردود الفعل والبيانات التي أدلى بها وفدا المعارضة والنظام، أنهما لم يتمكّنا من فرض شروطهما على طاولة المفاوضات، وقدّم كل منهما تنازلاً من أجل صدور بيان رسمي نهائي، يتضمن الخطوط العريضة لأهداف المؤتمر، وهي تثبيت هدنة اتفاق أنقرة. وتعبيراً عن عدم رضاها التام عن النتائج، لم تضع المعارضة توقيعها على البيان الختامي، وتركت الأبواب مفتوحةً بانتظار تشكيل آلية تنفيذ الهدنة التي من المفروض أن تباشر عملها بعد ثلاثة أيام.

صحيح أن مؤتمر أستانة لم يتمخض عن نتائج ملموسة مباشرة، لكنه كان أكثر من لقاءٍ من أجل تجديد تعهد الأطراف كافة، المعارضة والنظام والضامنة، على تثبيت وقف إطلاق النار. وعلى ما يبدو، فإن قضية الاجتماع بالنسبة للروس كانت عملية ذات بعد نفسي، من أجل كسر الحاجز، ولذلك أصروا على المشاركة الواسعة من العسكريين الذين يقودون فصائل تقاتل النظام، وكانت عملية وضع هذا العدد الكبير من العسكريين بوجه وفد النظام والجانب الإيراني بمثابة فتح صفحة جديدة في مسار المسألة السورية التي يريد النظام، وحليفه الإيراني، مواصلة القتال من أجل تصفية كل من يرفع السلاح في وجه مشروع الاحتلال الإيراني لسورية. وظهر من ردود أفعال رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، أنه جاء بروحية استفزازية، وغادر بمعنويات هابطة، بعد أن تعرّض لتقريع من الروس الذين كان يهمهم نجاح المؤتمر. ولذا حدّ من العنتريات الكلامية التي اتسم بها خطابه في جولات جنيف.

ومن الواضح اليوم أن روسيا مصممة على السير في خريطة الطريق التي وضعتها، وأن أي احتجاجٍ من أي طرف لن يؤثر على مسارها العام. ولذا وضعت جميع الأطراف في قطار واحد، وأمرت السائق أن يسير بالسرعة القصوى، لكي يمنعوا القفز من على ظهر القطار الذين يريدون وصوله إلى جنيف في الموعد المحدد بعد حوالي 12 يوماً. وهم سيعملون، في هذه الفترة، على إعادة خلط الأوراق من جديد، ومثلما كانت أستانة نقلةً في الشكل والمضمون، فإن جنيف مرشحةٌ لأن تحدث صدمةً أشد قوة ذات ارتدادات كبيرة في الداخل والخارج.

بات واضحاً أن موسكو أصبحت صاحبة القرار الوحيدة في الشأن السوري، ولأنها مزمعة على حل يوقف استنزافها عسكرياً، ويؤمن مصالحها الحيوية في سورية والمنطقة، فإنها تتصرّف على أساس رؤية خاصة لإعادة تشكيل المشهد السوري، من خلال خلطةٍ تتيح حالة توازن بين النظام والمعارضة المسلحة، وما يخرج عنهما من أطرافٍ تسميها هي "منصات"، مثل موسكو والقاهرة. وبالطبع، هي لن تتحول إلى طرف محايد، كما وصفها محمد علوش رئيس وفد المعارضة، ولكنها لم تعد أيضاً المدافعة عن مشروع النظام الذي يستمد الحياة من الرعاية الإيرانية.

اقرأ المزيد
٢٨ يناير ٢٠١٧
العرب وإيران والمستقبل

محاولات إيران الدؤوبة لمد نفوذها وتعزيز أوضاعها وزيادة قدراتها وأهميتها وتصدير ثورتها وأيديولوجيتها في كافة دول الخليج العربي ستستمر، وسيتم ذلك انطلاقاً من العراق أولاً، ثم ستمتد إلى بلاد الشام جميعها، سوريا ولبنان والأردن وفلسطين تمدداً إلى البحر الأبيض المتوسط ثم إلى ما وراء ذلك لو استطاعت إليه سبيلاً. هذا هو منطق التفكير الإيراني كما نقرؤه، وهو أمر لو تمكنت إيران من تحقيقه سيحتاج من جميع العرب العمل على مقاومته بشراسة، فهو فكر يصدر عن قوم تغلب على سلوكياتهم الرغبة في استخدام القوة إن لم يتم شكمهم وتحجيمهم، وتعودوا النظر إلى ذاتهم على أن بلادهم ذات أهمية فريدة منذ قورش الأكبر، وجاء العرب كي يقضوا على تلك العظمة ويحولوهم إلى تابعين على مدى الألف والأربعمئة عام التي انقضت.

وبغض النظر عن حقيقة أن العرب لا يرغبون في التصادم مع إيران في هذه المرحلة فإنه لا يوجد شيء محدد سلفاً أو حتمي، فقد يقع أمر ما أو قد يقع ما هو عكسه، ضمن تداعيات هذا الصدام المحتدم المرتبط بالثقافة السياسية والاجتماعية، وبالمصالح والهوية والبناء والأمن الوطني. وإذا ما كان منحانا هو التفاؤل في علاقاتنا المستقبلية مع إيران فإن التعاون القائم على أسس أمر ممكن، والصدام يمكن تجنبه. إن هذا لا يزال هو الدرس الذي من المفترض أن يكون أصحاب العمائم في إيران قد تعلموه من مآسيهم التي ورثتها لهم الحروب والكوارث التي أدخلوا إيران فيها، رغم أن طبيعتهم هي تجاهل الآخرين واستصغارهم. إن التحدي الآن هو كيف يمكن خلق إطار عمل يمكن ضمنه السيطرة على الصراعات الإقليمية في الخليج العربي، خاصة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي. إن أسس هذا البناء الإطاري قائمة لو أن إيران تخلت عن أوهام العظمة التي تدعيها لنفسها، لكن الأمر الصعب في المسألة هو حقيقة كيف يمكن لإيران جعل ذلك فعالاً وعملياً وبناءً عن طريق التعاون مع دول المجلس انطلاقاً من نوايا حسنة تتبناها.

إن كلاً من دول المجلس وإيران يمكن لهما لعب دور حاسم وبناء في تحقيق ذلك، لكن يبدو أن تاريخ النصف الأول من القرن الحادي والعشرين سيكون متسماً بكيفية رغبة الطرفين في تجاوز عدم الثقة القائم، وتجاوز أولياتهما الوطنية على المدى القصير والانتقال إلى حس جماعي أكثر سعة أفق لتحقيق المصالح. وينطلق مثل هذا القول من أن من مصلحة إيران أن تتصالح مع نفسها أولاً في سياستها الخارجية، وأن تتصالح مع دول المجلس ثانياً، وأن تعرف حجمها الحقيقي المحدود في شؤون الخليج العربي، فرغم كونها أكثر دول الخليج العربي اكتظاظاً بالسكان، إلا أنها في نظر المجتمع الدولي ودول المجلس بشكل خاص، ليست مرشحة لكي تصبح المهيمن الأوحد في الخليج العربي.

ورغم ما تبثه إيران من دعاية إعلامية وشعارات رنانة بأنها القوة الإقليمية المهيمنة، فإنها تعاني وحتى النخاع اقتصادياً، وهي على الصعيد العسكري لا تجاري جيوش دول المجلس تكنولوجياً ومن حيث قوة الأسلحة المتطورة والطيران المتقدم والإعداد القتالي واللوجستي والبنى التحتية والإدارية المتطورة. ومع قيام إيران بتحويل الصراع لكي يصبح قائماً على خطوط طائفية ومذهبية فإن الأيديولوجيا التي تتبناها والقائمة حول الفكر الشيعي الإثنا عشري وولاية الفقيه لا تصلح أسساً للهيمنة في منطقة ذات أغلبية سنية كبيرة. وبعد مرور أربعة عقود منذ قيام الثورة في إيران عام 1979، من المفترض أن يكون قادة إيران مدركين بأنه لا أمل لهم في تصدير ثورتهم إلى دول المجلس. إن هذه الحقيقة تتأكد يوماً بعد آخر على ضوء ما حدث من قلاقل في بعض الدول العربية الأخرى حيث لم يتقمص أي ممن أشعلها الطريقة الإيرانية، أو تتح مجالًا للنفوذ الإيراني الحقيقي. إن عدم الإدراك هذا ينعكس في سياسات إيران الإقليمية التي تقوم على حماية بعض النظم العربية التي لا شعبية أو شرعية لها كـ«البعث» في سوريا والحوثيين في اليمن، فالأول يتضاد إيديولوجياً مع إيران، والحوثيون انقلابيون ضد شرعية ارتضاها الشعب اليمني.

اقرأ المزيد
٢٨ يناير ٢٠١٧
منطقة حظر جوي واستهداف لحزب الله في سوريا ولبنان في عهد ترمب

تواصلت قبل حوالي الشهر مع أحد المقربين من الإدارة الأمريكية مستوضحاً ما تخبئه حقيبة الرئيس ترمب للسياسة الخارجية وتحديداً الشرق الأوسط، فجاء الرد بأن ما سيأتي به ترمب يختلف عن أوباما بأكثر من ١٨٠ درجة وأن السياسة الخارجية الأمريكية للمرحلة القادمة ستعمل على إيجاد الحلول الإيجابية للأزمة السورية وتحديداً اللجوء، فكتبت مقالاً يشرح تفاصيل ما يسعى إليه الرئيس ترمب من إقامة مناطق آمنة داخل سوريا في عدة مواقع على الحدود التركية، والأردنية، واللبنانية، والعراقية لتكون مناطق حظر جوي يُمنع فيها تحليق الطيران أو الاقتراب منها من قبل النظام السوري أو حلفائه ويتم تأمين هذه المناطق بقوات ردع عربية يتم تشكيلها وإرسالها إلى سوريا بالتشاور مع دول عربية ذات تأثير ومقبولة من الشعب السوري وداعمة لثورته منذ انطلاقتها.

‏يعتبر الرئيس ترمب أن سوريا اليوم مفتتة ولا يمكن تحديد من هم الثوار الحقيقيون وأن الائتلاف السوري الحالي مخترق من الإخوان المسلمين والفاسدين والذين فقد الشعب السوري الثقة بهم، وأن أمريكا لن تتعاون معه قبل إعادة تشكيله أو إنشاء ائتلاف جديد يمثل كافة القوى السورية باستثناء الإخوان المسلمين.

‏ويقول المصدر إن المرحلة القادمة ستشهد تباحثاً مع أجهزة أمنية وعسكرية عربية لإنشاء قوات الردع العربية التي ذكرناها لتكون جنباً إلى جنب مع الجيش السوري الحر وتكون هذه الخطة ضامنة لوقف اللجوء إلى دول الجوار وأوروبا وأمريكا وإعادة من لم يحصلوا على اللجوء بشكل دائم إلى سوريا ومساندتهم لبدء حياة جيدة في الداخل السوري والبدء بإعادة إعمار المناطق المحررة التي سيتم إرسال أيضاً قوات ردع عربية إليها إلى جانب فصائل الجيش الحر التي ستقوم بتأمينها.

‏إن الهدف من إرسال ودعم دخول قوات ردع عربية إلى سوريا هو عدم إرسال أي جنود أمريكيين إلى الأرض السورية والاكتفاء بدعم القوات بالمعلومات الاستخباراتية والعسكرية والمستشارين والتمهيد لمفاوضات جادة مع الجانب الروسي لتمهيد تنحية بشار الأسد عن السلطة مع الحفاظ على المؤسسة العسكرية وما تبقى من الجيش السوري الذي تعتبر إدارة ترمب أنه سيعلن ولاءه لأي قوة حاكمة في سوريا حتى لو كانت المعارضة في حال تنحية الأسد وأنه في مرحلة ما سيكون له دور إلى جانب الجيش الحر بحماية المحافظات السورية والإشراف على إعادة الإعمار ومحاربة التنظيمات الإرهابية وحماية المؤسسات الدولية والشركات التي ستدخل سوريا.

‏أما بالنسبة للميليشيات الشيعية الإرهابية التي تقاتل إلى جانب النظام السوري وبالأخص حزب الله فأكد لي المصدر أن إدارة الرئيس ترمب والولايات المتحدة الأمريكية تعتبر حزب الله تنظيماً إرهابياً وتتعهد باستهدافه في سوريا كما تستهدف تنظيم داعش الإرهابي، ويقول المصدر إن الإدارة الأمريكية لن تقبل أن تحارب تنظيماً إرهابياً وتترك آخر ليزداد قوة وهي تعتبر أن حزب الله سببُ جزء كبير من معاناة الشعب السوري وتهجيره وأنه قد حان وقت حسابه في سوريا وبعدها تطبيق قرارات مجلس الأمن بحقه في لبنان وقطع إمدادات إيران بالمال والسلاح عنه ضمن خطة الرئيس ترمب لتعديل الاتفاق النووي معها أو حتى إلغائه بشكل كامل.

‏اذاً وبحسب المعلومات التي وردتنا فإنه يبدو وبشكل واضح أن تغييراً آتياً وسيلمسه الشرق الأوسط خلال الفترة القريبة القادمة وأن اللوبي الإيراني المؤيد للملالي لم يعد له أي اتصال مع إدارة ترمب على عكس باراك حسين أوباما الذي كان مقرباً منهم ودائم الاستماع لنصائحهم بخصوص الشرق الأوسط وسوريا والاتفاق النووي وقضايا لبنان والعراق.

‏بعد كل ما ورد في هذا المقال، أشير إلى أن وكالات عالمية تحدثت الأربعاء عن ظهور وثيقة اطلعت عليها "رويترز" تفيد بأن أمراً تنفيذياً أعد ليوقع عليه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سيوجه وزارتي الدفاع والخارجية بوضع خطة لإنشاء مناطق آمنة للاجئين المدنيين داخل سوريا وغيرها من الدول القريبة ولكن الوثيقة لم تقدم تفاصيل بشأن المناطق وأين ستقام ومن سيؤمن حمايتها من النظام وحلفائه.

اقرأ المزيد
٢٨ يناير ٢٠١٧
هل تخلت موسكو عن كونها طرفاً في الحرب السورية؟

معيار نجاح، أو فشل، اجتماع آستانة لإنهاء الحرب السورية، وتالياً الديبلوماسية الروسية كلها، يتوقف على الجواب عن سؤال قديم/جديد ما زال يطرح نفسه منذ ستة أعوام: هل توقفت موسكو عن أن تكون طرفاً في هذه الحرب أم لا تزال كما كانت، سياسياً وديبلوماسياً، منذ بدء الثورة ضد نظام بشار الأسد في آذار (مارس) 2011، وعسكرياً، منذ تدخلها في هذه الحرب قبل حوالى عامين؟

لا يبدو أن شيئاً جدياً تغير في موسكو حتى الآن، في ما عدا موافقتها، و «موافقة» دمشق أقله في الظاهر، على وجود معارضة سياسية للنظام وأخرى مسلحة، بعد أعوام من ترديدهما معاً مقولة أن لا وجود لمثل هذه المعارضة انما فقط مجموعات إرهابية لا بد من محاربتها حتى استئصالها وإنهائها من الوجود. لا شيء جدياً تغير في موسكو، لأنه عندما تحدث الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب عن توجه لإقامة مناطق آمنة في سورية، لم يجد الكرملين ما يردّ به عليه سوى القول إنه لم يتشاور معه في الأمر من ناحية، وأن مثل هذه المناطق ليست عملية ولا مفيدة في المرحلة الحالية من ناحية أخرى.

أكثر من ذلك، ليست خافية التباينات التي طفت على السطح أخيراً بين روسيا من جهة وحليفيها في طهران ودمشق من جهة ثانية، أقله في ما يتعلق بما يسمى «الأولويات» التي تتحدث العواصم الثلاث كل من وجهة نظرها عنها. اذ لم يتوقف الأسد يوماً، منذ مجزرة حلب وما تلاها في الغوطة ووادي بردى وغيرهما، عن القول انه يريد «تحرير» ما بقي من الأراضي السورية تحت سيطرة المعارضة، وأنه بعد ذلك وحده يمكن الحديث عن تسوية سياسية لإنهاء الحرب. كذلك فإنه، على جبهة طهران، لم يعد يحتاج الى برهان أن ما تسعى اليه هو مواصلة الحرب حالياً، ليس فقط لإبقاء الأسد ونظامه من دون أي تغيير، انما أيضاً لضمان نفوذها وهيمنتها على السلطة في سورية في المرحلة المقبلة. وعندما تضع طهران شروطاً على مشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة أو غيرها في اجتماع آستانة، فإنها تقول بالفم الملآن إن موعد التسوية لم يحن بعد وإن معركتها، أقله في وادي بردى الآن، لن تتوقف على رغم ما يقال عن اتفاق لوقف إطلاق النار في عموم سورية واعتبار تثبيته هدفاً وحيداً لاجتماع آستانة هذا.

واذا أضيفت الى ذلك المطالبات المتكررة من قبل المعارضة ومن تركيا بسحب الميليشيات الأجنبية (الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية) من سورية، قبل اجتماع آستانة وفي أثنائه، ورفض النظام وإيران مجرد البحث في المطلب، بل وأصرارهما على إبقاء الحرب على حالها، لاكتملت اذاً الصورة: مواصلة القتال الى حين ما تصفه دمشق وطهران بـ «انتصار» النظام وإعادة الشأن في سورية الى ما كان عليه قبل آذار 2011.

وفي هذا السياق بالذات، ليس من دون معنى إعلان دمشق وطهران معاً عن سلسلة اتفاقات ومعاهدات بينهما لا تقف عند بيع الأسد سورية بالجملة والمفرق، كما قيل في وصفها، بل تتجاوز ذلك الى ربط هذا البلد نهائياً بسلطة «الولي الفقيه» الإيراني وإمبراطوريته الفارسية المشتهاة من طهران الى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وفق ما أعلن مسؤولون إيرانيون في وقت سابق.

في الاتفاقات الجديدة، ما أعلن في العاصمتين قبل أسبوع عن بناء ميناء نفطي ايراني في الأراضي السورية وإقامة شبكة هاتف نقال، هي ما مجموعه ستة اتفاقات، تنص على تنازل الأسد عن خمسة آلاف هيكتار من الأراضي السورية لزوم بناء الميناء النفطي، وخمسة آلاف أخرى كأراضٍ زراعية (لماذا، ولأي هدف؟!) وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وينص أحد الاتفاقات، على أن تستغل إيران مناجم الفوسفات في منطقة خنيفيس التي تبعد نحو 70 كلم عن مدينة تدمر، وإقامة خط ائتماني جديد بقيمة 3.5 بليون دولار (بعد الخطين السابقين اللذين يصلان الى 4 بلايين دولار).

والاستثمارات الإيرانية في حقل الصناعة السورية، كما يقول النظامان، تتصاعد بصورة مضطردة وقد بلغت أكثر من مئة مشروع حتى الآن، مثل معمل الإسمنت في حماة الذي أنجز منه 80 في المئة بطاقة مليون طن سنوياً، إضافة إلى مشروع صوامع الحبوب الـ10 ومشروع إنتاج سيارات ومحطات كهرباء وإعادة تحديث المصفاة والمحطة الحرارية. أما ذروة العلاقات فقد بلغت حداً متطوراً حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم لإنشاء مدينة صناعية في حسياء تبلغ مساحتها ثمانمئة كلم مربع ومحطة لتوليد الطاقة بقوة نحو 800 ميغاواط.

لماذا الآن تحديداً يتم توقيع هذه الاتفاقات ويعلن عنها رسمياً في العاصمتين؟

سابقة إعطاء روسيا الأراضي اللازمة لبناء قاعدتين عسكريتين في طرطوس وحميميم، إنقاذاً للنظام الذي كان سيسقط في خلال أقل من أسبوعين كما أعلن أخيراً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تشكلان نموذجاً عما يفعله الأسد حالياً مع إيران. في رأيه، ورأي راعيه علي خامنئي طبعاً، أن أي حل سياسي في سورية لن يكون في النهاية الا على حساب النظام ورئيسه والأطراف التي تقف الى جانبه. وهما لا يريدان، الآن على الأقل، الدخول في صدام مع موسكو حول اقتراحها بدء مفاوضات حول التسوية، لكنهما يستعدان للأسوأ في حال إصرار الكرملين، وخصوصاً على إمكان دفعها باتجاه التوصل الى صيغة تسوية ما. وليس سراً أنهما عملا طيلة الفترة الماضية على خرق وقف إطلاق النار، في وادي بردى وفي غيرها، بينما كان ممثل سورية في آستانة، وإن يكن خارج الاجتماع فيها، يقول إن القتال سيتسمر الى أن تعود مياه الفيجة الى منازل سكان دمشق.

ما يبقى في النهاية، أن موسكو فلاديمير بوتين لم تجب عن السؤال المركزي: هل هي طرف في الحرب، كما كانت حتى الآن، أم أنها باتت راغبة في لعب دور الوسيط الحيادي، بعيداً عن حليفيها في دمشق وطهران، لإنهاء الحرب من جهة وفرض تسوية سياسية تكون في مصلحة الشعب السوري من جهة ثانية؟

من شأن اجتماع جنيف بعد أيام أن يقدم جانباً من الإجابة عن السؤال.

اقرأ المزيد
٢٧ يناير ٢٠١٧
المشهد العربي وتحولاته بعد آستانة

فاجأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، العرب والعالم، بالعرض الذي قدّمه لإمكانيات التعاون الإيراني - السعودي في سوريا واليمن، بعد النجاح في لبنان! وما حمل أكثر المراقبين تصريح الوزير الإيراني على محمل الجدّ. وكان في طليعة الذين أنكروا حصول التعاون رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. وحجته في ذلك ليست قوية، لأنه يريد نسبة «التسوية» على رئاسة الجمهورية إلى نفسه من جهة، وإلى الرئيس الحريري من جهةٍ ثانية. ثم إنه قال بعدم علمه بوجود تواصل بشأن الأزمة اللبنانية.

لكنّ المراقبين العرب واللبنانيين رجّحوا عدم حصول التعاون لأسباب أخرى، أهمُّها أنّ «التسوية» لكي تكتسب هذا الاسم ينبغي أن تمثّل حلاً وسطًا، بمعنى أنّ الجنرال عون هو مرشَّح حزب الله منذ عام 2008، ولذلك كان ينبغي لكي يصحَّ زعْمُ التواصل والتعاون أن يأتي مرشحٌ ثالثٌ غير مرشّح حزب الله (عون)، وغير مرشح سعد الحريري قبل الأخير (سليمان فرنجية). وإذا كانت التسوية التي يقترحها ظريف على شاكلة ما زعم حصوله في لبنان، أي لصالح إيران، فعلى هذا القياس ينبغي أن يبقى بشار الأسد حبيب الخامنئي رئيسًا لسوريا إلى الأبد، وأن يأتي حبيب إيران الآخر باليمن عبد الملك الحوثي مثلاً، رئيسًا أو إمامًا لذلك البلد!

وعلى أي حال، وبغضّ النظر عن صحة التواصل بشأن لبنان، فإن المشهد يتركز الآن على سوريا واليمن والعراق. وقد كانت إيران تفضل ألا يجتمع أحد بأحد بشأن سوريا قبل الاستيلاء على بقية القلمون ووادي بردى وبعض نواحي الغوطة. وأن تحصل حملة على إدلب بدلاً من «داعش»، باعتبار أن «النصرة» متمركزة فيها إلى جانب الآخرين، وهي التنظيم الرئيسي هناك. لكن روسيا وعدت الأميركيين والسعوديين بهذا المسار بعد واقعة حلب الرهيبة. بيد أن المشهد غير مطمئنٍ على الإطلاق. ما حضر في آستانة طرفٌ عربي. وقد قيل صراحةً إنّ المؤهلين للحضور هم الذين لهم قواتٌ على الأرض، أي روسيا وإيران وتركيا! ولأنه ليس لتركيا اليد العليا، فإنه لا قاعَ لتنازُلاتها، لأن همها الرئيسي عدم تمركز الأكراد المسلمين على حدودها، وهو ما تضمنُهُ لها روسيا ولا تحبه إيران.

وهناك أمور أخرى غير واضحة حتى الآن، أولها تثبيت وقف إطلاق النار. والنظام السوري والإيراني لن يلتزما بالطبع، ويستطيعان القول دائمًا إنهما يقاتلان الإرهابيين. فبشار الجعفري ممثل النظام في آستانة سمَّى مفاوضيه من المعارضة المسلحة جميعًا إرهابيين! وثانية المشكلات الأطراف التي ستُدعى لجنيف، والسيناريو الإيراني التلاعُب بين تركيا والسعودية. والطموح الآن أن يتواصل المصريون والسعوديون بحقّ بشأن سوريا، بعد إعلان مصر عن استمرار مشاركتها في اليمن. وينبغي أن يكون للعرب دورٌ في تحرير الرقة من «داعش»، حتى لا يتهجر العرب السنَّة من هذه المدينة أيضًا. وما استطاعت قوات «درع الفرات» التقدم في معركة الباب، ويقال إن روسيا تريد مشاركة النظام السوري، لأن تعاوُنًا يمكن أن ينشأ بين تركيا والنظام ضد مسلَّحي الأكراد. بينما ينبغي النظر إلى المسألة من وجهٍ آخر، هو حصول منطقة مستقرة بيد المعارضة في شمال سوريا، بما في ذلك ما بين الباب ومنبج والرقة، لكي يمكن وجود توازُن يسمح بالتفاوض. فالمعارضة المسلحة والسياسية هي اليوم الطرف الأضعف، وستزداد ضعفًا في جنوب سوريا بعد متغيرات السياسة الأردنية الأخيرة. هناك حاجةٌ لعدم الاختلاف مع الأتراك، وحاجةٌ أخرى للتنسيق السعودي - المصري - الأردني.

ويبقى المتغير أو المجهول الأميركي مع الإدارة الجديدة. ولستُ أرى مجالاً كبيرًا للتغيير ما دامت روسيا تتحمل العبء الأكبر، وما دام ترمب يريد تحسين العلاقات مع روسيا. ولأنّ «داعش» سيقاوم في الرقة ودير الزور بشدة، وكذلك في غرب دجلة بالموصل، فإنّ الحرب ستكون طويلةً في العراق كما في سوريا. وإذا كان «داعش» هو المشكلة في الواجهة فإنّ «النصرة» هي مشكلةٌ أيضًا في سوريا، في نظر أميركا وروسيا وإيران على الأقلّ. أما الحقيقة فهي أنّ المشكلة الأكبر حقًا تبقى في غياب المشروع العربي أو البديل العربي في سوريا والعراق. فالسنة العرب ضعفاء جدًا بالعراق، وما عادت عندهم قيادات معتبرة. والعرب السوريون المسلحون شرذم المتطرفون صفوفهم، أما غير المسلحين فقد صاروا جميعًا في الخارج، أما المشهد الداخلي في المناطق المحررة، فإن المسلحين من شتى الأشكال هم الذين يتقاسمونه. فالتدخل العربي ضروري في سوريا والعراق، لإنهاء الحروب من جهة، ولحفظ الهوية والانتماء من جهة أخرى، ولإعادة الإعمار والاستقرار من جهةٍ ثالثة.

والوضع اليمني مختلفٌ كثيرًا. ففي العراق وسوريا ما عاد يمكن إقصاء إيران، أما في اليمن فلا يزال ذلك ممكنًا، بل هو ضروري. فقوات الشرعية تتقدم على السواحل الاستراتيجية، وينبغي أن تزيل الانقلابيين من المحافظات الوسطى. وإذا تحررت السواحل لجهة باب المندب ولجهة ميدي والطوال، فإنّ وصول السلاح إلى الانقلابيين سيكون صعبًا جدًا، وعندها قد يعود الانقلابيون إلى حجمهم الطبيعي فيمكن التفاوض معهم. وهذا يقتضي بعد ضبط السواحل والمحافظات الوسطى الاستمرار في التضييق على صنعاء وصعدة. وإلى الصبر والدعم والموارد وقوات التحالف، فإنه ينبغي أن يزول هذا الكلام عن الحساسيات بين الشمال والجنوب، ليس من أجل استمرار الوحدة، بل من أجل نجاة الشمال والجنوب، ولارتباط مصيرهما بحرًا وبرًا. إنّ التسوية بين اليمنيين تظل ممكنةً رغم ظهور جيل متأيرن. ولا حاجة لتوسيط الإيرانيين أو إدخالهم إلى بطن اليمن والجزيرة.

آستانة علامة فارقة بعدما حدث في العراق بعد عام 2003. فقد انتهت الغربة عن العالم العربي إلى حدود التفاوُض بين الأميركيين والإيرانيين على انسحاب القوات، دونما إشراكٍ حتى للأمم المتحدة. وقد تراجعت أمورنا في سوريا بين عام 2012 واليوم. ففي العام 2012 وعلى مشارف «جنيف - 1» ما كان مسموحًا بحضور إيران للاجتماعات، وكان الأميركيون والروس يتفاوضون بحضور العرب ثم تركيا. واليوم في آستانة لا يحضر عربي بينما يحضر الإيرانيون. وإذ آل الأمر إلى ذلك، فينبغي أن يكون الحرص العربي شديدًا للعودة إلى العراق، والثبات في سوريا، ولو من طريق إقناع الأتراك والروس والأميركيين، بضرورة العرب للخلاص من «داعش».

يقول الروس إنّ وظيفة لقاء آستانة تثبيت وقف إطلاق النار، وبعدها يكون الذهاب إلى جنيف من جديد. وسيحضر هناك بالطبع العرب والإيرانيون. لكنّ حضور جنيف ما عاد ضمانة. بل لا بد من التدخل العربي في سوريا بأي شكل، بحيث ينفرض الوجود على الأرض، ويلتف من حوله السوريون، لكي يصبح التغيير ممكنًا بقياداتٍ معروفة

اقرأ المزيد
٢٧ يناير ٢٠١٧
إدارة ترامب هل تكتفي بصفة «مراقب» في سورية؟

اتسمت دعوة الولايات المتحدة إلى المشاركة «بصفة مراقب» في المحادثات السورية في آستانة برمزية حتمتها ظروف الانتقال من إدارة إلى إدارة في واشنطن، لكنها قد تبقى في شكل أو في آخر ملازمة للتعامل الأميركي مع هذه الأزمة، أي أن يستمرّ «مراقباً». فالرئيس دونالد ترامب لم يبدِ، خلال حملته الانتخابية، أي اهتمام بالأزمة السورية خارج محاربة الإرهاب، وحصل شبه تبادل للتحيات بينه وبين بشار الأسد إذ قال الأول: «لا أحب الأسد، لكنه يحارب داعش» وردّ الآخر بأن «ترامب سيكون حليفاً إذا حارب الإرهاب»، وبعد ذلك وجد المرشح الجمهوري قبيل انتخابه ضرورة لتضمين برنامجه أي اقتراح عملي فأضاف تأييداً مبدئياً لإنشاء منطقة آمنة في شمال سورية ليلجأ إليها النازحون الجدد. وغداة انتخابه قدّم ترامب ما يشبه الضوء الأخضر للإجهاز على حلب، ولم تستثر الفظائع والجرائم أي ردّ فعل من جانبه ولا حتى أي موقف إنساني، أما التفاهمات الروسية - التركية التي سبقت مأساة حلب وتلتها فطوت عملياً مسألة «المنطقة الآمنة»، ولم تعد أنقرة تتحدّث عنها. بقيت إذاً الحرب على «داعش»، ولا يريد ترامب أن يكون فيها مراقباً.

في خطاب التنصيب قال ترامب عبارته المفخّخة: «سنوحّد العالم المتحضّر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف الذي سنزيله في شكل كامل عن وجه الأرض». كان الرؤساء الثلاثة الذين سبقوه مباشرة إلى البيت الأبيض، وواجهوا تفاقم خطر الإرهاب، تفادوا إلصاق الصفة «الإسلامية» به، سواء مراعاةً لحساسيات المسلمين الذين يرفضون «إسلامية» الإرهاب ولا يعترفون بها، أو أيضاً لأن إزالة الإرهاب تحتاج إلى تعاون المسلمين، أو خصوصاً للحؤول دون جدل شعبي قد يتدهور في مجتمعات الغرب إلى مواقف تمييزية وعنصرية. ومنذ إفادات مرشحي ترامب للوزارات الرئيسية أمام لجان الكونغرس، بدا اعتماد هذا المصطلح معبّراً عن روح مختلفة لسياسة الإدارة الجديدة وأولويتها التي حدّدها بيان نشره موقع البيت الأبيض كالآتي: «هزيمة الدولة الإسلامية وجماعات الإرهاب الإسلامي المتطرّف ستكون أولويتنا العليا». وعدا اللغة الشديدة لم يقل البيان بماذا ستختلف حرب ترامب على الارهاب، إذ إن الوسائل التي ذكرها (عمليات عسكرية نشطة، قطع التمويل عن «داعش»، مواجهة دعايته وتجنيده بالهجمات الإلكترونية، وتوسيع تبادل المعلومات الاستخبارية) هي ذاتها التي أوردها الوزير جون كيري في مقالة (نيويورك تايمز 20/01) عن إنجازات الإدارة السابقة بدءاً بمحاربة الإرهاب التي يُفترض أن تبلغ غاياتها المرسومة خلال ولاية ترامب.

مع أن أميركا أوباما أولت الخطر «الداعشي» أهمية، إلا أنها حافظت إلى حدٍّ ما على مقاربة مختلفة للأزمة الداخلية في سورية، مميّزةً بين معارضة «معتدلة» وجماعات متشدّدة، ومتعارضة جزئياً مع المفاهيم التي تبنتها روسيا. الفارق مع أميركا ترامب أنها أعطت انطباعاً قويّاً بأنها تميل إلى ترك روسيا تدير الملف السوري، كما أنها انزلقت باكراً وسريعاً إلى اختصار الأزمة بالإرهاب لتلتقي بذلك مع بروباغندا الأسد والإيرانيين، أما جديدها غير المؤكّد بعد فقد يكون التعاون مع روسيا ضد الإرهاب، وكان أن هذا التعاون رُفض من جانب البنتاغون والاستخبارات قبل اتفاق كيري - لافروف في أيلول (سبتمبر) الماضي وبعده. ويمكن القول أن روسيا غيّرت خلال الفترة الانتقالية بين الإدارتين الأميركيتين الكثير من معادلات الأزمة السورية ومن معالم الحرب على الإرهاب، إذ وسّعت نطاق عملياتها الجوية ضد مواقع «داعش»، وتفاهمت مع تركيا على دور لها داخل الأراضي السورية، وهو ما رفضه الأميركيون دائماً مفضّلين التعامل مع الأكراد، كما تغاضت روسيا عن اقتراب قوات الأسد وميليشيات إيران من مناطق «داعش» لفرض أمر واقع بمشاركتها في محاربة الإرهاب.

يُفترض أن يوضح الرئيس الأميركي الجديد خلال الأسابيع المقبلة، المدى الذي يحبذه للاستقالة الأميركية من الأزمة السورية، فالعودة إلى الخوض في تفاصيلها هي أيضاً عودة إلى مساواة لا يريدها مع روسيا. وما دامت إدارة أوباما حاججت دائماً بأن لا مصالح أميركية في سورية عدا القضاء على «داعش»، فلن يكون مستغرباً أن يتمسّك ترامب بفضيلة هذه المصلحة واعتبار غياب المصالح الأخرى مبرّراً كافياً للإحجام عن التدخل في الحل السياسي وشروطه، وهو ما سترحّب به إيران التي اتخذت من مشاركتها في «رعاية» محادثات آستانة فرصةً لمناكفة أميركا بمعارضة دعوتها إلى آستانة حتى «بصفة مراقب» ومحاولة إقصائها نهائياً عن الملف السوري، إلى الحدّ الذي استوجب ردّاً غاضباً من الكرملين. وكانت إدارة أوباما تظاهرت، بل أوحت بأن «الشراكة» التي أقامتها مع روسيا مكّنتها من تمثيل (والدفاع عن) المعارضة السورية وطموحاتها، كذلك مصالح الأصدقاء العرب في سورية، وإذ لم يتحْ للمعارضة و «الأصدقاء» أن يلمسوا نتائج مفيدة لهذا الدور الأميركي فإن إدارة ترامب لا تبدو معنيةً به، بل تأخذ في الاعتبار أن تغييراً طرأ على معطيات الأزمة السورية.

ثمة خطأ أميركي علني وواضح للعيان في صدد أن يُرتكب، تحديداً في اختزال ما حصل في سورية بأنه «إرهاب إسلامي متطرّف يجب أن يُزال عن وجه الأرض». أكثر من صوتٍ سُمع يُحذّر من أن «لغة» ترامب وفّرت دعاية مجانية لـ «داعش» وأشباهه. لكن، إذا أرادت إدارته أن تتمايز فعلاً فأمامها خيار إنهاء المهادنة التي اتّبعتها إدارة أوباما تجاه دور النظامَين السوري والإيراني في دعم الإرهاب، سواء بإيواء تنظيم «القاعدة» ومنحه تسهيلات مقابل استخدامات شتى، أو بتصنيع «داعش» وتوظيفه في تغيير طبيعة الأزمة، ثم بتفريخ الميليشيات من داخل الجيش الأسدي وعلى هامشه. فهذا الواقع الميليشيوي أضحى رديفاً لـ «داعش» ويماثله في الانتشار بين سورية والعراق، بل لعل إرهابيته أكثر خطراً كونها مرتبطة بنظامَين متحالفَين يوفّران لها الإمكانات العسكرية والتغطية السياسية. وإذا لم تُشمل هذه الميليشيات في ضرب «الإرهاب الإسلامي المتطرّف»، فإنها ستكون على الدوام دافعاً لاستمرار الإرهاب بوجوه متعدّدة وسبباً لعدم استعادة الاستقرار. ويكفي هنا مثلاً أن الحرب على «داعش» والقضاء عليه لا يحولان دون إنهاء الصراع السوري بحل سياسي، في حين أن وجود الميليشيات الإيرانية وبقاءها كفيلان بتخريب أي حل لا يتناسب مع أجندة طهران.

من هنا، إن ضرب «داعش» لن يجدي إذا لم يتصدَّ لكل عناصر الإرهاب سواء كانت سنّية أو شيعية، وقد أظهرت «معارك التحرير» في العراق أن علّة ظهور «داعش» كانت في النظام العراقي ذاته واعتماده ولو غير المعلن على الميليشيات، ولا يزال الخطر على مرحلة «ما بعد داعش» يكمن في النظام ذاته وفي عجزه عن بلورة مصالحة وطنية. أما في سورية فكانت تفاهمات كيري - لافروف توصّلت إلى مفهوم مبتسر قوامه أن ضرب المعارضة هو أيضاً ضربٌ للإرهاب، على رغم أن تقارير الأجهزة شخّصت مسؤولية نظامَي دمشق وطهران عن استشراء الوباء الإرهابي وجماعاته. وبديهي أن إلقاء وصمة الإرهاب على كاهل المعارضة السورية لم يكن خطاً آخر ولم يلقِ بظلاله الثقيلة على البحث في الحل السياسي فحسب، بل شكّل وسيشكّل تشويهاً لطبيعة ذلك الحل، خصوصاً إذا اعتُمد فيه المفهوم الروسي الذي لا يزال مبنياً على بقاء النظام ورئيسه وعلى استثمار هزيمة المعارضة في حلب. فمثل هذا الحل الالتفافي الذي ستطلب موسكو من مجلس الأمن أن يضفي عليه شرعية دولية، وقد يلقى قبولاً لمجرد أنه يخفّف حدّة الصراع المسلّح ويريح دولاً غربية من ضغوط موجات الهجرة، سينطوي على دعوة إلى المجتمع الدولي لقبول ديكتاتور دموي واعتباره حجر الزاوية للتطبيع السلمي في سورية. والأغرب أنه حتى قبل التوصّل إلى أي وقف للنار أو إلى هدنة ثابتة أو إلى حل على الإطلاق باشرت روسيا وإيران تتوزّعان المكاسب والمغانم، الأولى بتوسيع قاعدة طرطوس الحرية للمكوث فيها لخمسة عقود مقبلة بعد حصولها على أفضلية أو احتكار الكثير من القطاعات، والثانية بانتزاع ميناء نفطي وترخيص لشركة هاتف جوّال وأراضٍ ومناجم فوسفات للاستغلال... كل ذلك يتمّ استباقاً لأي خيارات تحدّدها إدارة ترامب، أو الأرجح لأن هذه الإدارة لا تكترث بما يتحاصصه الروس والإيرانيون ولا بحقيقة أن هذا التحاصص يتجاوز أي حكومة مقبلة ذات تمثيل جامع وفقاً لما روّجت له موسكو دائماً.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
١٦ يناير ٢٠٢٥
من "الجـ ـولاني" إلى "الشرع" .. تحوّلاتٌ كثيرة وقائدٌ واحد
أحمد أبازيد كاتب سوري
● مقالات رأي
٩ يناير ٢٠٢٥
في معركة الكلمة والهوية ... فكرة "الناشط الإعلامي الثوري" في مواجهة "المــكوعيـن"
Ahmed Elreslan (أحمد نور)
● مقالات رأي
٨ يناير ٢٠٢٥
عن «الشرعية» في مرحلة التحول السوري إعادة تشكيل السلطة في مرحلة ما بعد الأسد
مقال بقلم: نور الخطيب
● مقالات رأي
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
لم يكن حلماً بل هدفاً راسخاً .. ثورتنا مستمرة لصون مكتسباتها وبناء سوريا الحرة
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
٦ ديسمبر ٢٠٢٤
حتى لاتضيع مكاسب ثورتنا ... رسالتي إلى أحرار سوريا عامة 
Ahmed Elreslan  (أحمد نور)
● مقالات رأي
١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
"إدلب الخضراء"... "ثورة لكل السوريين" بكل أطيافهم لا مشاريع "أحمد زيدان" الإقصائية
ولاء زيدان
● مقالات رأي
٣٠ يوليو ٢٠٢٤
التطبيع التركي مع نظام الأسد وتداعياته على الثورة والشعب السوري 
المحامي عبد الناصر حوشان