
"داريا و الزبداني"و"الغوطة و جيشها" .. ظروف متشابهة و أفعال متناقضة
شكل بيان حركة أحرار الشام أمس عن توقف المفاوضات مع الجانب الايراني بشأن وقف الحملة على الزبداني مقابل وقف قصف القرى الشيعية في ادلب "كفريا و الفوعة" ، اعلان رسمي للاحتلال الايراني لسوريا ، بحيث لم نعد نقاتل لنيل الحرية من نظام مستبد ، بل بتنا أمام احتلال واضح كامل الاركان ، و اسوء أنواع الاحتلال و أشنعها .
الزبداني تمر عليها لحظات عصيبة في مواجهة الموت على ايد اقذر المخلوقات ، تواجه الموت وهي واقفة ، غير راضخة ، غير متراجعة ، فالموت هنا لا يخيف ، و إنما البقاء أحياء ، ومشاهدة الغزاة يدخلون البيوت ، هو ما يميت من الرعب .
نداء حركة الاحرار باشعال الجبهات للجميع ، و إن كان مخصص لأهل الغوطة ، كونها الهدف القادم بعد الزبداني ، و ان شخصناه فهو موجه لشخص زهران علوش ، بأن يصحو قبل أن يتحول السيف اللامع من بعيد ، إلى ملاصق للرقبة ، لامكان هنا لاي مبرر ، فالإقدام على ضرب الأسد و ايران بعمق دمشق ، لايعني الموت ، كما يجده مبرر جيد للصامتين في الغوطة ، فاليوم أفضل من انتظار الموت الآتي إلى أرضك في الغد .
أنا على يقين أن أكبر أخطاء جيش الإسلام هو الهالة الاعلامية التي أحاطه به نفسه على أنه جيش متكامل الأركان ، ويقيني أكبر وجود سوء تعامل اعلامي مع الهجمات المتلاحقة على جيش الاسلام ، و بيانه الأخير حول فتح كل الجبهات نصرة للزبداني إلا الغوطة ، هو خطأ لا يغتفر ، فحال جيش الإسلام ليس بأسوء من رجالات داريا ، لا مميت كأبطال الزبداني ، ولامكان لأي مبرر ، فإن كان الاسلام هو المرجع فقول تعالى يكفي (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) [ البقرة 249] ، فالتحرك اليوم و الآن ، و الضرب بكل ما نملك ، إن لم يكن نصرة لأحد ، فلتكن نصرة لجيش الإسلام و مقاتليه و عوائلهم ، و دفع الموت عنهم أو الموت بشرف ، و ألا نكتفي ببيانات و اجتهادات و تفسيرات و تشجيع الجميع ، فمن يصمت اليوم عن قتل أخيه ، سيموت غداً بصمت .
ولا أقصد هنا جيش الإسلام فحسب ، فكل فصيل معني و مطلوب منه الوقوف ، و توجيه الصفعة لايران في كل مكان يملك قيمة عندهم ، ابتداء من المقام المزعوم "السيدة زينب" ، و انتهاءً بأصغر منزل يحتويهم.
داريا و رجالها لطالما علمونا ، أن الحصار ليس موت ، و أن تكالب الجميع لايعني الركون ، فكل السلبيات توظف لتكون دوافع لأعمال كبيرة و لهيب داريا بالأمس أبلغ رسالة ، بأن الزبداني ليست وحدها ، و أن داريا ستهاجم قبل أن تدافع .
الزبداني تصرخ و تدعوا الجميع للتحرك ، مدنيين و عسكريين و سياسيين ، فنصرتها مطلوبة من الجميع ، و خسارتها يعني خسارة الجميع فلن نخسر الزبداني ، و إنما "سوريا" بكامل تفاصيلها .