
الطفل الذي غرق في بحر "الضمائر الميتة" ..
حوّل الطفل السوري الرضيع الذي وجدت جثته ملقية على أحد شواطئ تركيا ، العالم إلى عبارة عن "حفاضة" بحاجة لرمي بعيداً تلافياً لألم رائحتها .
ملئ المشهد الأرجاء جميعاً ، ملئت معه الصفحات و مواقع التواصل الإجتماعي بعبارات الألم و النحيب و البكاء ، و شتم كل شيء حي على هذه الأرض من حكام و بشر ، بكل الألوان و الأطياف ، ووصل الأمر إلى البحر و القارب و أهل الطفل الذين رافقوه في الموت غرقاً ، مرواً بكل الأنظمة و الهيكليات و التنظيمات المحلية و الإقليمية و العربية و الإسلامية و العالمية .
الجميع إنتحب و ذرف الدموع و دعا إلى وقف هذا الموت الأرخص من المجاني ، وطالب الكثر بفتح الأبواب الموصدة و تسهيل عملية الإنتقال إلى النقاط الآمنة .
اشترك القاسي و الداني ، بهذا الجهد الإنتقادي ، المطالباتي ، الشتائمي ، و الذي لايتجاوز حد الكلام ، بضع الحروف التي لم تكتب حتى بحبر ، لتكون عبارة عن نفخات هواء ستضيع بعد يوم أو يومين ، كما ضاعت تلك الكلمات على مدى خمس سنوات ، ضاع غريم أكثر 300 ألف شهيد سوري .
صورة الطفل السوري الملقاة كجثة هامدة ، هي صورة لشعب بأكمله ، لأمة بأكملها ، و للإنسانية جمعاء ، ليتك أيها الطفل كنت إبن لأحد الجهابذة الإلكترونيين ، أو أحد القياصرة الأقلويين ، أو تكون حتى معبداً أثرياً يلحقك المسبار الفضائي و يلتقط صورك لحظة بلحظة ، ليتك يا بحر داعشاً.
صورة الطفل عرتنا جميعاً ، كبشر قبل أن نكون مسلمين ، أنهت كياناتنا و حصرت قدراتنا داخل مستطيلات موزعة بألوان المواقع ، غداً سننساك ، ننتظر قصة جديدة لنجلدها ، علنا ننسى أن نجلد ذواتنا .