
منصة "تأكد": رامي مخلوف لم ينفِ تشكيل "قوات النخبة".. والصفحة الرسمية تعود له
أكدت منصة "تأكد"، المختصة بتتبع الأخبار الزائفة والمضللة، أن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس المخلوع بشار الأسد، لم ينفِ مسؤوليته عن البيان الذي نُشر مؤخراً على صفحة تحمل اسمه، والمتعلق بتشكيل "قوات النخبة" في الساحل السوري.
وأوضحت المنصة أن عدداً من الحسابات على موقع "فيسبوك" تداولت يوم الأحد 27 نيسان/أبريل، ادعاءً مفاده أن مكتب رامي مخلوف نفى صلته بالبيان، بزعم تعرض صفحته للاختراق عقب سرقة هاتفه الشخصي من أحد الفنادق. إلا أن فريق منصة "تأكد" دحض هذا الادعاء بعد إجراء بحث موسع.
دحض الادعاءات والتحقق من الحقائق
أظهر تحقيق "تأكد" أن الادعاء مضلل، إذ تبيّن أن البيان المزعوم بالنفي جرى تداوله عبر صفحة ساخرة تحمل اسم "نعم لرامي مخلوف"، وهي صفحة اعتادت نشر بيانات وصور مفبركة تتعلق بعائلة الأسد ومخلوف، ضمن قالب ساخر هدفه تضليل المتابعين.
وسبق أن وثقت منصة "تأكد" أن هذه الصفحة نشرت خلال السنوات الماضية عدة منشورات مفبركة تم تفنيدها لاحقاً، ويمكن الاطلاع على نماذج منها عبر أرشيف المنصة.
بيان رامي مخلوف وإثارة الجدل
وكان رامي مخلوف قد نشر عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" بياناً أحدث جدلاً واسعاً، تحدث فيه عن وجود "150 ألف مقاتل من قوات النخبة"، وعدد مماثل كاحتياط، إلى جانب تشكيل "لجان شعبية" قوامها مليون شخص لحماية ما وصفه بـ"إقليم الساحل السوري".
ودعا مخلوف في بيانه "الأصدقاء في الدولة الروسية والمجتمع الدولي" إلى تقديم الدعم، ما أثار حالة من الجدل السياسي والإعلامي.
تأكيد ارتباط الصفحة بشخصية رامي مخلوف
وبحسب تحقق فريق "تأكد"، فإن الصفحة التي نشر عليها البيان تعود فعلياً لرامي مخلوف، وقد ظهر عبرها منذ عام 2020 في مقاطع مصورة، عقب بداية خلافاته الاقتصادية مع نظام الأسد.
ويُعد أول ظهور له على الصفحة بتاريخ 30 نيسان/أبريل 2020، حيث تحدث حينها عن تفاصيل الخلافات المالية مع النظام السوري.
وأكدت المنصة أنه حتى تاريخ إعداد هذه المادة، لم يصدر أي نفي رسمي من رامي مخلوف أو أحد أفراد عائلته بخصوص البيان المنشور.
خلاصة تحقيق منصة "تأكد" أن الادعاء بأن رامي مخلوف نفى علاقته ببيان "قوات النخبة" هو ادعاء مضلل، وأن بيان النفي المزعوم نُشر عبر صفحة ساخرة معروفة بفبركة البيانات المتعلقة بعائلة الأسد، مؤكدة أن الصفحة التي نُشر عليها بيان "قوات النخبة" تعود فعلياً لرامي مخلوف منذ تغيير اسمها قبل سنوات.
علويون يتبرؤون من "رامي مخلوف": "لا يمثلنا بل يمثل الفاسدين"
سارع ناشطون علويون من الساحل السوري إلى التبرؤ من المدعو "رامي مخلوف"، ابن خال رأس النظام الهارب "بشار الأسد" والواجهة الاقتصادية لنظامه البائد لسنوات طويلة، عقب إثارته الجدل في منشور مثير للسخرية نشره على صفحته على "فيسبوك"، معلنًا فيه تشكيل ميليشيات مسلحة في الساحل السوري تحت شعار "حماية الإقليم الساحلي".
وأكد هؤلاء أن مخلوف "لا يمثل العلويين، بل يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة وسرقوا قوت السوريين"، وتقمص "مخلوف"، دور "فتى الساحل" المدافع عن قومه ولكن بجيوب منتفخة وماضٍ مثقل بالنهب، الذي لم يعرف عنه يوماً غير استنزاف ثروات البلاد، استجدى الدعم الروسي بشكل لا يخلو من مشهدية درامية مبتذلة.
وبينما كان يحاول تصدير نفسه كمنقذ للطائفة العلوية، جاءت ردود الفعل من نشطاء علويين كصفعة مدوية، إذ سارعوا إلى استنكار هذه المغامرة، معتبرين أنها بوابة جديدة للفتنة ودعوة علنية لخلق "فلول" خارجة عن مشروع الدولة السورية الجديدة.
خطاب انفصالي ودعوات مثيرة للريبة
حمل المنشور، الذي جاء تحت عنوان "نداء إلى الشعب السوري"، خطاباً حماسياً تطرق إلى ما سماه "مجزرة الساحل"، ودعا إلى "إعادة تنظيم قوات النخبة" المزعومة التي قدر عدد عناصرها بنحو 150 ألفاً، إلى جانب تشكيل لجان شعبية يصل قوامها إلى مليون شخص، مطالباً الحكومة السورية بالتعاون لحماية الإقليم الساحلي وتنشيطه اقتصادياً واجتماعياً.
في خطابه الهزلي، ادعى أنه شكّل 15 فرقة تعدادها 150 ألف مقاتل نخبة، مع احتياط مماثل، وميليشيات شعبية بمليون شخص أرقام جعلت نشطاء يرفعون حواجب الدهشة، متسائلين إن كان مخلوف بصدد إنشاء "دولة الساحل المستقلة" أو مجرد استعراض أرقام وهمية.
واللافت في استعراضه لأعداد مقاتليه المفترضين، وضع الطائفة العلوية أمام سيناريو مرعب، وكأن جميع أبنائها صاروا أدوات بيده، في مواجهة مع "سوريا المستقبل"، ما كشف بوضوح نواياه الملتبسة ودوره في تعميق عزلة الطائفة عن باقي مكونات المجتمع السوري.
شكوك حول الصفحة وهوية الجهة الناشرة
في أعقاب الضجة، أبدى ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي شكوكهم في مصداقية الصفحة، معتبرين أنها قد لا تكون رسمية، لكن هذه الصفحة نفسها أنشئت في فبراير/شباط 2012 تحت اسم "ماهر الأسد"، وظلت تحمل هذا الاسم حتى عام 2016، قبل أن يتغير اسمها تدريجياً إلى "رامي مخلوف"، وأظهرت وثائق متداولة تفاصيل هذه التغييرات، مما عمّق الشكوك بشأن الجهة الحقيقية التي تدير الصفحة.
"درع الساحل" ينفي الارتباط بالتحركات المزعومة
من جهته، نفى ما يسمى بـ"درع الساحل"، عبر بيان نشره على صفحته في "فيسبوك"، أي صلة له بأي تحركات عسكرية أو ميدانية، مؤكداً أن نشاطه مع رامي مخلوف يقتصر على "تأمين الحماية الدولية سياسياً لا عسكرياً"، في إشارة إلى نفي أي دور مباشر في تحركات عسكرية ميدانية.
ردود فعل غاضبة داخل الطائفة العلوية
ردود الفعل الغاضبة لم تتأخر، إذ خرج ناشط علوي في تسجيل مصور عبر "فيسبوك" ليؤكد أن "رامي مخلوف لا يمثل العلويين"، معتبراً أنه يمثل الفاسدين الذين استغلوا الطائفة. وأضاف أن الطائفة العلوية "تتبرأ من هذا الخطاب الطائفي الانقسامي"، محذراً أبناء الطائفة من الانجرار وراء "الأكاذيب والمؤامرات الاستخباراتية".
أما الناشط العلوي المعروف بشار برهوم، فقد شن هجوماً لاذعاً على مخلوف، واصفاً إياه بـ"الجبان والفأر"، وكتب في منشور: "أيها الأبله، يا عدو الإنسانية، أنت من أفقر هذه الطائفة والآن تتاجر بفقرها. الطائفة العلوية تتبرأ من بيانك".
انتقادات واسعة لمخلوف واتهامات بالفساد
من جانبها، شنت صفحات معنية بالشأن السوري هجوماً على مخلوف، معتبرةً أنه أحد "أبرز رموز الفساد"، وأن حديثه عن "نصرة المظلومين" يشكل "إهانة故 لذاكرة السوريين الذين ذاقوا مرارة الاستبداد الذي كان شريكاً أساسياً فيه".
انقسامات وتحذيرات علوية.. "منصور" يدعو للنأي بالنفس و"غزال" يرفض تبني بيان "مخلوف"
في السياق ، نشر "صالح منصور"، الضابط السابق في جيش النظام البائد والذي يقدم نفسه كشيخ ومتحدث باسم الطائفة العلوية، مقطعًا مصورًا أثار جدلًا واسعًا، استهلّه بالحديث عن "إبادة" مزعومة للعلويين على يد الدولة السورية الجديدة.
وفي التسجيل، دعا منصور أبناء الطائفة العلوية إلى تبني سياسة النأي بالنفس عن الصراع الدائر، معلقًا على بيان رجل الأعمال "رامي مخلوف"، بالقول إنه أحدث انقسامًا داخل الطائفة بين مؤيد ومعارض.
وكشف أن "مخلوف" يقيم حاليًا في روسيا، مرجحًا أن يكون البيان الذي صدر باسمه ناتجًا عن قرار دولي يفوق قدرات الطائفة وسوريا مجتمعة.
وأضاف "منصور"، أن في حال كان البيان مزورًا، فإن الهدف منه هو بث الفتنة وجرّ الساحل السوري إلى حرب طائفية. مؤكدًا في الوقت نفسه رفضه القاطع لأي شكل من أشكال العنف الداخلي.
كما وجّه رسالة إلى الحكومة السورية، متهماً بعض الفصائل التابعة لها بارتكاب تجاوزات بحق أبناء الطائفة العلوية، مؤكدًا أن هذه التجاوزات تصاعدت مؤخرًا، وفق زعمه.
في السياق ذاته، ظهر الشيخ "موفق غزال" في مقطع مصور آخر، معلنًا رفضه لما جاء على لسان رامي مخلوف، سواء أكان البيان صحيحًا أم مزورًا، مشددًا بالقول: "لا نتبنى أي مما ورد في هذا البيان".
مخاوف من عودة التوتر الطائفي
يأتي هذا التصعيد الكلامي في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة إلى سوريا التي تحاول الخروج من تبعات الحرب الطويلة. ويرى مراقبون أن دعوات الانفصال، حتى وإن حملت غطاءً "خدماتياً وأمنياً"، قد تسهم في تهديد ما تبقى من النسيج الوطني السوري وإعادة إشعال التوترات الطائفية والمناطقية.
محللون ونشطاء سوريون دعوا بدورهم أبناء الساحل إلى عدم الانجرار خلف خطاب مخلوف الرنان، مشددين على أن ما يحدث لا يعدو كونه عملية جس نبض يقودها رامي بتوجيهات مخابراتية، هدفها إغراق الساحل بمزيد من الفوضى، وتحويله إلى ساحة صراع.
فيما أعلن ممثلين عن الطائفة العلوية التبرؤ العلني والنهائي من رامي مخلوف ومن كل من يدور في فلكه أو يحاول المتاجرة، وأكدوا أنه لا يمثلهم لا فكريًا ولا اجتماعيًا ولا وطنيًا مواقفه وأفعاله لا تعبر إلا عنه وعن مصالحه الشخصية الضيقة.
ودعا بيان متداول باسم الطائفة أن جميع أبناء سوريا بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وأطيافهم إلى التكاتف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول بث الفتنة أو إثارة النزاعات أو تهديد السلم الأهلي.
وكان "رامي مخلوف" ادعى العمل على إيجاد حلول جذرية تمنع تكرار أحداث الساحل السوري وتضمن الأمن والأمان، وقال إنه يرى نفسه “يعيد كل الأشخاص المدنيين والعسكريين الذين طُردوا من وظائفهم” بعد أن استهل المنشور بمقدمة حول الأحداث في الساحل تضمنت مبالغات وكذلك متاجرة واستغلالاً للأحداث، وفق متابعين.