١٣ ديسمبر ٢٠٢٤
اعتبر "حسين سلامي" قائد "الحرس الثوري الإيراني"، إن انسحاب قوات الحرس وميليشيات إيران من سوريا، بالتوازي مع سقوط نظام الأسد، مرجعه إلى "تغير الاستراتيجيات بما يتناسب مع الظروف"، في رفض صريح للإقرار بالهزيمة التي أمنيت بها ميليشيات إيران في سوريا، وسقوط نظام حليفهم الأبرز في المنطقة "بشار الأسد".
وقال سلامي: "أود أن أقول لكم بفخر، إن آخر من غادر خطوط المقاومة في سوريا كانوا أبناء (الحرس الثوري)، وآخر شخص غادر هذا الميدان كان أحد أفراد الحرس"، وأضاف: "لا يمكننا معالجة القضايا المتعددة على المستوى العالمي والإقليمي بثبات وجمود في استراتيجياتنا".
وكان نقل نواب في البرلمان عن سلامي قوله في جلسة مغلقة بشأن سوريا، إن إيران "لم تضعف" بعد الإطاحة بحليفها الأسد، وقال سلامي إن إيران "كانت تحاول حقاً ليل نهار تقديم المساعدة بكل ما في وسعها، وعلينا أن نتكيف مع الوقائع في سوريا، ونحن نتابعها ونتصرف على أساسها"، وفق ما نقلت وكالة أنباء إيران الرسمية (إرنا).
وأضاف سلامي: "البعض يتوقع منا أن نقاتل بدلاً من الجيش السوري"، متسائلاً: "هل من المنطقي أن نُشغل كل قوات (الحرس الثوري) والباسيج في القتال داخل بلد آخر، بينما جيش ذلك البلد يقف متفرجاً؟".
واعتبر "من جهة أخرى، كانت جميع الطرق المؤدية إلى سوريا مغلقة أمامنا. النظام كان يعمل ليلاً ونهاراً لتقديم كل ما يمكن من الدعم، لكننا كنا مضطرين للتعامل مع حقائق الوضع في سوريا. نحن ننظر إلى الواقع ونعمل وفقاً للحقائق".
وكرر سلامي الرواية الرسمية الإيرانية بشأن اطلاعها المسبق على التمهيدات التي اتخذتها المعارضة قبل شهور من سقوط الأسد، بالقول: "كنا على علم بتحركات المسلحين منذ أشهر. وقد تمكن إخواننا باستخدام الأساليب الاستخباراتية من تحديد محاور هجماتهم ونقل هذه المعلومات إلى المستويين السياسي والعسكري في سوريا، لكن، للأسف، بسبب غياب الإرادة الحقيقية للتغيير، والقتال، والصمود في معناه الحقيقي، حدث ما رأيتموه".
وأضاف سلامي أن "البعض في الأوساط السياسية والنخبوية وبين عامة الناس يروجون لفكرة أن النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه"، وقال "الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً".
وأوضح أنه "نحن نتخذ قراراتنا ونعمل بناءً على إمكانياتنا وقدراتنا الداخلية. لدينا منطق سياسي قوي للقتال، ولدينا شرعية قوية للدفاع، ولدينا أمة عظيمة تقف بثبات، وقائد كبير يلهمنا ويوجهنا. قواتنا المسلحة قوية وباقية دون أن تُمس. لو كنا ضعفاء لما استطعنا تنفيذ عمليات (الوعد الصادق)".
وزعم أن وجود إيران المباشر في سوريا كان بهدف منع "هيمنة داعش"، مضيفاً: "كنا مضطرين للوجود في العراق وسوريا"، وقال سلامي: "كان من الضروري على إيران الوجود العسكري المباشر في العراق وسوريا، وتقديم الدعم الاستشاري، وحشد كافة الإمكانيات لمنع انتشار هذا الخطر".
وأضاف: "لو لم يكن قاسم سليماني، لكانت كل الإمكانيات المتوفرة حينها قد أصبحت عاجزة وغير فعالة"، واعتبر أنه "بعد القضاء على (داعش)، اضطررنا لسحب قواتنا غير الضرورية من سوريا. لم يكن من المصلحة البقاء هناك بعد استقرار الوضع، حيث تولى الجيش السوري الدفاع، وأصبح قادراً على تأمين الأمن، كما كان يرغب في تقليص الوجود الإيراني لتجنب إعطاء المعارضين فرصاً للهجوم".
ولفت سلامي إلى أن بلاده تواجه تحديات مع الغرب في ثلاثة محاور رئيسية: "الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وتقليص القدرة الصاروخية، وتدمير البرنامج النووي"، وأوضح أن "الغرب لم يتمكن من القضاء على النفوذ الإيراني باستخدام الوسائل التقليدية، ولذلك لجأ إلى طريقة أخرى تمثلت في إنشاء بديل يشبه الجمهورية الإسلامية والثورة".
وكان أدان "الحرس الثوري"، في بيان شديد اللهجة، "استمرار العدوان والتدخلات من قبل الحكومة الأميركية والكيان الصهيوني في سوريا"، وأعلن "بداية عصر جديد من عملية هزيمة أعداء إيران"، عادّاً ما حدث في سوريا "دروساً وعبراً تسهم في تعزيز وتقوية وتحفيز جبهة المقاومة؛ لمواصلة سعيها لطرد الولايات المتحدة من المنطقة".
ولفت البيان إلى الدعم الذي حصلت عليه طهران من دمشق خلال حرب الثمانينات مع العراق، وقال في هذا الصدد: "شعب إيران يعدّ مساعدة ودعم بلد كان قد قدم دعماً حيوياً وحاسماً خلال أيام صعبة مثل الحرب المفروضة التي استمرت 8 سنوات، واجباً كبيراً عليه"
وأشار بيان "الحرس" إلى ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، كما أدان الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية والمرافق الحيوية في سوريا، وكرر البيان حرفياً ما ورد على لسان المرشد الإيراني علي خامنئي، قائلاً: "بمساعدة الشباب المؤمن والمجاهدين السوريين، سيتحطم المخطط المشترك الأميركي الصهيوني في هذه الأرض، وسنشهد تألق سوريا في ميدان دعم شعبي فلسطين ولبنان".
وقال خامنئي، الأربعاء: إن "المناطق التي احتلتها سوريا ستُحرر على يد الشباب الغيور السوريين؛ لا شك أن هذا سيحدث"، في حين قال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف إن ما قاله خامنئي حول سوريا «فصل الخطاب للجميع، والانحراف عنه لا يغتفر".
وسبق أن نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير، اليوم الاثنين، قوله إن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سورية بعد الإطاحة بالإرهابي "بشار الأسد"، الذي قدمت له دعم كبير على جميع المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، قبل أن تنسحب ميليشياتها من سوريا مدحورة أمام تقدم فصائل الثوار ضمن عملية "ردع العدوان".
وقال المسؤول، إن حكام إيران من رجال الدين، الذين يواجهون الآن فقدان حليف مهم في دمشق وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، منفتحون على التعامل مع القادة السوريين الجدد، لافتاً إلى أن "هذا التواصل مفتاح لاستقرار العلاقات وتجنب مزيد من التوترات الإقليمية".
وكان أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن مطلب إيران هو تحقيق مطالب الشعب السوري، وقال "نحن نراقب بدقة ما سيحدث. من الصعب بعض الشيء أن يصل السوريون إلى اتفاق بشأن الحكم، لكننا ندعم تغليب إرادة الشعب السوري. نحن نرغب في تحقيق مطالب الشعب السوري".
وأضاف أن "المشهد السياسي الحالي في سورية مفتوح على كل الاحتمالات. بعض دول المنطقة غاضبة حالياً، وأعتقد أن تحركات قد تبدأ من بعض الجهات. قد يؤدي تضارب المصالح إلى صعوبة تحقيق الاستقرار بسهولة".
أيضاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد في اجتماع للحكومة الإيرانية، ضرورة إطلاق الحوار بين مختلف شرائح المجتمع السوري، داعياً إلى إنهاء الاشتباكات المسلحة والعنف بأسرع وقت ممكن. وشدد بزشكيان على أهمية الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها، مضيفاً أن الشعب السوري "يجب أن يقرر بشأن مستقبل بلاده ونظامها السياسي وحكومته"، وفق التلفزيون الإيراني.
وقال عراقجي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني إن "جميع المؤشرات والتحليلات كانت تدل على أن هذه العملية ستحدث، لكن ما شكل مفاجأة كان عجز الجيش السوري أولاً وسرعة التطورات ثانياً"، مضيفاً: "نحن كنا على اطلاع استخباري تام بالتحركات في إدلب ونقلنا جميع المعلومات إلى الحكومة السورية".
وعقب سقوط "بشار" وهروبه من دمشق، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان لها، ما أسمته على موقفنا الثابت والجوهري في احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، معتبرة أن الشعب السوري هو من يحدد مصير بلاده بعيدا عن أي تدخلات تخريبية أو إملاءات أجنبية.
إيران التي لعبت دوراً محورياً في مساندة نظام بشار الأسد حتى أيام قليلة قبل سقوطه أمام ضربات الثوار واندحار ميليشياتها، شاركت عبر عشرات الميليشيات بتدمير بنية الشعب السوري ونشر الطائفية والقتل والموت في كل مكان من تراب سوريا، فكانت شريكاً في سفك الدم السوري وتهجيه وقتله بصبغة طائفية.
واعتبرت الوزارة، أنه من المتوقع أن تستمر العلاقات الطويلة الأمد والودية بين الشعبين الإيراني والسوري على أساس اتباع نهج حكيم وبعيد النظر من البلدين، وفق تعبيرها، وقالت إنها لن تدخر جهدا للمساعدة في تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا كونها دولة مؤثرة في المنطقة.
وفي تصريحات سابقة لها، اعتبرت ايران أن معركة "ردع العدوان" يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الموقعة بين الدول الضامنة (إيران وتركيا وروسيا)، وحذر رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، في منشور له، جيران سوريا من الوقوع فيما وصفه بـ”الفخ الأمريكي الصهيوني”، مؤكداً دعم إيران الكامل لسوريا والمقاومة في مواجهة الإرهاب.
وفي السياق ذاته، كان دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة لمنع عودة وانتشار ما اسماها الجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا.
وأدان بقائي بشدة ما وصفه بتحركات الجماعات الإرهابية في الأيام الأخيرة، واعتبرها جزءاً من “مخطط شرير” تقوده الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لزعزعة الأمن في منطقة غرب آسيا، وشدد بقائي على أهمية التنسيق بين دول المنطقة، خصوصاً جيران سوريا، لإحباط ما وصفه بـ”المؤامرة الخطيرة”.
وأشار إلى أن مناطق أطراف حلب وإدلب تُعتبر، وفقاً لاتفاقيات أستانا بين الدول الضامنة (إيران وتركيا وروسيا)، مناطق خفض تصعيد، معتبراً أن أي هجوم إرهابي على هذه المناطق يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات ويهدد الإنجازات التي حققتها عملية أستانا.
وتدخلت إيران في سوريا بقوات من الحرس الثوري، قاتلت في صفوف قوات النظام السوري، كما شاركت في التأطير العسكري، حيث كشف قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2015 أن طهران نظمت مئة ألف مقاتل في قوات وتشكيلات شعبية بسوريا بحجة الحفاظ على الأمن والاستقرار.
واستخدمت إيران خلال حربها في سوريا إلى جانب نظام الأسد عشرات الميليشيات الطائفية التي نشرت التشيع وحاربت الشعب السوري على أساس طائفي عرقي، ابتداءم بالحرس الثوري الإيراني وتشكيلات مسلحة يغلب عليها الطابع الطائفي، ومنها:
– كتائب "عصائب أهل الحق" و"فيلق بدر" و"حزب الله"، التي قاتلت في العراق ثم انتقل كثير من عناصرها بتوجيه إيراني إلى سوريا.
– حزب الله اللبناني، وهو من أكثر الفصائل قربا من النظامين السوري والإيراني معا، ويعد الأفضل تسليحا وتدريبا، والقوة الأكثر رمزية بعد الحرس الثوري الإيراني.
– ألوية أبو الفضل العباس: وهي حركة شيعية مسلحة يُعتقد أنها تتبع للتيار الصدري في العراق. برزت خلال مشاركتها في الحرب الدائرة في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد بدعوى حماية المراقد المقدسة.
– كتائب سيد الشهداء وذو الفقار: بدأت في العراق، وانتقلت إلى سوريا بالتوجيه نفسه.
– فرقة "فاطميون" وفرقة "زينبيون" قالت المعارضة الإيرانية إن طهران شكلت الفرقة الأولى من السجناء الأفغان الذين أفرج عنهم شريطة القتال في سوريا، وشكلت الثانية من باكستانيين شيعة قاطنين بإيران.
– فيلق "ولي الأمر": مكلف أساسا بحماية المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي وقادة النظام الإيراني. لكنه أرسل عددا من أفراده -لهم تكوين عال- لسوريا وتحديدا إلى حلب.
ولم يكن تدخل إيران في سوريا ووقوفها إلى جانب نظام بشار الأسد في مواجهة المعارضة المسلحة مجرد تخمينات، بل حقيقة أكدها المسؤولون الإيرانيون بأنفسهم، حيث أكد ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي في الحرس الثوري علي سعيدي في آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أنه لولا تدخل بلاده لدعم نظام دمشق "لكانت ضاعت" إيران والعراق ولبنان وسوريا.
١٣ ديسمبر ٢٠٢٤
قدّمت المحامية التركية "غولدان سونمز"، شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول، تطالب فيها بمحاكمة المسؤولين السوريين عن جرائم التعذيب المرتكبة في سجن صيدنايا، وذلك نيابة عن الضحايا، ومن بينهم نساء تعرضن للاغتصاب وأشخاص عُذبوا وقتلوا تحت التعذيب.
وقالت مصادر حقوقية تركية، إن الشكوى استندت إلى إفادات معتقلين سابقين وصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو كشفت عن المجازر وعمليات التعذيب داخل السجن، بالإضافة إلى وثائق توثق حالات اختفاء قسري واستخدام أسلحة كيميائية، تشمل أسماء مسؤولين عسكريين وسياسيين بارزين في النظام السوري، وعلى رأسهم "بشار الأسد ومدير سجن صيدنايا وعدد من مديري السجون وأجهزة المخابرات".
وطالبت الدعوى بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق هؤلاء المتهمين، ودعت إلى تسليمهم إلى تركيا إذا ما عُثر عليهم في دول أخرى، كما طلبت من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات موسعة باستخدام أدلة جديدة تشمل شهادات وأدلة مادية بشأن جرائم ضد الإنسانية.
وكانت قدمت "سونمز" مع فريق من المحامين بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية في 7 مارس/آذار 2019 نيابة عن 1183 ضحية، بينهم 533 امرأة و650 رجلا، ولفتت إلى أن الجهود استمرت لأكثر من 3 سنوات ونصف لتجميع الأدلة ودعم القضية قانونيا.
وأقرت المحامية بالتحديات القانونية الدولية أمام الدعوى بالنظر لعدم انضمام سوريا إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكنها أشارت إلى إمكانية استخدام سابقة قانونية كما حدث في قضية اللاجئين من ميانمار إلى بنغلاديش، حيث طُبقت ولاية المحكمة على الجرائم المرتكبة بسبب حركة اللاجئين.
ودعت سونمز المحكمة الجنائية الدولية إلى إرسال فريق للتحقيق في الأدلة الميدانية المكتشفة حديثا بشأن السجون والمقابر الجماعية قرب صيدنايا، وطالبت منظمات المجتمع المدني الدولية بالمشاركة في التحقيق ومشاركة أدلتها لدعم القضية.
ولـ "سجن صيدنايا" تاريخ أسود في حياة السوريين عامة، فلا تكاد تخلوا بلدة أة قرية أو حي في مدينة إلا وذاق أبنائها مرارة الموت أو التعذيب أو التغييب لسنوات طويلة في ظلمات السجون، وذاق الويلات على يد عصابات النظام، لكن الأمل لايزال موجوداً للملايين أن يجدوا أبنائهم بين الأحياء الباقين في الزنازين الموصدة.
يقع السجن قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق، بني عام 1987، وينقسم إلى جزأين، يُعرف الجزء الأول بـ"المبنى الأحمر"، وهو مخصص للمعتقلين السياسيين والمدنيين، أما الثاني فيعرف بـ"المبنى الأبيض"، وهو مخصص للسجناء العسكريين.
يتميز سجن صيدنايا بتصميم فريد يجعله أحد أشد السجون العسكرية تحصينا، ويتكون من 3 مبان كبيرة تلتقي في نقطة يطلق عليها "المسدس"، ويتكون كل مبنى من 3 طوابق لكل منها جناحان، ويحتوي الجناح الواحد على 20 مهجعا جماعيا بقياس 8 أمتار طولا و6 أمتار عرضا، تتراص في صف واحد بعيدة عن النوافذ، لكن تشترك كل 4 منها في نقطة تهوية واحدة.
نقطة المسدس هي منطقة تلاقي المباني الثلاثة، وهي النقطة الأكثر تحصينا في السجن، توجد فيها الغرف الأرضية والسجون الانفرادية، وفيها كذلك حراسات على مدار الساعة لمراقبة المساجين ومنعهم من مشاهدة أي ملمح من ملامح بناء السجن أو وجوه السجّانين، وفق "الجزيرة نت".
كان كشف تقرير صدر عن رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا عن 3 مستويات تمر بها المنظومة الأمنية للسجن، إذ تعتبر الشرطة العسكرية (الفرقة الثالثة للجيش السوري) هي خط الدفاع الأول لحماية الجدران الخارجية من التهديدات الأمنية ومنع هروب المعتقلين.
كما تتولى وحدات من اللواء 21 التابع للفرقة الثالثة تأمين الجزء الداخلي من السجن ومراقبة وتأديب المعتقلين، ويحيط بالسجن حقلا ألغام، داخلي وخارجي، أحدهما مضاد للأفراد والآخر مضاد للدبابات، وتوجد أيضا وحدة معينة مختصة بمراقبة الاتصالات الأرضية واللاسلكية الواردة إلى السجن والصادرة منه، إضافة إلى جميع الاتصالات اللاسلكية القريبة.
كان سائدا أن يفرز المعتقلون داخل أقسام سجن صيدنايا حسب التهم السياسية الموجهة إليهم، فكان يضم معتقلي جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي وحركة التوحيد الطرابلسية، كما ضم السجن معتقلين لبنانيين من أطراف عدة غير موالية لسوريا، وفلسطينيين متهمين بأن لهم علاقة جيدة مع المعارضة السورية، ومعتقلين شيوعيين ومن الأحزاب الكردية على اختلافها، إضافة إلى بعض العسكريين السوريين.
بدأ سجن صيدنايا منذ غزو العراق عام 2003 باستيعاب المتطوعين العرب العائدين من القتال في العراق وأعضاء تنظيم القاعدة، وضم كذلك أشخاصا من تيار "السلفية الجهادية" والتنظيمات الإسلامية الصغيرة غير المعروفة، إضافة إلى الفارين من أحداث مخيم نهر البارد في لبنان، وشيئا فشيئا تحول إلى "سجن للجهاديين" بسبب ارتفاع أعداد المعتقلين العائدين منهم من العراق.
١٣ ديسمبر ٢٠٢٤
ارتبط اسم "سامي" و"قيصر" بملفات التعذيب البشعة في سجون نظام الأسد المهزوم في سوريا، وذلك منذ عام 2014، بعد أن استطاع ضمن فريق لم تكشف هويتهم طيلة سنوات ماضية، ليكشف اليوم عن هويته الحقيقية بعد سقوط نظام الأسد، والذي لعب دوراً بارزاً في نقل صور التعذيب للعالم المنظمات الدولية، وفضح جرائم النظام البشعة، والتي كانت سبباً في فرض القيود والعقوبات الدولية التي ساهمت بتقويض سلطته ومحاصرته دولياً
استُخدمت الصور التي نقلها "سامي وقيصر" في محاكم بدول غربية لإدانة ضباط سوريين بتهم التعذيب وارتكاب انتهاكات خلال فترات عملهم في سوريا وقبل فرارهم منها، ليكشف اليوم سامي أو مايعرف باسم "الشاهد التوأم" مع قيصر، عن شخصيته في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط".
"سامي" الذي تردد اسمه طويلاً، هو المهندس المدني "أسامة عثمان" الذي يرأس اليوم مجلس إدارة منظمة "ملفات قيصر للعدالة"، كان يعمل مهندساً مدنياً عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، وله قريب عرف باسم "قيصر" كان يعمل في مناطق سيطرة قوات النظام، بمهمة توثيق الوفيات في أقسام أجهزة الأمن السورية

كان دور "قيصر" توثيق جثث ضحايا التعذيب بكل بشاعتها بعد وصولها من الأفرع الأمنية، جثث عراة تحمل أرقاماً، تضمنتها آلاف الصور لنساء ورجال وأطفال، بأبشع مارأته البشرية في تاريخها، دفعت تلك الجرائم كلاً من "سامي وقيصر" إلى العمل معاً لتوثيق ما يحصل في السجون والمعتقلات السورية، وتحديداً في دمشق حيث كان يعمل "قيصر" والذي كان يوثق أحياناً موت ما لا يقل عن 70 شخصاً يومياً.
وبدأ الرجلان التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011. كان "قيصر" يهرب الصور عبر محرك أقراص محمول (يو أس بي) ويعطيها لسامي في مناطق المعارضة، وأثمرت جهود الرجلين "سامي وقيصر" تهريب عشرات آلاف الصور لجثث ضحايا التعذيب إلى خارج سوريا.
وكُشف عن الصور للمرة الأولى في العام 2014 بعدما صارا خارج سوريا، واليوم باتت الصور التي هرباها جزءاً من "لائحة الاتهام" ضد الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، مشدداً على ضرورة "المحاسبة" في سوريا اليوم بعد إطاحة النظام السابق،
وقال: "في هذا اللحظات الحاسمة التي تمر بها سوريا مع الاستعداد للدخول في مرحلة جديدة بعد ما يزيد على خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، ندعو الحكومة (الجديدة) إلى العمل الجاد لتحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم وضمان كرامة حقوق الإنسان كأساس لبناء مستقبل أفضل يحلم به جميع السوريين".
وأضاف: "لقد شهدنا خلال الأيام الماضية، وما سبقها من أحداث متسارعة، تزايداً ملحوظاً في احتمال انتشار الفوضى الناتجة عن مخلفات النظام السوري. لقد أدى الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف انتهاكات منذ عشرات السنين".
وأكد أن "المسؤولية الكاملة عن تلف الأدلة وضياع حقوق المعتقلين والناجين تقع على عاتق مسؤولي الأجهزة الأمنية للنظام السابق الذين غادروا والذين مازالوا قائمين على مهامهم ومسؤولياتهم، إضافة إلى القوى الحالية التي تتحضر لتسلم السلطة في دمشق".
ورغم اعتبار ما يحصل الآن حالة متوقعة بعد تحرير البلاد من النظام السوري، إلا أنه أكد أن التدخل العاجل بات ملحاً في جمع الأدلة والوثائق من الأرشيف السابق للمؤسسات الأمنية والوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى، وهذا ما يثير قلقنا من استمرار موظفي النظام في العمل مما يمكنهم من طمس وإتلاف الملفات ذات الأهمية في كشف جرائم النظام البائد".
ويرى سامي أن "جميع مؤسسات النظام السابق تحوي ملفات على جانب كبير من الخطورة، سواء منها الأمنية أو المدنية أو العسكرية، ولا نغفل قلقنا من طمس الملفات في فروع وملحقات حزب البعث كافة والتي يعلم جميع السوريين أنها كانت مؤسسات أمنية بامتياز مارس القائمون عليها كل أشكال الترهيب الجسدي والمعنوي بحق أبناء شعبنا العظيم طوال سنوات الثورة".
وأضاف: "نأمل بأن تتم هذه الخطوة بمشاركة المنظمات الحقوقية ذات الصلة بمتابعة القضايا المرتبطة بالبحث والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إن تأخّر الكشف عن أماكن الاحتجاز الرسمية والسرية المحتمل وجودها في المناطق المحررة أو المناطق التي لم تصلها القوى المسلحة للمعارضة السورية، إضافة إلى شهادات ومعلومات متداولة حول نقل معتقلين من سجون مختلفة إلى أماكن مجهولة قبيل سقوط النظام، وعدم توفير المساعدات الطبية والإنسانية اللازمة للناجين الذين أفرج عنهم في الأيام الماضية، يعكس استهتاراً بأرواح هؤلاء الأفراد".
ودعا سامي السلطات الحالية إلى "اتخاذ خطوات فورية وشفافة للكشف عن مصير المعتقلين والضحايا الذين قضوا تحت التعذيب في السجون السورية وتوقيف جميع المسؤولين عن إدارة السجون وتشغيلها للبدء بشكل عاجل وفوري بتقديم الوثائق التي توضح أسماء وأعداد الضحايا لضمان حق العائلات في معرفة مصير أحبائهم".
وشدد على أن من حق الشعب السوري في الوصول إلى الحقيقة لا يمكن التهاون فيه وهو واجب على جميع الجهات المعنية، وأن التسامح مع مرتكبي الجرائم تحت أي ذريعة يشكل انتهاكاً صريحاً للمعايير الإنسانية والقانونية ويعطي الضوء الأخضر لإعادة انتاج أدوات القمع والانتهاكات التي كانت تمارسها الأجهزة الأمنية التي لا تزال قائمة حتى الآن.
وشدد الناشط الحقوقي السوري على أن "تحقيق العدالة يتطلب مساءلة كل من تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري كما أن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا يعتمد على العدالة الانتقالية كمبدأ أساسي في هذه المرحلة، داعياً إلى مصالحة وطنية قائمة على مبادئ العدالة والمساءلة تضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري في بيئة آمنة ومستقرة تحترم كرامتهم وتلبي احتياجاتهم مع ضمان عدم الافلات من العقاب تحت أي مسمى".
ووجه سامي انتقادات إلى أطراف في المعارضة السورية من دون أن يحددها، متحدثاً عن "إخفاقات" مرت بها، وقال "في ظل الإخفاقات السياسية السابقة من المعارضة التي فُرضت على الشعب السوري، نشدد على ضرورة الإدلاء بتصريحات فورية مطمئنة حول رؤية وكيفية إشراك الشعب في اتخاذ القرارات والبدء بعملية بناء المجتمع بطريقة تحترم إرادة الشعب السوري وتضمن حقه في تقرير المصير".
ودعا السلطة الحالية إلى "توطيد وتسهيل عمل جميع مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الداخل السوري والخارج كما ندعو جميع هؤلاء إلى دعم جهود تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا بشكل فعال وإشراك الشعب السوري في التطورات بشكل دوري، والمساهمة في تقديم الدعم الإنساني والطبي للناجين من الاعتقال والاختفاء القسري، وضمان محاسبة جميع المتورطين في الجرائم وعدم السماح بالافلات من العقاب".
وطالب بـ "نشر وتعميم أسماء الضباط المسؤولين عن الجرائم والمعروفين على مستوى الشعب السوري ومراقبة المعابر الرسمية وغير الرسمية، ودعوة المؤسسات الإعلامية الرسمية السورية التي طالما ساهمت في قهر السوريين وقلب الحقائق وتمجيد القتلة، إلى عودتها إلى وظيفتها الطبيعية كأداة ترسخ ثقة المواطن بمؤسسات الدولة ومصدر للمعلومات الصحيحة، فما يؤلمنا أن نرى أهلنا يبحثون عن أسماء أحبائهم المفقودين على صفحات التواصل الاجتماعي في حين يغيب إعلام الدولة عن أداء مهمته التي ما وُجد إلا لأجلها كمؤسسة خدمية غير مسيسة".
وأكد سامي أن "الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن التسامح معها تحت أي ظرف. سوريا التي نحلم بها هي سوريا الحرة التي تقوم على العدالة والمساواة. إن العدالة الانتقالية التي تسبق المصالحة الوطنية الشاملة هي السبيل الوحيد لبناء سورية المستقبل. كلنا أمل أن تكون سوريا الآن بخير. سوريا التي تركها فريقنا قبل 11 عاماً رفقة آلاف الوجوه المعذبة والأجساد المشوهة. مئات المحاجر التي فارقتها عيون كانت تحلم أن تكون بيننا اليوم".
وأضاف: "في وجه من تلك الوجود كنت أرى صورة أبي وأمي واخوتي وأصدقائي. في عتمة الليالي الطويلة تمعنت في وجوههم وعاهدتهم أن ننتصر"، وعدد رفاقه الذين قتلهم النظام يحيى شوربجي (ناشط حقوقي)، وغياث مطر، وعبدالله عثمان، برهان غضبان، نور الدين زعتر، قائلاً: "إلى كل هؤلاء، من عرفتهم ومن لم أعرفهم، عليكم رحمة الله. لقد انتصرنا. انتصرت دماؤكم وسقط الأسد. عليكم رحمة الله وعلى الأسد لعنة التاريخ".
ورفض "سامي" تقديم معلومات عن طريقة مغادرته و"قيصر" سوريا ووصولهما إلى دول الغرب. لكنه اكتفى بالقول، رداً على سؤال: "أنا أسامة عثمان، مهندس مدني من ريف دمشق. كثيرون يعرفونني حتى وإن اختفيت تحت اسم (سامي). كان لابد من أن اتخذه درعاً يحميني أثناء فترة العمل الشاق على هذا الملف المعقد الذي ساهم في صنعه الكثير من الأبطال المجهولين".
وأشار إلى أنه "لست الوحيد. هناك الكثير من الأبطال المجهولين الذين ساهموا في وصولنا إلى هذه المرحلة. ملف قيصر احتاج جهوداً جبارة في أوروبا عبر المحاكم وفي الولايات المتحدة عبر منظمات سورية بذلت الكثير حتى استطاعت أن تدفع الإدارة الأميركية لإصدار ما يسمى بقانون قيصر أو قانون حماية المدنيين وهو أحد مفرزات ملف قيصر".
المصدر: الشرق الأوسط
١٣ ديسمبر ٢٠٢٤
أعلنت الرئاسة التركية، في بيان لها، أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أبلغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقاء بينهما، أن تركيا ستتخذ إجراءات وقائية في سوريا ضد المنظمات الإرهابية بما في ذلك وحدات حماية الشعب وتنظيم داعش، وأكد أن تركيا لن تسمح بأي تهاون في قتال تنظيم داعش في سوريا.
وقالت الخارجية الأميركية، أن بلينكن الذي وصل إلى تركيا، في وقت سابق الخميس، أكد خلال اجتماعه مع أردوغان على ضرورة ضمان قدرة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش على مواصلة تنفيذ مهمته الحيوية.
وتهدف الزيارة إلى إجراء محادثات تركز على جانب محوري في إرساء الاستقرار في سوريا يتمثل في الاشتباكات الدائرة في شمال سوريا بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً وفصائل الجيش الوطني السوري المدعومة تركياً.
واجتمع بلينكن مع الرئيس التركي أردوغان في مطار إيسنبوغا في أنقرة بعد زيارة الأردن في أول جولة له في الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد، وقالت الرئاسة التركية، إن أردوغان وبلينكن ناقشا أحدث التطورات في سوريا، مضيفة أن أردوغان دعا المجتمع الدولي إلى العمل بشكل مشترك لإعادة بناء المؤسسات في سوريا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، في بيان إن بلينكن أشار إلى المصلحة المشتركة للولايات المتحدة وتركيا في دعم عملية انتقال سياسي بقيادة سورية إلى حكومة مسؤولة تشمل الجميع، ومن المقرر أن يجتمع بلينكن مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة.
وكان أوضح بلينكن قبل وصوله إلى أنقرة أن حزب العمال الكردستاني يشكل "تهديدا دائما" لتركيا، وأضاف: "في الوقت نفسه... نريد تجنب إثارة أي نوع من الصراعات الجديدة داخل سوريا في الوقت الذي نريد فيه أن نرى هذا التحول إلى حكومة مؤقتة وإلى طريق أفضل للمضي قدما".
وكان وصل أول وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، يوم الخميس 12 كانون الأول، يضم رئيس جهاز المخابرات "إبراهيم كالن"، بهدف لقاء قيادة السلطة الجديدة في سوريا، وهي الزيارة لأول وفد دولي إلى دمشق بعد سقوط نظام الأسد، مايؤكد فاعلية الدور التركي في الشأن السوري والمرحلة القادمة، وفي السياق تم تداول مقطع فيديو يظهر "إبراهيم قالن" في المسجد الأموي بدمشق، لم نستطع التحقق من تاريخ الفيديو.
ومع تقدم فصائل "إدارة العمليات العسكرية" في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والصمت الأمريكي، علاوة عن تراجع الموقف والدور الروسي الذي يبحث عن باب تفاوضي مع السلطة الجديدة لإبقاء قواته في سوريا، وانتهاء الموقف الإيراني في سوريا، يظره الطرف التركي كلاعب أساسي في المرحلة الحالية في سوريا، كطرق هو الأقوى وصاحب اليد الطولى التي لعبت دوراً بارزاً في سقوط الأسد.
وكان التقى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يوم الخميس، ملك الأردن عبدالله الثاني، مستهلا جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، وفور وصوله، توجه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.
وعقب اللقاء، أكد ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الخطوة الأولى لتحقيق تهدئة شاملة بالمنطقة هي وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وعلى صعيد التطورات في سوريا، جدد الملك التأكيد على احترام الأردن لخيارات الشعب السوري، والحفاظ في الوقت ذاته على أمن سوريا وسلامة مواطنيها.
وشدد "بلينكن" على أهمية احترام كل الأطراف الفاعلة بسوريا لحقوق الإنسان والحريات، وأكد على ضرورة اتخاذ خطوات لحماية المدنيين والأقليات بسوريا وتسهيل وصول المساعدات، والوصول إلى السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للنظام السابق في سوريا.
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
قالت وكالة "الأناضول" التركية، إن أنقرة عينت سفيرها في موريتانيا "برهان كور أوغلو"، قائما بالأعمال لسفارة أنقرة بالعاصمة السورية دمشق مؤقتاً، ولفتت إلى أن وزير الخارجية "هاكان فيدان" أبلغ السفير كور أوغلو بمنصبه الجديد، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية.
وتأتي الخطوة التركية، بعد أن كانت أوقفت السفارة التركية في دمشق نشاطها إثر استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين من قبل نظام الأسد في 26 مارس/ آذار 2012، وتأتي بالتزامن مع زيارة "إبراهيم قالن" رئيس جهاز الاستخبارات التركي إلى دمشق.
وكان وصل أول وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، يوم الخميس 12 كانون الأول، يضم رئيس جهاز المخابرات "إبراهيم كالن"، بهدف لقاء قيادة السلطة الجديدة في سوريا، وهي الزيارة لأول وفد دولي إلى دمشق بعد سقوط نظام الأسد، مايؤكد فاعلية الدور التركي في الشأن السوري والمرحلة القادمة، وفي السياق تم تداول مقطع فيديو يظهر "إبراهيم قالن" في المسجد الأموي بدمشق، لم نستطع التحقق من تاريخ الفيديو.
ومع تقدم فصائل "إدارة العمليات العسكرية" في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والصمت الأمريكي، علاوة عن تراجع الموقف والدور الروسي الذي يبحث عن باب تفاوضي مع السلطة الجديدة لإبقاء قواته في سوريا، وانتهاء الموقف الإيراني في سوريا، يظره الطرف التركي كلاعب أساسي في المرحلة الحالية في سوريا، كطرق هو الأقوى وصاحب اليد الطولى التي لعبت دوراً بارزاً في سقوط الأسد.
وكان عبر وزير الخارجية التركي "هاكان فيدان"، في كلمة خلال مناقشة موازنة الوزارة لعام 2025 بالبرلمان، عن أمله في رؤية سوريا يسودها الرفاه والسلام وتتعايش فيها المجموعات الدينية والعرقية المختلفة في سلام، ولا تتسبب بعدم الاستقرار لجيرانها، وبين أن تركيا واصلت وقوفها إلى جانب الشعب السوري في بيئة ترك فيها الشعب السوري بمفرده من قبل المجتمع الدولي.
وشدد فيدان على أهمية تشكيل إدارة جديدة في سوريا بشكل منظم، مضيفًا: "من المهم أن تتحد المعارضة السورية وأن تشكل حكومة شاملة، وقد حان الوقت لتوحيد وإعادة بناء البلاد، كما يمكن للسوريين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرب العودة إلى أراضيهم الآن".
وأضاف: "تولي تركيا أهمية كبيرة لوحدة سوريا واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها وازدهارها، ولهذا الغرض، سنواصل عملنا مع الدول الإقليمية والجهات الفاعلة الدولية"، ولفت إلى أن إسرائيل تتجاهل مجددًا القانون الدولي وتسرع من جهودها للاستفادة من التطورات في سوريا، مشددًا أنها تعرض المرحلة التي يقترب فيها الشعب السوري من السلام والاستقرار إلى الخطر.
وسبق أن وجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" رسالة إلى الشعب السوري، باللغة العربية، تضمن تحية لصمود السوريين، ومباركة لما حققوه من نصر على الإرهابي "بشار الأسد" وتأكيداً على موقف تركيا الثابت وإيمانها بحق الشعب السوري، وتمجيداً بشجاعتهم وانتصارهم.
وأضاف الرئيس التركي أن "أفراد الشعب السوري إخوة لنا ونقف إلى جانبهم بكافة أطيافهم العرقية والمذهبية"، وبين أن "حلب وحمص وحماة ودمشق عادت إلى أصحابها الأصليين"، وأن نظام الأسد ترك سوريا كومة من الأنقاض وفر هارباً.
ولفت أردوغان إلى أن "مددنا يدنا للحوار إلى نظام الأسد لكنه لم يفهم مطلبنا"، وبين أن "تركيا مرت باختبار صعب في المرحلة الماضية واستضافت السوريين ودافعت عن المظلومين في كافة المنصات".
وذكر أن "نظام الأسد الذي أدار البلاد بالظلم منذ سنين طويلة فقد شرعيته"، وبين أن تركيا ستقف إلى جانب سوريا حتى تصبح على أرضية صلبة وسنشرف على عودة السوريين إلى بلادهم، وقال "اعتبارا من أمس أغلقت مرحلة الظلام في سوريا وبدأت مرحلة مشرقة بالنسبة للسوريين".
وبين أن تركيا لا تطمع في أراضي أي دولة أخرى لكننا كنا نسعى إلى الحفاظ على أمننا القومي، قال إن سوريا للسوريين فقط وليس للمنظمات الإرهابية ومستقبل سوريا يحدده السوريون أنفسهم"، وأكد أنه "لا فرق بين أي من مكونات أو أطياف الشعب السوري ويجب أن يتعايش الجميع بدون أي تمييز أو فروق".
ووجه أردوغان كلامه للشعب السوري بالقول: "أقول للشعب السوري العزيز إن تركيا تقف إلى جانبكم اليوم وغدا وفي المستقبل، وأن على سوريا الحفاظ على أراضيها من الإرهابيين، وإننا لن نتخلى عنكم أبدا وسنبذل كل ما يمكننا من أجل إعادة إعمار بلدكم".
تتصاعد التصريحات الدولية تباعاً، لتحديد موقفها من التغيرات الحاصلة في سوريا، بعد سقوط حكم الإرهابي الفار "بشار الأسد"، توجه فيها الأطراف الدولية رسائل لموقفها مما جرى في سوريا، وتحدد فيها مواقف وترصد ردود أفعال وسياسات تلك الجهات حيال تسلم "إدارة العمليات العسكرية" لزمام الأمور.
ويعتبر يوم الأحد الثامن من شهر كانون الأول لعام 2024، عيداً وطنياً في الجمهورية العربية السورية الحرة الموحدة، إيذاناً بالخلاص من حكم السفاح وعائلة الديكتاتور "بشار الأسد"، والذي فرَّ هارباً من العاصمة دمشق أمام تقدم جحافل الثائرين من جميع المحافظات السورية، لتُحقق ثورة الشعب السوري الصامد، هدفها الذي طالما صدحت به حناجرهم، ويسقط الأسد ونظامه.
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
قالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن عمان تستضيف يوم السبت لقادم، اجتماعات عربية ودولية لبحث تطورات الأوضاع في سوريا، على أن يعقد وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا، المشكّلة بقرار من الجامعة العربية اجتماعا للجنة في مدينة العقبة الأردنية بدعوة من الأردن.
وتضم لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا: الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر وأمين عام جامعة الدول العربية، ويشاركهم وزراء خارجية الإمارات وقطر والبحرين الرئيس الحالي للقمة العربية.
ومن النتوقع أن يعقد وزراء الخارجية العرب الحاضرون لاجتماعات اللجنة، اجتماعات مع وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى المبعوث الأممي حول سوريا.
وستبحث الاجتماعات سبل دعم عملية سياسية جامعة يقودها السوريون لإنجاز عملية انتقالية وفق قرار مجلس الأمن 2254، تلبي طموحات الشعب السوري، وتضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية وتحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وحقوق جميع مواطنيها.
القتى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الخميس، ملك الأردن عبدالله الثاني، مستهلا جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، وفور وصوله، توجه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.
وعقب اللقاء، أكد ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الخطوة الأولى لتحقيق تهدئة شاملة بالمنطقة هي وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وعلى صعيد التطورات في سوريا، جدد الملك التأكيد على احترام الأردن لخيارات الشعب السوري، والحفاظ في الوقت ذاته على أمن سوريا وسلامة مواطنيها.
وشدد "بلينكن" على أهمية احترام كل الأطراف الفاعلة بسوريا لحقوق الإنسان والحريات، وأكد على ضرورة اتخاذ خطوات لحماية المدنيين والأقليات بسوريا وتسهيل وصول المساعدات، والوصول إلى السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للنظام السابق في سوريا.
وسبق أن قال "أيمن الصفدي" وزير الخارجية الأردني، إن بلاده تتابع تطورات الأوضاع في الجمهورية العربية السورية الشقيقة باهتمام وحرص شديدين على أمن سوريا وسلامتها ووحدتها وتماسكها وسيادتها وأمن شعبها الشقيق.
وأكد أن الأردن سيقدم كل اسناد ممكن للشعب السوري الشقيق في جهوده إعادة بناء وطنه ومؤسساته ونظامه السياسي، وبما يضمن أمن سوريا وسيادتها وحريتها والعيش الحر الكريم لكل مواطنيها.
وعبر عن دعم بلاده أي عملية سياسية يطلقها الشعب السوري لبناء نظام سياسي يلبي طموحات الشعب السوري الشقيق، ويحفظ حقوقه، ويضع سوريا على طريق بناء المستقبل الآمن المنجز الذي يستحقه شعبها الشقيق.
وأكد على ضرورة حماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وأشار إلى أن الأردن مستعد لتقديم أي مساعدات يحتاجها الشعب السوري الشقيق، ونقف بالمطلق مع أمنه واستقراره.
وكانت قالت "جامعة الدول العربية" في بيان لها، إنها تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا، مؤكدة على ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضيها، في سياق تعليقها على عملية "ردع العدوان" التي أدت لانهيارات كبيرة في صفوف نظام الأسد في إدلب وحلب وحماة.
وقال "جمال رشدي" المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية إن "الجامعة تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا، وتؤكد على ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية".
ولفت إلى "انزعاج الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها البلاد منذ عدة أيام وتأثيراتها على المدنيين، والتي تفتح احتمالات عديدة من بينها حدوث فوضى تستغلها الجماعات الإرهابية لاستئناف أنشطتها"، وأكد على "التزام الأمانة العامة للجامعة العربية بجميع عناصر الموقف السياسي من الوضع في سوريا على النحو الوارد في قرارات مجلس الجامعة بمختلف مستوياته".
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
قال "ميخائيل بوغدانوف" نائب وزير الخارجية الروسي، إن روسيا تعول على بقاء قواعدها العسكرية في سوريا، وأن تلعب دورا مهما في الحرب ضد الإرهاب، متغافلة عن حجم الموت والقتل والتدمير الذي سببته القوات الروسية بحق الشعب السوري طيلة سنوات مضت من تدخلها لصالح الأسد.
وأضاف بوغدانوف: "أعتقد أننا نتفق بشكل عام على أن الحرب ضد الإرهاب وبقايا "داعش" لم تنته بعد، وهي تتطلب جهودا جماعية، وفي هذا الصدد، لعب وجودنا دورا مهما في سياق المواجهة الدولية الإرهاب".
ولفت إلى أن "القواعد لا تزال موجودة على الأراضي السورية"، وعندما سئل عما إذا كانت روسيا تتطلع إلى بقائهم هناك، أجاب بالإيجاب قائلا: "على الأغلب، لم يتم اتخاذ قرارات أخرى بعد".
وسبق أن قال "دميتري بيسكوف" المتحدث الكرملين الروسي، إن روسيا تتتواصل مع الجهات التي تسيطر على الوضع في سوريا، لافتاً إلى أن أمن المقار والمواقع الروسية والمواطنين الروس في سوريا على رأس أولوياتها.
وأوضح في حديث للصحفيين اليوم الأربعاء: "قاعدتنا في سوريا وبعثتنا الدبلوماسية هناك، وبطبيعة الحال أمن المقار والمواقع الروسية والمواطنين الروس في سوريا يتصدر أولويات القيادة الروسية"، ولفت إلى أن روسيا تريد استقرار الوضع في سوريا في أقرب وقت ممكن، وهي "على اتصال دائم مع الأطراف المسيطرة على الوضع في هذا البلد".
وأضاف بيسكوف إن روسيا " ساعدت روسيا الجمهورية العربية السورية في وقت من الأوقات على التعامل مع الإرهابيين، وساعدت في استقرار الوضع بعد أن هدد هذا الوضع المنطقة بأكملها، وبذلت روسيا الكثير من الجهد من أجل ذلك، ثم أنجزت مهمتها. بعد ذلك عملت قيادة الرئيس الأسد نفسها بشكل مستقل، وكانت منخرطة في التنمية ببلدها".
وكانت المتحدث باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أكدت في وقت سابق اليوم أن "مواطنينا هناك هم الخبراء وأفراد جيشنا ودبلوماسيونا، وعائلات السوريين والصحفيين ممن عملوا مع وسائل الإعلام الروسية ويحملون الجنسية الروسية ويعيشون في سوريا. هذه أولوية مطلقة، ويتم الآن القيام بكل ما هو ضروري لضم
قال متحدث باسم "الكرملين" الروسي، إن روسيا ستبحث مستقبل القواعد الروسية في سوريا، مع السلطات الجديدة بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، لافتة إلة أنه لاخطط لدى "بوتين" للقاء الإرهابي الفار "بشار الأسد" في روسيا.
أوضح الكرملين، أن بوتين اتخذ شخصيا قرار منح "بشار الأسد اللجوء" في روسيا، وأكد أنهم على اتصال دائم مع أنقرة واللاعبين الإقليميين الآخرين بشأن الأوضاع في سوريا.
أثار تبدل الموقف الروسي وكثير من الدول الداعمة لنظام الأسد، حالة من الاستغراب في أوساط أبناء الحراك الثوري السوري، بعد نجاحهم في إسقاط حكم الطاغية "بشار الأسد"، لتحاول تلك الدول في مقدمتها روسيا تبديل مواقفها وإظهار وجه آخر تجاه الشعب السوري، وهي التي مارست شتى أنواع القتل والتدمير وساهمت في "تثبيت الديكتاتور" حتى لحظة سقوطه.
لم تكتف روسيا بجرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا منذ تدخلها في 2015 لإنقاذ حكم "بشار الأسد"، بل عملت على حمايته بعد سقوطه من خلال منحه وعائلته وكبار ضباطه والمقربين منه حق اللجوء الإنساني، وسط تصريحات متبدلة تحاول فيها الخروج من مسؤوليتها على جرائم الحرب المرتبكة، دون أن تبادل حتى لتسليم الديكتاتور للمحاكمة العادلة.
وكان قال متحدث باسم "الكرملين" الروسي، إن روسيا ستبحث مستقبل القواعد الروسية في سوريا، مع السلطات الجديدة بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، لافتة إلة أنه لاخطط لدى "بوتين" للقاء الإرهابي الفار "بشار الأسد" في روسيا.
أوضح الكرملين، أن بوتين اتخذ شخصيا قرار منح "بشار الأسد اللجوء" في روسيا، وأكد أنهم على اتصال دائم مع أنقرة واللاعبين الإقليميين الآخرين بشأن الأوضاع في سوريا.
وكانت قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيا، إن الأسد قرر ترك منصبه وغادر البلاد نتيجة مفاوضاته مع عدد من المشاركين في النزاع المسلح، وناشدت جميع الأطراف توجيه دعوة إلى نبذ العنف وحل جميع قضايا الحكم بالوسائل السياسية.
وبينت الوزارة أنها على اتصال بكل فصائل المعارضة السورية، داعية إلى احترام آراء جميع الأعراق والطوائف، وأكدت دعم جهود إطلاق عملية سياسية شاملة وفق القرار 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وقالت إن القواعد العسكرية الروسية في سوريا في حالة تأهب قصوى ولا تهديد خطيرا لسلامتها.
أعلنت السفارة الروسية لدى دمشق أن جميع موظفيها في سوريا بخير، بعد دخول المعارضة المسلحة إلى دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد، وقال مصدر في السفارة لوكالة "تاس": "كل شيء على ما يرام"، دون أن يدلي بأي تفاصيل أخرى، في حين رفعت لاحقاً علم الثورة السورية على السفارة السورية في موسكو.
يصادف يوم الأربعاء الـ 30 من شهر أيلول لعام 2015، الذكرى السنوية لـ "التدخل الروسي" في سوريا، والذي جاء حاملاً معه الموت والدمار للشعب السوري، لتحقيق هدف واحد في بادئ الأمر متمثلاً في "تثبيت الديكتاتور بشار"، سرعان ماتحول للهيمنة على مقدرات الدولة وثرواتها وتملك القرار العسكري والسياسي فيها وبناء قواعد عسكرية روسيا في حميميم ومرفأ طرطوس، وتثبيت أسطولها قبالة السواحل السورية.
سنوات طويلة مضت، عاش السوريون خلالها مرارة الموت ليس بالصواريخ والقذائف وماحملته طائرات روسيا وبوارجها الحربية فحسب، بل الموت جوعاً بالحصار وخنقاً بالأسلحة الكيماوية، وتشريداً بحملات التهجير القسرية، وحرماناً من العودة للديار، علاوة عن التضييق الممنهج إنسانياً لحرمان المهجرين السوريين من أي حقوق حتى ولو بسلة المساعدات عبر المحافل الدولية.
وقفت روسيا ضد إرادة التغيير الديمقراطي في سوريا منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي، مستخدمةً تبريرات متنوعة وفي بعض الأحيان متناقضة، كما قدمت روسيا للنظام السوري مختلف أشكال الدعم اللوجستي سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، ووقفت ضد أي إدانة دولية للنظام السوري في مجلس الأمن.
وعملت روسيا على شلل مجلس الأمن تجاه مسائلة النظام السوري عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها، وذلك مِن خلال استخدام الفيتو 18 مرة، منها 4 استُخدمت قبل التدخل العسكري، و14 مرة استُخدمت بعد تدخلها العسكري المباشر في سوريا عام 2015.
وصوتت أن روسيا صوَّتت في جميع دورات مجلس حقوق الإنسان أي 21 مرة، ضد كافة القرارات التي من شأنها أن تدين العنف والوحشية التي يتعامل بها النظام السوري مع مخالفيه، بل وحشدت الدول الحليفة لها مثل: الجزائر وفنزويلا وكوبا وغيرها للتصويت لصالح النظام السوري.
حصائل الموت الروسية
في تقريرها السنوي الثامن عن أبرز انتهاكات القوات الروسية منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015، تشير إحصائيات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى تورط روسيا بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد هذه القوات.
ووفق الشبكة الحقوقية، تسببت القوات الروسية بمقتل 6954 مدنياً بينهم 2046 طفلاً و978 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 360 مجزرة، وأظهر تحليل البيانات أن العام الأول للتدخل الروسي قد شهد الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 52 % من الحصيلة الإجمالية). فيما شهدت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 41 %) بين المحافظات السورية، تلتها إدلب (38%).
كما وثق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، جلهم في محافظة حلب، وكانت الحصيلة الأعلى لهؤلاء الضحايا في العام الأول، إضافةً إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني، نصفهم في محافظة إدلب التي سجلت الحصيلة الأعلى بين المحافظات، وكانت الحصيلة الأعلى من الضحايا في العام الأول من التدخل العسكري الروسي (قرابة 35 %) وفق ما أورده التقرير. وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب.
وطبقاً للتقرير فقد ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30/ أيلول/ 2023 ما لا يقل عن 1246 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، بينها 223 مدرسة، و207 منشأة طبية، و61 سوق، وبحسب الرسوم البيانية التي أوردها التقرير فقد شهد العام الأول للتدخل الروسي 452 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية. كما شهدت محافظة إدلب الحصيلة الأعلى من حوادث الاعتداء بـ 629حادثة، أي ما نسبته 51 % من الحصيلة الإجمالية لحوادث الاعتداء.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 237 هجوماً بذخائر عنقودية، إضافةً إلى ما لا يقل عن 125 هجوماً بأسلحة حارقة، شنَّتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30/ أيلول/ 2015.
وجاء في التقرير أنَّ حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النُّزوح والتَّشريد القسري، وساهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنَّها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.8 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غيرَ مرة.
لفتَ التقرير إلى أن السلطات في روسيا تنكر إلى اليوم قيامها بأية هجمات ضدَّ المدنيين، وما زال وزير خارجيتها يصرح مراراً أن التدخل الروسي شرعي؛ لأن هذا التدخل كان بطلب من النظام السوري ولمحاربة تنظيم داعش، ويؤكد لافروف بأنَّ بلاده مُلتزمة بقواعد القانون الدولي الإنساني، إلا أنه يتجاوز فكرة أن روسيا لم تقم بفتح تحقيق واحد حول المعلومات المؤكدة على انخراط القوات الروسية في العديد من الهجمات بانتهاكات ترقى لتكون جرائم حرب بحسب عدد من التقارير الأممية والدولية والمحلية.
ووفق الشبكة، تورط النظام الروسي في دعم النظام السوري الذي ارتكب جرائم ضدَّ الإنسانية بحق الشعب السوري، عبر تزويده بالسلاح والخبرات العسكرية، وعبر التدخل العسكري المباشر إلى جانبه، أوضح التقرير أن روسيا استخدمت الفيتو مرات عديدة على الرغم من أنها طرف في النزاع السوري، وهذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة، كما أن هذه الاستخدامات قد وظَّفها النظام للإفلات من العقاب. كما أكد أن السلطات الروسية لم تَقم بأية تحقيقات جدية عن أيٍ من الهجمات الواردة فيه أو في تقارير سابقة، وحمل التقرير القيادة الروسية سواء العسكرية منها أو السياسية المسؤولية عن هذه الهجمات استناداً إلى مبدأ مسؤولية القيادة في القانون الدولي الإنساني.
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
تصاعدت حدة التوترات في مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” بعد ساعات من رفعها علم الثورة السورية في خطوة وُصفت بأنها “مناورة سياسية”. فقد شهدت مدينتا الرقة والحسكة وريفهمها احتجاجات واسعة ضد الميليشيا، التي واجهت المتظاهرين بالرصاص والقمع الممنهج، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى واعتقالات واسعة.
في مدينة الرقة، خرجت مظاهرات واسعة إثر اعتقاد الأهالي أن الفصائل الثورية التابعة للإدارة العسكرية دخلت المدينة بعد رفع علم الثورة. إلا أن الميليشيا أطلقت النار على الحشود، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 13 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وفق مراسل “الخابور”. وناشد الأطباء في المشفى الوطني الأهالي للتبرع بالدم بسبب تزايد عدد الإصابات الخطيرة.
كما داهمت ميليشيات “قسد” المشفى الوطني وشنّت حملة اعتقالات بحق عدد من المصابين. بالإضافة إلى ذلك، فرضت الميليشيا حظر تجوال في المدينة ونشرت دوريات مكثفة لتقطيع أوصالها خوفاً من توسع رقعة الاحتجاجات.
وفي الحسكة، فرّقت الميليشيا مظاهرات شعبية بالرصاص الحي في عدة أحياء مثل العزيزية وغويران والنشوة الغربية، حيث رفع المتظاهرون علم الثورة وطالبوا بطرد “قسد” من المحافظة.
وأسفرت المواجهات عن إصابات واعتقالات واسعة، إذ أطلقت الميليشيا النار على المتظاهرين الذين أنزلوا علم “قسد” ورفعوا علم الثورة في الساحة العامة وسط مدينة الحسكة.
وفي بلدة الهول شرق الحسكة، خرجت مظاهرات مشابهة رفعت علم الثورة وطالبت بطرد الميليشيا من سوريا، بينما شهدت قرية عجاجة جنوب الحسكة قطعاً للطرقات بالإطارات المشتعلة تنديداً بوجود “قسد” في المنطقة.
وفي رأس العين بريف الحسكة الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري، انطلقت مظاهرات حاشدة شارك فيها مهجرون من الحسكة ودير الزور، للمطالبة بتحرير مناطقهم من سيطرة قسد.
رغم تبنيها علم الثورة، واجهت ميليشيا “قسد” مظاهرات المدنيين المطالبة بطردها بالقمع، ما يؤكد أن رفعها العلم لم يكن سوى محاولة سياسية لاحتواء الغضب الشعبي المتزايد، ومع استمرار هذه الانتهاكات، بات واضحاً أن هذه الخطوة لم تحقق أي تهدئة، بل أشعلت احتجاجات شعبية عارمة تهدد بتوسيع نطاق الرفض الشعبي لوجود الميليشيا في تلك المناطق.
ويستمر الغضب الشعبي في مناطق الرقة والحسكة، حيث يُظهر الأهالي إصرارهم على إنهاء سيطرة ميليشيا “قسد” رغم القمع الدموي، مؤكدين على مطالبهم بطرد الميليشيا واستعادة سيادتهم على مناطقهم.
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
وصل أول وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق، يوم الخميس 12 كانون الأول، يضم رئيس جهاز المخابرات "إبراهيم كالن"، بهدف لقاء قيادة السلطة الجديدة في سوريا، وهي الزيارة لأول وفد دولي إلى دمشق بعد سقوط نظام الأسد، مايؤكد فاعلية الدور التركي في الشأن السوري والمرحلة القادمة، وفي السياق تم تداول مقطع فيديو يظهر "إبراهيم قالن" في المسجد الأموي بدمشق، لم نستطع التحقق من تاريخ الفيديو.
ومع تقدم فصائل "إدارة العمليات العسكرية" في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والصمت الأمريكي، علاوة عن تراجع الموقف والدور الروسي الذي يبحث عن باب تفاوضي مع السلطة الجديدة لإبقاء قواته في سوريا، وانتهاء الموقف الإيراني في سوريا، يظره الطرف التركي كلاعب أساسي في المرحلة الحالية في سوريا، كطرق هو الأقوى وصاحب اليد الطولى التي لعبت دوراً بارزاً في سقوط الأسد.
وكان عبر وزير الخارجية التركي "هاكان فيدان"، في كلمة خلال مناقشة موازنة الوزارة لعام 2025 بالبرلمان، عن أمله في رؤية سوريا يسودها الرفاه والسلام وتتعايش فيها المجموعات الدينية والعرقية المختلفة في سلام، ولا تتسبب بعدم الاستقرار لجيرانها، وبين أن تركيا واصلت وقوفها إلى جانب الشعب السوري في بيئة ترك فيها الشعب السوري بمفرده من قبل المجتمع الدولي.
وشدد فيدان على أهمية تشكيل إدارة جديدة في سوريا بشكل منظم، مضيفًا: "من المهم أن تتحد المعارضة السورية وأن تشكل حكومة شاملة، وقد حان الوقت لتوحيد وإعادة بناء البلاد، كما يمكن للسوريين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرب العودة إلى أراضيهم الآن".
وأضاف: "تولي تركيا أهمية كبيرة لوحدة سوريا واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها وازدهارها، ولهذا الغرض، سنواصل عملنا مع الدول الإقليمية والجهات الفاعلة الدولية"، ولفت إلى أن إسرائيل تتجاهل مجددًا القانون الدولي وتسرع من جهودها للاستفادة من التطورات في سوريا، مشددًا أنها تعرض المرحلة التي يقترب فيها الشعب السوري من السلام والاستقرار إلى الخطر.
وسبق أن وجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" رسالة إلى الشعب السوري، باللغة العربية، تضمن تحية لصمود السوريين، ومباركة لما حققوه من نصر على الإرهابي "بشار الأسد" وتأكيداً على موقف تركيا الثابت وإيمانها بحق الشعب السوري، وتمجيداً بشجاعتهم وانتصارهم.
وأضاف الرئيس التركي أن "أفراد الشعب السوري إخوة لنا ونقف إلى جانبهم بكافة أطيافهم العرقية والمذهبية"، وبين أن "حلب وحمص وحماة ودمشق عادت إلى أصحابها الأصليين"، وأن نظام الأسد ترك سوريا كومة من الأنقاض وفر هارباً.
ولفت أردوغان إلى أن "مددنا يدنا للحوار إلى نظام الأسد لكنه لم يفهم مطلبنا"، وبين أن "تركيا مرت باختبار صعب في المرحلة الماضية واستضافت السوريين ودافعت عن المظلومين في كافة المنصات".
وذكر أن "نظام الأسد الذي أدار البلاد بالظلم منذ سنين طويلة فقد شرعيته"، وبين أن تركيا ستقف إلى جانب سوريا حتى تصبح على أرضية صلبة وسنشرف على عودة السوريين إلى بلادهم، وقال "اعتبارا من أمس أغلقت مرحلة الظلام في سوريا وبدأت مرحلة مشرقة بالنسبة للسوريين".
وبين أن تركيا لا تطمع في أراضي أي دولة أخرى لكننا كنا نسعى إلى الحفاظ على أمننا القومي، قال إن سوريا للسوريين فقط وليس للمنظمات الإرهابية ومستقبل سوريا يحدده السوريون أنفسهم"، وأكد أنه "لا فرق بين أي من مكونات أو أطياف الشعب السوري ويجب أن يتعايش الجميع بدون أي تمييز أو فروق".
ووجه أردوغان كلامه للشعب السوري بالقول: "أقول للشعب السوري العزيز إن تركيا تقف إلى جانبكم اليوم وغدا وفي المستقبل، وأن على سوريا الحفاظ على أراضيها من الإرهابيين، وإننا لن نتخلى عنكم أبدا وسنبذل كل ما يمكننا من أجل إعادة إعمار بلدكم".
تتصاعد التصريحات الدولية تباعاً، لتحديد موقفها من التغيرات الحاصلة في سوريا، بعد سقوط حكم الإرهابي الفار "بشار الأسد"، توجه فيها الأطراف الدولية رسائل لموقفها مما جرى في سوريا، وتحدد فيها مواقف وترصد ردود أفعال وسياسات تلك الجهات حيال تسلم "إدارة العمليات العسكرية" لزمام الأمور.
ويعتبر يوم الأحد الثامن من شهر كانون الأول لعام 2024، عيداً وطنياً في الجمهورية العربية السورية الحرة الموحدة، إيذاناً بالخلاص من حكم السفاح وعائلة الديكتاتور "بشار الأسد"، والذي فرَّ هارباً من العاصمة دمشق أمام تقدم جحافل الثائرين من جميع المحافظات السورية، لتُحقق ثورة الشعب السوري الصامد، هدفها الذي طالما صدحت به حناجرهم، ويسقط الأسد ونظامه.
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
القتى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الخميس، ملك الأردن عبدالله الثاني، مستهلا جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، وفور وصوله، توجه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.
وعقب اللقاء، أكد ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الخطوة الأولى لتحقيق تهدئة شاملة بالمنطقة هي وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وعلى صعيد التطورات في سوريا، جدد الملك التأكيد على احترام الأردن لخيارات الشعب السوري، والحفاظ في الوقت ذاته على أمن سوريا وسلامة مواطنيها.
وشدد "بلينكن" على أهمية احترام كل الأطراف الفاعلة بسوريا لحقوق الإنسان والحريات، وأكد على ضرورة اتخاذ خطوات لحماية المدنيين والأقليات بسوريا وتسهيل وصول المساعدات، والوصول إلى السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للنظام السابق في سوريا.
وأكد "بلينكن" على ضرورة منع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب، وضمان مخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا وتدميرها بشكل آمن
وقالت الخارجية الأمريكية، إن بلينكن ناقش مع الصفدي الحاجة الملحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة يضمن إطلاق الرهائن، وأكدا على الحاجة إلى زيادة كبيرة للمساعدات للمدنيين في جميع أنحاء غزة.
وكان قال مسؤولون أميركيون للصحفيين المرافقين إن بلينكن سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزير خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومترا جنوب عمان) على البحر الأحمر في إطار سعيه إلى عملية "شاملة" لاختيار اعضاء الحكومة السورية المقبلة.
ودعا بلينكن إلى عملية "شاملة" لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمن حماية الأقليات بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تشكل أقلية في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية لدى إعلانها عن جولة بلينكن إنه سيدعو إلى قيام سلطة في سوريا لا توفر "قاعدة للإرهاب أو تشكل تهديدا لجيرانها" في إشارة إلى المخاوف التي تعبر عنها كل من تركيا وإسرائيل التي نفذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية.
ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر "سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية".
وسيناقش أيضا "ضرورة احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو تشكل تهديدا لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن".
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
يبدو أن المشهد العسكري بدأ يتوضح تباعاً على الأرض، ليس في مناطق سيطرة قوات النظام السوري السابق التي باتت تحت سيطرة "إدارة العمليات العسكرية"، بل في مناطق سيطرة ميليشيا "قسد" والتي بدأت بالتراجع أمام تقدم "إدارة العمليات" في إصرار على تحرير كامل التراب السوري، وإنهاء كل قوة الإرهاب، ويبدو أن "قسد" باتت في مراحلها الأخيرة للحل أو الإنهاء.
وبعد سلسلة معارك وتقدم لمقاتلي "إدارة العمليات العسكرية" في أرياف حلب ودير الزور، بدأت المشهد يتضح بشكل أوسع، ويبدو أن حلفاء "قسد" قد أسقطو ورقتها، في ظل إصرار تركي واضح على اجتثاث كل أصناف الإرهاب على حدودها الجنوبية، وسط أنباء عن وساطات تحاول من خلالها "قسد" التواصل مع "إدارة العمليات العسكرية" لحسم مصيرها.
وفي جديد تلك المؤشرات، أن أعلن "مجلس الشعوب الديمقراطي في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا"، رفع العلم السوري "الثورة السورية" على جميع المجالس والمؤسسات والإدارات والمرافق التابعة للإدارة الذاتية في كافة مقاطعات الإقليم.
وقال إن هذا القراب بمناسبة انتهاء حقبة القمع والتسلط التي فرضها النظام السوري على الشعب لأكثر من نصف قرن، والتي عانى خلالها السوريون من الظلم والتهميش والإقصاء، يحق للسوريين الاحتفاء بانتصار إرادتهم في إسقاط هذا النظام الجائر.
وأوضح أنه جاء في ظل هذا التحول التاريخي، يأتي علم الاستقلال بألوانه الثلاثة: الأخضر والأبيض والأسود مع النجمات الحمراء الثلاث، كرمز للمرحلة الجديدة، حيث يعبر عن تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة والوحدة الوطنية.
وأكد مجلس الشعوب الديمقراطي التزامه بتمثيل تطلعات الشعب السوري ومكوناته كافة، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية في إطار سوريا ديمقراطية تقوم على أسس العدالة والمساواة بين جميع مكوناتها.
يأتي هذا القرار بعد تبدل المواقف الدولية حيال الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية بشكل عام، إذ تشير المعطليات على الأرض إلى خسارة "قسد" جزء كبير من المناطق التي كانت تسيطر عليها في منبح وشرقي حلب ودير الزور وريفها، أمام تقدم "إدارة العمليات العسكري" بيما لايزال الموقف الأمريكي حلفاء "قسد" بدون تعليق أو اتخاذ موقف للدفاع عن "قسد"، وسط تأكيدات تركية على ضرورة إنهاء الميليشيا وفرض سيطرة القوى الثورة على كامل التراب السوري.
وكانت صدمت أطماع "حزب الاتحاد الديمقراطي" الذي يعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، والذي تبنى تطلعات المكون الكردي في الحرية كباقي مكونات الشعب السوري، لتحقيق مشروعه الانفصالي عن الوطن الأم سوريا وبناء كيان انفصالي باسم " الأكراد"، من خلال استغلال الحراك الثوري والسيطرة مناطق واسعة من التراب السوري، بدعم من التحالف الدولي وباسم محاربة الإرهاب.
بدأت الحكاية مع استغل "حزب الاتحاد الديمقراطي" قضية الأقليات " الأكراد" واضطهادهم من قبل نظام الأسد، للحصول على دعم غربي على أنه مكون عسكري مناهض لحكم الأسد، مظهراً نفسه في صف الثورة السورية، مع العمل على استمالة المكونات العربية منها والسريانية والتركمانية لصفه ليبعد عن نفسه النزعة الانفصالية.
أعلن "حزب الاتحاد الديمقراطي" ممثلا بوحدات الحماية الشعبية في كانون الثاني من عام 2014 مدينة عين العرب "كوباني" بريف حلب الشرقي على الحدود التركية إدارة ذاتية للأكراد تتبع لمقاطعة الجزيرة بالحسكة، لتطفوا قضية المدينة على السطح مع بدء تنظيم الدولة بالتوسع على حساب فصائل الثوار في الرقة وريف حلب الشمالي والشرقي، حيث تمدد التنظيم في أيلول عام 2014 باتجاه المنطقة وسيطر على كامل المدينة التي غدت قضية دولية تحظى باهتمام التحالف الغربي بشكل كبير.
واتخذت وحدات الحماية الشعبية من سيطرة التنظيم على مدينة عين العرب بداية الانطلاقة العسكرية لتوسعها في بناء مشروعها الانفصالي، حيث تمكنت من الحصول على دعم أمريكي كبير سياسياً وعسكريا باسم "محاربة الإرهاب"، اتبعته في أيلول 2014 بالإعلان عن تشكيل "غرفة عمليات بركان الفرات" والتي ضمن فصائل من المكونات العربية والكردية والسريانية والتركمانية (لواء التوحيد القطاع الشرقي، ووحدات حماية الشعب الكردي، ولواء ثوار الرقة، وكتائب شمس الشمال التابعة لألوية فجر الحرية، وسرايا جرابلس، ولواء جبهة الأكراد، وحدات حماية المرأة)، هدفها استعادة السيطرة على مدينة عين العرب "كوباني".
شكلت معارك عين العرب التي استمرت قرابة 3 أشهر من المعارك الضارية، مع ضربات جوية عنيفة من التحالف الدولي وإمداد كبير لوحدات الحماية الشعبية بالسلاح موضع تجاذبات دولية كبيرة بين تركيا والدول الغربية، التي ألزمت تركيا بالسماح لمقاتلين أكراد بالدخول عبر أراضيها باتجاه عين العرب للمشاركة في القتال في شهر تشرين الأول عام 2014، حيث أبدت تركيا تخوفها في تلك الأثناء من تنامي قوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي باسم محاربة الأرهاب.
ومع السيطرة على مدينة عين العرب "كوباني" في كانون الثاني من عام 2015 فرض حزب الاتحاد الديمقراطي نفسه كرقم صعب في المنطقة، مدعوماً من التحالف الدولي، وبرز كقوة قادرة على محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة، وهذا ماساعده بشكل كبير على البدء بمشروعه التوسعي في المنطقة الممتدة بين عين العرب" كوباني" ومنطقة الجزيرة، حيث كانت أولى أطماعه التوجه باتجاه مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي.
ومع بدء وحدات حماية الشعب التي باتت تتحكم بشكل رئيسي في "غرفة عمليات بركان الفرات" بمشروعها التوسعي كان لابد من خوض معارك عنيفة مع تنظيم الدولة والتوسع في المناطق المحيطة بمدينة عين العرب "كوباني" لضمان عدم عودة تنظيم الدولة إليها، حيث تمكنت من السيطرة على عشرات المناطق وصولاً لجسر قرقوزاق، والتوسع باتجاه الرقة وصولاً لمدينة تل أبيض التي سيطرت عليها في 15 حزيران من عام 2015، ولاحقاً مدينة الرقة ودير الزور وصولاً للباغوز
ومع سيطرة الوحدات الشعبية الكردية على تل أبيض الاستراتيجية مع تركيا وتوسعها شرقاً ووصل مناطقها في مقاطعة الجزيرة بعين العرب، بدأت الوحدات الشعبية بالتضييق على المكونات العربية في مناطقها، بعد سلسلة من عمليات التهجير في مناطق الاشتباك بحجة محاربة التنظيم، لتبدأ مرحلة جديدة من المجاهرة بالتهجير والتضييق على المكونات العربية في غرفة عمليات بركان الفرات منها لواء ثوار الرقة، بعد إخلال الوحدات الشعبية بوعودها بتسليم المدينة لأهلها، والتي بادرت لإعلانها إدارة ذاتية تتبع لمقاطعة الجزيرة لتكون رابع إدارة كردية في سوريا بعد إدارات عين العرب والقامشلي وعفرين في آب 2015.
ولادة “قسد”
ومع تنامي الخلاف مع لواء ثوار الرقة والعشائر العربية في ريف الرقة، عملت وحدات الحماية الشعبية على دعم مكونات جديدة من العرب بينهم "جيش الثوار" الذي تشكل من عدة فصائل من الحر حاربتها جبهة النصرة في إدلب، لتتخذها كواجهة لعمليات التهجير والمعارك، وإظهار المكون العربي كطرف أساسي في الصراع تديره من الخلف الوحدات الشعبية في محاولة للالتفاف على المعارضين لعمليات التوسع، ولإظهار توسعها على أنه في خضم محاربة الإرهاب وأنه ليس ضمن مشروعها الانفصالي والدليل مشاركة قوى غير كردية في تلك العمليات، حيث بادرت في تشرين الأول 2015 للإعلان عن تشكيل عسكري جديد تقوده وحدات الحماية الشعبية باسم "قوات سوريا الديمقراطية" يتكون بشكل أساسي من وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، والمجلس العسكري السرياني، وجيش الثوار مدعومة بشكل كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية باسم "محاربة الإرهاب".
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
قال موفد قناة العربية الإعلامي طاهر بركة، إنه التقى بالمواطن الأجنبي الذي أعلن عن العثور عليه في منطقة الديابية بدمشق، بعد خروحه من سجون النظام السوري السابق، مؤكداً أنه من جنسية أمريكية، ولكنه ليس الصحفي الأمريكي المفقود "أوستين تايس"، وأنما يدعى "ترافيس تيمرمان"، وفق توضيحه.
وكان تداول مدنيون في بلدة الديابية بدمشقـ مقطع فيديو "نشرته شبكة شام"، يظهر العثور على مواطن أجنبي كان في سجون النظام، وكان الحديث أنه الصحفي الأمريكي "المفقود"، إلا أن المعلومات الأخيرة توضح أنه ليس "تايس" وإنما شخصية أمريكية أخرى كانت محتجزة في سجون النظام، مايعني أن مصير "أوستين تايس" لايزال مجهولاً.
وأكد الأمريكي "تيمرمان" في لقاءه مع “العربية” أنه دخل إلى سوريا منذ سبعة أشهر في رحلة دينية بشكل غير قانوني، وأمضى تلك الفترة معتقلاً في سجون النظام السوري، وأوضح أنه دخل سوريا قادماً من لبنان قبل أن يتم احتجازه في دمشق.
وتوضح "شبكة شام الإخبارية" أنها نشرت مقطع فيديو حصلت عليه من مدنيين في بلدة الديابية بدمشق، يتحدث عن العثور على شخصية قال إنها أمريكية، أفرج عنها من سجون النظام السابق، ووفق المصدر توقع أن تكون تلك الشخصية هي الصحفي الأمريكي "أوستين تايس"، نظراً لوجود شبه في الشخصية، وتؤكد "شام" - التي تلقت عدة اتصالات من أطراف دولية ومحلية - أنها لاتملك أي معلومات إضافية عن هوية الشخصية الأجنبية المفرج عنها، وأنها تداولت الخبر وفق ماوردها من فيديو يوثق ذلك، وأوضحت في تقريرها أنه لامعلومات مؤكدة وإنما هي اعتقاد بأنه الصحفي الأمريكي.
وكانت قالت مصادر إعلام أمريكية، إن جهود حثيثة تبذلها الولايات المتحدة لاستعادة الصحفي الأميركي "أوستن تايس" الذي خطف قبل 12 عامًا بالقرب من العاصمة دمشق اثناء تغطيته لبدايات الحراك الثوري في سوريا، وفي وقت أفرج عن بضع مئات من المعتقلين في سجون الأسد، لم يتوضح مصير الصحفي الأمريكي حتى اليوم.
وأعلن "البيت الأبيض"، أن إدارة الرئيس جو بايدن تجري محادثات مع تركيا ودول أخرى للحصول على مزيد من المعلومات عن مكان الصحفي تايس، وأكد "بايدن"، أن الحكومة الأميركية تعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة، مشددًا على التزام واشنطن بإعادته إلى الوطن، خاصة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في دمشق.
في السياق قالت "ديبرا تايس" والدة الصحافي الأميركي في حديث لقناة "الحرة"، إن "الفوضى" التي تمر بها سوريا الآن تجعل من الصعب في هذه الفترة أن يجدوا جوابا حول مكان احتجاز أوستن.
ولفتت إلى أن لديها معلومات أن ابنها على قيد الحياة وأنها تريد أن تراه حرا، وأضافت "مع فتح السجون، نتمنى أن تعثر الجهات المعنية في سوريا على مكان احتجاز ه وإعادته إلى الولايات المتحدة".
وأشارت تايس إلى أن العائلة تحاول حاليا أن تبحث عن الجهات الفاعلة في العاصمة دمشق للتواصل معها، من أجل العثور على أوستن وتسليمه للسلطات الأميركية، وذكرت والدة تايس أن عملية العثور على أوستن أخذت وقتا طويلا أكثر من اللازم "لأسباب سياسية" جراء اهتمام الجهات المعنية "بأولويات أخرى رغم التضحية التي قدمها أوستن وتركيز السلطات على أمور أخرى تعتقد أنها أهم من حريته وحياته"، حسب تعبيرها.
وسبق أن أعلنت "وزارة الخارجية الأميركية"، عن مكافأة مالية قد تصل إلى 10 ملايين دولار، لمَن يُدلي بمعلومات عن الصحفي الأميركي أوستن تايس المختطف في سوريا منذ عام 2012، وقالت "كارين جان بيير" المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن العثور على أوستن تيس يشكل أولوية قصوى لهذه الإدارة، وإن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخارجية عرض مكافأة تصل إلى 11 مليون دولار لأي شخص يمكنه تقديم معلومات.
ولفتت إلى أن الإدارة الأميركية "لا تعرف مكانه، لكنها ما زلت تأمل في أن يكون على قيد الحياة، وهي تتحدث عن هذا الأمر مع الأتراك وغيرهم للعثور عليه وإعادته إلى الوطن"، حسب تعبيرها.
أيضاً، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة طلبت من "هيئة تحرير الشام"، المساعدة في تحديد مكان الصحفي تايس، مؤكدا أن هذه القضية تشكل أولوية بالنسبة لواشنطن.
ووفق مصادر حقوقية، ستكشف الأسابيع والأشهر القادمة عن آلاف الجرائم التي تم ارتكابها بحق المعتقلين في سجون نظام الأسد، إذ تشير الإفراجات التي تمت خلال تحرير جميع السجون إلى أن الخارجين منهم لايعادلون نسبة قليلة من حجم الأعداد المسلجة في سجون النظام، ولم يكشف عن مصيرهم، مايؤكد بشكل قطعي أنه تم تصفيتهم ودفنهم في مقابر جماعية ستتوضح في الفترة القادمة.