وزارة التربية تعتمد علم الثورة وتحذف التربية الوطنية.. هكذا استخدمها الأسد كأداة لفرض سيطرته الفكرية
أصدرت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية الانتقالية، قرارًا يقضي باعتماد "علم الثورة" في المناهج الدراسية بدلاً من العلم القديم الذي كان يستخدم في عهد النظام السابق، وتضمن القرار تعديلًا كبيرًا في محتوى المناهج حيث تم حذف مادة التربية الوطنية بشكل كامل، في حين تم توزيع درجات مادة الاجتماعيات على مادتي التاريخ والجغرافيا بالتساوي، مع إلغاء درجات مادة التربية الوطنية في المرحلة الثانوية.
التربية الوطنية "أداة أساسية" لفرض سيطرته الفكرية على الأجيال الناشئة
وفرض النظام السوري أفكاره في مادة التربية الوطنية "القومية"، عبر مناهج تعليمية تهدف إلى تعزيز الولاء للنظام القائم وأيديولوجيته السياسية، من خلال التركيز على تعزيز صورة الحزب الحاكم (حزب البعث العربي الاشتراكي) ورموزه، خصوصًا الأسد (الأب حافظ والابن بشار).
واستخدم النظام السابق مادة التربية الوطنية "أداة أساسية" لفرض سيطرته الفكرية على الأجيال الناشئة، وجعلها جزءاً من آلية ترويج وتعزيز سلطته، وذلك من التركيز في تلك المناهج على "تعزيز الفكر البعثي" حيث كانت المناهج تدور حول تثبيت أفكار الحزب البعثي، مثل الوحدة العربية، والاشتراكية، والمقاومة ضد الإمبريالية والصهيونية، كما كانت تروج لفكرة "القائد الضرورة" وأهمية دور الأسد في قيادة سوريا وحمايتها، وفق عدة وسائل وأهداف منها:
تمجيد الشخصيات السياسية
عبر التركيز بشكل مكثف على شخصيات مثل (حافظ الأسد وبشار الأسد)، مع تصويرهم كمنقذين للأمة السورية والعربية، وتأكيد أهمية قيادتهم في الحفاظ على استقرار سوريا وتطورها.
الترويج لسياسات النظام
حيث تضمنت المادة موضوعات متعلقة بسياسات النظام الداخلية والخارجية، مثل الوحدة الوطنية، والتركيز على الإنجازات التي قام بها النظام في مختلف المجالات، مع تجاهل أو التقليل من أية انتقادات أو تجاوزات.
إعادة كتابة التاريخ
سعى نظام الأسد إلى تعديل وتقديم التاريخ بشكل يخدم مصالح النظام، مع تهميش أو إخفاء الأحداث التي قد تضر بشرعية النظام، مثل الاحتجاجات الشعبية أو قمع المعارضة.
التربية على الوطنية
فقد كانت هذه المادة تهدف إلى غرس شعور "بالوطنيّة" القوية القائمة على الولاء التام للنظام، مع تشجيع الطلاب على عدم الخروج عن خط السلطة.
إعداد جيل موالٍ للنظام
ويتم ذلك عبر التعليم في المدارس، إذ حاول النظام توجيه الأجيال الجديدة لتبني الفكر السياسي الموالي للسلطة، واعتبارها المرجعية الوحيدة للشرعية والقيادة في سوريا.
وسبق أن أكد وزير التربية والتعليم الأستاذ "نذير القادري" بأن هناك لجان متخصصة سيتم تشكيلها بهدف لمراجعة المناهج التعليمية وتدقيقها، ولفت إلى أنّ الوزارة قامت بتوجيه ينص على حذف ما يتعلق بما يمجد نظام الأسد البائد واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدل علم النظام البائد في جميع الكتب المدرسية، ويذكر أن الوزير أكد سابقا أن المناهج الدراسية لن تعدل إلا بوجود لجان اختصاصية وما حصل هو إجراء تعديلات مؤقتة.
ونوه أن ما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فاعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة.
وكانت أعلنت وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية، عن إجراء تغييرات واسعة على المناهج الدراسية لكافة المراحل التعليمية، من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي، في خطوة تهدف إلى تحديث المحتوى التعليمي ومواكبته للمتغيرات الوطنية والاجتماعية.
وجاءت هذه التعديلات لتشمل حذف العديد من النصوص والفقرات واستبدالها بمحتويات جديدة تتماشى مع القيم والمبادئ التي تسعى الوزارة إلى تعزيزها في المناهج، وأشارت وزارة التربية أن هذه التعديلات هي للعام الدراسي 2025 م.
وأبرز التعديلات في المواد الدراسية، شملت حذف فقرات تتعلق بالنشيد الوطني السوري، مثل فقرة “أكمل النشيد الوطني”، وأُزيلت فقرات تطلب من الطلاب حفظ النشيد الوطني أو إكماله.
وأعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال السورية، "نذير القادري" في مقابلة تلفزيونية، عن توجه الحكومة الانتقالية إلى إلغاء مادة "التربية القومية" التي كانت مادة غير علمية وتتلخص بخطابات بالية لرأس النظام المخلوع "بشار الأسد"، ووالده الهالك "حافظ الأسد".
وذكر أن الامتحانات المقبلة في عموم سوريا الحرة ستكون بدون مادة التربية الوطنية، حيث ستلغى مادة "القومية" في امتحانات الثانوية العامة وتعوّض درجاتها بمادة أخرى لتكون عامة في كافة أنحاء المحافظات السورية.
وأضاف أن هناك "التربية الدينية" سواء الإسلامية أو المسيحية كانت تطوى للدخول إلى الجامعة، مشيرا إلى أن هذه المادة ستعاد إلى المجموع العام وتدخل في المفاضلة العامة، وأكد أن نظام الأسد البائد انشغل بتحديد فكر الطلاب بما يخدمه.
وقدر أن هناك 10 آلاف مدرسة مدمرة كليا أو جزئيا، التقى وزير التربية وفداً من المنظمة الإيطالية CESVI، حيث تم مناقشة آلية تنظيم الأولويات لتلبية احتياجات ترميم المدارس المتضررة في سوريا من قصف النظام السابق.
هذا وبشر وزير التربية والتعليم في حكومة تصريف الأعمال السورية الأستاذ "نذير القادري" السوريين بأن سوريا ستفتح صفحة جديدة ومشرقة على جميع الأصعدة، وخاصة في ملف التربية والتعليم حتى نبني جميعاً سوريا المستقبل.
وتأتي هذه التغييرات في إطار التوجهات الجديدة للوزارة التي تهدف إلى تعديل المناهج بما يتماشى مع مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق، حيث يتم التركيز على قيم الوطنية والمواطنة من خلال فصول التاريخ والجغرافيا بدلاً من التربية الوطنية التي كانت تستخدم للترويج للأيديولوجيات النظامية السابقة.
هذه الخطوة جزء من سلسلة من الإصلاحات التي تسعى الحكومة السورية الجديدة لتطبيقها، والتي تهدف إلى تعديل النظام التعليمي وتوجيهه نحو تعزيز الهوية الوطنية والابتعاد عن المفاهيم التي فرضها النظام البائد.