معلومات مزيفة بهدف التحريض.. حملات إعلاميّة مركزة تستهدف الإدارة السورية الجديدة
شنت حسابات وهمية حملات إعلامية مضللة تحض على "الطائفية والكراهية" وتتهم الإدارة السورية الجديدة بشقها السياسي المتمثل بـ "الحكومة الانتقالية" والعسكري بـ "إدارة العمليات العسكرية" والأمني بـ "إدارة الأمن العام"، هدفها بث الفوضى بهدف زعزعة الاستقرار في سوريا الحرة.
وتتسم هذه الحملات الإعلاميّة بأنها غير عشوائية وتتركز على أهداف محددة ما يرجح أنها ممنهجة وتدار بشكل ممنهج، وتقوم بشكل مباشر على تضخيم الأحداث بالدرجة الأولى، إضافة إلى اختلاق معلومات مضللة.
حمص مثالاً.. انتهاكات وتجاوزات مزعومة.. هذه حقيقتها
ركزت الصفحات والحسابات المشبوهة حديثها عن تجاوزات في الساحل السوري ومحافظة حمص، حيث وجدت ضالتها في للتنوع الطائفي ما يسهل عليها بث الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار والأمن والأمان.
وللوقوف على حقيقة هذه المعلومات دخلت شبكة "شام" الإخبارية، إلى أحياء عكرمة والنزهة ووادي الذهب والزهراء والعباسية، ذات الغالبية العلوية بعد انتهاء الحملة الأمنية الأخيرة فيها، والتقت مع عدد من السكان ممن أكدوا عدم تعرضهم لأي مضايقات أو انتهاكات وتجاوزات.
وتابعت "شام"، مشاهد مصورة بالصوت والصورة أثناء عمليات التفتيش التي تحصل في مدينة حمص، التي جرت بكل سلاسة وأخلاق عالية من قبل إدارة العمليات العسكرية وإدارة الأمن العام، التي كان هدفها الأول هو ملاحقة فلول النظام المخلوع والعصابات الإجرامية التابعة له ممن ترفض تسليم السلاح والذخائر.
كما أن عناصر من إدارة العمليات العسكرية قامت بتوزيع مادة الخبز مجاناً في عدة شوارع ضمن حي الزهراء بحمص، وتبين أن القائم على نشر المعلومات المضللة هم من فلول النظام المخلوع ممن يسعون إلى مطالب منها العفو الشامل والمساواة بين شهداء الثورة وقتلى النظام البائد.
وعبر بث مباشر من داخل حي الزهراء بحمص يوثق كيفية تعامل إدارة العمليات العسكرية مع الأهالي حيث يظهر التعامل الراقي ضمن التوصيات التي يجري الالتزام بها.
وردا على مزاعم حول الانتهاكات خلال عمليات التفتيش في حمص، رافقت عدة وسائل إعلام الإدارة العسكرية لتنقل بالصوت والصورة ما يجري بين الأزقة وداخل البيوت أثناء التفتيش وحتى خلال اعتقال المطلوبين تم بدون أي انتهاكات تذكر.
وحول ما حدث في حمص بالأيام السابقة وبخصوص الصفحات الوهمية التي تؤجج الطائفية وتقوم بتخويف طوائف ثانية، وأشار ناشطون إلى أن إدارة العمليات المسؤولة قدمت اعتذارًا رسميًا، بحضورهم، لعائلات قدمت شكاوى من بعض التجاوزات الفردية مع اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات.
تشويه ممنهج.. تضليل يستهدف شخصيات الحكومة الانتقالية
من أبرز المعلومات المضللة التي طالت الشخصيات القيادية في الإدارة الجديدة هي تداول صورة مزيفة مولدة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي تزعم بأنّ "أحمد الشرع" كان يحتضن فتاة في العراق، علما بأن الصورة لا تحتاج إلى تدقيق كبير لاكتشاف التزييف الحاصل.
وزعمت هذه الحسابات ضمن حملة ممنهجة أن وزير الدفاع اللواء "مرهف أبو قصرة" قام بتدمير تمثال لمريم العذراء وتبين أن الحادثة تظهر شخصاً آخر عام 2013، ولوحظ مشاركة حسابات تظهر عبر معلومات الـIP أنها نشطة في العراق ومصر والإمارات وفلسطين ومنها بدمشق.
وأعلن مسؤول في "إدارة الأمن العام" في محافظة حمص، انتهاء حملة التمشيط بأحياء مدينة حمص بعد تحقيق أهداف الحملة، لافتاً إلى أنها استهدفت عدة مستودعات أسلحة، بالإضافة لتوقيف عدد من المجرمين الذين نالوا من الشعب السوري طوال ثلاثة عشر عاماً ولم يسلموا أسلحتهم لمراكز التسوية.
ولفت المسؤول الأمني إلى توقيف عدد من المشتبه بهم، وتحويل من ثبت بحقه جرم إلى القضاء فيما أطلق سراح عدد آخر، ولا يزال التحقيق مستمراً مع البعض، مؤكداً سحب قوات إدارة العمليات العسكرية من المناطق فيما ستبقى حواجز إدارة الأمن العام بالمنطقة تحقيقاً للأمن وترسيخاً للأمان.
وأكد المسؤول الأمني، أنه سيتم تحويل كل من يثبت بحقه جرم إلى القضاء لينال جزاءه العادل، رافضاً حالات الثأر خارج القضاء وأكد أنه سيحاسب من يُقدم عليها، مطالباً أهالي أحياء مدينة حمص التي حصلت فيها عمليات التمشيط، بأنه في حال حصول أي تجاوزات من قبل عناصر الأمن أو تعد على ممتلكاتهم مراجعة مراكزهم المعروفة بالمدينة لنتابع هذه القضايا وإعادة الحق لأهله.
هذا وتواصل "إدارة العمليات العسكرية" بالتعاون مع "إدارة الأمن العام" التابعة لوزارة الداخلية السورية، حملتها الأمنية ضد فلول النظام المخلوع وعصابات إجرامية تمتهن الخطف والسرقة والاتجار بالمخدرات وترفض تسليم السلاح في محافظات عدة.
أخبار ملفقة.. صفحات تدعي توثيق الانتهاكات تثير الفتنة والفوضى
انتشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بغطاء توثيق الانتهاكات تارة وطلب حماية الأقليات تارة أخرى، ولم تكتفي هذه الصفحات والحسابات المشبوهة التي يديرها فلول النظام المخلوع بنشر مشاهد قديمة بل بدأت باختلاق حوادث غير موجودة اساسا منها قتل وخطف.
وادعت صفحة على موقع فيسبوك يطلق عليها ما يسمى بـ"المركز الوطني لتوثيق الانتهاكات"، وجود عدة حالات قتل وخطف تبين أنها قديمة ومضللة ومنها حالات غير صحيحة، حيث روجت الصفحة كذبة اختطاف شابة من الطائفة العلوية في مدينة حمص اسمها "ساندي رستم"، وحاول المركز بعد فضح كذبه التنصل من المنشور وقام بحذفه لاحقا.
فلول النظام المخلوع في قطاع الإعلام.. تاريخ من التضليل وبث الكذب
أكدت منصات متخصصة تدقيق المعلومات أن حجم الأخبار الكاذبة التي تبعت إسقاط نظام الأسد البائد لم يكن متوقعا، ولا يستبعد أن تكون هذه الأخبار المضللة تندرج ضمن حملة، تقف خلفها جهات مثل "الجيش السوري الإلكتروني" الذي يعدّ أحد أخطر الأجسام الموالية للنظام المخلوع، وكان له سوابق عديدة بشنّ هجمات إلكترونية.
ومن خلال المتابعة، يُلحظ أن مؤسسات إعلامية كبرى وصحفيين يشهد لهم بالدقة في النقل قد وقعوا في تداول المعلومات المغلوطة، بسبب تسارع الأحداث وكثرتها؛ إذ إن مقاتلي المعارضة بعد أن سيطروا على حلب انطلقوا نحو بقية أرياف إدلب وسيطروا عليها، ولم توقفهم إلا أيام قليلة حتى وصلوا حماة وحمص والعاصمة دمشق
وللشأن السوري خصوصية فريدة، ولا سيما فيما يرتبط بالأخبار المضللة؛ إذ إن نشر أي خبر أو صورة أو تسجيل مصور بشكل مضلل، قد يتسبب في إراقة كثير من الدماء لخصوصية البلاد العرقية والطائفية، إلى جانب ما سببته سنوات الحرب من شرخ كبير بين هذه المكونات. لقد جعلت هذه الأسباب تدقيق الحقائق لدى الصحفيين عملا إنسانيا لا يقلّ أهمية عن نقل المعاناة وتسليط الضوء على مكامن الفساد.
مطالب مشبوهة على وقع تصاعد التضليل والتزييف
تداولت شخصيات تشبيحية وموالون لنظام الأسد المخلوع، دعوات تنص على طلب "حماية دولية"، بحجة وجود انتهاكات بحق الأقليات بحمص والساحل السوري ويفند هذا التقرير الذي أعدته شبكة شام الإخبارية، هذه الشخصيات التي لها تاريخ طويل من التشبيح للنظام الساقط.
وخلص التقرير إلى معلومات تشير إلى أنّ هدف هذه الشخصيات التي كانت من أبرز الأبواق الداعمة لنظام الأسد الساقط، هو محاولات الإفلات من العقاب، كما تبين أن داعمي هذا المطلب هم من أزلام النظام المخلوع وأتباعه.
وكانت رصدت شبكة "شام" الإخبارية، عدة صفحات إخبارية يديرها شخصيات مقربة من نظام الأسد المخلوع، وميليشيات "قسد" تعمل على نشر محتوى مضلل وكاذب كما تسهم في تغذية الخطاب الطائفي المشبوه الذي روجته شخصيات تشبيحية وموالون للنظام الساقط.
هذا وتشير معلومات ومعطيات عديدة بأنّ هناك جهات من فلول نظام الأسد تحاول استغلال بعض الأحداث في سوريا، ودوافع هذا الخطاب والهدف منه هو في الدرجة الأولى "الإفلات من المحاسبة" بمطالب العفو الشامل، وكذلك مطالب غير منطقية تدعو إلى "محاسبة الطرفين" وفق مطلب مثير جداً، وكل محاولات إثارة الفوضى لم تجعلهم خارج دائرة المسائلة.
ويذكر أن هذه القلاقل والتجييش يأتي ضمن خطاب مشبوه تصاعد مؤخرًا وجاء عقب تهديدات من وزير خارجية إيران "عباس عراقجي"، جاء فيها: "من يعتقدون بتحقيق انتصارات في سوريا، عليهم التمهل في الحكم، فالتطورات المستقبلية كثيرة"، ورد عليها وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، بقوله: "يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، ونحذرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحمّلهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة".