
لبنان يبحث مع الأمم المتحدة ملف المفقودين اللبنانيين في سجون نظام الأسد بسوريا
بحث وزير العدل اللبناني، "عادل نصار"، مع مسؤولة أممية رفيعة ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية في عهد نظام الأسد، في إطار جهود رسمية لمعرفة مصير المفقودين منذ سنوات الحرب والنزاعات السابقة.
وجاء اللقاء خلال زيارة قامت بها كارلا كينتانا أوسونا، رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، التابعة للأمم المتحدة، إلى بيروت، برفقة وفد ضم كلًا من المسؤولة عن الملف السوري في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، آن ماساجي، والناشط الحقوقي اللبناني حبيب نصار، وذلك بحضور مستشارة وزير العدل، لارا سعادة.
وتناول الاجتماع ملف المواطنين اللبنانيين الذين فُقدوا في سوريا، سواء خلال سنوات الحرب اللبنانية أو أثناء فترات الوجود العسكري السوري في لبنان، إضافة إلى ضحايا الإخفاء القسري وعمليات الاعتقال غير القانوني.
وأكد الوزير نصار عقب الاجتماع التزام الدولة اللبنانية بالتعاون الكامل مع المؤسسة الأممية، بهدف الوصول إلى نتائج ملموسة تكشف مصير جميع المفقودين، مشددًا على "حق العائلات في معرفة حقيقة ما جرى لأبنائها ومكان وجودهم، ووضع حد لسنوات من الانتظار والقلق".
وتسعى المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، التي تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى توضيح مصير ومكان وجود جميع الأشخاص المفقودين داخل الأراضي السورية، سواء نتيجة الإخفاء القسري أو الاعتقال التعسفي أو الاختطاف أو العمليات العسكرية، كما تشمل ولايتها متابعة قضايا الفقد الناتج عن "النزوح والهجرة".
وسبق أن أكد وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، أن ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا يشغل أولوية قصوى في جدول أعماله، مؤكدًا عزمه على بذل كافة الجهود اللازمة لمعالجة هذا الملف المهم، بحسب ما نقلت "الوكالة الوطنية للإعلام".
وخلال لقائه مع وفد من الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسريًا، تم إطلاع الوزير رجي على التحديات التي تواجهها الهيئة في مسارها لكشف مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا. وأوضح أعضاء الوفد أنهم بحاجة ماسة إلى دعم الحكومة ووزارة الخارجية وكافة الوزراء المعنيين لمساعدتهم في متابعة مصير المفقودين، حيث لا يزال عددهم غير محدد ويتطلب تدقيقًا دقيقًا.
وشدد الوفد على ضرورة فصل هذا الملف الإنساني عن التجاذبات السياسية، مطالبين بإشراك الهيئة في اللجنة اللبنانية-السورية المشتركة المزمع تشكيلها، والتي ستكون مسؤولة عن متابعة الملفات العالقة بين البلدين.
من جانبه، أكد الوزير رجي أن ملف المفقودين اللبنانيين في سوريا يعتبر أولوية أساسية بالنسبة له، معربًا عن التزامه التام بمعالجته. كما وعد بالعمل على إزالة أي عقبة دبلوماسية أو سياسية قد تعوق التقدم في هذا الملف، مشيرًا إلى تحضيره للقاء قريب مع وزير الخارجية السوري، أحمد الشيباني، حيث سيقوم بتسليمه الملف المتعلق بالمفقودين، الذي يتم تحضيره حاليًا من قبل وزارة العدل.
كما أشار رجي إلى أن الجانب السوري أبدى استعداده الكامل للتعاون والمساعدة في كشف مصير المفقودين اللبنانيين، وكانت شهدت العلاقات السورية اللبنانية الرسمية تطوراً كبيراً مع زيارة رئيس وزراء لبنان "نواف سلام" إلى دمشق، ولقاء الرئيس الشرع والاتفاق على جمية من الترتيبات لحل الأشكاليات والملفات العالقة بين البلدين.
لبنان يطالب سوريا بـ"تعويض" سجنائها عن مرحلة اعتقالهم المؤلمة لدى نظام الأسد
سبق أن طالبت مندوبة لبنان لحقوق الإنسان في جامعة الدول العربية، رضى مراد، الحكومة السورية الجديدة، بتعويض كل مساجين لبنان الذين اعتقلوا في السجون السورية خلال فترة حكم نظام الأسد.، وذلك عقب زيارتها للمحرر من السجون السورية، سهيل حموي، الذي أمضى 32 عامًا في السجون السورية قبل أن يُفرج عنه، وذلك في منزل حموي في شكا، بحضور أفراد من العائلة.
مطالب بتعويضات للمعتقلين اللبنانيين
وأعربت مراد عن غبتها في أن تقوم الحكومة اللبنانية بتأمين راتب دائم للمحرر حموي من وزارة الشؤون الاجتماعية، مؤكدةً أن هذه الخطوة يجب أن تكون نموذجًا لمعاملة جميع المعتقلين اللبنانيين الذين مروا بتجربة الاعتقال في السجون السورية، ولفتت إلى أن الحكومة السورية يجب أن تتحمل مسؤولياتها في تقديم تعويضات لجميع المعتقلين اللبنانيين عن معاناتهم الطويلة.
أعداد المفقودين اللبنانيين في السجون السورية
تتفاوت التقديرات بشأن عدد اللبنانيين الذين ما زالوا مفقودين في السجون السورية، حيث تُقدّر جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية العدد بـ622 مفقودًا، كما قدم وزير العدل اللبناني في ديسمبر 2024 قائمة تضم أكثر من 6500 اسم لمفقودين لبنانيين في السجون السورية إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. من جانب آخر، قدّر النائب اللبناني السابق غسان مخيبر عدد المفقودين اللبنانيين في سوريا بين 700 و1500 شخص.
وتستمر هذه القضية في إثارة القلق بين الأسر اللبنانية، والتي تتطلع إلى إيجاد إجابات واضحة حول مصير أبنائها الذين فقدوا في السجون السورية، مع تأكيدها على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات ومعاقبة من تسبب في معاناة الأسر اللبنانية.