عبدي: على واشنطن فرض شروط على الشرع.. ووجود القوات الأمريكية ضروري لاستقرار دمشق
قال الجنرال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، في مقابلة مطوّلة مع صحيفة جيروزاليم بوست، إن شمال شرق سوريا يعيش مرحلة حساسة تتقاطع فيها التحديات الأمنية والسياسية، مقدّماً روايته لما يواجهه من ضغوط، بدءاً من مخيمات تنظيم داعش وصولاً إلى مفاوضات الدمج في الدولة السورية الجديدة.
وأشار عبدي، أن تقليص إدارة الرئيس دونالد ترامب لمخصصات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID تسبّب في نقص كبير في الموارد الإنسانية والأمنية داخل المخيم، ما اضطر قسد إلى تغطية النقص من ميزانيتها، رغم تراجع المنظمات الدولية وانخفاض عدد عناصر الأمن. وقال: “هناك أقل من المساعدات وأقل من القوى الأمنية، ونحن نأخذ من ميزانيتنا لنضمن بقاء المخيم تحت السيطرة.”
ضغط داعش وتراجع الدعم الأمريكي
أشار عبدي إلى أن سوريا، وفق وصفه، في “مرحلة جديدة” من العلاقة مع الغرب، مؤكداً أن خطر داعش ما يزال قائماً، وأن قواته خسرت عناصر في هجمات للتنظيم في الرقة ودير الزور ومناطق أخرى.
وذكر أن قسد تدير أكثر من 26 مركز احتجاز وثلاثة سجون رئيسية تضم ما يصل إلى عشرة آلاف مقاتل من التنظيم، بينهم نحو ثلاثة إلى أربعة آلاف في الحسكة، و1500 في الرقة، و1000 في القامشلي، واصفاً إياهم بأنهم “مقاتلون شديدو الخطورة”.
وأضاف أن القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) “تقوم بدورها”، لكنه شدد على أن الجيش الأمريكي يحتاج دعماً سياسياً أكبر من الكونغرس.
وطالب بأن يكون الدعم الأمريكي لسوريا “مشروطاً لا مفتوحاً”، قائلاً إن واشنطن لا تفرض حالياً أي شروط على الرئيس أحمد الشرع.
كما دعا إلى نقاش أوسع حول قانون قيصر والعقوبات، مؤكداً أن دعم الولايات المتحدة يجب أن يتم وفق ضوابط واضحة وليس بشكل غير مشروط.
وقال عبدي أن الرئيس ترامب “يريد جعل سوريا عظيمة من جديد”، وأن ذلك يتطلب – وفق روايته – دعم قسد وإدخالها في التحالف الدولي وفي الحكومة السورية الجديدة.
وأعرب عن شكره لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، لكنه قال إن “هناك مجالاً لعمل المزيد”، فيما فهم أنه يطالبه بتدخل أكثر في الشأن السوري.
اتفاق 10 آذار ومسار الدمج في مؤسسات الدولة
كشف عبدي عن ما يعرف باتفاق “10 آذار”، وهو اتفاق أوّلي بين الحكومة السورية وقسد يهدف إلى دمج الهياكل العسكرية والأمنية والمدنية ضمن الدولة الجديدة، وتأمين وقف شامل لإطلاق النار.
وأوضح أنه بحث تفاصيل الاتفاق مع المبعوث الأمريكي توم باراك، ومع ضباط أمريكيين ومحليين، بشأن آليات دمج قواته في وزارتي الدفاع والداخلية والجيش الوطني.
وبحسب زعمه، تمتلك قسد نحو 100 ألف عنصر، بينهم 70 ألف مقاتل و30 ألف شرطي وأمني، ويتضمن الاتفاق الإبقاء على ثلاث فرق من قسد، إضافة إلى كتيبتين متخصصتين: كتيبة حدود وكتيبة نسائية.
وقال إن الولايات المتحدة باتت تدرك ضرورة الحفاظ على “وحدة قسد الداخلية أثناء دمجها في الجيش الوطني”.
وأكد وجود “صعوبات حقيقية” في دمج الكتيبة النسائية لعدم وجود وحدات نسائية مماثلة في الجيش السوري الجديد، قائلاً: “لا يمكن أن نفصل مقاتلاتنا، ولا يمكن دمجهن ضمن وحدات لا تضم نساء.”
وفي سياق تقييمه للرئيس أحمد الشرع، قال عبدي إنهم يعرفونه منذ قيادته لهيئة تحرير الشام، وإن لهم “تجارب سابقة معه”، مشيراً إلى أن المبنى الذي يجري فيه اللقاء الصحفي، كان قبل عشر سنوات تحت سيطرة الهيئة.
وأضاف أن مستقبل الشرع “قد يقوى أو يضعف” تبعاً لخياراته، وأن عام 2026 سيكون “سنة مفصلية”.
كما تحدث عن الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد، زاعماً مقتل 2000 من الطائفة العلوية في اللاذقية، و1000 من الدروز في السويداء، وأن رسائل مصوّرة كانت تُتداول آنذاك تقول إن “الأكراد سيكونون التاليين”، وهو ما اعتبره مؤشراً إضافياً للحاجة إلى حماية سياسية وعسكرية لقواته.
النفوذ الإقليمي وموقع قسد في خريطة ما بعد الأسد
وأضاف أن إيران ما تزال تحاول – وفق روايته – إعادة تشكيل مجموعات وكيلة، وأن بعض ضباط النظام السابق في الخارج تلقوا اتصالات في هذا السياق.
وأوضح أن حزب الله كان بين عامي 2013 و2014 “قوة قتالية خطيرة في شمال شرق سوريا” قبل أن تتدخل الولايات المتحدة لدعم قسد، وأن قواته اليوم مستعدة للعمل مع واشنطن ومع “القوى الفاعلة” لحماية سوريا ومنع ظهور جماعات بالوكالة.
وختم بالقول إنه “لا بديل عن قسد” في المرحلة المقبلة، وأن على واشنطن لعب دور أكثر توازناً، معتبراً أن استقرار دمشق يعتمد على استمرار الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا، وأن على الولايات المتحدة “فرض شروط واضحة على الرئيس الشرع بدلاً من الدعم غير المشروط”.