تخبط كبير على وقع معركة "ردع العدوان".. "شام" ترصد أبرز ردود شبيحة وأبواق الأسد
رصدت شبكة “شام” الإخبارية أبرز ردود فعل الشخصيات الداعمة لنظام الأسد على مواقع التواصل الاجتماعي، حيال معركة “ردع العدوان” التي دخلت يومها الثاني وسط تخبط كبير يتوافق مع تزايد الخسائر الميدانية التي يتكبدها النظام وميليشياته.
وعلى الرغم من أن المعركة أسفرت عن تحرير مناطق واسعة تُقدر مساحتها بأكثر من 100 كيلومتر مربع، في محور ريف حلب الغربي (وفق تقديرات رسمية)، وكذلك مقتل وجرح وأسر العشرات من ميليشيا الأسد، لم يعلق الأخير على هذه المعركة رسميًا حتى الآن.
واقتصر تناول المعركة إعلامياً على شخصيات موالية ومواقع إعلامية مقربة من نظام الأسد تحدثت عن إعادة تموضع إثر هجوم عنيف غرب حلب، في وقت أعلنت إدارة العمليات العسكرية صباح اليوم عن ضربة استباقية جديدة في ريف إدلب الشرقي.
اتهامات بالعمالة.. كذبة يجترّها شبيحة الأسد
سارعت عدة شخصيات موالية في وصف المعركة التي أعلنت عنها إدارة العمليات العسكرية شمال غربي سوريا، بأنها بأوامر من “الاحتلال الإسرائيلي”، وروجت حسابات تتبع لميليشيات النظام معلومات مماثلة وكاذبة، مثل الدعم الخارجي، الأمر الذي تم دحضه من قبل مصادر رسمية وقادة المعركة.
ونشر “فارس الشهابي”، رئيس غرفة صناعة حلب، على منصة “إكس” منشوراً ربط فيه بين تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، المتوعِّد للإرهابي بشار الأسد بقوله إن رأس النظام بشار الأسد يلعب بالنار، وبين إطلاق عملية ردع العدوان.
ولم يكتف بذلك، بل نشر الكثير من الأكاذيب والصور المضللة عبر حساباته في منصة إكس وفيسبوك التي يخاطب بها الغرب ويستجدي بها التعاطف من خلال ترويج مزاعم تتعلق بمحاربة الإرهاب والجماعات المتشددة، كما ادعى مشاركة المخابرات الأوكرانية في المعارك غرب حلب عبر إطلاق طائرات مسيرة.
وفي سياق متصل، تطاول الشبيح “جهاد بركات” قائد ميليشيا “مغاوير البعث”، وأحد أعضاء برلمان الأسد، على الثوار وأهالي الشمال السوري بوصفهم “أبناء نتنياهو” و”المستوطنين الصهاينة” مدعياً، وفق محاولات لتبرير تصريحاته، أن بعد تهديد نتنياهو لبشار الأسد تم إطلاق العمل.
وطلب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لدى نظام الأسد سابقاً “عمرو سالم” من رأس النظام الإرهابي “بشار الأسد” أن يلحقه بميليشياته في حلب كجندي متطوع، معتبراً أن ما وصفهم بـ”الخونة المارقين العملاء” يهاجمون ريف حلب، و”مدّعوا الوطنية ومغاوير الفيسبوك خرسوا ويطبلون ويزمرون”، حسب وصفه.
تهديدات بالإبادة وقصف المشافي.. عقلية الإجرام تتغذى على دماء السوريين
ضمن صفاقة معهودة، توعد نظام الأسد على لسان “عمر رحمون”، أحد أبرز رجالات المصالحات، بقصف مستشفى الهداية في قاح بريف إدلب شمال غربي سوريا، وتوعد بارتكاب مجازر بحق الأهالي والثوار ممن وصفهم بـ”دواعش المعارضة الإرهابية”.
واعتبر ناشطون أن هذه التغريدة محاولة لتسلق الحدث والتشبه بالجيش الإسرائيلي من ناحية الخطاب، والهدف الأول لذلك هو الحرب النفسية. ووفق اللهجة ذاتها، طالبت عدة شخصيات موالية لنظام الأسد بقصف إدلب وحرق المناطق المحررة.
وفي سياق التهديدات والتصريحات الإعلامية، قال الإعلامي الحربي “عبد الغني جاروخ”، إن “المعركة لن تتوقف بعد صد هذا الهجوم. انتظروا القادم لن يتوقعه أحد”، وأما نظيره “محمد الضيغ”، حاول التضخيم والحديث عن استعادة نقاط خسرها النظام، كما روج مقاطع فيديو قديمة لتعزيزات عسكرية.
واستنكر موالون غياب بوق نظام الأسد الأشهر في حلب، “شادي حلوة”، عن التغطية الإعلامية، فيما قال حلوة إن “هناك قنوات وصفحات مزوّرة تحمل اسمه على التلغرام وغيره تقوم بنشر أخبار كاذبة، يرجى توخي الحذر”، معتبراً أن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي معروفة.
إعلاميّ طهران.. الباشا والمصري يبيعون الوهم
تصدر مراسل قناة “الميادين” اللبنانية المدعومة من إيران “رضا الباشا” مواقع التواصل الاجتماعي عبر بث مباشر، وكان لافتاً تقليله من حجم خسائر النظام ووصف العملية العسكرية بأنها “تسلل محدود”، وزعم أن قوات الأسد دفعت بقوات النخبة إلى جبهات حلب لاسترجاع النقاط التي تقدمت إليها قوات ردع العدوان.
وفي سياق متصل، حذر “صهيب المصري” من ما سماها “الحسابات التي تدعي الوطنية وتحمل أسماء وصوراً”، ودعا للانتباه في هذه المرحلة، وقال في أحد منشوراته إن قوات الأسد في حلب “كافية ووافية ومنتشرة ولا خوف على حلب نهائياً”، وفق زعمه.
وأنكر أن يكون منشوره لمجرد بث تطمينات فارغة وبيع الوهم، وأضاف “محيط حلب مؤمَّن، والخرق الذي حصل ستتم معالجته”، ودعا “وليد هناية”، مراسل الإخبارية السورية في حلب، لعدم الانسياق خلف الإعلام المغرض، وقال إن هناك تقدمًا لكم، وليس كل ما ينشر صحيحاً.
وقالت “دارين فضل الله”، مراسلة قناة العالم الإيرانية في سوريا، “طريق دمشق _ حلب مؤمَّن، وتحت السيطرة الكاملة للجيش السوري ولا خوف عليه” وفق نص المنشور.
وقال “وضاح عبد ربه”، رئيس تحرير صحيفة تابعة لنظام الأسد، “ثقوا برجال الله، حلب آمنة وستبقى آمنة”، في إشارة إلى قوات الأسد، لينضم إلى جوقة إعلاميي ما يسمى بـ”محور المقاومة” في سياسة الإنكار وبيع الوهم ونفي الوقائع.
قال "عامر دراو" المراسل الحربي صباح اليوم الخميس إن هناك إشاعة لم يفصح عنها تسببت بخوفه الشديد ودفعه ذلك إلى التوجه إلى غرب حلب للتأكد منها، وتحدث عن انتشار واسع للنظام في المنطقة، ودعا إلى نشر التطمينات، يأتي ذلك في ظل وجود كثير من الانتقادات لغياب إعلام النظام وتقديم روايته لمواليه.
بعد الإنكار.. تبريرات للفرار وترويج وصول تعزيزات لميليشيات الأسد لـ”التصدي”
كتب مراسل وزارة الداخلية التابعة لنظام الأسد “محمد الحلو” عبارة “حلب عصية عليكم يا عملاء”، ونشر عدة منشورات كاذبة حذفها لاحقاً، منها قائمة بأسماء القتلى، ونشر “محمد أبو الليل” أرتالاً قال إنها تتوجه إلى غرب حلب، واعتبر موالون أن “مع فشل إسرائيل في الانتصار على شيعة لبنان، حاولت أخذ الثأر في نبل والزهراء من شيعة سوريا”.
وزعمت المذيعة لدى نظام الأسد “نجلاء السعدي” أن “كل ما يُشاع على صفحات أذرع أفخاي كاذب، وإن غدروا وهذه عاداتهم، فهذا لا يعني أن حلب بخطر” -وفق نص المنشور-، وتابعت “صباح النصر للسواعد التي تحفر قبور الإرهابيين منذ الأمس”.
وكما هي عادة منشوراتها التي تفوح بالتحريض والتشبيح، أضافت وهنا الاقتباس حرفياً كما ورد في حسابها على فيسبوك: “صباح الإنتقام الحقيقي للشهداء، صباح القصف المكثف براجمات الصواريخ والطيران على محاور إدلب المحتلة وأوكار الخنازير غرب حلب”.
وقالت نظيرتها “ندى عرب”: “من الطبيعي وفي العلم والتكتيك العسكري التراجع إلى الخلف في حال تعرضت الوحدة العسكرية لهجوم مباغت، بهدف امتصاص الصدمة والاستعداد لشن هجوم معاكس”، وذكرت أن ميليشيات “النمر، الرابعة، زينبيون، فاغنر” وصلت إلى حلب لصد الهجوم.
تضليل ممنهج.. مخيمات النازحين تحولت إلى “أرتال” بمنظور شبيحة الأسد
لم يقتصر التزييف والتضليل على نفي وجود هجوم عسكري في البادية، ثم إنكار خسارة نقاط غربي حلب، وغيرها من المراحل التي تضمنت تسويق الكذب، بل تداولت صفحات إخبارية موالية لنظام الأسد صورة تظهر قصف مخيم في شمالي إدلب وزعمت أنها لاستهداف أرتال ومخازن للأسلحة.
في حين تبين أن هذه الصورة تظهر قصفاً لقوات النظام وحلفائه بصواريخ تحمل قنابل عنقودية على مخيم القرى في وادي عباس بالقرب من بابسقا وباب الهوى شمالي إدلب، ويلاحظ تزايد كذب وتضليل الواجهات الإعلامية الموالية لنظام الأسد في محاولة لترميم انهيار المعنويات نتيجة عملية ردع العدوان.
هذا وأكد تقرير الدفاع المدني السوري حول الهجمات والواقع الإنساني بمناطق شمال غربي سوريا، تصاعد هجمات قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهم ضد المدنيين في شمال غربي سوريا، والتي استهدفت أكثر من 16 مدينة وبلدة وقرية، وتسببت بمقتل طفل وجرح 20 مدنياً بينهم 9 أطفال و6 نساء.
معركة ردع العدوان.. ضربة موجعة للنظام
فاجأت معركة “ردع العدوان”، التي أعلنت عنها “إدارة العمليات المشتركة” والتي تضم فصائل الثورة العسكرية في إدلب وشمالي حلب، بعيداً عن المسميات والتبني الفردي، ليس قوى العدو ممثلة بجيش النظام وميليشيات إيران فحسب، بل حتى بعض الأطراف الصديقة من أبناء الثورة المعارضين لفتح أي معركة في الوقت الحالي غير محسوبة النتائج.
وجاءت المعركة باسم “ردع العدوان”، كما أعلن عنها فجر يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024، لتكسر كل القواعد، وتحقق تقدماً كبيراً لقوى الثورة السورية، موحدة جميعاً في عمل منظم على مستويات عالية عسكرياً وإعلامياً ومدنياً وميدانياً. فكانت ضربة موجعة وقاسمة للنظام، وفتحت الطريق إلى حدود مدينة حلب، وأفرحت قلوب المتعطشين للتحرير واستعادة المناطق المحتلة.
خلال أقل من 24 ساعة، حققت عملية “ردع العدوان” تقدماً كبيراً فاق تصورات المحللين والمراقبين، وخاضت فصائل الثورة بجميع مكوناتها معارك طاحنة على مدار الساعة، لعبت التغطية النارية والتنظيم في توزيع الجبهات وتنسيق المعركة دوراً فاعلاً في تحقيق نتائج كبيرة تمثلت في تحرير أكثر من 18 موقعاً من بلدات وقرى، بما فيها أكبر قاعدة للنظام في “الفوج 46”.
ورغم أن المعركة لم تكن فجائية، ورغم الاستعدادات الكبيرة والحشود التي أعلن عنها النظام، إلا أن انهيار قوات النظام والميليشيات الإيرانية كان بارزاً في المعركة منذ الساعات الأولى، وتمكنت الفصائل العسكرية من كسر الخطوط الدفاعية الأولى والدخول في العمق وخلق حالة من الفوضى والهزيمة النفسية والعسكرية على الأرض في صفوفهم.
وكانت الفصائل العسكرية في شمال غربي سوريا، يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني، قد أعلنت إطلاق “عملية ردع العدوان”، وقالت إن هذه العملية العسكرية تهدف إلى كسر مخططات العدو عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع ميليشياته.
وقال الناطق باسم الغرفة “حسن عبد الغني”، على منصة إكس، إن الحشود العسكرية للنظام تهدد أمن المناطق المحررة، وواجب الفصائل الدفاع عن المدنيين في وجه هذا الخطر الوشيك الذي يستهدف وجودهم وأمانهم، وأكد أن “الدفاع عن المدنيين في المناطق المحررة ليس خيارًا بل واجب، وهدفهم الثابت هو إعادة المهجرين إلى ديارهم، ولن ندخر جهداً لتحقيق هذا الهدف”، وفق تعبيره.
وتعطي معركة “ردع العدوان” بارقة أمل كبيرة لملايين المدنيين المهجرين في تحرير المناطق المغتصبة والمحتلة من قبل قوات النظام وميليشيات إيران بأرياف حلب وإدلب، لإفساح المجال لعودة أهلها إلى قراهم وبلداتهم. وأعادت المعركة روح الثورة والتحرير، وكانت موضع التفاف واسع إعلامياً ومدنياً حتى المعارضين لها في المناطق المحررة.