
بعد سنوات من الفصل التعسفي.. معلمو سوريا يعودون إلى وظائفهم بعد انتصار الثورة
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً خلال الأيام الماضية مع إعلان الحكومة السورية الجديدة إعادة الآلاف من الموظفين المفصولين تعسفياً في عهد النظام السابق إلى وظائفهم في وزارة التربية، بعد سنوات طويلة من الحرمان نتيجة مواقفهم الداعمة للثورة السورية ورفضهم الاستبداد الذي مارسه نظام بشار الأسد بحق المواطنين.
وأكد وزير التنمية الإدارية، محمد السكاف، في تصريحات إعلامية، أن الوزارة أنهت دراسة الملفات المقدمة من العاملين في قطاع التربية، موضحاً أن عدد الطلبات التي تلقتها الوزارة بلغ 22,644، جرى الانتهاء من معالجة 14,646 منها حتى الآن. كما أشار إلى استمرار التنسيق مع الوزارات الأخرى للنظر في حالات مشابهة لضمان إعادة الحقوق إلى أصحابها وفق جدول زمني منظم وواضح.
كما أصدرت الوزارة بياناً رسمياً مرفقاً بقائمة أسماء الموظفين الذين تمت إعادتهم إلى وظائفهم، وطلبت منهم مراجعة مديريات التربية المختصة لاستكمال الإجراءات الإدارية اللازمة واستلام وظائفهم مجدداً.
عقوبات على خلفية سياسية
بحسب شهادات حصلت عليها فرق ميدانية من معلمين في إدلب وريفها، فإن معظم قرارات الفصل الصادرة بحقهم كانت بسبب مواقفهم الثورية وانحيازهم للشارع السوري المنتفض، في حين طال الفصل آخرين لمجرد الاشتباه بعدم ولائهم للنظام، أو بسبب عدم التحاقهم بأماكن عملهم، نتيجة ظروف الحرب التي فرضت قيوداً شديدة على التنقل والأمان.
ويرى العاملون في الحقل التربوي أن عقوبة الفصل الوظيفي، على قسوتها، كانت أهون من المآلات الأخرى التي واجهها كثير من المعارضين، كالسجن والاعتقال والتغييب القسري، في بلد لم يكن يسمح بأي هامش من المعارضة أو الحياد.
بدائل مؤقتة وسط الأزمات
بعد فصلهم من وظائفهم، اضطر كثير من المعلمين للبحث عن مصادر دخل بديلة، في ظل انهيار البنية الاقتصادية والمعيشية. بعضهم التحق بسلك التعليم في المدارس الحرة التابعة للإدارة المدنية في المناطق المحررة، بينما لجأ آخرون للعمل في منظمات إنسانية أو افتتحوا مشاريع صغيرة لتأمين لقمة العيش، في وقت كانت فيه سبل الحياة تضيق يوماً بعد آخر.
نزوح وفقدان
ازدادت معاناة المعلمين المفصولين خلال فترات النزوح القسري التي شهدتها مختلف المحافظات السورية، لا سيما بعد فقدانهم منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم، ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة في تأمين سكن بديل، وتغطية مستلزمات الحياة اليومية وسط غياب الاستقرار والأمان.
عودة مستحقة بعد انتصار الشعب
وبعد مضي أكثر من 14 عاماً على انطلاق الثورة السورية، ومع سقوط نظام بشار الأسد وفراره مع عائلته إلى موسكو، بدأت ملامح العدالة تعود إلى الواجهة. وعملت الحكومة السورية الجديدة على إعادة تنظيم شؤون الدولة، ومن أبرز الخطوات التي اتخذتها مؤخراً، إعادة المعلمين المفصولين إلى وظائفهم، وفتح الباب أمامهم للعودة إلى ميادينهم التربوية، مرفوعي الرأس، بعدما كان النظام السابق قد أقصاهم ظلماً.
ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها واحدة من بوادر الإنصاف وإرساء قيم العدالة الانتقالية، التي تسعى الحكومة الجديدة إلى ترسيخها، كجزء من مشروع وطني يسعى لإعادة الاعتبار لكل من تضرر بسبب مواقفه في سبيل الحرية والكرامة.