
المرضى المزمنون من نازحي البدو: فقدان الوثائق الطبية وانقطاع عن الأدوية
اضطرت عشرات العائلات البدوية إلى مغادرة منازلها في ريف السويداء مؤخراً إثر الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة جراء الاقتتال العسكري والنزاع المسلح، الذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وتسبب في ممارسات إجرامية نفذتها مجموعات خارجة عن القانون، تمثلت في حرق المنازل وسلب الممتلكات وغيرها من الانتهاكات الصارخة.
في تلك اللحظات القاسية المرعبة، حيث كانت كل ثانية حاسمة لإنقاذ الأرواح من الموت، غادر أبناء العشائر منازلهم فجأة دون تخطيط مسبق أو ترتيب للنزوح، فلم يتسنَ لهم الوقت لأخذ متعلقاتهم المهمة، سواء ذات القيمة المادية أو المعنوية.
من بين المغادرين أشخاص يعانون أمراضاً مزمنة كالسكري والضغط والقلب ومشاكل بالغدة، وغيرها من المشاكل صحية، تركوا خلفهم صوراً وتحاليل طبية تشخص حالاتهم وسجلات للتاريخ المرضي، إلى جانب وصفات الأدوية وإرشادات الأطباء الذين كانوا يتابعونهم للعلاج. هذا الأمر تسبب في مشكلات لهم وللمراكز الطبية التي قصدوها لاحقاً لتلقي العلاج.
بحسب نازحين تحدثنا إليهم، فإنهم لا يعرفون أسماء الأدوية التي كانوا يتناولونها، ويجدون صعوبة في وصف حالاتهم الطبية بدقة للأطباء لاستكمال علاجهم. سابقًا، كانوا يحتفظون بوثائق طبية يقدمونها للطبيب أو المشفى في كل زيارة، لكنها باتت الآن غير متاحة.
اضطر العديد من المرضى، بسبب الظروف القاسية التي مروا بها من خوف وهروب وفقدان أفراد من العائلة والأصدقاء، إلى جانب انعدام الاستقرار الذي عاشوه مؤخراً، إلى التوقف عن متابعة أدويتهم الضرورية، كمرضى القلب والغدة وغيرهم من أصحاب الأمراض التي تتطلب علاج على مدى طويل، وتحتاج زيارات دورية للمشافي والمراكز الطبية.
أكد أطباء أن هذا الوضع يشكل كارثة بحد ذاتها لتأثيره السلبي على صحة المرضى، مشددين على ضرورة زيارتهم للمستشفى في أقرب فرصة لإجراء تقييم طبي وصرف علاج مناسب، ليتمكنوا من متابعة حالتهم الصحية واتباع الإرشادات الطبية المتعلقة بالأدوية والتغذية وغيرها.
إلى جانب ما سبق، يعاني نازحون من إعاقات جسدية وعقلية وأمراض مثل التوحد، دون امتلاكهم وثائق تثبت حالاتهم الصحية. كما يوجد عشرات الجرحى، بعضهم مصاب بجروح حربية، وآخرون أصيبوا أثناء الهروب ومحاولتهم إنقاذ وإجلاء عوائلهم من المناطق التي تعرضت لهجوم من المجموعات المسلحة وكانت بوضع الخطر، وجميعهم بحاجة ماسة إلى العلاج والرعاية والمتابعة الطبية.
وأكد مراقبون أن الوضع الحالي يتطلب تضافر جهود الأطباء والمؤسسات الصحية في المنطقة للتعاون في تقديم الرعاية الطبية والصحية للنازحين البدو، لاسيما أصحاب الأمراض المزمنة والحالات التي تتطلب علاجاً طويل الأمد، إذ إن الأزمة القاسية التي يعانون منها تستوجب تدخلاً عاجلاً.