العائلات في مواجهة الشتاء: تحديات تأمين الملابس الدافئة للأبناء وسط أزمات اقتصادية مستمرة
كلما اقترب فصل الشتاء، ازدادت معاناة آلاف العائلات السورية، ولا سيما التي تعيش تحت خط الفقر وتعجز عن تأمين المستلزمات الأساسية لحماية أطفالها من البرد، بما في ذلك مواد التدفئة وغيرها من الاحتياجات الضرورية.
ومن بين المستلزمات التي بات من الصعب على آلاف الأسر تأمينها، شراء الملابس الشتوية لأطفالها لحمايتهم من البرد عند خروجهم من المنزل وذهابهم إلى المدرسة. ويصبح الأمر أصعب كلما ازداد عدد أفراد الأسرة، حيث تتضاعف النفقات المترتبة على هذه الاحتياجات بما يفوق قدرتهم المعيشية.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعيش نحو تسعة من كل عشرة سكان في سوريا تحت خط الفقر، فيما يعاني واحد من كل أربعة أشخاص من البطالة. ورغم هذه المؤشرات الصعبة، ويرى البرنامج أن الاقتصاد السوري قد يتمكن من استعادة مستواه الذي كان عليه قبل الحرب خلال عقد من الزمان في ظلّ نمو قوي.
وساهم ارتفاع أسعار الملابس عن العام الماضي بتفاقم هذه الظروف، فوفقاً لجولة ميدانية في أسواق دمشق، لاسيما في منطقة الصالحية بوسط العاصمة، تراوحت أسعار "الكنزات" الشتوية بين 200 و250 ألف ليرة سورية، فيما بلغ متوسط سعر البنطال النسائي 200 ألف ليرة، مع وجود أصناف مستوردة تصل إلى 300 ألف ليرة، في زيادة تُقدّر بنحو 30–40% مقارنة بالعام الماضي.
في ظل ارتفاع تكلفة الثياب الشتوية والاحتياجات الأساسية، اضطرت العديد من الأمهات للبحث عن بدائل أقل كلفة تتناسب مع الأوضاع المعيشية الصعبة. تقول عبير المحمد، إحدى النساء اللواتي التقينا بهن، إن لديها أربعة أبناء يحتاجون ألبسة شتوية، لكنها لم تستطع تأمينها.
أضافت أنها أعطت ملابس أبنائها القديمة للإخوة الأصغر سناً كحل بديل، وأحضرت للبقية ملابس من البالة لعدم قدرتها على شراء قطع جديدة، مشيرة إلى أن زوجها يعمل موظف حكومي وراتبه لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، وهي لا تعمل.
وتعتبر "البالة"، خياراً أقل تكلفة من الملابس الجديدة، إلا أنها لا تتاح للعائلات ذات الدخل المحدود أو شبه المعدوم. في هذا السياق، تسرد رجاء العلي: "أنا أرملة وأعمل مستخدمة في مدرسة، حتى البالة لا أستطيع شراء الملابس منها، لذلك أخذ الألبسة المستعملة من أقاربي وجيراني عندما يتوقفون عن استخدامها".
وتخاف الأسر على أبنائها من التداعيات الصحية للبرد على أبنائها، فبحسب مصادر طبية، يؤدي التعرض المستمر للبرد القارس إلى مشاكل صحية مباشرة، خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن، مثل التهابات الجهاز التنفسي ونزلات البرد الحادة.
ومع استمرار تراجع القدرة الشرائية وغياب حلول اقتصادية ناجعة، تبقى الألبسة الشتوية هذا العام عنواناً لأزمة تتقاطع فيها معاناة المواطن مع ضغوط الأسواق، ضمن مشهد اقتصادي يرجح أن يستمر تأثيره طوال الموسم.