الأمم المتحدة تبدي قلقها من أحداث حمص وتدعو لعودة الهدوء وحماية المدنيين
أعربت نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، عن قلقها الشديد إزاء التطورات الأمنية المتسارعة التي تشهدها مدينة حمص، مؤكدة أنها تتابع بشكل مباشر التقارير الواردة حول الهجمات التي استهدفت مدنيين وممتلكاتهم خلال الساعات الماضية.
وقالت رشدي في بيان مقتضب، اليوم الأحد، إن الوضع الراهن "يتطلب عودة فورية للهدوء"، وتوفير أقصى درجات الحماية للمدنيين، وضمان احترام سيادة القانون، إضافة إلى محاسبة المسؤولين عن أعمال العنف.
كما لفتت إلى أنها تتابع الجهود التي تبذلها السلطات السورية لـ احتواء الأزمة وإعادة الاستقرار، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة تحول دون تصاعد التوتر وتحمي السكان من أي مخاطر إضافية.
الداخلية: جريمة زيدل جنائية والعبارات المكتوبة هدفها التضليل
ذكرت وزارة الداخلية في الحكومة السورية أن التحقيقات الأولية تشير إلى أنّ الجريمة جنائية ولا تحمل أي طابع طائفي، خلافاً لما جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية، "نور الدين البابا"، أنه لا يوجد حتى الآن أي دليل مادي يشير إلى وجود خلفيات طائفية للجريمة، مؤكداً أن العبارات التي كُتبت في موقع الحادث جاءت بقصد التضليل وإثارة الفتنة وصرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي.
وأضاف أن المعطيات المتوافرة لدى التحقيق الجنائي تدعم فرضية الجريمة الجنائية، في حين يجري التعامل مع كل الاحتمالات بجدية وحياد لكشف كامل الملابسات.
وأشار إلى أن قوى الأمن الداخلي في حمص، وبالتعاون مع الجيش العربي السوري والشرطة العسكرية، سارعت إلى اتخاذ إجراءات ميدانية عاجلة شملت الانتشار المكثف، إقامة الحواجز، وتسيير الدوريات داخل الأحياء، وهو ما ساهم في ضبط الوضع ومنع تفاقم الأحداث.
كما ثمّن الدور الذي لعبه أهالي المنطقة ووجهاؤها في تهدئة النفوس وتعزيز السلم الأهلي، مؤكداً أنّ هذا التعاون كان له أثر مباشر في احتواء التوتر.
ولفت المتحدث إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من توقيف عدد من الأشخاص الذين حاولوا استغلال الحالة العامة للقيام بأعمال تخريب وتحطيم للممتلكات، مشدداً على أن الداخلية تتعامل بحزم مع أي محاولات للإخلال بالأمن.
وأكد أن الأمن مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، وأن وعي المواطنين في حمص شكل عاملاً مهماً في منع الانجراف نحو الفتنة.
وحذّر من موجة الأخبار الكاذبة والمفبركة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، موضحاً أن بعض الجهات تعمل على استغلال الحادثة لبث روايات مضللة بهدف زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي. ودعا المواطنين إلى اعتماد المصادر الوطنية الرسمية والابتعاد عن المعلومات غير الموثوقة التي تهدف إلى إثارة الفوضى.
وفي ختام تصريحه، أكد المتحدث باسم الداخلية أن المباحث الجنائية في حمص تواصل جهودها لكشف الحقيقة وتقديم الجناة إلى العدالة، مشيراً إلى أن الإعلام الوطني والوعي الشعبي يشكلان خط دفاع أساسياً في مواجهة محاولات التحريض.
وأوضحت مديرية صحة حمص أن مشافي المدينة استقبلت جثتي شخصين هما عبد الله العبود الناصر الخالدي وزوجته، اللذين قضيا نتيجة جريمة قتل في حي زيدل جنوب حمص كما تم تسجيل ثماني عشرة إصابة معظمها ناجمة عن إطلاق نار عشوائي، إلى جانب بعض الإصابات الناتجة عن حوادث مرورية.
وأكدت المديرية أن أغلب الحالات مستقرة باستثناء حالة واحدة حرجة، مشيرة إلى أنه سيتم تخريج العدد الأكبر من المصابين بعد استكمال الرعاية الطبية اللازمة، مع استمرار الكوادر الصحية في عملها بكامل الجاهزية.
خلفية التوتر: جريمة هزت المنطقة
وكانت بلدة زيدل قد شهدت صباح الأحد جريمة قتل راح ضحيتها رجل وزوجته داخل منزلهما، حيث وُجدت الزوجة محروقة، بينما ظهرت في المكان عبارات ذات طابع طائفي، ما أثار مخاوف من استغلال الجريمة لإشعال فتنة في المنطقة.
وقال قائد الأمن الداخلي في حمص، العميد مرهف النعسان، إن الجهات المختصة سارعت إلى تطويق موقع الجريمة وفتح تحقيق موسّع لتحديد الفاعلين، مؤكداً اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية السكان وتعزيز الاستقرار.
اعتداء على حي المهاجرين
وعقب انتشار خبر الجريمة، شهد حي المهاجرين في مدينة حمص توتراً بعدما نفذت مجموعة من عشائر بني خالد هجوماً مسلحاً على المنطقة، حيث أطلق المهاجمون النار بشكل عشوائي، واقتحموا عدداً من المنازل واعتدوا على ممتلكات تجارية، ما تسبب بحالة من الذعر بين الأهالي، وتدخلت قوات الأمن الداخلي والجيش السوري لاحتواء الموقف وتهدئة الوضع، بالتزامن مع توسيع نطاق الحظر والإجراءات الأمنية.
عشيرة بني خالد تدين جريمة زيدل وتدعو لضبط النفس ودعم التحقيقات
وكان أدان أبناء عشيرة بني خالد في منطقة القصير بريف حمص، بأشدّ العبارات، الجريمة البشعة التي وقعت في بلدة زيدل وراح ضحيتها رجل وزوجته، مؤكدين رفضهم المطلق لما رافقها من عبارات طائفية وصفوها بأنها “مرفوضة وشنيعة” ولا تمتّ إلى القيم أو الأخلاق أو الانتماء الوطني بأي صلة.
وجاء في بيان العشيرة اليوم أن “كل أشكال التحريض والفتنة والطائفية مرفوضة رفضاً قاطعاً، وأن الأفعال الإجرامية التي ظهرت في هذه الحادثة تستهدف السلم الأهلي ووحدة المجتمع، ولا تخدم إلا أعداء الاستقرار”.
وأكد أبناء العشيرة دعمهم الكامل للأجهزة الأمنية والجهات المختصة في متابعة التحقيقات، مشددين على ضرورة القبض على الفاعلين ومن يقف وراءهم وتقديمهم للقضاء العادل.
ودعا البيان جميع أهالي حمص إلى التحلي بالحكمة وضبط النفس، والالتفاف حول قيم الأخوة والعيش المشترك، وعدم الانجرار وراء محاولات استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتن والانقسام بين أبناء الوطن الواحد.
ويأتي ذلك فيما شهدت الأحياء الجنوبية من مدينة حمص انتشاراً أمنياً واسعاً مع بدء تطبيق حظر تجول وذلك في إطار الجهود الرامية إلى تهدئة الأوضاع ومنع أي استغلال للجريمة لإثارة الاضطرابات كما عقدت محافظة حمص اجتماعاً طارئاً لبحث المستجدات ووضع إجراءات إضافية لضمان الاستقرار ومنع أي مظاهر للفوضى.