السرقة عند الأطفال... سلوك يثير القلق ولا يُعالج بالعقاب
السرقة عند الأطفال... سلوك يثير القلق ولا يُعالج بالعقاب
● أخبار سورية ١٥ ديسمبر ٢٠٢٥

السرقة عند الأطفال... سلوك يثير القلق ولا يُعالج بالعقاب

يفاجأ كثير من الأهل عندما يكتشفون أن طفلهم أقدم على أخذ شيء لا يملكه، سواء من المدرسة أو المنزل، ما يثير لديهم مشاعر القلق والارتباك، ويولد مخاوف من أن يتحول هذا التصرف إلى عادة سلوكية تهدد مستقبل الطفل. ومع أن "السرقة" تبقى فعلًا مرفوضًا اجتماعيًا، إلا أن التسرع في الحكم عليها دون فهم دوافع الطفل قد يؤدي إلى نتائج عكسية أكثر ضررًا.

متى تكون السرقة سلوكًا عابرًا؟
يرى مختصون في علم النفس التربوي أن السرقة لدى الأطفال، لا سيما في المراحل العمرية المبكرة، لا تعبّر بالضرورة عن انحراف سلوكي، بل قد تكون نتاجًا لعدم نضوج المفاهيم الأخلاقية، خاصة فيما يتعلق بفهم فكرة "الملكية". وفي حالات أخرى، قد يكون السلوك ناتجًا عن شعور بالحرمان المادي أو العاطفي، أو نتيجة لتقليد من حوله أو ضعف التوجيه داخل الأسرة.

أثر اجتماعي طويل الأمد
غالبًا ما تكون تداعيات السلوك أكبر من الفعل نفسه، إذ يعاني الطفل من الإحراج والشعور بالذنب، خصوصًا إذا كُشف أمره أمام الآخرين. ويؤكد خبراء أن رد فعل البيئة المحيطة قد يكون قاسيًا، إذ يتعرض الطفل أحيانًا للتنمر والنبذ ووصمه بألقاب مثل "اللص" أو "الحرامي"، وهي تسميات قد تلتصق به لسنوات وتؤثر على صورته الذاتية وثقته بنفسه.

وفي هذا السياق، تروي سماح الأسود، والدة أحد الأطفال، حادثة حصلت مع ابنها في الصف الثاني الابتدائي، عندما أُعجب بعلبة ألوان يمتلكها زميله، فقام بأخذها بعد أن رفضت والدته شراء واحدة مماثلة له. تقول: "عندما اكتشفت المعلمة الأمر، أخبرتنا، ومنذ ذلك الحين أصبح يُنعت بـ'الحرامي'، حتى بعد سنوات من الواقعة، ما أثر على علاقاته في المدرسة والحي".

علاج تربوي لا عقوبة
توصي الدراسات النفسية التربوية بالتعامل الهادئ مع هذه المواقف، بعيدًا عن التوبيخ العنيف أو العقوبات المهينة. ويُعد الحوار مع الطفل مدخلًا أساسيًا لفهم دوافعه، مع تقديم شرح مبسّط لتبعات سلوكه، وبيان الفرق بين ما يجوز له امتلاكه وما لا يجوز.

ويُشدد المختصون على ضرورة تعزيز القيم الأخلاقية بطريقة إيجابية، من خلال نماذج عملية، والقصص الواقعية، والمكافآت الرمزية التي تشجّع على السلوك السليم، دون إشعار الطفل بأنه "سيئ" أو "خاطئ"، بل أنه بحاجة للتصحيح والدعم.

الوقاية تبدأ من البيت
تشير توصيات تربوية إلى أن أهم خطوات الوقاية تبدأ من داخل الأسرة، من خلال بناء بيئة آمنة تُشبع حاجات الطفل العاطفية وتغنيه عن التصرّف الخاطئ، بالإضافة إلى التوجيه المستمر والتأكيد على مفاهيم مثل الأمانة والاحترام والمشاركة.

خلاصة: فرصة تربوية وليست كارثة
في المحصلة، تعتبر السرقة لدى الأطفال جرس إنذار تربوي، وليست "كارثة أخلاقية". وبالتحلّي بالوعي والصبر، يمكن للأسرة أن تحول هذا السلوك إلى فرصة لبناء قيم راسخة لدى الطفل، تعزز من نموه السليم وتشكّل درعًا أخلاقيًا يحميه في مستقبله.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ