
التحالف الروسي الإيراني في سوريا ... تحالف الإخوة الأعداء
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أكدت فيه أنّ طبيعة العلاقات الروسية الإيرانية في سوريا هي تحالف الإخوة الأعداء؛ لتحقيق كل طرف منهما مصالحه الاستراتيجية.
وجاء في تقريرٍ أعده أليكس باركر وكاثرين هيل، ونشرته الصحيفة مؤخرا أنّ منظر التعاون المدهش في العمليات الروسية الإيرانية في سوريا يبدو وكأن الدولتين تجاوزتا ما كان بينهما من شك وعدم ثقة قبل قرن من الزمان.
بَيْدَ أنّ اختلاف المصالح بين الدولتين يجعل العلاقة بينهما في سوريا تحالفًا مؤقتًا، وتنقل الصحيفة في هذا الصدد عن الخبير في المعهد الملكي للشؤون الخارجية "تشاتام هاوس" كريستوفر فيليبس، وصفه كل من إيران وروسيا "بالأصدقاء الأعداء" في سوريا، يقاتلان جنبًا إلى جنب لتحقيق أهداف قصيرة الأمد، وكل له أهداف طويلة الأمد مختلفة.
ويضيف "فيليبس" أنّ العلاقة بين طهران وموسكو على المدى البعيد سوف تتوتر؛ لأن إيران ترى أنّ "سوريا أصبحت مقاطعتها، واستثمروا كثيرًا فيها، والآن جاءت سمكة كبيرة لتنافسهم".
ويكشف التقرير أنّ النزاع حول الميليشيات التي رعتها ونظمتها الحكومة الإيرانية، وهي قوات الدفاع الشعبي الموالية لنظام الأسد، يعد واحدًا من نذر التوترات المحتملة.
وتورد الصحيفة أنه بحسب دبلوماسيين روس وفي منطقة الشرق الأوسط، فقد ناقشت موسكو فكرة دمج ميليشيات الدفاع الشعبي مع قوات الأسد، وهي المؤسسة العسكرية التي تقيم علاقات تقليدية مع الروس، وهو ما يشير إلى صراع أوسع مع طهران، التي ترى في الميليشيات، التي أنشئت قبل ثلاث سنوات، بدعم من قوات الحرس الثوري الإيرانية وحزب الله اللبناني، إحدى طرق التأثير على البلد الذي مزقته الحرب.
ويفيد التقرير بأنّ هناك ثمة خلافات أخرى، ومنها المصالح السياسية والجغرافية، فروسيا ترتبط بشكل كبير مع النخبة العلمانية للنظام، خاصة المؤسسة العسكرية. وتدير مصالحها من الساحل الغربي للبلاد، أي من قاعدة طرطوس البحرية، وعبر مناطق العلويين واللاذقية، التي تنطلق منها الطائرات الروسية. أما إيران فتتركز مصالحها في الجنوب، خاصة الممر الذي تزود من خلاله حزب الله بالسلاح ولا تهتم بمؤسسات الدولة، قدر اهتمامها بتطوير ميليشيات الدفاع الشعبي.
وبحسب التقرير فإنّ الخلافات بين البلدين بدأت تطفو على السطح، لاسيَّما تباين مواقف روسيا وإيران من الأسد؛ حيث قال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري: إنّ التدخل العسكري الروسي في سوريا يهدف إلى خدمة أغراض موسكو، "وقد لا تهتم موسكو ببقاء الأسد، كما نهتم نحن".
وفي هذا السياق أشار نائب وزير الخارجية الروسي، ديمتري روغزين، إلى وجود خلاف بين الدولتين، داعيًا إلى بذل جهود كبيرة من أجل بناء علاقات مع إيران، فقال في حديث تلفزيوني: "لا تستطيع القول بالضبط إن القوى السياسية كلها في إيران توافق على فكرة تحول روسيا إلى شريك استراتيجي؛ وعليه فإن علينا القيام بعمل جدي فيما يتعلق بهذا".
ويشير التقرير، إلى أنّ موسكو تعي أن إيران تسير نحو طريق في علاقات طويلة الأمد باتجاه الغرب، وأصبح هذا أمرًا مثيرًا لقلق روسيا، بعد توقيع الاتفاق النووي هذا العام.
وتنقل الصحيفة في ختام تقريرها عن المحلل الروسي "كوزانوف" قوله: "قد تنحرف الدولتان عن بعضهما البعض في المستقبل، وفي الوقت الحالي تظل سوريا هي الصنارة التي تربطهما معًا"؛ لذلك لن تقوم روسيا باتخاذ خطوات تؤثر على تحالفها مع إيران في المدى القريب، ولكن ستظل علاقات البلدين في سوريا هي "الأصدقاء الأعداء".