
وفد حكومي سوري يزور مخيم "الهول" برفقة التحالف الدولي لبحث ملف عودة النازحين إلى مناطقهم
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" على شمال وشرق سوريا، زار وفد رسمي من الحكومة السورية مخيم "الهول" الواقع شرقي محافظة الحسكة، برفقة ممثلين عن التحالف الدولي، لبحث أوضاع النازحين السوريين وآليات تنظيم عودتهم الطوعية إلى مناطقهم الأصلية.
وأكد مصدر مطّلع من الإدارة الذاتية، أن الوفد الحكومي ضم ممثلين عن وزارتي الداخلية والخارجية، إلى جانب مسؤولين من جهازي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. كما شارك في الاجتماع مسؤولون من الإدارة الذاتية ومندوبون عن التحالف الدولي، ضمن اجتماع عُقد داخل المخيم، وركّز على وضع خطة مرحلية لتفريغ المخيم من النازحين السوريين بشكل "آمن وطوعي"، مع الاتفاق على عقد لقاءات لاحقة لمتابعة الملف.
وتُعد الزيارة خطوة عملية في سياق الاتفاق السياسي والأمني الموقّع في آذار/مارس الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، والذي نصّ على دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لـ"قسد" ضمن مؤسسات الدولة، وتسليم الحقول النفطية والمعابر ومراكز الاحتجاز لدمشق، في تمهيد لعودة تدريجية للنفوذ الحكومي في المنطقة.
وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت بداية العام الحالي السماح بعودة اللاجئين السوريين من مخيم "الهول" إلى مناطقهم الأصلية بشروط محددة، مؤكدة أن سقوط النظام السابق أزال المخاوف الأمنية لدى السكان، مع استعدادها لتقديم التسهيلات اللازمة.
"الهول".. ملف مفتوح ومعقّد
يضمّ مخيم "الهول" حالياً نحو 43 ألف شخص، بينهم أكثر من 16 ألف نازح سوري، ونحو 13 ألف لاجئ عراقي، وما يزيد عن 6 آلاف من النساء والأطفال الأجانب، معظمهم من عائلات مقاتلي تنظيم "داعش". ورغم انخفاض عدد قاطنيه من 73 ألفاً عام 2019، إلا أنه لا يزال يُصنَّف من قبل الأمم المتحدة على أنه "منطقة شديدة الخطورة" و"قنبلة موقوتة".
مطلع أيار/مايو الجاري، نفّذت "قسد" حملة أمنية داخل المخيم أسفرت عن اعتقال 20 شخصاً، وتفكيك 15 خلية نائمة، إضافة إلى مصادرة أسلحة وعبوات ناسفة، فيما حذّرت تقارير حقوقية من تفشي الفكر المتطرف بين النساء والأطفال، في ظل بطء الاستجابة الدولية لدعوات إعادة الرعايا وتأهيلهم.
ضغوط أمريكية ومصير معلّق
تأتي زيارة الوفد الحكومي السوري بعد لقاء الرئيس أحمد الشرع بنظيره الأمريكي دونالد ترامب في الرياض الأسبوع الماضي، حيث أكّد الأخير ضرورة أن تتحمل دمشق مسؤولية الإشراف على 26 مركز احتجاز تضم أكثر من 12 ألف مقاتل أجنبي من تنظيم "داعش"، موزّعة في شمال شرق سوريا.
في المقابل، تواصل الحكومة العراقية تنفيذ خطط إعادة عائلاتها، حيث استقبلت ثماني دفعات منذ بداية العام، في حين ما يزال مصير آلاف الأجانب من جنسيات أوروبية وآسيوية معلقاً، في ظل غياب تنسيق دولي فعّال لحسم مصير هذا الملف الشائك.
آفاق المرحلة القادمة
يشكّل هذا التحرك السوري خطوة باتجاه تطبيع تدريجي في العلاقة مع شمال وشرق البلاد، وسط تعقيدات محلية ودولية تحيط بملف المخيمات، إذ يبدو أن مصير "الهول" وأمثاله بات مرتبطًا بمفاوضات أوسع، تشمل ملفات الإرهاب، والإعمار، والسيادة، وعودة النازحين، وسط ضغوط دولية متزايدة لتفكيك المخيمات وتسوية أوضاع قاطنيها.
وكان ناقش الرئيس السوري أحمد الشرع، مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في مدينة إسطنبول، مستقبل العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، حيث جرى التأكيد على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل يضمن عودة سلطة الدولة السورية على كامل الأراضي، مع بحث آليات دمج هذه القوات في مؤسسات الدولة وفق رؤية وطنية تضمن وحدة القرار والسيادة.