اعتقالات ورواية متعالية.. "الهيئة" ترد على فضيحة أرباحها الفاحشة من احتكار الاتصالات بإدلب
اعتقلت "هيئة تحرير الشام" عدداً من الأشخاص العاملين في قطاع الاتصالات بريف محافظة إدلب، وجاء ذلك عقب سجال متواصل بين "المؤسسة العامة للاتصالات" التابعة لـ"الإنقاذ" وبين مزودي الخدمة أدى إلى فضح حجم الأرباح المالية الطائلة التي تحصل عليها "اتصالات الإنقاذ".
وفي التفاصيل شنت "إدارة الأمن العام" التابعة لـ"حكومة الإنقاذ السورية" المظلة المدنية لـ"هيئة تحرير الشام" حملة اعتقالات طالت عدد من العاملين في مجال الاتصالات وتزويد خدمة الإنترنت، عقب اقتحام مكتبهم وسط مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي.
ويأتي ذلك في وقت تغيب عنه الاتصالات عن مناطق واسعة من محافظة إدلب وريف حلب الغربي، منذ مساء أمس، حيث تم قطع الخط الضوئي لمعظم الشركات المعنية بتوزيع الخدمة، ما كبد السكان خسائر كبيرة دون معلومات عن فترة القطع أو وجود بوادر لحل الخلافات بين المؤسسة التي تحتكر القطاع وبين الشركات المزودة لخدمات الإنترنت.
وأكدت شركات الاتصالات في عدة بيانات منفصلة تعرضها للابتزاز والضغوط من قبل مؤسسة الاتصالات، التي رفضت رفع أسعار شراء الميغابيت، علما بأنها تشتري الإنترنت بسعر 0.62 دولار لكل ميغابايت وتقوم ببيعه للشركات المحلية بسعر 2.25 دولار في وقت يصل للمستخدم بسعر 5 دولار أمريكي.
وأكدت أن هامش الربح تحتفظ به "اتصالات الإنقاذ"، على حساب المواطن والشركات التركية الموردة، ورداً على شركات الاتصالات التي نشرت عدة بيانات ووثائق توضح حجم أرباح المؤسسة العامة للاتصالات، أصدرت حكومة الإنقاذ روايتها التي وصفت بأنها متعالية ولا تهدف إلى حل الخلاف والتنازل عن بعض أرباحها الفاحشة.
وصرح المؤسسة العامة للاتصالات "حسين المصري" أن "في ظل الوضع الراهن الذي تشهده المنطقة مؤخرا، أراد بعض ضعيفي النفوس من أصحاب الشركات الموردة لخدمة الإنترنت للمحرر استغلال الفرصة للضغط على شبكات الإنترنت العاملة في المحرر وتهديدهم بقطع الخدمة محاولة منهم لرفع السعر على الأهالي لتحقيق أرباح شخصية فاحشة"، وفق نص التصريح.
ونقلت وكالة أنباء الشام التابعة لحكومة "الإنقاذ"، عن "المصري" قوله "منذ اللحظة الأولى استنفرت المؤسسة العامة للاتصالات بكافة كوادرها لاحتواء المشكلة على كافة الأصعدة، وإيجاد البدائل المناسبة حتى تعود خدمة إنترنت مستقرة ومستدامة كما يستحقها أهلنا في المحرر وبما يليق بثورتنا؛ ثورة العزة والكرامة"، على حد قوله.
في حين قالت مصادر متطابقة بأن الخلاف الذي حصل بين الشركة الموردة في تركيا والمؤسسة العامة للإتصالات بأنه يتم بيع الإنترنت من تركيا بتكلفة بسيطة ليتم التخفيف عن الشمال السوري وليس لوضع الأرباح الطائلة ما أدى تعمق الحلافات وانقطاع الخدمة عن مناطق واسعة شمال غربي سوريا.
ورأى ناشطون بأنه مع تجاهل رواية الإنقاذ وكذلك رواية الشركات الموردة لخدمة الإنترنت، فإنه المؤسسة العامة للاتصالات تعرضت لفضيحة كبيرة ما يؤكد أنها عبارة عن شركة حكرية هدفها تحقيق وجمع الأموال لصالح "هيئة تحرير الشام" على حساب المواطن.
فيما تزعم المؤسسة أنها تلعب دور الوسيط، علاوة على فشلها الذريع في حل معضلة تمس كافة السكان بطريقة مناسبة بعيدا عن الترهيب والاعتقال ونشر بيانات رسمية معيبة من شأنها أن تفسر على مدى استغباء سلطات الأمر الواقع للسكان الذين يعانون الأمرين في ظل تكاليف المعيشة الباهظة.
وبالإضافة إلى تعرية المؤسسة العامة للاتصالات وفشل تأمين بديل للسكان، ترافقت هذه الخلافات التي أدت إلى أزمة الإنترنت التي تشهدها إدلب وريف حلب الغربي، فشل على مستوى شركات الاتصالات التي روجت لها "الإنقاذ" حيث غابت تغطية شركة "سيريا فون - Syria Phone"، التي سبق أن كشفت "شام" في تقرير لها العام الماضي عن إطلاقها بمشغل صيني.
هذا وتشرف "المؤسسة العامة للاتصالات" في حكومة الإنقاذ السورية على الشركة بشكل مباشر، وتتزايد المخاوف المتعلقة باحتكار القطاع لتصل إلى إمكانية مراقبة المواطنين من خلال هواتفهم النقالة من خلال استخدامهم للشركة الجديدة، التي تتخذ من مبنى سابق للمصرف التجاري مقراً لها بعد ترميمه من قبل شركة إنشاءات تابعة لـ "تحرير الشام".
ومنذ سنوات تواتر الحديث عبر قالت مصادر مقربة من "هيئة تحرير الشام" في إدلب، قولها إن قيادة هيئة تحرير الشام وعبر أذرعها المدنية، تعمل على إعداد شبكة اتصالات لتخديم الإنترنت في الشمال المحرر، لتكون هي الجهة الوحيدة التي تمد المنطقة بتلك الخدمة وتتحكم فيها.
ولفتت المصادر إلى أن خطوات عديدة اتخذتها الهيئة في الصدد، من خلال السيطرة على أبرز الإتصالات الرئيسية في الشمال المحرر وتفكيك أجهزتها وبطارياتها، إضافة للضغط على الموردين الرئيسيين لخدمة الأنترنت القادمة من تركيا.
ومرت خدمة الاتصالات في مناطق شمال غربي سوريا بعدة مراحل مفصلية وشهدت قفزات نوعية من حيث الجودة وباتت تتمتع مناطق واسعة بالاتصالات وسط انتشار شبكات "WIFI"، والخطوط التركية وغيرها إلا أن ذلك لم يمنع تغلغل حالات الاحتكار وسوء إدارة القطاع في مناطق إدلب وأرياف حلب الشرقي والشمالي، مع وجود عوائق تقنية ومادية يصعب على شرائح عدة على تجاوزها.
وكانت عملت شركة "سيريا كونيكت" التابعة لهيئة الاتصال في حكومة الإنقاذ على احتكار سوق الإنترنت، من خلال سعيها لوضع جميع الشبكات المحلية ضمن شركتها، وذلك بعد إبلاغ أصحاب شبكات الإنترنت المحلية التي لا تخضع لها بعدم تشغيل شبكاتهم وفصل أبراج الإنترنت وفرض مخالفات مالية.
وسبق أنّ نشرت وكالة أنباء الشام الداعمة لما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ السورية"، الذراع المدني لـ "هيئة تحرير الشام"، إعلاناً رسمياً صادر عن "الإنقاذ"، في 2020 يعلن عن موعد تقديم ما وصفتها بأنها "دراسات وعروض" لتشغيل خدمة 4G في الشمال المحرر، حسبما ورد في الإعلان.
وتواصل "هيئة تحرير الشام"، وبحكم كونها سلطة الأمر الواقع في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، مساعي التسلط والاستحواذ التي لم تخفها طيلة الفترات الماضية بدءا من السيطرة العسكرية مروراً بالإدارة المحلية وليس انتهاءاً في الموارد المالية الاقتصادية مثل المعابر والمشاريع الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن شبكة "شام" الإخبارية استعرضت في تقرير سابق لها مساعي الهيئة للسيطرة على قطاع الإنترنت والاتصالات والذي تعتبره مورداً مالياً كبيراً، ليستمر مسلسل احتكار أمراء الحرب لكل شيء يجلب المال دون النظر للعوائق أو الصعوبات التي ستلحق بالمدنيين أو العاملين في المجال الذي سيتم احتكاره، الأمر الذي يتكرر في شمال وشرق حلب حيث تتحكم فصائل بعمل ونشاط الشبكات وترفع أسعار الخدمة على المواطنين.