استغلال الأزمات: عندما تتحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للترويج
استغلال الأزمات: عندما تتحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للترويج
● أخبار سورية ٥ أغسطس ٢٠٢٥

استغلال الأزمات: عندما تتحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للترويج

في أوقات الأزمات، قد تتحول المساعدات الإنسانية إلى أداة للترويج الشخصي، حيث تتنافس بعض الشخصيات والجهات على الأضواء الإعلامية. تُختزل الجهود الخيرية أحياناً في صور متكلفة أمام الكاميرات ومنشورات مدروسة على وسائل التواصل الاجتماعي. يستغل البعض الكوارث لتصوير أنفسهم كـ"منقذين"، ساعين لكسب الشهرة وجمع التعليقات والإعجابات، متاجرين بآلام ومعاناة أهلهم.

ليبرز الفرق الواضح بين من يعمل بصمت لتقديم دعم حقيقي، وبين من يلهث وراء الظهور، تفضحه تصنّعاته أمام العدسات. هكذا تتعمق أزمة الثقة في المبادرات الإنسانية، ويُحوَّل التضامن من قيمة نبيلة إلى سلعة رخيصة في سوق الشهرة، حيث تُقاس القيمة بعدد المشاهدات لا بمدى الأثر الحقيقي.

مع تكرار الأزمات والصراعات، ازداد وعي الأهالي، فأصبحوا يميزون بين العمل الحقيقي والاستعراض. باتوا ينتقدون محاولات الظهور على حساب المتضررين، إذ يتسم العمل الصادق بالتواضع والتركيز على الأثر الملموس، كتوزيع المساعدات دون تصوير، بناء الملاجئ، أو تقديم الدعم النفسي بصمت، بعيداً عن أضواء الكاميرات.

أما الاستعراض، فيُختزل في "الحدث الإعلامي"، كالتقاط الصور مع المتضررين، نشر تفاصيل المساعدات على وسائل التواصل، أو إلقاء خطابات عاطفية دون فعل ملموس. الهدف هنا تحويل الأزمة إلى مسرح لتعزيز الصورة الذاتية أو السياسية أو المؤسسية. مثال ذلك: المقارنة بين جهود منظمات تعمل بصمت، كالأطباء في مناطق الكوارث، وبين مشاهير ينشرون صور زيارة عابرة لمخيم نازحين ثم يغادرون.

ينتقد ناشطون هذه التصرفات لما تسببه من تشويه لصورة العمل الإنساني، إذ يفقد الأهالي الثقة في المبادرات والمساعدات، وتنمو لديهم شكوك حول نواياها. وأشاروا إلى أن بعض هذه الفعاليات تستنزف الموارد، وتُهدر الأموال والمساعدات في تنظيم حملات إعلامية بدلاً من توجيهها لتلبية الاحتياجات الأساسية.

أكد أخصائيون أن مثل هذه التصرفات تُهين الضحايا والمتضررين من الأزمات أو الكوارث، وتدفعهم للتعبير عن استيائهم من استغلالهم، مما يفقدهم الثقة بالداعمين. يحدث هذا خاصة عندما يُطلب منهم ترديد شكر مبالغ فيه أمام الكاميرات، أو يتم تصويرهم في لحظات ضعفهم دون موافقتهم، كبكاء الأطفال أو الجرحى. في المقابل، قد يرضخ البعض لهذا الواقع لضمان استمرار المساعدات، مما يكشف اختلال توازن القوة.

زعمت بعض الفرق أن التوثيق ضروري لالتقاط صور أفرادها أثناء العمل الإنساني لإثبات تنفيذ مهام مثل توزيع المساعدات الغذائية والعينية أو تنظيم الفعاليات. لكن ناشطين وحقوقيين اقترحوا بدائل كالتقارير المالية الشفافة عوضاً عن الصور، ودعوا إلى مقاطعة المشاهير والأفراد الذين يتاجرون بالأزمات.

في كثير من الحالات، عندما يحاول أفراد أو فرق، سواء شخصيات عامة أو مشاهير، استغلال الأزمات للظهور الإعلامي، يواجهون نقداً لاذعاً على منصات التواصل الاجتماعي. وتتصاعد المطالبات بوقف هذه التصرفات، مع التأكيد على ضرورة احترام مشاعر المتضررين.

في النهاية، يبقى العمل الإنساني الحقيقي قائماً على الصدق والتواضع، بعيداً عن أضواء الإعلام. على الجميع احترام كرامة المتضررين، وتوجيه الموارد لخدمتهم بدلاً من استغلال معاناتهم لتحقيق شهرة زائفة.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ