استشهاد حسن السعدي قبل زفافه يعيد السوريين إلى مآسي مشابهة خلال الثورة
تفاعل السوريون على نطاق واسع مع استشهاد الشاب حسن السعدي، الذي ارتقى فجر يوم الجمعة الفائت، 28 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، خلال معركة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت بلدة بيت جن في ريف دمشق الواقعة جنوبي سوريا.
وكان السعدي يحاول التصدي للقوات المقتحمة، لتوافيه المنية قبل ساعات قليلة من موعد زفافه، الأمر الذي ضاعف وطأة الحادثة وأشعل موجة حزن عميقة بين السوريين. وأعادت هذه الواقعة إلى الأذهان قصصاً مشابهة شهدها السوريون خلال سنوات الثورة، حين رحل شباب في لحظات كان من المفترض أن تكون بداية حياتهم الجديدة.
خلال سنوات الثورة السورية الممتدة لأربعة عشر عاماً، ضحّى آلاف الشباب بحياتهم في سبيل نيل الحرية، فتنوّعت أسباب رحيلهم بين من اعتقلتهم قوات الأسد وقضوا تحت التعذيب، وبين من قُتلوا نتيجة القصف الممنهج الذي استخدم فيه النظام البائد مختلف أنواع الأسلحة، من المدفعية إلى الطيران.
كما رحل آخرون بعدما حملوا السلاح واتجهوا إلى جبهات القتال لمواجهة قوات الأسد، وهم يدركون تماماً أنّ أي لحظة قد تكون الأخيرة في حياتهم، وأنّ طريقهم نحو الدفاع عن مدنهم وقراهم قد يقودهم إلى الشهادة.
وفي هذا السياق، تروي أم محمد من ريف إدلب الجنوبي: "قبل ست سنوات، قرأت الفاتحة لابني بعد أن وجدت له العروس المناسبة، وكان سعيداً جداً، ثم ذهب إلى الرباط مع أصدقائه ليعود إليّ شهيداً بسبب تعرضه للقصف".
وتضيف: "أصبحت كلما صادفت زفة أو حضرت عرس، أتذكر ابني، ليغمرني الحزن وأبكي بحرقة من أعماقي. كم كنت أتمنى لو عشت لحظة رؤيته عريساً إلى جانب عروسه، كم تخيلته يزف من قبل أصدقائه والزغاريد تملأ المكان".
من نفس المنطقة، تروي أم عادل قصتها المؤلمة: "كان لدي ابن وحيد وأربع بنات، وكنت دائماً أحلم بتزويجه ورؤية أولاده. وبعد أن خطب وعقد قرانه، لم تكتمل فرحتي لأنه بعد أيام قليلة فقط استشهد ابني بالقصف. ليترك هذا الموضوع جرحاً عميقاً في قلبي لم أستطع تجاوزه حتى الآن".
هاتان الشهادتان جزء بسيط من سلسلة من القصص والحكايا المأساوية التي تمر بها السوريون خلال السنوات الماضية، والتي تركت أثراً لا يمحى وجرحاً عميقاً في قلوبهم، خاصة أمهات الشهداء، وزوجاتهم، وعائلاتهم، وأصدقائهم، وكل من أحبّهم.
أعاد استشهاد حسن السعدي أثناء تصديه لاقتحام إسرائيلي لبلدة بيت جن تذكير السوريين بالقصص المأساوية التي حصلت خلال سنوات الثورة، والشباب الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل النصر والحرية، شاهدة على التضحيات التي قدمها السوريون من أجل مستقبل وطنهم.