
إعادة تنظيم المنافذ والموانئ السورية: هيئة جديدة تدير 21 معبراً و3 مرافئ وتطلق مشاريع تطوير كبرى
استعرض رئيس الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، قتيبة بدوي، ملامح عمل الهيئة المستحدثة نهاية عام 2024، مؤكداً أنها جاءت كمظلة إدارية موحدة لإدارة المعابر والمرافئ، بدلاً من التشتت السابق بين وزارات المالية والنقل والاقتصاد.
وأوضح بدوي أن الهيئة باشرت مهامها في ميناء اللاذقية في 9 كانون الأول، أي بعد يوم واحد من سقوط نظام الأسد، حيث استقبل الميناء أول باخرة في 12 من الشهر ذاته، وتمت إعادة التواصل مع الكوادر الفنية القديمة، وإطلاق ورشات لصيانة المعدات المتوقفة منذ سنوات.
وأضاف أن الهيئة عملت على إعادة تأهيل وتدريب العاملين، وتزويدهم بكفاءات هندسية وتقنية جديدة، مشيراً إلى استئناف الشراكة مع شركة CMA CGM الفرنسية، المتخصصة في نقل الحاويات، وعودة النشاط إلى الميناء بشكل تدريجي.
حركة السفن والشحنات: نشاط متصاعد في اللاذقية وطرطوس وبانياس
بحسب بدوي، فقد استقبل ميناء اللاذقية 240 سفينة منذ بدء المرحلة الانتقالية، نقلت نحو 795 ألف طن من البضائع، بينها 495 ألف طن للتصدير، فيما شهد ميناء طرطوس رسو 420 باخرة محملة بمواد غذائية وخامات صناعية، بينما استقبل ميناء بانياس 65 ناقلة نفط.
وأشار إلى أن الشركات التي كانت تعتمد على مرافئ إقليمية كمرسين وبيروت بدأت بالعودة إلى الموانئ السورية، لكن عقود النقل تحتاج من شهرين إلى ثلاثة أشهر للتنفيذ الكامل.
اتفاقيات استراتيجية لإعادة تأهيل الموانئ
كشف بدوي عن توقيع اتفاقيتين رئيسيتين لتطوير الموانئ: الأولى مع "موانئ دبي العالمية" بقيمة 800 مليون دولار، والثانية مع CMA CGM الفرنسية بقيمة 230 مليون يورو، وتتضمن إنشاء رصيف جديد بعمق 17 متراً. وأوضح أن نتائج هذه الاستثمارات بدأت بالظهور، إذ ارتفع عدد الحاويات في تموز إلى 21,500 حاوية، وهو ضعف التقديرات السابقة.
21 معبراً حدودياً ومعايير لتقييم الجدوى
أوضح بدوي أن سوريا تملك 21 معبراً مع الدول المجاورة، منها 11 معبراً مع تركيا، أبرزها "باب الهوى"، "السلامة"، "تل أبيض"، و"رأس العين"، إضافة إلى معابر مع العراق مثل "البوكمال" و"اليعربية"، ومع لبنان مثل "جديدة يابوس" و"العريضة".
وأشار إلى أن الهيئة بدأت بتقييم أداء هذه المعابر خلال ستة أشهر، وستغلق غير المجدية منها، كما تعمل على تأهيل البنية التحتية وتوحيد النظام الجمركي وربط المنافذ إلكترونيًا لضمان سرعة تداول القرارات ومراقبة البضائع بدقة عبر أجهزة "السكانر" المطوّرة.
أرقام الشحن والبشر: نشاط لافت بعد انهيار النظام السابق
قال بدوي إن عدد الشاحنات التي دخلت سوريا بعد سقوط النظام بلغ أكثر من 300 ألف شاحنة، نقلت 7 ملايين طن من البضائع، منها 5.6 ملايين طن واردات، و1.5 مليون طن صادرات. كما سجلت المعابر دخول 5.5 ملايين شخص، بينهم 600 ألف حالة عودة طوعية من دول الجوار، وقد تم إعفاؤهم من كافة الرسوم، بما يشمل نقل الممتلكات والمعامل.
ضبط الحدود وإنهاء امتيازات الجمارك القديمة
أكّد بدوي أن الهيئة أنهت العمل بالضابطة الجمركية السابقة، وشكّلت ضابطة جديدة بكوادر مؤهلة، وتمكنت من تسوية أكثر من 4350 قضية جمركية، بعضها يعود لأكثر من 20 عاماً، كما أُلغيت نسبة الـ40% التي كانت تُمنح لموظفي الجمارك من قيمة المخالفات.
وأشار إلى نشر وحدات "K9" البوليسية على جميع المعابر، ونجاحها في ضبط شحنات مخدرات في "نصيب"، "الراعي"، و"اللاذقية"، دون تسجيل أي حالة تهريب منذ نهاية 2024، بفضل فرق التفتيش الجديدة.
المناطق الحرة: انطلاقة جديدة وفرص استثمارية
قال بدوي إن المناطق الحرة باتت تحت إدارة الهيئة بعد أن كانت تتبع لوزارة الاقتصاد، ويبلغ عددها 9 موزعة على دمشق، حمص، اللاذقية، طرطوس، حلب، ومعبر اليعربية، وتم تفعيل مناطق جديدة فيها، مما أتاح 471 فرصة استثمار في مجالات صناعية وتجارية وخدمية.
وأضاف أن الشركة السورية الأردنية المشتركة، التي تأسست عام 1975، ما تزال فاعلة وتُسهم في تخفيف الضغط عن معبر نصيب، مؤكداً السعي إلى تعزيز دورها في المرحلة المقبلة.
إشراف جمركي في المطارات
فيما يتعلق بالمطارات، أوضح بدوي أن كوادر الهيئة متواجدة في مطاري دمشق وحلب للإشراف فقط على العمل الجمركي، وقد تم تسجيل 650 بياناً جمركياً منذ بداية العمليات بعد سقوط النظام.
رؤية مستقبلية
أكد رئيس الهيئة أن هذه الإصلاحات تأتي ضمن رؤية شاملة لإعادة ضبط حركة التجارة، وتكريس الشفافية، وتحقيق التوازن بين حماية المنتج المحلي وتسهيل التجارة الخارجية، عبر معابر وموانئ مؤهلة تخضع لرقابة دقيقة.