صورة
صورة
● أخبار سورية ٩ يناير ٢٠٢٥

إدارة "بايدن" تؤجل النظر في تصنيف "تحـ ـرير الشـ ـام" وتركه لإدارة "ترامب" المقبلة

أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الإبقاء على تصنيف "هيئة تحرير الشام" كـ "منظمة إرهابية"، تاركةً القرار الحاسم بشأن وضعها وزعيمها "أحمد الشرع" قائد الإدارة الجديدة في سوريا، لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وفقاً لما صرّح به ثلاثة مسؤولين أميركيين لصحيفة "واشنطن بوست".

أوضح المسؤولون أن تصنيف "هيئة تحرير الشام" عقبة رئيسية أمام آفاق التعافي الاقتصادي على المدى البعيد، مؤكدين أن الإسلاميين الذين تمكّنوا من إسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحاجة إلى إثبات قطع علاقتهم بالجماعات المتطرفة، لا سيما تنظيم القاعدة، قبل النظر في رفع التصنيف عنهم.


وشدّد أحد كبار المسؤولين الأميركيين قائلاً: "ستكون الأفعال أعلى صوتاً من الكلمات"، في إشارة إلى مخاوف واشنطن من دمج مقاتلين أجانب ومسلحين سابقين في مناصب بوزارة الدفاع السورية.

أضافت المصادر أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب عيّن شخصيات معروفة بتشددها في ملف مكافحة الإرهاب، أبرزهم سيباستيان جوركا مديراً أول لمكافحة الإرهاب، ومايكل والتز مستشاراً للأمن القومي، ما يعني تأجيل البتّ في ملف "هيئة تحرير الشام" إلى الإدارة القادمة، الأمر الذي قد يُطيل أمد العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ حقبة الأسد، إذ يستمر تصنيف الهيئة على قائمة الإرهاب الأجنبية، وهو ما يجعل تقديم "دعم مادي أو موارد" لها أمراً غير قانوني في نظر الولايات المتحدة، ويتيح فرض عقوبات مالية أو الملاحقة القضائية على من يتعامل معها.

ولفتت الصحيفة إلى أن المتحدث باسم عملية انتقال ترامب- فانس، براين هيوز، رفض الخوض في التفاصيل المتعلقة بالتصنيف، مكتفياً بالقول إن ترامب "ملتزم بتقليل التهديدات للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط وحماية الأميركيين في الداخل"، وسط إجماع دولي واسع النطاق على حاجة سوريا الماسّة إلى المزيد من المساعدات ومشاريع إعادة الإعمار بعد سنوات طويلة من الحرب في سوريا.

وأكدت التقارير أن إدارة بايدن، رغم إبقائها تصنيف "هيئة تحرير الشام"، خفّفت مؤخراً عدداً من القيود المفروضة على سوريا لتعزيز التعافي وبناء الثقة مع الحكومة المؤقتة، إذ أصدرت وزارة الخزانة الأميركية ترخيصاً عاماً لمدة ستة أشهر يسمح بجملة من المعاملات مع الحكومة السورية، بما في ذلك تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب السماح بمبيعات محددة في قطاع الطاقة دون التعرض لمخاطر العقوبات.

وأفاد مسؤولون أميركيون بوجود تواصل دبلوماسي مع "هيئة تحرير الشام" في إطار ما اعتبروه "خطوة استباقية وحكيمة"، فالانسحاب من قائمة المنظمات الإرهابية يتطلب عملية قانونية وإجرائية معقدة، وأكد مسؤول أميركي آخر أن المطلوب من الهيئة اتخاذ خطوات ملموسة قد تستغرق وقتاً، وهو ما دفع إدارة بايدن إلى قرار الإبقاء على التصنيف مؤقتاً.

وسبق أن كشف روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا، أهمية توضيح واشنطن لمعايير خروج الهيئة من القائمة، داعياً إلى وضع "مجموعة من المعايير والمقاييس" وتقديمها إلى قيادة الهيئة وفتح نقاش حولها، فيما وصف مستشار ترامب ريك جرينيل الجماعات المسلحة التي أسقطت الأسد بأنها "مزيج متنوع"، مشدداً على أن الحكم على هذه الفصائل سيكون وفقاً لأفعالها.

جاء ذلك بعد إعلان باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، إلغاء المكافأة المالية البالغة عشرة ملايين دولار للحصول على معلومات عن "أبو محمد الجولاني"، وهو اللقب السابق لأحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة في سوريا، موضحةً أن القرار صدر في سياق "سياسي جديد" يعكس تغيّر أولويات واشنطن في التعامل مع الملف السوري، إذ التقى وفدٌ دبلوماسي أميركي بقيادة ليف بالشرع في دمشق، وتناولوا مسألة الانتقال السياسي وضرورة القضاء على التهديدات الإرهابية.

وكانت أكدت ليف أن الحوار مع الشرع كان "جيداً" وركّز على ترتيب الأوضاع بعد سقوط الأسد، بينما يُنظر إلى إلغاء المكافأة كمؤشّر على مقاربة أميركية مختلفة، خصوصاً مع التغيرات الميدانية والسياسية في سوريا، وقد كانت الولايات المتحدة قد عرضت سابقاً مكافأة كبيرة، قدرها عشرة ملايين دولار، لمن يقدّم معلومات عن الجولاني، في إطار برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، معتبرة إياه مسؤولاً عن تنظيم متشدد ارتكب هجمات إرهابية في البلاد.

وتعدّ "هيئة تحرير الشام" أكبر مكوّن في "إدارة العمليات العسكرية" التي قادت حملة "ردع العدوان" وأطاحت بنظام الأسد، وأصبح أحمد الشرع، المعروف سابقاً بـ"الجولاني"، قائداً لهذه الإدارة ورمزاً لمرحلة ما بعد الأسد، إذ يُظهر انفتاحاً على مختلف المكونات السورية والدول الخارجية، ويطالب برفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا وعلى الهيئة، مؤكداً أن "سوريا أنهكتها الحرب" وأن الهيئة لا تشكل تهديداً لجيرانها أو للغرب.

ترافقت تصريحات قادة "إدارة العمليات العسكرية" مع حراك دبلوماسي مكثّف لوفود غربية وعربية في دمشق، بحثت مع الشرع سبل إعادة فتح السفارات وتفعيل التعاون الثنائي، في حين شدّدت وزارة الخارجية الأميركية على أن رفع اسم الهيئة من قائمة الإرهاب "يرتبط بما يُنجز على الأرض"، بينما أشارت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى اتصالات مباشرة مع الهيئة رغم إبقائها على قوائم الإرهاب، مشدداً على أنه "من الضروري إيصال رسائل واضحة عن سلوكها في إدارة المرحلة المقبلة".

تُظهر هذه التحركات السياسية أن الولايات المتحدة توازن بين ضرورة مكافحة التطرف وضمان استقرار سوريا بعد سقوط الأسد، من خلال إبقاء "هيئة تحرير الشام" على قوائم الإرهاب حتى إشعار آخر، لكنها في الوقت ذاته تفتح قنوات تواصل معها، مبديةً استعداداً للنظر في العقوبات المفروضة إذا أثبتت الهيئة تغير سلوكها والالتزام بمعايير الحكم الرشيد وبناء سوريا جديدة، وفق مايقول مراقبون.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ