"إخوان سوريا" تُصدر وثيقة لرؤيتها من "النظام الإيراني" وموقفها من إقامة علاقات مع طهران
"إخوان سوريا" تُصدر وثيقة لرؤيتها من "النظام الإيراني" وموقفها من إقامة علاقات مع طهران
● أخبار سورية ٩ سبتمبر ٢٠٢٤

"إخوان سوريا" تُصدر وثيقة لرؤيتها من "النظام الإيراني" وموقفها من إقامة علاقات مع طهران

أصدرت "جماعة الإخوان المسلمين في سورية"، وثيقة حملت اسم "الموقف من النظام الإيراني (رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية)"، وهي المرة الأولى الذي تصدر فيه الجماعة وثيقة حول إيران، اعتبرت أنها في سياق تبديد الشكوك المنتشرة حول نيتها التقارب مع النظام الإيراني.

وقالت الجماعة، إنه لايمكن لها إقامة أي علاقات مع نظام إيران "ما دام محتلاً لبلدنا ويحمل فكراً معادياً لأمتنا وميليشياته تقتل أهلنا"، مؤكدة رفضها الوجود الإيراني وميلشياته على الأرض السورية كما ترفض عمليات التغيير الديمغرافي وعمليات التجنيس الممنهجة لهذه الميلشيات، التي تخدم أهدافاً سياسية للنظام الإيراني في الساحة السورية.

ورفضت الجماعة استخدام الأراضي السورية لتكون مصدر إزعاج وتهديد وقلق للدول العربية والإسلامية وغيرها من خلال استخدامها مصنعاً للمخدرات وتهريبها لهذه الدول، ونرفض أن تستخدم سورية لتصفية حسابات النظام الإيراني الضيقة مع هذه الدول.

وعبرت عن رفضها أساليب النظام الإيراني في التوسع داخل الدولة السورية من بناء الجامعات والمدارس والمعاهد والحسينيات القائمة على أساس مذهبي وطائفي الذي يهدف إلى تغيير هوية الأمة وتدمير بنيتها الإسلامية.

وجاء في الوثيقة أنه "حفاظاً على مبادئنا الإسلامية التي تشكل ماضي وحاضر ومستقبل وطننا وأمتنا، واستمراراً لمواقفنا المبدئية، ودفاعاً عن هوية بلدنا (سورية) العربية الإسلامية ووحدة أراضيها، ورفضاً للمواقف المعادية لثورة الحرية والكرامة فيها، وللتغيير الديموغرافي الإحلالي الذي يقوم به النظام الإيراني بالتعاون مع النظام الإجرامي لبشار الأسد؛ نتقدم لشعبنا ولأمتنا وللعالم بهذه الوثيقة".

وقالت الجماعة في الوثيقة، إن النظام الإيراني المعاصر أصبح يمثل بعداً قومياً ويحمل مشروعاً طائفياً عقدياً توسعياً لاختراق المنطقة العربية، ويوظف الوقود المذهبي الطائفي عبر مظلومية الحالة الشيعية ووجوب الانتقام لها، ويستخدم لغة إعلامية ناعمة مضللة تدعو لوحدة الأمة ومقاومة أعدائها.

وأوضحت أن "جماعة الإخوان المسلمين في سورية" كان لها تقييم دقيق وموقف واضح من هذا النظام الباطني منذ أيامه الأولى، وأنه يمثل الخطر الداهم على الأمة والمنطقة؛ جاء ذلك في كتاب (الخمينية شذوذ في العقائد، شذوذ في المواقف) الذي كتبه شيخ من كبار رجال الجماعة هو الشيخ سعيد حوى رحمه الله إبان الثورة الإيرانية، مؤكدة أن المشروع الإيراني يتنافس مع المشروع الصهيوني الغربي على النفوذ في المنطقة العربية.

وأضافت أنه "بعد توتر شكلي مع الثورة الإيرانية عام 1979م، وبعد حربي الخليج الأولى والثانية، انتهى الغرب إلى نتيجة مفادها أن المشروع الطائفي الإيراني خصم يمكن التعامل معه، أما المشروع الإسلامي الذي تمثله الحركة الإسلامية فهو عدو يجب الإجهاز عليه، وبذلك توافقت المصالح الغربية على دعم المشروع الطائفي الإيراني في المنطقة، واتخذ الغرب قراره الاستراتيجي بالسماح بتوسع نفوذ النظام الإيراني، وبالتالي تمّ التسامح مع تجاوزاته ومكّنه من تكريس نفسه دولة إقليمية محورية تحظى بمظلة دولية".

وفي العراق تعاون النظام الإيراني مع المحتل الأمريكي، واستطاع بأساليبه الماكرة السيطرة على مفاصل الدولة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والاقتصادية والثقافية بعد حربه الطائفية الدموية المؤلمة، التي أهلكت الحرث والنسل، وفرضت واقعاً جديداً على البلد، بدّل بنيته الديموغرافية والسياسية والاقتصادية.

ووفق الوثيقة، فإن للنظام الإيراني تصرفات مشابهة لما جرى في العراق في كل من اليمن ولبنان، ويعمل على توسيع مشروعه إلى بقية الدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها دول الخليج العربي.

أما في سورية فقد اختار النظام الإيراني الوقوف مع نظام بشار الأسد الإبادي المتوحش، وساعده على الفتك بالشعب السوري لكسر إرادته في حياة حرة كريمة، بل فاخر أحد أذرعه في المنطقة أن قاسم سليماني (قائد فيلق القدس) هو الذي أقنع الروسي بالتدخل في نهاية عام 2015م لإنقاذ بشار الأسد الذي أصبح آيلاً للسقوط خلال أسبوعين.

واعتبرت أنه بذلك داس النظام الإيراني على كل القيم والأعراف والمواثيق وعلى شعاراته الإسلامية المدعاة ودعم نظاماً طائفياً بغيضاً يدّعي القومية والعلمانية وربطه معه في علاقة مصيرية، واستغل موقع سورية الجيوستراتيجي المهم كقاعدة لتدريب ميليشياته القادمة من العراق ولبنان والسعودية والبحرين والكويت، وعمل على تطوير استراتيجية شاملة لتجذير وجودها وتقنينه على نحو يعقّد من إمكانية تحجيم نفوذها في سورية مستقبلاً، ويعزز التمدد باتجاه الدول الأخرى لإحكام الطوق على الأردن ودول الخليج العربي.

وأضافت أن "الناظر إلى بلدنا سورية اليوم يرى بأم عينيه الخطر الناتج عن التغول الإيراني الأمني والعسكري والثقافي والاقتصادي، إذ يقدر عدد الميليشيات الإيرانية بـ (100.000) مائة ألف مقاتل – كما أكد تصريح قائد الحرس الثوري حسين سلامي عام 2020م – وهي تنتشر في (50) قاعدة و(515) نقطة عسكرية في معظم المحافظات السورية خاصة المتاخمة للمناطق المحررة والجنوب السوري، وتعمل هذه القوات الميليشياوية، التي تمّ تجنيس أكثر من (10.000) عشرة آلاف مقاتل منها – وقد تمّ ضمهم للجيش السوري – على تأمين طريق الإمداد البري بالغ الحيوية من إيران إلى لبنان عبر الأراضي العراقية والسورية".

وقالت إن النظام الإيراني لم يقتصر بنفوذه على الوجود الأمني والعسكري، وإنما شرع كذلك بغزو ثقافي تبشيري منظم منذ مرحلة مبكرة، إذ كانت نسبة الشيعة الاثني عشرية في سورية (0,5%) من السكان قبل حكم عائلة الأسد، ولم يكن فيها أية حوزة علمية شيعية، وأول حوزة بنيت هي الحوزة الزينبية في دمشق عام 1976م؛ وبعد عام 2011م ارتفع عدد الحوزات ليتجاوز (69) حوزة. وبدعم وتمويل من المرجعيات الشيعية تمّ تشييد أكثر من (500) حسينية في المدن والقرى السورية حتى عام 2019م.

كما تمّ وبتوجيه من بشار الأسد وبقرار حكومي إنشاء (10) مدارس شيعية حكومية باسم (الرسول الأعظم) تدرّس المنهج الشيعي الطائفي (الاثنا عشري)، كما افتَتحت (5) جامعات إيرانية خاصة فروعاً لها في سورية، وعدداً كبيراً من المراكز الثقافية الإيرانية في محافظات دير الزور وحلب والساحل السوري ودمشق وريفها ودرعا وغيرها، وهي تعمل على استقطاب أهالي وأطفال المنطقة، وتقدم لهم الحوافز المادية والمنح الدراسية، وتغرس في فكر الأجيال الناشئة تعظيم قادتها ورموزها.

وعلى الصعيد الاقتصادي دعم النظام الإيراني نظام بشار الأسد لتغطية نفقات الحرب وتخفيف الضغط على العملة السورية من الانهيار، من خلال تصنيع وتجارة المخدرات (الكبتاغون) التي أصبحت مصدر تمويلٍ رئيسٍ للنظام والميليشيات التابعة له، كما وقّع النظام الإيراني سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية استحوذ من خلالها على ثروات سورية عديدة، كان آخرها في نيسان عام 2023م، شملت قطاع المصارف والنفط والصناعة والعمل والسياحة والإسكان.

وبذلك تمّ الاستيلاء على مفاصل الدولة السورية، وارتفعت القيمة الاستراتيجية لسورية لدى النظام الإيراني، وبقي دعمه لبشار الأسد ونظامه الدموي ثابتاً لم يتغير خلال سنوات الثورة السورية، بل بات هذا الثبات محوراً مركزياً في سياسة النظام الإيراني تعززه مصالح طائفية قبل كل شيء وتجسده نزعةٌ شيعية ممزوجة بنزعة قومية فارسية ذات أذرع تدخلية واسعة في المنطقة.


وبينت أن موقفها من الطائفية: "نحن لسنا طائفيين ونمقت الطائفية، ولكن النظام الإيراني أوغل في طائفيته، وأخذ بسلوكه الممنهج في مناطق نفوذه وبقطعان ميليشياته التي تقتل وتسرح وتمرح في البلاد، وتقوم بمظاهر طائفية بغيضة تتحدى مشاعر مسلمي سورية في أرض آبائهم وأجدادهم"

أما موقفها من تقارب النظام الإيراني من الحركات الإسلامية: "نرفض سعي النظام الإيراني بصورة مستمرة إلى التواصل مع الحركات الإسلامية في مختلف البلاد في محاولة لكسب ود الجماهير العربية والمسلمة وإعطاء النظام الإيراني بعداً إسلامياً شعبياً يغطي على جرائمه ويغسل أيديه الملطخة بدماء المسلمين".

وحول نظرتها لموقف إيران من القضية الفلسطينية: "نؤكد أن النظام الإيراني عنده مشروع يتنافس مع المشروع الصهيوني-الغربي على النفوذ في هذه المنطقة من العالم، ولذلك يرفع شعار المقاومة وتحرير فلسطين مقابل الغرب الذي يدعم دولة الاحتلال الصهيوني، والمشروعان يتنافسان على كعكة المنطقة فيتشاكسان من جهة، ويتقاسمان النفوذ ويتبادلان المصالح من جهة أخرى".

ومن خلال عمليات التنافس والتقاسم والتبادل يتم دعم حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية، وبنفس الوقت يتمّ سحق شعوب المنطقة في سورية والعراق ولبنان واليمن، بإدامة الاستبداد الواقع عليها، وتهجير أهلها، وتغيير هويتها وديموغرافيتها، وبذلك يحطمون الوقود الحقيقي لتحرير فلسطين.

وختمت الوثيقة: "ليعلم النظام الإيراني أن الطريق لبناء العلاقات الطيبة مع الشعوب يمرّ عبر تأييد مطالب الشعب السوري المحقة في الحرية والكرامة، وليس عبر الشعارات الجوفاء، ولا الميليشيات التي تقتل البشر وتهدم الحجر وتقتلع الشجر وتعيث فساداً في بلاد المسلمين، وإن الطريق إلى القدس يمر عبر الخلاص من نظام القتل والإجرام القابع في دمشق، لا عبر الفيالق التي تهدم المدن السورية ولا عبر تثبيت الاستبداد والديكتاتورية".

وأضافت "على العقل الاستراتيجي الإيراني أن يعيد النظر في حساباته ويعلم أن مصلحته الحقيقية مع شعوب هذه المنطقة، وخاصة الشعب السوري وليس مع جلاديه، وقد علمنا التاريخ أن القوة تضعف والسيطرة تنتهي، ويلاقي المجرمون بوائق أعمالهم طال الزمان أم قصر".

وجاء في نهاية النص: "نحن نرى بأن النظام الإيراني قد يفوز في هذه المرحلة بمكاسب تكتيكية مؤقتة، لكنه يرتكب خطيْئة تاريخية كبيرة سوف يدفع ثمنها في قادم الأيام، فمعركة الأمة اليوم معركة الهوية والحرية والتنمية والعيش الكريم، والوقوف صفاً واحداً أمام المشاريع الأجنبية المعادية التي تعبث بقيم الأمة وثوابت دينها وتعمل على استدامة تخلفها وتبعيتها".

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ