أسامة عثمان يقدّم بياناً توضيحياً ويعرض فيه مقصده من الجدل الأخير
قال أسامة عثمان، في بيان توضيحي إنّه لا يسمح، بحسب تعبيره، لـ”مؤيّدي منظومة الإجرام” باستغلال الجدل الذي أعقب مقابلته الأخيرة ولا بتحريف مقصده، مشيراً إلى أنّه يعتبر نفسه “ابن الثورة” ويحمل “ذاكرة وجعها وأمانة دمائها”، وأنّ نقد أداء السلطة لا يعدّ ترفاً ولا خصومة سياسية، بل “واجب عام لا تراجع عنه”.
وأسامة عثمان هو رئيس مجلس إدارة منظمة مجموعة ملفات قيصر، وكان يُعرَف في السابق بالاسم المستعار “سامي”. عمل مهندساً مدنياً في ريف دمشق قبل اندلاع الثورة السورية، وتعاون مع قيصر نفسه، الذي يُعرَف باسمه الحقيقي فريد المذهان، حيث قاما معاً بتهريب صور ضحايا التعذيب في سجون نظام الأسد.
وذكر اسامة في بيانه التوضيحي، أنّ موقفه يرتكز على رفض “شرعنة احتكار العدالة” أو تحويل ملفات الضحايا إلى مادة للمساومات أو الدعاية، أو التعاون مع أي محاولة لتزوير الحقيقة.
وأوضح أنّه يشعر بامتنان تجاه السوريين الذين عبّروا عن دعمهم بعد الحلقة التي بُثّت على قناة المشهد، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّه يتعامل مع النقد الوارد إليه بمسؤولية، ومعلناً رغبته في تقديم جملة من التوضيحات استجابة لذلك.
الموقف من السلطة والحق في النقد
ذكر عثمان أنّه أوضح سابقاً أنّه لا يرى نفسه خصماً للسلطة المؤقتة، ولا طرفاً في صراع سياسي معها، بل مواطناً سورياً يرى من حقه، كما من حق غيره من السوريين، توجيه النقد لأي جهة تمثّل السوريين أو تدّعي تمثيلهم، ما دام النقد قائماً على معرفة بمعنى العدالة وآليات إصلاح الخلل. وأشار إلى أنّ السوريين، بهذا المعنى، رقباء على أداء أي سلطة.
وتحدث من موقع “الانتماء” كما قال، موضحاً أنّه ينتمي إلى فئة الضحايا الذين قُتلوا تحت التعذيب وإلى عائلاتهم، وإلى المدنيين الذين عاشوا تحت القصف، وإلى النازحين واللاجئين. وذكر أنّ هذه الفئات ليست أرقاماً في تقارير حقوقية بل “الهوية الأخلاقية للثورة ورافعتها”، وأنّها يجب أن تبقى بوصلة أي سلطة مؤقتة أو دائمة أو انتقالية.
استمرار المنظومة
وأشار عثمان إلى أنّ النظام السوري لم يكن بشخص بشار الأسد فقط، ولا باحتكار أفراد من طائفته لمؤسسات الدولة، ولا بسطوة مقربين على مفاصل الاقتصاد، بل كان “بيئة” أفرزت المنظومة واستمرّت في تغذيتها ستة عقود، موضحاً أنّ ما يراه اليوم هو إعادة ترميم لهذه المنظومة بهدوء استعداداً لمرحلة جديدة. وذكر أنّ قوة المجتمع المدني ومطالب العدالة تضرب جذور هذه البيئة، وأنّ هذا ما يفسّر ما وصفه بمحاولات دفن المطالب وتشويه أصحابها.
العلاقة مع العاملين في الحكومة
وقال إنّ علاقاته الشخصية والمهنية الطيبة مع بعض العاملين في الحكومة أو في مواقع قيادية لا تلغي واجب النقد، بل تجعل المصارحة أكثر ضرورة، معتبراً أنّ الثورة قامت على القدرة على محاسبة من يتصدّى لتمثيل السوريين والتمسك بوحدة أبناء الثورة.
وأوضح أنّ قصده المباشر هو ما يعتبره نقصاً في أدوار المسؤولين في هيئة العدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين، بسبب خلل كبير في صلاحياتهما أو تفسيرها، أو تقييدهما بسقف سياسي تحت ذرائع مثل “الواقعية السياسية” و”ضرورات المرحلة”، وهي عبارات قال إنه اعتاد سماعها من “زمن الأسد”.
وذكر أنّ في كل موقع من هذه المؤسسات أشخاصاً يعتبر وجودهم قيمة مضافة، وأنّه تناول هذه النقاط بالتفصيل في لقاءٍ سابق على قناة DW.
وذكر أنّ جوهر القضية “حقوقي بحت”، ويتعلّق بتقاعس السلطة المؤقتة ــ وفق وصفه ــ في حماية الأدلة وتسيير ملفات العدالة، ومحاولة حصر ملفّات المفقودين بعيداً عن الخبرات السورية والمجتمع المدني، وهي ممارسات قال إنها تضعف حق الضحايا في الحقيقة والمحاسبة.
قضية السجون وإتلاف الوثائق
وأشار إلى أنّ الانتقاد يشمل طريقة التعامل مع السجون والمؤسسات الأمنية، وإتلاف الوثائق داخلها، وسوء إدارتها، معتبراً أنّ ذلك “اعتداء على ذاكرة السوريين” و”هجوماً على حقهم في العدالة”، ومحاولة لحصر الملفات بيد السلطة دون خطة أو تشريع واضح، وهو ما يرى أنّه ينذر بمسار خطير. وذكر أنّ ما يؤلمه هو أنّ “بعض كبار مرتكبي الجرائم ما زالوا خارج دائرة المحاسبة” ويظهرون في شوارع المدن، بينما تبقى العدالة بعيدة عن الضحايا.
موقفه من الحقيقة ومن مرتكبي الانتهاكات
وقال إنّه لا يسمح بإسكات صوته، ولا يقبل بوصاية على الحقيقة، ولا حصانة لمرتكبي الانتهاكات “كائناً من كانوا”، مشيراً إلى أنّ يده ممدودة لكل من يلتزم المعايير الحقوقية، وأنّ موقفه حازم تجاه من يحاول “الاتجار بآلام الناس” أو احتكار العدالة.
المشهد المتعلق بيوم التحرير
وتناول موضوع الاحتفال بيوم التحرير، موضحاً أنه يريد للسوريين الفرح، لكنه لا يريد وجود من يصفهم بـ”القتلة” في ساحات النصر.
وانتقد التعميمات الرسمية و”الشفهية” التي زعم أن الحكومة أصدرتها لإلزام بعض السوريين بالتحضير للاحتفال، واعتبر أنّها تذكّر بأساليب حزب البعث، كما انتقد القرار الذي يمنع الاحتفال في مناطق شرق الفرات لدى “الإدارة الذاتية”، وذكر أنّ هذا المشهد لا يجب أن يكون بديلاً عن نظام الأسد، وأنّ إصدار قرارات تعبّر عن مشاعر الناس نيابةً عنهم أمر مرفوض.
الرد على الاتهامات
وذكر أنّ اتهامات التخوين أو الانتماء إلى جهات سياسية أو دينية أو تلقّي تمويل، أو السعي لمناصب، لا يطلقها إلا من “يرى في المنصب غنيمة” وفي الموقف الأخلاقي “بضاعة”، واعتبر أنّ هذه الاتهامات لا تستحق الرد لأنها “منسوخة من دفاتر حزب البعث ونظام الأسدين”.
وقال إنّ “السوريين تليق بهم مواسم الفرح”، داعياً إلى الاحتفال الحقيقي مع أمهات الشهداء وأبناء الضحايا وإتمام الفرح بإقصاء أعوان النظام السابق. وذكر أنّ الفرحة لن تكتمل قبل سقوط “المنظومة” بما فيها قرار منع الاحتفال أو فرض الاحتفال.
وأضاف أنّ الاحتفال ليس مهرجان هتاف، بل موقف محاسبة للسلطة عمّا تم إنجازه وما ينبغي إتمامه، وأنّ هذا ما يحاول البعض الهرب منه. واختتم بقوله: “عاشت سورية حرة كريمة بأبنائها وبناتها”.