سجن حلب المركزي
سجن حلب المركزي
● أخبار سورية ١٢ سبتمبر ٢٠٢٢

"زمان الوصل" تنشر صوراً لـ "قيصر جديد" لجانب من جرائم التعذيب في سجن حلب المركزي

قالت صحيفة "زمان الوصل"، في تقرير لها، إنها حصلت على مجموعة من الصور الحصرية التي تعكس جزءاً من مجازر نظام الأسد العديدة في بحق المدنيين العزل في "سجن حلب المركزي" أثناء فترة حصاره.

وعززت الصحيفة تلك الصور بشهادتين: الأولى لصف ضابط يدعى "أبو أحمد"، وكان يخدم في السجن طيلة فترة حصاره ويتولى مهمة تصوير الجثث وتوثيقها قبل انشقاقه وأما الشهادة الثانية فكانت لـ"أبو عبد الله" السجين السابق المحتجز في سجن حلب المركزي منذ عام 2006 وكان حاضراً على مجازر ضباط وعساكر النظام الذي لطالما تغنّى بما أسماها بطولاتهم وملاحمهم بحق السجناء.

ولفتت الصحيفة إلى أن "أبو أحمد" أو قيصر" الجديد كشف عن سلسلة كبيرة من صور ضحايا عناصر الأسد وضباطه الذين كانوا يتولون مهمة تعذيب السجناء والتنكيل بهم بشتى الأساليب داخل السجن المركزي بحلب.

               

وبينت أن "أبو أحمد" وبعد تصوير جثث المحتجزين والمدنيين الذين تتم تصفيتهم في أقبية النظام ومعسكرات التعذيب أجبر على كتابة تقارير تخص تلك الجثث وبشكل موثق من طبيب شرعي بأنهم لقوا بقصف "الإرهابيين" وأن المجموعات الإرهابية هي التي قامت بهذه الأعمال التي اعتاد عناصر النظام وضباطه على ارتكابها.

وقال "أبو أحمد" في تسجيل مصور وثقته "زمان الوصل" إنه وبحكم خدمته في سجن حلب المركزي كمساعد كان متواجداً منذ بداية الحصار في العام 2013 وحتى العام 2014 حيث ارتكب عناصر النظام وضباطه حينها أول مجزرة بحق المساجين.

وأكد الشاهد أن النقيب "أيهم خضور" قام بتصفية ثمانية سجناء بعد جعلهم بوضعية النظر على الحائط ورميهم بشكل مباشر بالرصاص الحي دون أن يرف له جفنٌ بعد حدوث تمرد للمساجين داخل السجن.

      

وأضاف "أبو أحمد" وهو أحد عددٍ قليل من العساكر الذين ينتمون إلى الطائفة السنيّة أن هناك من المعتقلين من توفي داخل المنفردة بسبب تدني صحتهم نتيجة الجوع وكثرة التفنن بالتعذيب وبشتى الطرق، ومع ازدياد حصار سجن حلب الذي بدأ عام 2013 تفاقمت معاناة المحتجزين داخله بسبب الجوع وزيادة الإهمال والفساد المستشري بين العناصر والضباط وعدم المبالاة بحياة الموجودين من الأبرياء.

وأوضح "أبو أحمد" أنه ولكونه المسؤول الوحيد داخل السجن عن توثيق القتلى فقد استطاع توثيق نحو 400 سجين توفوا إثر مضاعفات الجوع والأمراض مشيراً لمقتل ما لا يقل عن 800  مدني بينهم مئات السجناء الذين تمت تصفيتهم تحت التعذيب أو رمياً بالرصاص لمجرد الشكوك بأن لهم صلات مع أشخاص خارج السجن.

ولفت الشاهد الحيّ على مجازر نظام الأسد إلى أن ما حدث داخل سجن حلب المركزي يفوق التصوّر ولا يقبله عقل أن تتم تصفية أناس أبرياء دون ذنب على يد حفنة من المجرمين المعروفين.

وأوضح الشاهد أن الأوامر كانت تأتيهم من الضباط الكبار المسؤولين الأعلى بأن يتم توثيق الضحايا بموجب ضبط وفاة رسمي عن طريق طبيب شرعي يقوم بذكر سبب الوفاة على هوى ضباط النظام كأن يذكر أن السجين قتل برصاصة طائشة من الخارج أو تم قصفه من قبل الإرهابيين رغم أن القتلة معروفين.

وتطرق "أبو أحمد" إلى عمليات تعذيب وقتل على البطيء، عبر الضرب ببواري الحديد، أو إهمال معالجة المرضى لينهاروا نهائيا ويلفظوا أنفاسهم، وكشف الشاهد أنه كان وآخرين يشكلون مجموعة صغيرة للغاية عددها بضعة عساكر من "السنة"، مقابل مئات من عناصر وضباط كلهم "علويون"، كانوا يستأثرون بالكثير، ومن ذلك شحنات الطعام التي كان يوصلها النظام للسجن، ما أدى إلى حدوث مجاعة في صفوف السجناء.


وتحدث في الشهادة الأخرى، "أبو عبدالله" (لدى زمان الوصل مفصل هويته)، الذي كان محتجزاً منذ 2006 في سجن حلب، وعاش فترة الحصار وارتكاب عناصر وضباط النظام أبشع المجازر مستندين إلى نهج رئيسهم بشار الأسد وتعامله مع شعبه الأعزل.

وقال الشاهد السجين، إنه شهد فساد ضباط السجن وعناصره من العسكريين قبل فترة الثورة وبعدها حيث لجأت إدارة السجن إلى حجب القنوات التلفزيونية التي تعطي الصورة الحقيقية للأوضاع في سوريا خشية أن يراها المساجين وأبقت الإدارة قنوات النظام وأبواقه المدافعة عنه.

وأضاف الشاهد أن نظام الأسد تعامل بوحشية وإجرام مع "استعصاء السجناء" حيث أنه لم يوفر أحداً وقام بتوجيه الرصاص مباشرة على المساجين فازدادت شراسة فئة الغالبية من العناصر والضباط العلويين الذين أمطروا السجناء برصاصهم وانهالوا على بعضهم بالضرب بالآلات الحادة وكان ذلك بمثابة الضوء الأخضر للإمعان في قتل الناس العزل.

ولم ينس السجين الإشارة مراراً في شهادته، إلى جرائم "أيهم خضور" ومنها مذبحة تصفية السجناء (التي أكدها أيضاً صف الضابط أبو أحمد)، ووفقاً لرواية السجين الشاهد، فقد قام "خضور" بتصفية سجين يدعى "عبد الله" من مارع اشتكى له من الجوع ، فأوهمه أنه سيطعمه، آمرا إياه أن يغلق عينيه ويفتح فمه، وهنا وضع المسدس في فمه وأطلق النار ليخرّ على الأرض.


ويضيف الشاهد الثاني أن خضور التفت نحو باقي السجناء ليسالهم إن كان بينهم أحد يشكو من الجوع في مشهد إجرامي لا يمت إلى الإنسانية بصلة، ولم ينته الأمر، وبينما كان الضحية "عبد الله" يتلوى من الألم وهو ينازع، إذ انبرى أحد عساكر النظام مخاطباً "خضور": سيدي يمكن لسه ما شبع، نطعميه كمان؟، فرد "خضور": طعميه، فاستل العسكري رشاشه وأطلق مزيدا من الرصاصات نحو جسد "عبدالله" مجهزا عليه بالكلية.


وتحمل الصور التي نشرتها "زمان الوصل" مشاهد قاسية لجثامين 4 أشخاص ممن كانوا محتجزين في سجن حلب، وثقهم النظام كعادته بالأسماء والأرقام، وتظهر الصور الملتقطة للجثامين الأربعة آثار تعذيب وحشي ما زالت واضحة على أجسادهم النحيلة التي تعرضن لكل صنوف الضرب والتعنيف قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة بين أيدي سجّانيهم.

وأوردت الصحيفة، مختصراً عن الضحايا الأربعة الذين تم إنهاء حياتهم في مشاهد صادمة حتى لمن اعتاد رؤية مثل هذه المناظر، وهم عينة من ملف كبير لمدنيين قتلهم النظام في سجن حلب إما تعذيبا أو قتل مباشر.

1- أنس خرقي، أعطاه جلادو النظام الرقم 26، ولا يمكن تخيّل الطريقة البشعة التي قتل بها، فالمشاهد لصورته يلحظ جسده المثخن بآثار حروق وجروح وتشوهات بالغة، وقد غطته من وجهه حتى قدميه، في لقطة لا تقل بشاعة عن أبشع ما سربه "قيصر" قبل ذلك بسنوات، وضم نحو 55 ألف صورة لضحايا تعذيب وقتل في أقبية مخابرات الأسد.

2-   علاء الدين محمد حسكولك، أعطاه النظام الرقم 51، وبدا جسده هزيلاً عدا عن تصبغ ساقيه باللون الأحمر، وهو على الأغلب نتيجة تدفق الدم من جرح ظاهر وسط فخذه، يرجح أن يكون ناجماً عن طلق ناري.

3- أحمد خلف، أعطي الرقم 9، ولا يقل تشوه جثمانه عن تشوه جثمان "أنس خرقي"، إن لم يكن أشد، حيث تهشمت إحدى ذراعيه بشكل شبه تام، مع فتق كبير وغائر في منطقة ما تحت السرة.

4- إياد فرغالي، وقد أعطي الرقم 53، وظهرت على وجهه آثار سحجات، لاسيما حول العينين.

ولدى متابعة ورصد "زمان الوصل" فقد تأكد لها أن هؤلاء الضحايا الأربعة المذكورين آنفا، قد وردت أنباء صيف 2013، عن إعدامهم تعذيبا على يد قوات النظام ضمن مجموعة من نحو 50 شخصا.

وبحسب ما رصدت الصحيفة، فإن أنس خرقي هو من سكان "السبع بحرات" بمدينة حلب، أما  علاء الدين محمد حسكولك فهو من حي السكري في حلب، فيما ينحدر أحمد خلف من حريتان، وإياد فرغالي من دمشق.

وأكدت كل من: اللجنة السورية لحقوق الإنسان، ومرصد توثيق الانتهاكات في سوريا وقوع هذه المجزرة وبأسماء ضحاياها (ومن ضمنهم الضحايا الأربع).

في أعقاب إعادة سيطرته على محيط سجن حلب، ركز النظام بشكل لافت على ما سماها "بطولات" و"ملاحم" و"أساطير" عساكره في السجن، علما أن من جنوده وقطعاته من عانى حصارا أشد ولكنه لم يُعط معشار ما أولاه النظام لسجن حلب، وربما يكمن سر هذا الاهتمام الفاقع في نقطة الأغلبية الطائفية التي كان مسيطرة على السجن، بشهادة السجان وصف الضابط "أبو أحمد"، وربما أيضا تقديرا من بشار لهذه الثلة من المجرمين الذين استطاعوا تنفيذ ما يشتهيه الطاغية، بل و"تفانيهم" في ذلك أيما "تفان".

فإلى جانب حفلات التكريم والاستقبال من كبار المسؤولين، ومعها عدد غير قليل من المقالات والمقابلات المكرسة عن "بطولات" عساكر النظام في السجن، انبرى النظام لتمويل فيلم كامل عن الأمر، وأسنده إلى من يعده "شيخ المخرجين" ونعني به "نجدت أنزور"، الذي تولى قلب الحقائق وصب الأكاذيب في إطار "درامي"، محاولا أن يخلع صفات القداسة والتضحية والطهر والبسالة وسواها من نبيل الخصال على مجموعة من الوحوش المتعطشة دوما لكل ما هو مفرط في العنف ومتطرف في السادية.

مقدمة فيلم "أنزور" الذي سماه "رد القضاء"، لفتت وبشكل مكتوب إلى أن الفيلم "مبني على أحداث واقعية جرت أثناء حصار سجن حلب المركزي... ويرصد غيضا من فيض البطولات التي سطرها ضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي، والتضحيات التي بذلوها لحماية السجناء".

ورغم حرصه العالي على التزييف وتقديم صورة وردية عن عساكر النظام في سجن حلب، فقد شن هؤلاء وذووهم حملة نقد لاذعة ضد "أنزور" وفيلمه واتهموه بتقزيم "بطولاتهم" و"تضحياتهم".

وتأكيداً على صحة المعلومات التي حصلت عليها، أوردت الصحيفة قائمة بأسماء أهم الضباط الذين كانوا على رأس عملهم في سجن حلب، أيام ارتكاب المجازر خلال فترة حصار السجن، علماً أن الرتب المذكورة بجوار أسمائهم هي رتبهم في ذلك الوقت، وليس الآن.. وهم:

العقيد نضال أسبر العبدالله، المقدم معاذ كيزاوي، النقيب حسين حاج علي، النقيب رائد نداف، الملازم أول جعفر زويد (لقي مصرعه)، الملازم أول جول سلوم (لقي مصرعه) الملازم أول وحيد درويش، الملازم أول أوس عيدي، الملازم أول أمجد حسن، الملازم عبد الحميد تمو (لقي مصرعه)، الملازم أحمد إبراهيم.

ونوهت الصحيفة إلى التباس ربما يحصل نتيجة من يتعقبون قائمة مجرمي سجن حلب ومصائرهم، إذ أن البعض يؤكد مقتل النقيب أيهم خضور، وهذا ناجم عن تشابه أسماء، إذ إن الذي لقي مصرعه شخص آخر له نفس الاسم (أيهم خضور) وكان يخدم في سجن حلب وقتل قبل "فك الحصار" بحوالي 4 أشهر، وهو لا يحمل رتبة ضابط واسمه الكامل "أيهم غازي خضور".

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ