وزيرة سابقة تفند خطة النظام لرفع الدعم .. خبير مصرفي: "ستترحمون على هذه الأيام"
قالت وزارة الاقتصاد السابقة في حكومة النظام السوري "لمياء عاصي"، في تصريحات إعلامية إن حكومة النظام ستعاود نشاطها الاقصائي مجدداً في رفع الدعم، ولفتت إلى أن عدة تساؤلات وشكوك وتضارب بالأرقام خلال كشفها مسار إزالة الدعم، فيما كتب المصرفي المقرب من نظام الأسد "عامر شهدا"، منشوراً ورد فيه قوله: "ستترحمون على هذه الأيام".
ولفتت "عاصي"، إلى أن عودة ملف رفع الدعم بقوة إلى الواجهة يأتي بعد أن صرح "حسين عرنوس" رئيس مجلس الوزراء لدى النظام السوري "بأنه من غير الممكن بعد الآن الاستمرار بآلية الدعم الحالية، خاصة وأن قيمته تجاوزت هذا العام 25 ألف مليار ليرة سورية"، حيث كثفت الحكومة اجتماعاتها المتعلقة بهيكلة الدعم بعد التصريح.
واعتبرت أن أولى الترجمات لهذه الاجتماعات جاءت برفع سعر البنزين والغاز، وبعدها الاسمنت، وقريباً الكهرباء، غير أن حجّة التكلفة الباهظة للدعم لم تصل بتوقعات أكثر المتشائمين للرقم الذي تم الكشف عنه، مما أثار تساؤلات وشكوك كثيرين لمّحوا إلى فوضى وعشوائية الأرقام المصرح بها، وفي مقدمتهم رئيس اتحاد العمال الذي وصف ما يحدث بـ "شلف" الأرقام.
وقدرت أن الأرقام التي ذكرها رئيس مجلس الوزراء تبعث على الاستغراب، حيث بلغت كتلة الدعم 25 ألف مليار حسب تصريحه، في حين أن إجمالي الموازنة لعام 2023 بلغ 16550 مليار ليرة، فهل تجاوزت كتلة الدعم إجمالي الموازنة العامة، أم أن هناك خلطاً بين الدعم ومشتريات الحكومة من القمح والمحروقات وغير ذلك من السلع الأساسية.
وأكدت رصد أخطاء كثيرة في عملية الاستبعاد من الدعم، حيث أن الفئات الأقل دخلاً والأشد فقراً لم يتحسن مستواها المعيشي جراء استبعاد حوالي 600 ألف أسرة، فتقليص عدد المستفيدين من الدعم لم يؤدي إلى تحسين معيشة من يستحقون الدعم، بل ذهب الفرق لتخفيف فاتورة الدعم، وتغطية جزء من العجز المالي في الموازنة العامة للدولة.
وذكرت أن سياسة دعم السلع الرئيسية اعتبرت لفترة طويلة من الثوابت بالبلد، ولا يمكن التخلي عنها حسبما أكدت تصريحات حكومية كثيرة، ولكن اليوم، وبسبب الوضع المالي الصعب، أصبحت إعادة النظر بتلك السياسات واللجوء الى إعادة هيكلة الدعم وتقليص عدد المواطنين المؤهلين للاستفادة منه أمر لا مفر منه.
كما أن رفع الدعم بشكل كامل نتيجة ارتفاع التكلفة أو وجود مشكلة أو أخطاء في الآليات المتبعة اليوم، هو تغيير جذري وجوهري في السياسات العامة، ويحتاج إلى دراسة متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار قضايا كثيرة ومقاربة الموضوع من زوايا مختلفة، وحتى تقرر الحكومة رفع الدعم لا بد من سيناريوهات مرافقة.
وبحسب الخبيرة الاقتصادية فإن الاقتصاد السوري دخل دوامة مستمرة من رفع الأسعار، وارتفاع معدل التضخم حيث يؤدي أحدهما للآخر، وكل منهما هو مسبب للآخر وينتج عنه بنفس الوقت، إذ أن ارتفاع الأسعار يؤدي مباشرة لرفع معدل التضخم، كون الحكومة تجد نفسها مضطرة لردم الفرق الكبير بين الأسعار الحرة والمدعومة.
واستطردت، فترفع أسعار السلع المدعومة نفسها لتخفيف ذلك الفرق، ليرتفع معدل التضخم وتزيد الأسعار في موجة تضخمية جديدة، وجراء هذه الدوامة، فإن أكبر الخاسرين هو المواطن ذو الدخل المحدود، وخاصة موظفي القطاع العام، حتى بات دخلهم الشهري يكاد لا يسد رمقهم لبضعة أيام.
وقالت "عاصي"، إن استمرار انخفاض القدرة الشرائية للرواتب الشهرية لموظفي الدولة عموما بشكل غير مسبوق مقارنة بأسعار السلع أو النقل أو الخدمات وهذا يشمل كل المراتب الوظيفية من أدناها الى أعلاها بمن فيهم صناع القرار ومن يحتلون موقع أعلى سلطة في المؤسسات الحكومية، سيؤدي الى مزيد من إضعاف الوظيفة العامة والغرق في مستنقع الفساد.
في حين كتب الخبير المصرفي "عامر شهدا" قائلا إن "حدثت زيادة فهي عبارة عن تدوير أموال من الجيب الشمال إلى الجيب اليمين" وأضاف، نرفع الأسعار لنصنع زيادة، ونرفع سعر الصرف لنخفف تضخم والأنكى من ذلك اننا نستخدم عجز الموازنه لزيادة الرواتب والدليل رفع الدعم واعتماد سعر التكلفة سيزيد التضخم ويرفع الاسعار ويحرق الزيادة إن كانت قادمة.
وأضاف، مخاطبا حكومة النظام "اناشدكم بكل المقدسات اوقفوا هذا الفكر اناشدكم بالله كفى بات الإصلاح صعب جدا جدا"، وذكر في ختام منشور له على صفحته الشخصية على فيسبوك قائلا: "اصدقائي ستترحمون على هذه الأيام التي نعيشها رغم قساوتها والايام بيننا"، على حد قوله.
ويوم أمس قررت "وزارة الاتصالات والتقانة" في حكومة نظام الأسد، استبعاد دعم البنزين عن السيارات التي تتجاوز سعة المحرك 1500 CC وسنة الصنع 2008، والآليات التي تعود ملكيتها للشركات والأسر التي تملك أكثر من آلية، وفق قرار رسمي.
هذا وقدّر الصحافي المتخصص بالشأن الاقتصادي، في مقال له، أن أعلى قيمة للوفر المالي المتحقق جراء الاستبعاد من الدعم كانت في البنزين، حيث بلغ قيمة الوفر خلال الفترة الممتدة ما بين الأول من شباط 2022 ونهاية شهر أيلول من العام نفسه حوالي 201 مليار ليرة أي ما معدله شهرياً حوالي 25.167 مليار ليرة سورية.