تقرير حقوقي: نظام الأسد يستغل كارثة "الزلزال" لنهب المساعدات والدعاية السياسية
أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" اليوم تقريرها الشهري الخاص الذي يرصد حالة حقوق الإنسان في سوريا، واستعرضت فيه حصيلة أبرز انتهاكات حقوق الإنسان على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في شباط 2023، وقالت إنَّ النظام السوري يستغل كارثة الزلزال في نهب المساعدات الإنسانية وفي الدعاية السياسية بهدف إعادة العلاقات معه.
سجَّل التقرير في شباط مقتل 81 مدنياً، بينهم 8 طفلاً و4 سيدة (أنثى بالغة)، النسبة الأكبر منهم على يد قوات النظام السوري، من بين الضحايا 2 من الكوادر الطبية. كما سجل مقتل 4 أشخاص بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ووقوع ما لا يقل عن 1 مجزرة.
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 137 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينها 6 طفلاً، و3 سيدة قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في شباط، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات ريف دمشق فدمشق ثم درعا.
قال التقرير أن زلزالاً بشدة 7.7 درجة على مقياس ريختر مركزه منطقة كهرمان مرعش في جنوب وسط تركيا بالقرب من الحدود التركية/السورية، تبعها زلزال ثان له نفس المركز بعد قرابة11 ساعة بلغت قوته 7.6، ضربا كلاًّ من جنوب تركيا وشمال سوريا في 6/ شباط، وتسببا وما تبعهما من هزات ارتدادية بأضرار بشرية ومادية كبيرة، وكانت منطقة شمال غرب سوريا من المناطق الأكثر تأثراً بالزلزال، بسبب الاكتظاظ السكاني الكبير، وبسبب هشاشة الأبنية في المنطقة التي تعرضت لحملات عسكرية.
وعزا التقرير ارتفاع حصيلة الضحايا الذين ماتوا تحت الأنقاض لتأخر وصول المساعدات الأممية إلى المنطقة ودخولها بعد أربعة أيام من الكارثة. أضاف التقرير بأن الزلزال تسبب بتشريد ما لا يقل عن 160 ألف سوري من المتضررين وفق تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، جلهم من النازحين سابقاً والذين يعانون من ظروف معيشية متردية.
أكد التقرير على استغلال النظام السوري كارثة الزلزال منذ الأيام الأولى لوقوعه سياسياً واقتصادياً، وأن جهات حقوقية حذرت من النهب الذي يقوم به النظام السوري للمساعدات الإنسانية إلى ضحايا الزلزال في سوريا والتي لم يرسل منها إلى قاطني المناطق الخارجة عن سيطرته على الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بتلك المناطق، كما عمد لاغتنام هذه الكارثة للتغطية على الدمار الذي تسببت به عملياته العسكرية على المناطق التي استعاد سيطرته عليها فقام بعمليات هدم لمئات الأبنية بذريعة تصدعها جراء الزلازل.
جاء في التقرير أن شباط شهد انخفاضاً نسبياً في عمليات القصف المدفعي الذي تنفذه قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غرب سوريا. وقد تركز هذا القصف على قرى وبلدات جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي وسهل الغاب في ريف حماة الغربي وريف اللاذقية الشمالي، القريبة من خط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة.
ووثق التقرير مجزرة ارتكبتها الميليشيات الإيرانية الموالية للنظام السوري بإطلاقها الرصاص على 40 شخص على الأقل، تم العثور على جثامينهم في 17/ شباط، في منطقة تقع شرق بلدة السخنة بريف حمص الشرقي، بسبب خلافات على احتكار جني محصول الكمأة.
سجل التقرير استمرار الهجمات الأرضية التي تشنها القوات التركية وفصائل في المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني على عموم مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بريف حلب الشمالي ومناطق منبج وعين العرب بريف حلب الشرقي وعين عيسى في بريف الرقة الشمالي في شهر شباط.
رصد التقرير في شباط استمرار سقوط ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظات حماة ودرعا وحلب، بلغت حصيلة ضحايا الألغام في شباط 6 مدنياً، بينهم 1 طفلاً، لتصبح حصيلة ضحايا القتل بسبب الألغام عام 2023، 13 مدنياً بينهم 7 طفلاً. كما استمرت عمليات اغتيال المدنيين على يد مسلحين لم يتمكن من تحديد هويتهم، في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، وتركزت في محافظات حلب والحسكة ودرعا.
وفقاً للتقرير، لا يزال الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي والأمني يشهد حالة من التدهور المستمر في مناطق سيطرة قوات النظام السوري، حيث حيث تسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6/ شباط بأضرار كبيرة تسببت في غياب معظم الخدمات، حيث انقطعت الكهرباء عن العديد من المناطق والأحياء، كما تسبب الزلزال في انهيارات لخزانات المياه العامة في بعض المناطق وانقطاع المياه عنها.
قال التقرير إنَّ الوقفات الاحتجاجية في مدينة السويداء استمرت على مدار شهر شباط للتنديد بسوء الأوضاع الخدمية والاقتصادية والمطالبة برحيل النظام السوري والإفراج عن المعتقلين.
رصد التقرير في شباط استمرار معاناة المدنيين في شمال غرب سوريا من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بالتزامن مع غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والتموينية، كما ضاعف الزلزال من معاناة المدنيين في المنطقة حيث تأثرت كافة الخدمات العامة بتداعيات الزلزال.
وأضاف التقرير أن الوضع المعيشي والأمني في شمال شرق سوريا استمر بالتدهور في شباط، حيث لا تزال المنطقة تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، نتيجة عدم ضبط الجهات المسيطرة لحركة البيع والشراء في الأسواق.
طبقاً للتقرير فقد استمرت معاناة النازحين في شمال غرب سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، وخصوصاً في ظل تعرض المنطقة لكارثة الزلزال في 6/ شباط، حيث شهدت حركات نزوح جديدة جراء الدمار الذي سببه الزلزال.
وفي مخيم الركبان للنازحين، الواقع على الحدود السورية – الأردنية شرق محافظة حمص، استمرت معاناة قاطني المخيم من أوضاع معيشية صعبة ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية، فيما يستمر تضييق النظام السوري على دخول مادة الطحين، كما شهدت أسعار المحروقات في المخيم ارتفاعات جديدة.
ذكر التقرير أنَّ الأدلة التي جمعها تُشير إلى أنَّ الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات الحلف السوري الروسي جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتَّعذيب والإخفاء القسري، كما تسبَّبت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، وهناك أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.