تأكيد تورط زوجته وابنته... فك رموز حادثة مقـ ـتل "مرهج الجرماني" قائد لواء الجبل بالسويداء
كشف مصدر في "لواء الجبل" المحلي بمحافظة السويداء، الذي اغتيل قائده مرهج الجرماني الشهر الماضي، عن أن التحقيقات المطولة في قضية الاغتيال، والأدلة التي تمكنوا من جمعها بالتعاون مع القضاء، وأهمها أداة الجريمة، أثبتت تورط ابنة الجرماني في ارتكاب جريمة القتل بالتعاون مع والدتها، وبمساعدة من صديقها.
وسلّم آل الجرماني المتهمة البالغة من العمر 20 عاماً إلى القضاء في وقت متأخر من الليلة الماضية، بعدما استلموها من لواء الجبل خلال اجتماع في مضافة شيخ عقل الطائفة في مدينة السويداء، حيث عرض قادة الفصيل كافة الأدلة وشرحوا مجريات التحقيق وتفاصيله، وفق موقع "السويداء 24".
وقدم موقع "السويداء 24" سردية تفصيلية عن القضية، كونها جريمة قتل شديدة التعقيد، حملت طابعاً سياسياً في أيامها الأولى نظراً لمكانة الجرماني كقيادي معارض بارز، ثم تحوّلت إلى جريمة قتل أسرية باتت فيها الابنة متهمة رئيسية بقتل والدها.
مسرح الجريمة وتضارب الروايات
منذ اللحظات الأولى لوصول رفاق مرهج الجرماني من قادة لواء الجبل إلى منزله بعد تلقيهم اتصالات من زوجته تفيد بمقتله، كانت المؤشرات في مسرح الجريمة تدل على قاتل نفذ جريمته بكل أريحية، وكان يعلم باللحظة التي نام فيها المغدور، ومكان نومه، وأدق التفاصيل عن حياته الشخصية ومنزله.
هذه المؤشرات دفعت رفاق مرهج إلى الإصرار على حضور جهات مختصة في التحقيق والبحث الجنائي لمعاينة مسرح الجريمة، وترك المغدور أكثر من ساعتين على فراشه، حتى وصل قاضي التحقيق مع الطبيب الشرعي والأدلة الجنائية، وعاينوا موقع الجريمة واستمعوا إلى روايات الشهود.
أثارت الشهادات المتضاربة والمتناقضة من الزوجة والابنة خلال الساعات الأولى الشكوك حول تفاصيل الجريمة. فقد أنكرتا سماع أي صوت لإطلاق النار، وقدمتا للقاضي روايتين متناقضتين عن اللحظة الأولى لاكتشافهما حدوث الجريمة، مما جعلهما في دائرة الشك.
كان المقربون من الجرماني على علم بأن العلاقة الأسرية بين المغدور وابنته وأرملته سيئة منذ فترة طويلة، ومع استمرار صدور الروايات المتضاربة عنهما، زادت الشكوك حول تورطهما في الجريمة، مما دفع والدة الجرماني وأحد أشقائه لاتهامهما بالتورط في الجريمة أمام قاضي التحقيق، ورفع ادعاء ضدهما، بعد حوالي عشرة أيام من ارتكاب الجريمة.
مقتل الأرملة بدافع انتقامي
كان التحري في حيثيات الجريمة خلال الأسابيع الأولى يجري على نطاق ضيق لدى ثلاث جهات: لواء الجبل، قاضي التحقيق، وعائلة المغدور. وذلك بدون أي عمليات توقيف أو احتجاز، نظراً لحساسية القضية وتزايد الشكوك حول الأم وابنتها بسبب استمرار صدور الروايات المتضاربة عنهما.
لكن أحد أشقاء مرهج الجرماني كسر الصمت في القضية وتوجه من قريته إلى منزل شقيقه في مدينة السويداء بعد ثلاثة أسابيع من مقتله، ليردي أرملته برصاصات قاتلة، ثم توجه لتسليم نفسه إلى فرع الأمن الجنائي، وقال إنه نفذ جريمته عن سبق الإصرار والترصد، دون أي تنسيق مع أحد.
هذه الجريمة الثانية التي ارتُكبت، سارعت من عملية التحقيق في القضية خوفاً من ارتكاب جريمة ثالثة تضيع معها الحقيقة أكثر. قام رفاق مرهج بنقل ابنته وابنه الصغير الذي لم يتجاوز من العمر ثمانية أعوام إلى منزل آخر، وتحفظوا عليهما بعلم آل الجرماني وقاضي التحقيق.
دلع تعترف بقتل والدها
بعد يومين من مقتل والدتها على يد عمها، اعترفت دلع لرفاق مرهج الجرماني خلال جولات تحقيق مطولة أجروها معها، بأنها أقدمت على قتل والدها بتحريض من والدتها، بواسطة مسدسه عيار 7.5، وقامت بتسليم أداة الجريمة لصديقها واسمه سقراط أبو حمدان، في مطلع العشرينات من العمر.
وفي نفس اليوم، احتجز لواء الجبل الاسم الذي ذكرته دلع، ولم ينكر منذ اللحظة الأولى مشاركته في إخفاء أداة الجريمة. قال أبو حمدان إنه يعرف دلع منذ فترة طويلة، وإنها كانت تحدثه دائماً عن رغبتها في التخلص من والدها وكرهها له. وقال إنه حاول مساعدتها سابقاً في تسميمه، لكن الأمر لم ينجح.
وأضاف سقراط أن دلع اتصلت به حوالي الساعة الرابعة والنصف في يوم مقتل والدها وطلبت منه الحضور على الفور إلى منزلها. وعند حضوره، قامت بتسليمه مسدساً مغلفاً بالنايلون، وطلبت منه إخفاءه بعدما أبلغته أنها "أنهت الأمر". وأضاف أنه احتفظ بالمسدس عدة أيام ثم توجه إلى سد جوالين ورماه هناك، خوفاً من انكشاف القضية.
قام رفاق مرهج بتسليم سقراط إلى قاضي التحقيق، واعترف أمامه أيضاً بنفس التفاصيل. ثم طلب القاضي من الدفاع المدني التوجه إلى السد بعد تحديد الزاوية التي رمى منها أبو حمدان المسدس، وخلال ساعة من البحث تم العثور على المسدس من قبل عناصر الدفاع المدني.
الدوافع تحتاج إلى توسع في التحقيق
بعد اكتشاف مكان أداة الجريمة باعتراف المتهمين، وتثبيت أقوال دلع وتسليم صديقها للقضاء، قرر رفاق مرهج الجرماني كشف كافة المجريات التي توصلوا إليها أمام عائلة الجرماني، وطلبوا اللقاء معهم في مضافة شيخ عقل الطائفة أبو أسامة يوسف جربوع في مدينة السويداء.
حضرت المتهمة دلع أمام أفراد عائلتها في مضافة شيخ العقل، وكشف رفاق مرهج كافة المعطيات التي توصلوا إليها، ثم تركوا الفتاة بعهدة عائلتها. العائلة قررت تسليم الفتاة إلى القضاء المختص لاستكمال التحقيق معها، لا سيما أن دوافعها لقتل والدها تبدو مرتبطة بمشاكل أسرية ونفسية.
القضية المؤلمة بكافة تفاصيلها، والتي أثارت الرأي العام في السويداء منذ الساعات الأولى لاغتيال الجرماني، بقيت فيها دوافع قتل فتاة لأبيها بتحريض والدتها، لغزاً يحتاج حلّه إلى تحقيق مستقل ومطول. فرغم كل هذه التفاصيل، يبقى قتل فتاة لأبيها حدثاً صادماً للأوساط الاجتماعية.