معلمون ينظمون وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية بإدلب للمطالبة باستحقاقاتهم
نظم معلمون في إدلب، اليوم السبت، وقفة احتجاجية، أمام مديرية التربية والتعليم التابعة لحكومة الإنقاذ، في مدينة إدلب، للمطالبة باستحقاقاتهم بعد أن حرمتهم التربية من أجور التصحيح للامتحانات، والتي تحايلت الحكومة على المعلمين وقامت بخصمها عليهم، في سياق تضييق ممنهج تمارسه بوسائل عدة.
وسبق أن كشفت مصادر تعليمية في حديث خاص لـ "شبكة شام الإخبارية"، عن بعض الصعوبات التي تواجه المعلمين شمال غربي سوريا تحديداً في مناطق سيطرة حكومة "الإنقاذ"، حيث أن معظم المعلمين لم يتقاضوا أي رواتب منذ 3 أشهر، باستثناء منحة مالية قدمتها "جمعية أمة"، ولكن ممارسات "مديرية التربية والتعليم في إدلب"، ضد المعلمين أثارت جدلا واسعاً.
وفي التفاصيل، أكدت مصادر "شام"، أن التربية والتعليم التابعة لـ "حكومة الإنقاذ السورية"، تُعرف بالإجحاف بحق المعلمين، ورغم أن الراتب لا يكفي للمعلم، ووجود عشرات المتطوعين لمدة سنوات في سلك التعليم، تقوم التربية بممارسة الضغوط على المعلمين لا سيّما عند كفالة أي مدرس، وتبدأ عملية المحاصصة والتضييق.
وناشدت مصادر عاملة في سلك التعليم للوصول إلى حل جذري ينهي ما قالت إنها حرب ممنهجة على قطاع التعليم والمعلمين في محافظة إدلب، ودعت إلى ضرورة معالجة تداعيات هذه الإجراءات المتخذة والتي وصفت بأنها قرارات كارثية على المعلمين وسط مطالب بتحويل قضية "استرجاع المنحة"، إلى رأي عام وتسليط الضوء على قطاع التعليم المهمش.
وعلمت "شبكة شام الإخبارية"، بأن "مديرية التربية"، في مدينة إدلب استدعت عدد من المعلمين للعمل في تصحيح الأوراق الامتحانات للشهادات الإعدادية والثانوية في محافظة إدلب، وتم تقدم وعود لهم بأن العمل "مأجور"، في حين تفاوتت أيام العمل بين المعلمين حسب المادة المصححة والدقة والسرعة.
وأضافت، أن بعد الانتهاء من تصحيح أوراق الامتحانات بفترة وجيزة، جاءت "جمعية أمة"، المحلية وقدمت "منحة مالية" للمعلمين وذلك لقاء عملهم في التصحيح، بقيمة (4 آلاف ليرة تركية لكل معلم)، الأمر الذي أثار انزعاج "مديرية التربية"، وعملت على وضع الخطط لانتزاع المبالغ من المعلمين.
وفي أعقاب ذلك أصدرت "التربية" قراراً ينص على أن كل مدرس مشمول بنادي صيفي ويدرس حالياً في مدرسة يحصل على 200 ليرة تركية فقط مقابل كل يوم تصحيح، أما غير المشمولين ولم يقبضوا رواتبهم منذ الشهر الخامس من العام الجاري 2023، يحصلون على 300 ليرة تركية مقابل كل يوم عمل بالتصحيح.
وأوضحت المصادر أن القرار المثير للجدل يُعتبر "سرقة موصوفة" وعلى سبيل المثال، فإن المدرس غير المشمول بالتدريس الصيفي يحصل على 300 باليوم خلال عمله بالتصحيح، وبحال عمل 10 أيام فإن المبلغ الذي يحصل عليه هو 3 آلاف ليرة تركية، في حين أن المنحة 4 آلاف ليرة، وبذلك تكون التربية حصلت إيرادات مالية من جيوب المعلمين.
وتشير مصادر إلى أن المعلمين لديهم راتب مراقبة في ذمة وزارة التربية لم يتم قبضه وقام بعض المعلمين بالتواصل مع الجهة المانحة للاستفسار عن سبب اقتطاع مبالغ من المنحة المالية فكان الرد إن المنحة كاملة حق لهم ولا يحق للتربية المطالبة بها، فيما تم إبلاغ المعلمين بإرجاع المال فوراً وتهديدهم بالفصل.
ونوهت المصادر إلى اعتراض واحتجاج المعلمين على هذه القرار الجائر الذي ينص على التلاعب بقيمة المنحة لصالح مديرية التربية وعلى حساب المعلمين، ما دفع التربية إلى التراجع، لكن سرعان ما تبين أنها تحيك أمراً ضد المعلمين، وأضافت أسماء المعلمين المصححين ممن حصلوا على المنحة المالية، على مجموعات على تطبيق "واتساب"، وتمت دعوتهم إلى مراقبة امتحانات الدورة التكميلية "مجاناً".
واستنكر المعلمون طريقة تعامل التربية بعد فشلها في استرداد مبالغ المنحة من المعلمين، حيث لجأت على هذه الحيلة المثيرة للجدل، ويذكر أن المعلمين لا يزالون يعملون في مراقبة امتحانات الدورة التكميلية "بشكل مجاني"، ولم تقف ممارسات التربية عند هذا الحد، حيث عملت على تدارك عدم حصولها على منح المصححين، وتعمل على استلام أجور مراقبة امتحانات وهي كذلك 4 آلاف ليرة تركية لتقوم بتوزيعها حسب مزاجها وتقوم بالاستحواذ على باقي المبالغ.
وحصلت "شام" على مقاطع صوتية خاصة، ولقطات توثيقية تكشف عن قيام التربية بطلب مبالغ المنحة كاملة من المعلمين، وتقدم وعود بإعادة جزء من المبلغ وفق قرارها وذلك حسب جدول، يتضمن معلومات المدرس، ويتضح فيه أن أحد المعلمين عمل في تصحيح أوراق الامتحانات مدة 9 أيام، يستحق عليها 1800 ليرة تركية "وفق تقديرات التربية" تحت خانة "المبلغ المستحق" في الجدول، وبذلك تسترد التربية نن هذا المدرس مبلغ 2200 ليرة تركية من أصل 4 آلاف هي القيمة الكاملة للمنحة.
وخلال العام الماضي 2022 علمت "شام" من مصادر خاصة في مدينة إدلب، أن مديرية التربية والتعليم في إدلب أبلغت المدرسين العاملين في مدرسة "المتنبي" بإنهاء عقود الدعم التي سبق وتم إبرامها معهم، التي يتلقون بموجبها دعما ماليا لمدة عام، من فريق ملهم التطوعي، عقب الحملة الإعلامية التي حظيت بها المدرسة إبان إغلاقها.
وأوضحت مصادر "شام"، أن حكومة الإنقاذ أبلغت كافة المدرسين بإلغاء العقود الموقعة مع الفريق التطوعي بشكل مفاجئ، ونقل الدعم المقدم إلى مدرسة الريادة في مدينة إدلب، والتي تخضع لإدارة شخصيات نسائية مقربة من الحكومة والهيئة.
وأكدت مصادر "شام" أن العقود الملغاة كانت سارية المفعول حتى الشهر السادس من العام 2023 المقبل، برواتب مقدمة من قبل فريق ملهم التطوعي، وجاء الإجراء دون أن تقدم "الإنقاذ" أي مبررات منطقية لعملية نقل العقود.
وعلى إثر حالة الاعتراض والإضراب غير المعلن، علمت "شام" بإن "جهاز الأمن العام" التابع لـ "هيئة تحرير الشام"، قام باستدعاء 6 مدرسين، وإبلاغهم بضرورة وقف الإضراب بشكل فوري، والتهديد بمنعهم من مزاولة المهنة بشكل كامل حتى في المدارس الخاصة في حال استمر الإضراب.
وتتبنى "الإنقاذ"، عملية دعم المدرسة علماً أن الدعم المقدم من قبل فريق ملهم التطوعي، وسط معلومات تفيد بأنّ من بين الإجراءات التي اتخذت من قبل الإنقاذ تجبر إدارة المدرسة على تسليمها حتى الأختام وإحالة المدير الحالي للتقاعد.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت حكومة "الإنقاذ" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام"، عن قيام وزارة التربية والتعليم بتوزيع "منح مالية" على المعلمين في ثانوية "المتنبي" و"الثورة" في محافظة إدلب، في إطار تلميع صورتها وترويج نفسها.
ورغم نشر الإعلان عبر معرفات وكالة أنباء الشام التابعة للحكومة لم تفصح عن قيمة المنحة المقدمة للمعلمين، فيما يشير نشطاء إلى أن حكومة "الإنقاذ"، إلى أن المبلغ لا يتجاوز 1,600 ليرة تركية، فيما عملت على استثمار إغلاق المدارس وتسويق نفسها على حساب أوقفت عملها بسبب فشل الحكومة.
وتشير التقديرات إلى وجود عشرات المدارس بدون دعم، فيما عمدت حكومة الإنقاذ أسلوب الترويج لتقديم الدعم واستغلت رمزية المدارس المعلن إيقافها بسبب فشل "الإنقاذ" لا سيّما مدرسة المتنبي التي تعد من أقدم المدارس الثانوية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
واستغلت "الإنقاذ" إعلان عدة مدارس إغلاق أبوابها في مدينة إدلب وذلك نتيجة توقف الدعم عنها أو عدم توفره بالأساس، وسط تجاهل الحكومة العاملة في المنطقة لمطالب وشكاوى المعلمين، حيث تتجه الحكومة إلى خصخصة التعليم ضمن خطة ممنهجة.
وسبق أن أطلقت جهات رسمية تابعة لـ "الإنقاذ"، هاشتاغ "قيادة المحرر تدعم التعليم"، حيث ظهر قائد الهيئة "أبو محمد الجولاني"، وسط الإعلان عن دعم قطاع التعليم بكفالة شهرية، مكررا مسرحية دعم مادة الخبز، حيث أكد ناشطون بأن الحكومة يقتصر على تصدير نفسها والترويج الإعلامي فحسب.
ووجدت الأبواق الإعلامية التابعة للهيئة أن الحدث "مبهر" وعمدت إلى تسويقه والترويج له، كما نظرت إليه على أنه عبارة عن "مكرمة"، ويأتي ذلك في إطار تلميع صورتها إلى جانب إظهار "أبو محمد الجولاني"، متزعم "هيئة تحرير الشام"، الذي حضر الاجتماع بمظهر المنقذ، في سياسة تتكرر عبر أدوات تحرير الشام.
وكانت ادعت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأنّ حكومة "الإنقاذ" العاملة في محافظة إدلب، قررت تبني نحو 130 مدرسة ثانوية في المحافظة، الأمر الذي نفته مصادر محلية واعتبرت أن الترويج لهذا القرار الوهمي يأتي بهدف لتخفيف الاحتقان الشعبي بعد إغلاق مدارس ثانوية بإدلب.
ويأتي ذلك وسط تحجيم دور التعليم حيث بات هدف مديرية التعليم البحث عن أي مكان للدورات أو التعليم المجاني وإغلاقه بحجة عدم وجود ترخيص والإبقاء على المرخصين من تلك المعاهد رغم غلاء أقساطها على الطلاب، وتجاهل الواقع المعيشي للمعلمين وعدم الاكتراث بوضعهم المتدني قرارات غير صائبة بما يخص قبول الطلاب في الصف الأول وذلك برفض الطلاب من ميلاد الشهر الأول للسنة المحددة.