هل تتواطئ "أوتشا" مع روسيا بوقف آلية دخول المساعدات وماهي خططها البديلة .. عاملون إنسانيون يحذرون
تتصاعد حدة التصريحات الروسية المعلنة صراحة، رفضها تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا "عبر الحدود"، وسط سجال دولي ضعيف في مواجهة الغطرسة الروسية، التي نجحت في ابتزاز الجميع بـ "الفيتو" والمساومة على حساب ملفات دولية أخرى، في ظل غياب الحلول المطروحة لتدارك الكارثة في حال نجحت روسيا بوقف تمديد الآلية سواء في الوقت الحاضر أو مستقبلاً.
ورغم أن روسيا، استطاعت خلال السنوات الماضية، تقليص المعابر التي تدخل منها المساعدات الإنسانية إلى سوريا إلى معبر واحد هو "باب الهوى" وتهديدها المستمر بوقف الآلية، ورغم كل الاجتماعات التي نظمتها وكالات الأمم المتحدة، إلا أنه فيما يبدو لا تملك تلك الوكالات أي مشروع أو خطة مستقبلية للعمل بها في حال توقفت آلية إدخال المساعدات عبر آخر منفذ حدودي لها.
وتقول معلومات حصلت عليها شبكة "شام"، إن روسيا تحاول هذه المرة بكل وسائلها الضغط لعدم تجديد آلية إدخال المساعدات التي انتهى تفويضها، محتجة بأن إدخال تلك المساعدات بات ممكنا عبر مناطق النظام عبر آلية إدخال المساعدات "عبر الخطوط"، لتسلم الملف للنظام وتمكنه من التحكم بالمساعدات، وهذا مشروع بدأت بتنفيذه العام الفائت ونجحت في تمريره بأربع قوافل مساعدات فقط.
وتحدثت مصادر "شام" عن مساعي طرحتها بعض وكالات الأمم المتحدة، لإيجاد خطة بديلة في حال توقف آلية إدخال المساعدات إلى سوريا، لضمان استمرار تدفق المساعدات لملايين المحتاجين، إلا أنها صدمت بأن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)" التي تتولى عملية تنسيق دخول المساعدات الأممية لاتملك أي تصور أو خطة مستقبلية لتنظيم عمل الوكالات الأممية وشركائها لهذه المرحلة.
وتبحث الوكالات الأممية عن آلية "قانونية"، تضمن وجود فترة انتقالية على الأقل كمرحلة تلي فترة وقف الآلية الأممية، تضمن استمرار وصول المساعدات، في حال فشل تجديد قرار التمديد، حتى لاتدخل المنطقة في فوضى إنسانية كبيرة، لعدم وجود خطة إسعافية، إلا أن "مكتب الأوتشا" في تركيا، أعلم تلك الوكالات بأنه لايملك أي خطة لهذه المرحلة، مطالباً كل وكالة بالعمل على حدة وفق تصورها.
وينذر رد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، بأن عدم تجديد الآلية الأممية لدخول المساعدات، يعني انتهاء عمل البعثة الأممية وانتهاء جميع عقودها ومشاريعها التي تنفذها، وبالتالي توقف "الأوتشا" عن تقديم أي خدمات ولو لفترة قصيرة لحين إيجاد بدائل دولية لدخول المساعدات، وهذا ينذر بكارثة كبيرة ستكون عواقبها كبيرة على حياة ملايين المدنيين المحتاجين للمساعدات شمال سوريا.
واتهم عاملون في المجال الإنساني في حديث لشبكة "شام" مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، بالتواطئ مع "النظام وروسيا"، كونها لم تعد أي خطة طارئة للتعامل مع هذه المرحلة، رغم تهديدات روسيا في كل عام بوقف تجديد الآلية الأممية لإدخال المساعدات، علاوة عن التماهي في مشروع روسيا بإدخال المساعدات "عبر الخطوط".
ولفتت مصادر "شام" إلى أن التوقف المفاجئ لعمل "الأوتشا"، في حال لم تجدد الآلية الأممية، سكون له عواقف كارثية على تأمين الاحتياجات الإنسانية العاجلة، وإتمام المشاريع القائمة في مناطق شمال غرب سوريا، علاوة عن هدر ملايين الدولارات التي تشرف البعثة على تنسيق وصولها عبر المساعدات أو المشاريع.
وسيلقي هذا الأمر، بثقله على جميع مناحي الحياة والمشاريع القائمة شمال غرب سوريا، سواء على قطاعات "الغذاء والصحة والتعليم والحماية والمياه" وكثير من المشاريع الأخرى، وبالتالي خلق حالة فوضى عارمة يستفيد منها النظام وروسيا بالدرجة الأولى، قد يدفع ذلك عدد من الوكالات الأممية للتعامل معهم لعدم قدرتها على العمل وفق خطة خاصة لكل جهة.
وأطلق عاملون في المجال الإنساني، إنذاراً لتفادي الكارثة شمال غرب سوريا، ووضع خطة عمل طارئة لتفادي الدخول في حالة الفوضى وتوقف الدعم والمساعدات المقدمة لملايين السوريين المهجرين من مناطقهم شمال غرب سوريا، محملين مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) مسؤولية إيجاد حلول مستدامة لضمان استمرار تدفق المساعدات وفق آلية موحدة لجميع المنظمات، ووضع خطط مستقبلية دائمة لتفادي أي وقف لآلية إدخال المساعدات الأممية التي تهددها روسيا بشكل مستمر.
وكانت طالبت 5 منظمات تابعة للأمم المتحدة، في بيان مشترك، مجلس الأمن الدولي، بتمديد آلية المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا، في ظل تلويح روسيا باستخدام حق النقض الفيتو ضد قرار التمديد، مايعرض حياة خمسة ملايين سوري في الشمال المحرر لمجاعة حقيقية وكارثة إنسانية كبيرة.
ووقع على البيان كلاً من "مارتن غريفيث، منسق الأمم المتحدة لشئون الإغاثة في حالات الطوارئ، وكاثرين راسل، المديرة التنفيذية ليونيسف، وناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، وديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، وأنطونيو فيتورينو، مدير عام المنظمة الدولية للهجرة".
وكانت قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في تقرير لها، تحت عنوان "المساعدات الأممية عبر الحدود يجب أن تستمر في الدخول حتى في حال استخدام روسيا الفيتو في وجهها"، إنَّ روسيا طرف في النزاع السوري وتستخدم الفيتو مع ارتكابها والنظام السوري جريمة التشريد القسري التي تشكل جريمة ضد الإنسانية، مشيرةً إلى أنَّ ملايين السوريين المشردين داخلياً في شمال غرب سوريا بحاجة ماسة إلى المساعدات الأممية العابرة للحدود.
وأوضح التقرير - الذي جاء في 13 صفحة - أنَّ اقتراب تجديد قرار إدخال المساعدات الأممية العابرة للحدود في سوريا يعدُّ موسماً روسيَّاً لابتزاز الأمم المتحدة والدول المانحة، مشيراً إلى أنَّ روسيا والنظام السوري يعتبران ملايين السوريين المشردين قسرياً بمثابة رهائن، على الرغم من أنهما المتسبب الأساسي في تدمير منازلهم وتهديدهم وتشريدهم قسرياً.
ولفت التقرير إلى أنه في مقابل ممارسات روسيا والنظام السوري، تأتي البيانات من الأمم المتحدة ومن منظمات دولية ومحلية بأنَّ أوضاع المشردين داخلياً في شمال غرب سوريا تتدهور من سيئ إلى أسوأ، ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أعداد النازحين في هذه المنطقة بقرابة 4.1 مليون مواطن سوري يعتمدون على المساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، يتلقى قرابة 2.4 مليون منهم المساعدات من خلال آلية تسليم عبر الحدود شهرياً.
طبقاً للتقرير فقد حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في 26/ أيار/ 2022 من أنَّ عدم تمديد مجلس الأمن الدولي آلية تسليم المساعدات عبر الحدود، التي تنتهي في 10/ تموز من العام ذاته، سيكون بمثابة فشل من الدرجة الأولى.
أكد التقرير أنه استناداً إلى العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فإنَّ على الدول مسؤولية السعي لتوفير المساعدة لسكانها، لكنَّ النظام السوري حجب الموافقة عن المساعدات الأممية، كي تمر عن طريقه بهدف التحكم بها ونهب أكبر قدر ممكن منها.
وقال التقرير إنه لا يمكن لروسيا التذرع بمفهوم السيادة وموافقة النظام السوري، لأنه المتسبب الرئيس في تشريد ملايين النازحين، ولا يكترث بوصول المساعدات الأممية إليهم. كما أظهر التقرير عدم وجود حاجة لإذن من مجلس الأمن أو موافقة من النظام السوري من أجل استمرار الأمم المتحدة في إدخال المساعدات عبر الحدود لملايين من المواطنين السوريين الذين هم في أمسِّ الحاجة إليها.
أوصى التقرير مجلس الأمن برفع اليد عن التحكم بدخول المساعدات الأممية العابرة للحدود، فهي تدخل ضمن نطاق الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الشؤون الإنسانية، كما أوصى الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات إضافية تجاه قرار يسمح بإدخال المساعدات عبر الحدود في حالة الضرورة والحجب التعسفي، لا سيما في ظلِّ شلل مجلس الأمن، واستخدام الفيتو بشكل يتعارض جوهرياً مع حقوق الإنسان، وتوسيع صلاحيات مجلس الأمن على حساب حقوق الإنسان بما فيها المساعدات الإنسانية.