"الجـ ـولاني" يعلن رفض المباحثات بين "النظام وتركيا" ويعتبرها انحرافاً يمس أهداف الثورة
أعلن "أبو محمد الجولاني" القائد العام لـ "هيئة تحرير الشام" في مقطع فيديو مصور اليوم، رفض المباحثات التي تجري بين النظام وحليفه الروسي، مع الجانب التركي، مؤكداً أنها تعد انحرافاً خطيراً يمس أهداف الثورة السورية.
وشدد "الجولاني" في كلمته على رفض مبدأ المصالحة مع نظام الأسد وتوعد بمواصلة الثورة حتى إسقاط النظام وتحرير دمشق، معتبراً أن المعركة مع النظام معركة حق وباطل، داعياً جميع السوريين إلى "مواجهة التحديات التي تمر بها الثورة السورية".
وسبق أن أصدرت "إدارة الشؤون السياسية" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" بياناً، اعتبرت فيه أن تنشيط التواصل بين أبرز حلفاء الشعب السوري ممثلاً بالدولة التركية، مع النظام هو تحد سياسي جديد يواجه ثورة السوريين، هدفه إحراز تقدم في ملف اللاجئين قبيل الانتخابات التركية القادمة من جهة وممارسة مزيد من الضغط على قوات "قسد" وأبرز مكوناته حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى.
وأشاد بيان الهيئة بوقوف الحكومة والشعب التركي مع الثورة السورية، على الصعيد السياسي والعسكري والإنساني، وذكرت بمواقف النظام في تهديد الأمن القومي التركي لعقود من خلال دعمه لحزب العمال الكردستاني، وإيواء كوادره وأبرز قادته عبد الله أوجلان"، مؤكدة أن هذا النظام لا يملك النوايا الحسنة للمشاركة بإزالة المخاوف والتهديدات الأمنية لصالح سلامة وأمن تركيا فضلا عن عدم قدرته على ذلك.
وعبرت الهيئة عن تفهمها للضغوط التي تواجهها تركيا على المستوى المحلي والدولي وأعلنت التضامن معها، لكنها أكدت رفضها واستنكارها أن يُقرر مصير هذه الثورة بعيدًا عن أهلها لأجل خدمة مصالح دولة ما أو استحقاقات سياسية تتناقض مع أهداف الثورة السورية.
وذكر البيان الدولة التركية بضرورة الحفاظ على قيمها ومكتسباتها الأخلاقية في نصرة المستضعفين والمظلومين، وأكد أن هذه اللقاءات والمشاورات تهدد حياة الملايين من الشعب السوري، ودعا البيان، أبناء الثورة السورية لمواجهة هذا المنعطف وحمل هذه الأمانة العظيمة والعمل على نشر الوعي بخطر "المصالحة" على الشعب السوري في المستقبل القريب.
ونوه البيان إلى أن النظام يتهالك وتنخر في جسده التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع تخلّ حلفائه وانشغالهم عنه، وأن لاحل في سوريا ببقاء النظام أو الرضا بمشاركته، حيث إن تعويمه وإعادته المشهد الأحداث السياسية بثّ للفوضى، وتهديد للأمن والاستقرار العام في المنطقة، وتفريط بحق الملايين من الشعب السوري.
وفي السياق، علق الشرعي في هيئة تحرير الشام "مظهر الويس" أنه "عندما ننتقد الموقف التركي الجديد لا ننتقده لأنه تركي، وإنما بسبب الموقف من نظام الكبتاجون الأسدي الطائفي، موقفنا من الأسد ونظامه موقف مبدأي غير قابل للنقاش ولا يمكن التفكير به لأسباب كثيرة معروفة، وكل من يقترب منه إنما يمثل نفسه ولا يمكن إلزام ثورة وشعب بذلك".
بالطرف المقابل، قالت "الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني"، إن الائتلاف طالب عاجل مع المسؤولين الأتراك لتوضيح بعض الأمور والمستجدات، وسيكون هناك لقاء للتباحث في ذلك بداية الأسبوع القادم.
وأكد الائتلاف في بيانه المقتضب، مُجددًا على أن ثوابت الشعب السوري والثورة السورية هي ثوابت الائتلاف ولا تغيير في ذلك ولا تخلي عنها، في وقت طالت مؤسسات المعارضة السياسية انتقادات كبيرة لصمتها المطبق حيال المتغيرات في الموقف التركي تجاه نظام الأسد دون أي حراك حقيقي من قبلهم.
ويوم الجمعة، خرج الآلاف من المتظاهرين في عموم المناطق المحررة ودرعا جنوبي سوريا حتى، معلنين بصوت واحد رفضهم لأي تقارب مع النظام السوري يفضي لفرض مصالحات، بعد أن عانى الشعب السوري لأكثر من عقد من الزمن من جرائم النظام التي صنفت أنها جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية.
أصوات الجماهير في الساحات، كشفت الغطاء عن تواطئ مؤسسات الثورة التي من المفترض أن يكون لها موقف حقيقي ليس اليوم فحسب، بل منذ بدء الأطراف الدولية تمييع القضية السورية، والتماهي في تمديد طول عمر النظام، الذي راوغ في الاجتماعات كافة، في وقت لم تتخذ أطراف المعارضة أي موقف حقيقي ولو برفض الاجتماع دون ضمانات بالتوصل لحلول.
"الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة وقيادة الجيش الوطني" غاب صوتها كلياً عن أي تعليق رسمي على التقارب التركي "حليف الثورة الأكبر"، مع نظام الأسد، وعقد أول اجتماعي على مستوى وزراء الدفاع والاستخبارات في موسكو، والذي يعتبر انعطافة خطيرة ونقطة تحول مفصلية في مسيرة الثورة.
ورغم أن للسلطات التركية تبريراتها في التقارب، كذلك التطمينات التي أطلقها المسؤولين الأتراك في أنهم لن يتخلون عن المعارضة السورية، إلا أن هذا لايعطي لمؤسسات الثورة التي تمثل الحراك سياسياً وعسكرياً أن تتجاهل التعليق على تطورات الأحداث وتبيان موقفها الحقيقي الواضح أمام جماهير الثورة.
هذا التقارب وفق متابعين، يضع جميع قوى المعارضة والثورة السورية، أمام مرحلة مفصلية، وموقف محرج سياسياً وعسكرياً وحتى شعبياً، فالحاضنة الشعبية في الشمال المحرر الذي تنتشر القوات التركية فيها ترفض رفضاً قاطعاً التوجه التركي للتقارب مع مجرم حرب كـ "الأسد"، وتعتبر التقارب معه خطراً كبيراً عليها، في ظل صمت مطبق لأي صوت رسمي لمؤسسات المعارضة لتبيان موقفها الحقيقي من هذه الخطوات، أو قدرتها عملياً على اتخاذ أي موقف.