
من تحت الأنقاض إلى المشاركة بالتبرع لصندوق التنمية السوري.. قصة الطفل المعجزة "محمود"
لم يكن يوم الأمس يوماً عادياً بالنسبة للسوريين، لا سيما أنه حمل حدثاً مميزاً، وهو إطلاق صندوق التنمية السوري، الذي حمل في طياته أملاً بإعادة الإعمار وتحسين ظروف الحياة في سوريا بعد أن أنهكتها الحرب طوال السنوات الماضية خلال حكم نظام بشار الأسد الذي تسبب بتدورها وتراجعها.
وشهدت فعالية إطلاق الصندوق العديد من اللحظات المؤثرة، التي ستبقى راسخة في ذهن السوريين طويلًا، منها لحظة وقف الطفل محمود، المعروف بـ"الطفل المعجزة"، وتبرعه بدولار أمريكي واحد، مصروفه الخاص.
ووسط الحاضرين، وبحضور رئيس الحكومة السورية أحمد الشرع، قال الطفل محمود: "بتمنى أرجع وأعيش في سوريا، بعد ما يتعمر بيتنا ومدرستنا من جديد.. حابب أتبرع بمصروفي، وبتمنى منكم تشاركونا هذا العمل الخيري".
وبدا الرئيس الشرع متأثرًا بكلام وحضور محمود لدرجة أنه ذرف الدموع، وعندما طلب منه أن يسلم عليه، بادر إلى الترحيب به واحتضانه. وانتشر الفيديو الذي جمع الشرع بالطفل على منصات التواصل، وتفاعل الجمهور مع لحظة ذرف الدموع واللقاء بينهما.
تعد قصة محمود واحدة من بين آلاف القصص المؤثرة التي حدثت خلال سنوات الثورة السورية الممتدة لأربع عشرة عاماً. آنذاك، كان عمره أسبوعاً فقط عندما تعرض منزله في حلب للقصف عام 2014، وبقي تحت الأنقاض لأكثر من 16 ساعة. ثم أنقذته فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بعد أن حفروا بين الركام.
ثم سافر محمود إلى تركيا بعد استشهاد والده نتيجة البرميل المتفجر، واستقر في مدينة دينزلي مع خالته منتهى الباشا. واليوم، يبلغ عمره 11 عاماً، وقد جاء إلى الفعالية كأحد المتبرعين لصندوق التنمية السوري، ليشارك في إعمار بلاده التي عانت طويلاً من الحرب والظروف القاسية.
وكان وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، السيد رائد الصالح، قد استقبل الطفل المعجزة ووالدته في مقر الوزارة. وقال الصالح: "محمود هو جزء من ذاكرتنا ورسالتنا في إنقاذ الأرواح، التي دفع ثمنها 321 شهيداً من كوادر الدفاع المدني لإنقاذ أكثر من 130 ألف روح. واليوم نلتقيه مجدداً لنؤكد أن رسالتنا باقية".
وأكد متابعون في منصات التواصل، أن حضور الطفل محمود حفل إطلاق صندوق التنمية السوري وقصته الملهمة يجسدان الأمل والصمود في وجه الحرب والمعاناة. وتبرعه بمصروفه الخاص ورغبته في المشاركة بإعمار بلاده يرسلان رسالة قوية عن التضامن والمسؤولية المجتمعية.
بينما تلخص معاناته الشخصية معاناة آلاف السوريين، ما يجعله رمزاً للأمل والإصرار وإلهاماً للأطفال والمجتمع على حد سواء، ولحظة لقاء محمود برئيس الحكومة أحمد الشرع، وذرف الأخير للدموع أثناء سماعه كلماته، أكدت عمق التأثر الإنساني والرمزي لهذه القصة.