
دمشق ترحب بقرار رفع العقوبات الأميركية وتصفه بالخطوة الإيجابية نحو صفحة جديدة
رحبت الجمهورية العربية السورية بقرار وزارة الخزانة الأميركية إزالة لوائح العقوبات المفروضة على سوريا من مدونة القوانين الفيدرالية، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل تحولاً إيجابياً يعكس توجهاً صحيحاً يمكن أن ينعكس مباشرة على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للشعب السوري.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان رسمي إن القرار يعزز آفاق التعاون بين دمشق وواشنطن، ويفتح المجال أمام عودة الحركة التجارية والمالية، بما يحقق مصالح الشعبين ويتيح صياغة تعاون اقتصادي وتجاري متبادل.
ورأت دمشق أن تزامن هذا القرار مع زيارة الوفد الأميركي الرفيع برئاسة المبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك، وعضوية السيناتور جين شاهين والنائب جو ويلسون، يمثل مؤشراً عملياً على فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية قائمة على الاحترام المتبادل والحوار البنّاء.
وخلال استقباله الوفد الأميركي في دمشق، شدد الرئيس أحمد الشرع على أن الخطوة الأميركية بإزالة العقوبات خطوة متقدمة يجب البناء عليها لإرساء تعاون طويل الأمد، مؤكداً استعداد سوريا لتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يخدم الاستقرار الإقليمي ويصب في مصلحة الشعبين.
وأشار البيان إلى أن لقاءات الوفد الأميركي شملت وزارات الدفاع والداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل، حيث جرى بحث ملفات متعددة تتعلق بالتعاون الأمني وإعادة بناء البنية التحتية، إضافة إلى التنسيق في قضايا إقليمية. كما تم التأكيد على ضرورة إنهاء جميع العقوبات التي تسببت في معاناة السوريين، بما فيها ما كان يعرف بـ"قانون قيصر".
واعتبرت دمشق أن هذه التطورات تفتح المجال لمرحلة جديدة من العلاقات مع الولايات المتحدة، وتؤسس لشراكة تقوم على مبادئ السيادة والاحترام المتبادل، بما يخدم الاستقرار والازدهار للشعب السوري وشعوب المنطقة كافة.
وكان أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية قراراً بإلغاء "لوائح العقوبات على سوريا" من السجل الفيدرالي، وذلك بعد إنهاء حالة الطوارئ الوطنية التي فُرضت بموجب المرسوم التنفيذي 13338 عام 2004، والتي شكّلت الأساس القانوني لفرض العقوبات على دمشق.
أوضحت الخزانة الأميركية أن العقوبات المفروضة منذ عام 2004 جاءت نتيجة سياسات النظام السابق برئاسة المخلوع بشار الأسد، والتي شملت دعم الإرهاب، والتدخل في لبنان، والسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل، وإضعاف جهود استقرار العراق. وقد توسعت العقوبات لاحقاً لتشمل مراسيم تنفيذية أخرى أبرزها الأوامر 13572، 13573، و13582، إضافة إلى "قانون قيصر" لحماية المدنيين لعام 2019.
في 30 حزيران 2025، أصدر الرئيس الأميركي المرسوم التنفيذي 14312 القاضي بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، مستثنياً تنظيم "داعش" والجماعات الإرهابية والجهات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيميائية.
وجاء في القرار أن التطورات الأخيرة في سوريا، ومن بينها الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، أدت إلى تغيّر الظروف التي كانت سبباً في فرض العقوبات.
أشارت الخزانة إلى أن إلغاء العقوبات لا يعني غياب المحاسبة، إذ جرى تعديل المرسوم التنفيذي 13894 (الصادر عام 2019) لضمان استمرار استهداف المتورطين في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وشبكات تهريب المخدرات المرتبطة بنظام الأسد البائد. كما أعلنت OFAC أنها ستصدر لائحة جديدة تحت اسم "لوائح تعزيز المحاسبة عن الأسد واستقرار المنطقة" لدمج السلطات القانونية ذات الصلة.
بحسب القرار، يصبح رفع العقوبات نافذاً ابتداءً من 1 تموز 2025، مع التأكيد أن أي إجراءات قانونية أو غرامات أو قضايا قيد النظر والمتعلقة بمخالفات سابقة للعقوبات تبقى قائمة حتى البت بها نهائياً.
يمثل هذا القرار تحوّلاً تاريخياً في الموقف الأميركي من سوريا، إذ يفتح الباب أمام إعادة اندماجها في النظام المالي والاقتصادي العالمي، مع الإبقاء على آليات لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات، في خطوة يُنظر إليها على أنها اعتراف دولي بالتغيرات السياسية الجارية في دمشق بعد سقوط نظام الأسد.