
خبراء: حذف صفرين من العملة السورية خطوة رمزية تحتاج إلى إصلاحات شاملة
أجمع خبيران اقتصاديان على أن خطوة حذف صفرين من العملة السورية يمكن أن تترك أثراً نفسياً إيجابياً وتسهّل العمليات الحسابية والمصرفية، لكنها لن تحقق نتائج ملموسة ما لم تترافق مع برنامج إصلاح اقتصادي ونقدي متكامل.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمصرفي "إبراهيم قوشجي"، أن هذه العملية تدعم نفسياً ثقة المواطنين بالعملة، خصوصاً إذا رافقتها إصلاحات ممنهجة كما جرى في تجارب سابقة بتركيا والبرازيل.
وأشار إلى أن حذف الأصفار لا يغير من القيمة الحقيقية للعملة، لكنه يسهّل الفوترة والتسعير ويحد من الأخطاء المحاسبية، فضلاً عن مساهمته في تقليص مخاطر غسل الأموال وضبط السيولة.
ولفت إلى أن نجاح هذه الخطوة يرتبط بتحديث جداول الرواتب وإعادة تسعير دقيقة للسلع والخدمات، إلى جانب قوانين تحمي القوة الشرائية والالتزامات المالية بعد التغيير. واعتبرها فرصة لإعادة هيكلة العلاقة بين المالية العامة والسياسة النقدية بما يعزز الاستقرار.
بدوره، رأى أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي في جامعة دمشق "ياسر المشعل"، أن حذف الأصفار قد يمنح راحة نفسية للمواطنين، ويخفف الضغط عن الأنظمة المصرفية والمحاسبية، لكنه وصفه بأنه “حل تجميلي” إذا لم يُدرج ضمن إطار إصلاح اقتصادي شامل.
وأضاف أن نجاح التجارب الدولية، مثل تجربة تركيا عام 2005، لم يكن بحذف الأصفار وحده بل بإصلاحات واسعة طالت المالية العامة والنمو الإنتاجي.
وأكد أن الاقتصاد السوري يواجه تحديات عميقة من تضخم وضعف في الإنتاج وتراجع الثقة المصرفية، ما يجعل أي خطوة جزئية غير كافية. وشدد على أن المطلوب هو تعزيز القطاعات الإنتاجية، ضبط العجز المالي، واستعادة ثقة المودعين عبر سياسات شفافة تضمن حماية الودائع وجذب الاستثمارات.
وخلص الخبيران إلى أن حذف الأصفار من الليرة قد يحقق مكاسب نفسية ومحاسبية محدودة، لكن مستقبلها مرتبط بقدرة الدولة على وقف التضخم وتحريك عجلة الإنتاج وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية.
وأعلن مصرف سوريا المركزي، يوم السبت 23 آب/ أغسطس 2025، أنه في مراحل متقدمة من وضع خطة لطرح عملة جديدة، جرى تصميمها وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية حول العالم، وذلك في إطار برنامج إصلاحي أوسع يستهدف تعزيز الثقة بالعملة الوطنية، وتسهيل المعاملات اليومية، ودعم الاستقرار المالي.
وأوضح المصرف، في بيان رسمي، أن هذه الخطوة جاءت بعد تقييم شامل لاحتياجات السوق المحلي وواقع التداول النقدي، مؤكداً أنها لن تترك أي أثر سلبي على التوازن النقدي أو قيمة الليرة السورية، وإنما تهدف لتحسين جودة الأوراق النقدية المتداولة.
وأكد "المركزي" أن إدخال العملة الجديدة سيتم وفق الأصول وبموجب قانون مصرف سورية المركزي رقم 23 لعام 2002، مشدداً على أن الكميات المطبوعة ستكون مدروسة بعناية بما يتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني وفي إطار السياسة النقدية القائمة.
وبحسب البيان، فإن الأوراق النقدية الجديدة ستُطبع لدى مصدرين أو ثلاثة مصادر دولية موثوقة، مستخدمة أحدث التقنيات المضادة للتزوير، بهدف تعزيز موثوقية التداول وحماية حقوق المتعاملين.
أشار "المركزي" إلى أن طرح العملة الجديدة سيحقق عدة غايات أبرزها: تبسيط العمليات النقدية اليومية، تحسين إدارة السيولة وتسهيل الدفع والشراء، دعم كفاءة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم، تعزيز الثقة بالنظام المصرفي، حماية صغار المودعين، تمكين إصلاحات مالية أوسع نطاقاً، وترسيخ مكانة الليرة السورية كأداة رئيسية للتعامل.
أكد المصرف أنه يستعد لإطلاق حملة توعية وطنية شاملة عند اكتمال عناصر الخطة، تتضمن التشاور مع مختلف الأطراف المعنية بالترتيبات اللوجستية وتوضيح كافة التفاصيل المرتبطة بالعملة الجديدة، مع الإجابة عن التساؤلات التي قد تهم المواطنين والجهات الاقتصادية.
وشدد على التزامه بالشفافية والتواصل المستمر مع الرأي العام، معتبراً ذلك من مرتكزات العمل النقدي المسؤول. كما أوضح أن الإصدار الجديد إجراء فني وتنظيمي ضمن السياسة النقدية، ولا يرتبط بزيادة الكتلة النقدية أو التسبب بموجات تضخمية جديدة، بل يهدف إلى تعزيز فعالية إدارة النقد وحماية الاستقرار العام.
واختتم المصرف بالتأكيد أن الهدف الجوهري لسياساته يتمثل في حماية القوة الشرائية لليرة السورية، وتمكين القطاع المالي من أداء دوره في دعم النمو والاستقرار، داعياً المواطنين والجهات كافة إلى استقاء المعلومات من موقعه الرسمي ومصادره المعتمدة حصراً.